الجمعة, كانون1/ديسمبر 08, 2023
المجموعة: الرأي

خالد بن حمد المالك

التركيز على داعش في محاربة الإرهاب، دون إعطاء أي اعتبار للدولة الحاضنة للإرهاب، لن يساعد في القضاء على الإرهاب وإن قضى على داعش، فالأسماء قد تتغيَّر ومثلها الأشخاص، ويبقى الحضن الدافئ الذي يتوالد منه الإرهابيون، ويتكاثر شرهم، وتنمو الفرص أمامهم للإضرار بالبشر، فقد غاب تنظيم القاعدة ولم يعد له ذكر، ليفاجأ العالم بما هو أسوأ وهو تنظيم داعش، وبالبغدادي بديلاً لأسامة بن لادن، وبالتواجد في سوريا عوضاً عن أفغانستان وهكذا.

***

الحل لا يأتي من تجاهل المصدر، والمعالجة لا تتم وهناك من يتجنب الإشارة إلى الممول والداعم الحقيقي للإرهاب، بينما العمل الجدي الحقيقي إنما يأتي من تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية حتى تجتث هذه التنظيمات وهذه العناصر من قواعدها، ولن يكون بمقدور العالم أن يقوم بمسؤوليته في دحر هذه التنظيمات الإرهابية وإيران تدعمها على الملأ وتوفر لها الملاذ الآمن، دون أن تتحدث دول العالم عن هذا الموقف المشبوه لإيران، بينما تعقد المؤتمرات والتحالفات ويتم الحديث عن فرضيات للقضاء على الإرهاب دون أن يأتي الحديث إلى رأس الأفعى وهو إيران.

***

وإذا كان العالم مصمماً فعلاً على القضاء على الإرهاب، وصادقاً في توجهاته تلك، فإن نجاحه المؤكد والسريع، يعتمد على إيصال رسالة واضحة وصريحة وقوية إلى إيران بأن تكف عن دعم داعش، وعن دعم الإرهابيين، وأن عليها الابتعاد عن أي تدخل في الشأن الداخلي في الدول الأخرى من شأنه أن يوفر فرصاً لتنامي الإرهاب، وأن تتم مراقبة سلوك طهران في تعاطيها مع الإرهاب، سواء في سوريا أو العراق أو اليمن أو البحرين أو المملكة وباقي دول الخليج، وسواء كان هذا الدعم بالسلاح أو المال أو الإعلام، أو التدريب.

***

بغير هذا، فأي تعاون دولي - وإن كان مُرحباً به - سيكون ناقصاً ومبتوراً ودون مستوى تحقيق الهدف، وستكون تكاليفه أكثر، ونتائجه أقل، لأن جزءاً رئيساً من تنامي الإرهاب ما زال منبعه ومصدره مسنوداً من دول، ومحمياً من أن يكون عرضة لبحثه على طاولة الاجتماعات الدولية، بما وفر هذا التعامل بيئة مناسبة عزّزت من وجود الإرهاب، وفتحت الطريق لعناصره في العبث بأمن واستقرار وحياة الناس، بينما يغيب الفاعل الحقيقي عن المشهد، ويتوارى عن الأنظار، ولا يتحمّل وزر ما يقوم به الإرهابيون، فيما هو المحرك الحقيقي والفاعل والمظلة الداعمة، وهو ما لا تتجاسر بعض الدول من أن تتفوّه باسمه، أو تقول كلمة إدانة عنه، أو تسعى إلى تجريم ما يفعله ولو بالقول لا بالفعل.

***

نقدِّر اهتمام العالم بخطورة الإرهاب، ونتفهّم حرص دول العالم على التنسيق فيما بينها، وتوصلها أخيراً إلى قناعات بأنه لا سبيل للقضاء عليه بدون مثل هذا التنسيق، غير أن الخطط والتخطيط والآليات وتكرار الاجتماعات لن تكون كافية للتصدي للمنظمات الإرهابية، وإذا ما أريد تجسير هذا الجهد، وتعزيز هذا الموقف، والتسريع في إلحاق الهزيمة بالإرهاب، فإن العمل المكمل، والقوة الإضافية تأتي من تحديد هوية المنظم والداعم لهذا الأخطبوط وهي إيران لا غيرها، وهذا ثابت بالأدلة القاطعة غير القابلة للتشكيك.

المجموعة: الرأي

محمد آل الشيخ

الكاتب المعروف الاستاذ «فهد الدغيثر» طرح في تويتر استفتاء يحمل ثلاثة أسئلة فحواها: الأول: هل أنت مع إلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟.. الثاني : هل تؤيد ضمها إلى وزارة الداخلية؟.. الثالث : هل أنت مع إبقائها كما هي عليه الآن؟

كانت نتيجة هذا الاستفتاء الإحصائي، أن ضمها إلى وزارة الداخلية نال النسبة الأعلى من بين من أجابوا على أسئلة الاستفتاء، وعددهم فاق الخمسين ألف مشارك، وجاء في المرتبة الثانية من يُؤيد إبقاءها على وضعها الحالي. أما إلغاؤها تماماً فكان الأقل.

المطاوعة (الجدد) يزعمون أنهم يؤمنون بالحقائق الإحصائية، ويؤكدون في الاستفاءات التي يجرونها في بعض القضايا الاجتماعية أن العبرة بما تريده الأكثرية؛ الآن اتضح أن الأكثرية تطالب بضم هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كجهاز من أجهزة وزارة الداخلية، ليتم تنظيمها ومراقبة الانتهازيين والعدوانيين، من أعضائها، وكبح جماحهم وتقويمهم بالأنظمة والقوانين، على اعتبار أن الحكومة أعطتها نظاما (حق القبض والإيقاف)، وهذا الحق مارسه بعض الأعضاء بطريقة تعسفية، تتناقض مع أبسط مبادئ (حقوق الإنسان) التي تكفلها كمبادئ وقيم حكومة خادم الحرمين الشريفين.

وقد تعاقب على رئاسة الهيئة كثير من الرؤساء، منهم القوي صاحب الصرامة والحزم والحسم، وآخرون أقل حزما وصرامة، لكنهم يتحاشون الاصطدام بالأعضاء المندفعين، غير أن الثابت دائما أن هذا الجهاز الذي يفترض أن يأمر بالمعروف بالحسنى، قبل أن ينهى عن المنكر والمخالفات الشرعية بالعنف، (استعصى) تقويمه على كل من عملوا في المناصب القيادية لهذا الجهاز الرقابي، الأمر الذي يقودنا إلى الجزم أن ضمها إلى (وزارة الداخلية) هو القرار الوسطي الصائب، الذي يذهب إلى القول المأثور (لا يُقتل الذئب ولا تفنى الغنم)؛ فنحن اليوم نعيش في عصر لا يمكن لأي سلطة حكومية أن تعمل، ويعمل أعضاؤها بانضباط إلا بضوابط القوانين، وعندما تغيب القوانين، تنفلت المنشأة الحكومية؛ أما تبرير من يدافعون عنها بأن السلف لم يضعوا على عضو الهيئة أية ضوابط، وإنما يتركونهم يعملون والضابط الوحيد تقواهم وتنزههم عن الخطأ وتقصّد الإساءة، والتشهير بالمخالفين، فهذا هو السبب الذي جعل الانطباع عنها اليوم بين الناس بهذا المستوى من عدم القبول، كما هو المؤشر الذي تشير إليه الإحصاءات العلمية.

الشيخ «عبدالعزيز بن باز» تغمده الله بواسع رحمته وغفرانه، كان أول من انتقد تجاوزات أعضاء الهيئة العاملين في الميدان، وأبدى لهم النصيحة، وحذر من عدم الانضباط و (تطفيش) الناس من هذه الشعيرة الشرعية. يقول رحمه الله في رسالة (مناصحة) للرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف: (من عبد العزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ الكريم معالي الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفقه الله. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فأشفع إلى معاليكم مع كتابي هذا الرسالة التي كتبها إلي المدعو/ ع.ع.إ المصري الجنسية المتضمنة الإفادة عما حصل لزوجته من سوء المعاملة من بعض رجال الهيئة في جدة. وأرجو بعد الاطلاع عليها وصية الهيئة في جدة وغيرها بالرفق والأسلوب الحسن في إنكارهم المنكر، ولا سيما (كشف الوجه) من المرأة لأن الله سبحانه وتعالى يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف. ولا يخفى أن كشف الوجه (محل خلاف) بين أهل العلم وشبهة، فالواجب الرفق في إنكاره والدعوة إلى الحجاب بالأسلوب الحسن من دون حاجة إلى طلب الجواز أو الإقامة، أو إركابها السيارة إلى المكتب، ولا سيما الغريبات من النساء فإنهن أحق بالرفق لغلبة الجهل عليهن واعتيادهن الكشف في بلادهن إلا من رحم الله).

الغريب أن (فتاة النخيل التي فضحت تعسفهم، كانت مخالفتها أنها تكشف وجهها، فاعترضوها وطلبوا منها (جوالها) فرفضت، فجرت هذه الممارسات العنفية ضدها، التي هزت المجتمع، حتى عقلاء المطاوعة غير الحزبيين. لهذا فيمكن القول إن هؤلاء الأعضاء الجهلاء لم يرعووا وابن باز كان على قيد الحياة، وهيبته العلمية يتفق عليها الجميع، حتى الحركيون منهم، فكيف سيرعوون في غيابه؟ .. لذلك لن يجهض عدوانيتهم على عباد الله، ولا يضبط تجاوزاتهم، إلا النظام الحازم الصارم الرادع، فيجب أن تحدد المنكرات على سبيل الحصر، وكذلك طرق الإيقاف والاعتراض والمساءلة والقبض، ولا تترك الأمور كما هي عليه الآن سائبة، ثم تصدرها الهيئة في مدونة رسمية مفصلة وتنشرها في وسائل الإعلام، ليجري تداولها، ومن تجاوز هذا النظام، وأمر ونهى على مزاجه، منطلقا من تفسيراته، وشكوكه، فليبعد فورا عن العمل الميداني من أول حادثة؛ كما أن سبب العلة وكثير من التجاوزات، هم (المتعاونون) من صغار العقل ومنعدمي الحصافة والرزانة؛ مثل هؤلاء يجب أن يتم استصدار قرار صارم لتنقية الهيئة منهم. وبذلك تبقى الهيئة كجهاز ضبط قانوني منظم، لا مكان للمتطرفين والحاقدين والحانقين على المجتمع فيها.

إلى اللقاء

المجموعة: الرأي

سعد الدوسري

أشرت بالأمس إلى خلط وزارة الصحة في الأولويات، بين ابتعاث الأطباء وتشجير مداخل الإدارة التنفيذية بالبنفسج. ولقد تعمّدت ذكر هذا المثال، لأنه يطابق الواقع تماماً، فهناك جهود تبذلها الوزارة وتبذلها بعض المستشفيات، بهدف خدمة المرضى، وهناك قيادات صحية لا تزال تصب اهتماماتها على كم مرافق يبقى مع المريض، وهل يحق للزوجة أن ترافق زوجها أم لا؟!

إن أهم المخالفات التي رصدتْها الجهات المختصة بوزارة الصحة على الخيمتين اللتين شيدتهما الشؤون الصحية بجدة على سطح مبناها، هي عدم وجود خطة لتفادي الحريق، مما يعطي دلالة واضحة على أن امكانية نشوب الحرائق، غير واردة في أذهان المخططين، والدليل على ذلك، أننا شهدنا في أقل من شهرين، ثلاث حوادث حريق في مستشفياتنا؛ بجازان وحائل والرياض. وهذا أمر بالغ الخطورة، ويجب أن تبدأ الوزارة في علاجه سريعاً، تلافياً لحدوث المزيد، فلن ينفع القول بعد ذلك، أن أسباب الحادث تماسٌ كهربائي، وليس خطأ فنياً أو بشرياً، فحين تكون هناك ضحايا، تتساوى الأخطاء.

لقد سبق وكتبت، وسبق وتحدثت عبر القنوات الإخبارية، أن على وزير الصحة أن يعزز الأدوار التي تقوم بها إدارات الجودة والنوعية، في مراقبة كل ما يدور داخل المستشفيات، وألا ينحصر عملها على تقديم تقارير تُسعد المدير العام التفيذي، وتجعله يزهو بالحالة المثالية لمستشفاه، في حين أن الواقع عكس ذلك تماماً، واقع يهدد بالحرائق.

المجموعة: الرأي

لن تخلو دولة من الفساد، حتى الدول الاسكندنافية وأقول الدول الاسكندنافية لأن هذه المجموعة من الشعوب تمثل الحلم الإنساني في النزاهة والعدالة. ظاهرة الدول الاسكندنافية لم تحدث في التاريخ. ولكن رغم الانضباط الإداري والأخلاق والورع الذي تتمتع به تلك الشعوب لازالت تواجه أشكالاً من الفساد الإداري.

الفساد في تعريفنا السيكلوجي والأخلاقي والثقافي هو الفساد المتعلق بالأخلاق الفردية كالزنا. بيد أن الفساد الذي اخذنا نتكلم عنه هذه الأيام يتعلق بالاعتداء على المال العام وحقوق الناس. المفهوم الجديد للفساد ورد إلينا من الغرب. ترجمة لكلمة CORRUPTION خلطت الترجمة بين المفهومين المستورد والمحلي. هذا الخلط بين الفسادين له تبعات على العمل الإداري كما سوف أوضح في فرصة أخرى.

دعني أسالك ثم أجب بنفسك لنفسك بكل صراحة. افترض أن والدك أحضر سيارة من سيارات الحكومة وأخذ العائلة فيها إلى البر أو استعنت بقريب أو صديق في الجوازات وأنهى معاملتك بأن أسقط عنك بعض الشروط الرسمية البسيطة التي تفرض على الآخرين. هل تعتبر هذا فساداً أم أن الفساد في نظرك هو ذلك النشاط الذي تتصارع معه الهيئة ليلاً نهاراً. أيهما يدمر المجتمع: الفساد الذي تطارده الهيئة كالعباءة والمغازل وصورة نيمار أم الفساد المتعلق باستغلال النفوذ والاعتداء على المال العام وتعريض حياة الناس للخطر؟

بعيداً عن تجليات الهيئة يمكن القول إن الفساد نوعان ومستويان. النوع الأول ينقسم إلى قسمين القسم الأول سرقة المال العام والآخر سرقة المال العام مضافاً إليه تعريض حياة البشر للخطر. يكلف بناء جسر مليون ريال بما فيها صافي أرباح التاجر والمقاول وكل من له صله قانونية بالمشروع. يتم التوقيع بملونين. في هذا النوع سترتفع فاتورة الكلفة فقط. يتوفر هذا الفساد على جريمة سرقة وخيانة للأمانة فقط. لكن الكارثة التي سنراها في بعض الدول أن يضاف إلى هاتين الخاصيتين عامل النذالة. أن ينفذ المشروع بنفس الأسعار المبالغ فيها وبمواصفات أقل من المواصفات المحددة. هنا تتم سرقة المال العام وتتعرض حياة الناس لخطر حقيقي وتتعطل التنمية. في الأول ضاعت فلوس لكننا على الأقل كسبنا جسراً. تتذكرون إشاعة أن مشروع مجارٍ في إحدى المدن بعد أن أنجز وطبل المطبلون جاءت السيول وفضحت المستور. لم ينفذ منه سوى غطيان على وجه الإسفلت.

النوع الثاني من الفساد لا أعرف كيف أجرمه. يتأسس على نفوذ الشركات ومدى تغلغلها عند أصحاب السلطة. أن يصار إلى تنفيذ مشروع لا يستفيد منه سوى المسؤول الفاسد والشركة المنفذة. لك تتخيل أن يقام خط حديدي يربط بين الخرج وجيزان. قد يبدو أن مشروع كهذا مضحك. هذا المشروع لا يطرح هكذا، ستراه مصحوباً بالطبول والزمامير والافتتاح المبهر والوعود بآلاف الوظائف ونقل البلاد إلى مصاف الدول الصناعية.

ثمة فساد يرتبط بالسياسة تعرفت عليه في سورية. قامت ثورة على حافظ الأسد في مدينة حماة. اضطر جيش الأسد أن يقتل آلاف الرجال والنساء لإخماد الثورة. يعود السبب في ارتفاع الضحايا إلى تأخر وصول القوة القامعة. لم تتوفر في ذلك الوقت في سورية طرق سريعة لنقل الجند بالسرعة المطلوبة. جاء أول قرار للأسد بعد المذبحة إنشاء طريق سريع على اعلى المستويات يربط سورية من شمالها إلى جنوبها. هدية من الأسد لشعبه. بالفعل خدم هذا الطريق سورية في كل المجالات. نشط الاقتصاد والاتصال بين الأهالي والنقل الدولي وأخيرا رفع مستوى معيشة الناس. لكن كل هذه الفوائد لم تأت لأن الأسد أراد تطوير البلاد. أراد تسهيل وصول آلاته القامعة في الوقت المناسب بيد أن آلاته الإعلامية قدمته للناس هدية من الرئيس القائد المناضل إلى شعبه الوفي.

في ظني، أهم بند في التنمية مقاومة الفساد. إذا زاد الفساد تراجعت التنمية وإذا خف الفساد ارتفعت التنمية.


لمراسلة الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


المجموعة: الرأي

منذ أن أشاع الدكتور جوزيف ناي مفهوم القوة الناعمة كدلالة لاستناد الدول واعتمادها أساليب وطرقاً غير عسكرية لإحداث قدرة على التأثير والفعالية والإقناع، تلك الأساليب التي تركز على إبراز ما تمتلكه تلك الدولة من إرث تحضري وثقافي يسهم في تعزيز صورتها على المستوى الدولي بعيداً عن تسجيل حضورٍ يكون الفضل فيه لقوة النار والسلاح التي دائماً ما يرمز تفوقها إلى القدرة على السيطرة.

وظل هذا المفهوم رائجاً إلى حد كبير في أدبيات الدبلوماسية العامة والسياسة الدولية خلال العقد الماضي، وتحديداً بعد أحداث 11 سبتمبر وما تلاها من حملات عسكرية، وإجراءات أمنية مشددة، أثرت بشكل كبير على صورة أميركا كبلد متنوع وحر، وإثر ذلك كان ولا بد من إبراز وإظهار شيء من ذلك الإرث المثالي لترميم الصورة الذهنية، وتسليط الضوء مرة أخرى على الحضور الأميركي الإيجابي.

خلال العقد الماضي وإبان رئاسة الرئيس الأميركي باراك أوباما التي اتسمت بحذرها في التعاطي مع الحلول العسكرية، وإحجامها عن اتخاذ قرار بإرسال الجنود الأميركيين إلى مناطق القتال، واستبدالها ذلك بالمبادرات السياسية، ويحضرنا هنا ملف الأزمة السورية.. ساهم هذا التواري الأميركي العسكري من المنطقة سواء في العراق أو أفغانستان أو تخليها عن سورية على سبيل المثال إلى تضعضع صورة واشنطن بين دول المنطقة؛ إذ يرون أن واشنطن أدارت ظهرها عنهم في حين اضطلعت روسيا وحلفاؤها بالأمر، تسبب ذلك بتأثير بليغ في صورة أميركا والرئيس أوباما الذي يمكن اعتبار وصوله إلى البيت الابيض ذروة القوة الناعمة الأميركية لكنه خيب ظن الدول العربية التي توقعت منه أن يكون متعاطفاً مع قضاياها مختلفاً عن سلفه جورج بوش الابن.

وهذا يجعلنا نجادل مفترضين: هل قليل من القوة الصلبة ضروري في تعزيز القوة الناعمة؟ فوقائع المنطقة على أقل تقدير تقول إن امتناع الولايات المتحدة عن التدخل العسكري في سورية، وإهمال القضية الفلسطينية، والتقارب مع إيران أضر بصورة واشنطن وشعبية أوباما على المستويين الشعبي والنخبوي أيضاً.. ولو تتبعنا وتأملنا رحلة الصعود الأميركي، وسيادتها كقوة عالمية نجد تلك السيادة إنما تأتّت بقوة السلاح، وأفلام الكاوبوي، وحرب النجوم، ومنذ إلقاء قنبلتي هيروشيما ونجازاكي الذريتين أصبحت أميركا القوة الأولى في العالم، وهذا لا يعني بالتأكيد تأييد واشنطن في مغامراتها العسكرية وهي كثيرة، فالحرب أكثر الأدوات سوءاً، لكنها في لحظة ما تبدو لا مفر منها، وقليل من الصرامة ضروري أحياناً لإعادة الأمور إلى نصابها.