الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى ، نشكره ونحمده ، فله المحامد كلها وله الأسماء الحسنى والصفات العلا ، والصلاة والسلام على نبي الرحمة النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته سيد ولد آدم نبي الملاحم محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي عليه أزكي الصلاة وأتم التسليم ، وعلى الآل والصحب أجمعين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد :
فإن من المهام المنوطة بالمسلم تجاه الحق وأهله أياً كان موقعه وأياً كانت قدرته واستطاعته الصدع ورفع الرأس به وإعزاز أهله ونصرتهم حسب الطاقة والإمكان ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، ممتثلين في ذلك قول الحق سبحانه وتعالى في محكم التنـزيل ] إن تنصروا الله ينصركم [ ، وما من شكٍ أن من نصرة الله نصرة أوليائه الذين أقاموا شرعه واتبعوا سنة نبيه محمد r مقتفين آثار السلف الصالح من القرون المفضلة ومن بعدهم في فهمهما وتوظيفهما والعمل بهما كما أُريد لهما ، إذ أن الخير كل الخير فيما كانوا عليه وفيما قضوا حياتهم مستمسكين به ، ترجم ذلك الخليفة الراشد الزاهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله بقوله [ في سنن أبي داود ـ كتاب السنة ] : ( أما بعد ، أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره ، وإتباع سنة نبيه r ، وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنته ، وكفوا مؤنته ، فعليك بلزوم السنة فإنها لك ـ بإذن الله ـ عصمة ، ثم اعلم أنه لم يبتدع الناس بدعة إلا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها أو عبرة فيها ؛ فإن السنة إنما سنها من قد علم ما في خلافها ... من الخطأ والزلل والحمق والتعمق ، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم ؛ فإنهم على علم وقفوا ، وببصر نافذ كفّوا ، ولهم على كشف الأمور كانوا أقوى ، وبفضل ما كانوا فيه أولى ... ) انتهى , وثنّى بمثله الإمام العلم أبي عمرو الأوزاعي رحمه الله فقال : ( عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول فإن الأمر ينجلي وأنت على طريق مستقيم ) ، فدروبهم دروب خير وهدىً وصلاح يمشي في مهيعها الحافي والمنتعل على حدٍ سواء ، إذ ليس فيها أذىً ولا كدر وما هو إلا النور وإلا المسك والإذفر .
فعلى المسلم نصر إخوانه من أهل الحق في زمنٍ قلّ فيه النصير وعزّ المعين من بني البشر وكثُر الإرجاف بأهل الحق وصد الناس عنهم بكل سبيل ، فقلِّب النظر ذات اليمين وذات الشمال فما ثَمَّ ـ في الغالب ـ إلا مخذلٌ يثبط من عزائم أهل الحق عن الصدع به ، وما ثم إلا حائكٌ ينسج من خيوط الكذب والزور والبهتان ليصد بنسيجه الذي لم يُدبغ عن سبيل الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ومع هذا كله فأهل الحق في عزٍّ مطّرد والحق في انتشار مستمر مطارداً فلول التغيير والتبديل إلى حيث المقابر ، رافعاً راية السلفية أتباع السلف فوق الأعناق ليعمّ خيرها أرجاء المعمورة بإذن الله تعالى ، تحقيقاً لقول النبي r : (( والله ليتمن الله هذا الدين )) ولا زال أهل الحق ولله الحمد والمنة يبثّون في الناس الخير ويحذرونهم من الشر ] ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحا [ ، لم يضرهم ولن يضرهم بإذن الله تعالى كيد كائد وكذب كاذب مهما علا بصوته النشاز ] فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض [ .
وما مثل السلفية عقيدة أهل السنة والجماعة التي نُبزت بالجامية في هذا العصر إلا كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، وما هي إلا كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها بإذن ربها ، وما حالها إلا كمثل النخلة التي هي مَثُل المؤمن .
الباعث على هذا المقال :
ولقد كان السبب في كتابة هذا المقال ما قرأته من بعض المقالات والكتابات في ثنايا الإنترنت وفي بعض الصحف حول من يسمونهم بالجامية مطلقين هذا الاسم على كل سلفي مقتفٍ آثار الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ، والأدهى من ذلك أنهم يسبكون مقالاتهم في قالب المؤرِّخ الذي يتكلم بأسلوب التأريخ وسياقات التاريخ طاعنين ومندّدين بالسلفية وأهلها في أسلوب ساخر يبعث على الحزن والأسى متهكمين بهم ، يتحدثون عنهم بأسلوب فجٍّ قبيح كقبح مناهجهم وكأنما يتحدثون عن فرقة ضالة مضت وانقرضت مع تقادم الزمان . يتحدثون بذكر السلبيات ـ في نظرهم ـ فقط ، دون تعريج على المحاسن ، هذه الكلمة التي صكّت الدنيا آذانها من ضجيجهم وعويلهم حين كان الحديث حول رموزهم ومنظريهم وأساتذتهم ، نراهم يجعلونها خلفهم ظهرياً حين كان الكلام عن من لا يرغبون ، فأيُّ تطفيفٍ كهذا التطفيف والله تعالى يقول ] ويلٌ للمطففين [ .
وليتهم حين طففوا لم يجمعوا إليه الكذب والزور والبهتان والتقول عليهم بما لم يقولوا ، بل جاؤوا بالإفك المبين والظلم العظيم مع سبق إصرارٍ وترصد ديدن أهل الباطل في كل زمان وفي كل مكان .
وما عسى أهل الحق أن ينتظروا من قوم بُهتٍ سيماهم في وجوههم من استمراء الكذب ، بل هو الـمُتوقع واللازم لقوم يقولون بالكذب لأجل المصلحة الدينية أو الدنيوية في غير ما أجازه الشرع المطهر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
لذا كان من المتحتم قيام أهل الحق بالدفاع عن أنفسهم ـ وقد قاموا ـ سيّما وهم أعني أهل الحق أهلُ العدل والقول النصَف والقائمين بالقسط على أنفسهم وعلى غيرهم ، وعلى الأقربين منهم وعلى الأبعدين ، فلقد عهدهم الناس بجميل الصفات وكريم الأخلاق وجليل السجايا ، وما أنا إلا متعلق بركابهم راجياً أن أكون في معيتهم فإنهم هم القوم لا يشقى بهم جليس .
ومع أن الردود في هذا الخصوص كثيرة ولله الحمد والمنة إلا أنني آثرت أن يكون لي سهم في نصرة الحق وأهله ، وما ردي هذا إلا عَرْجة في مقابل ردود الأجلة من العلماء ومن طلبة العلم ، غير أني أدعو الله بمنه وكرمه أن أطأ الجنة بعرجتي هذه .
لمن أؤرخ :
ليس من الصعب ولا من العسير التأريخ لأمة من الأمم أو لدولة من الدول ، غير أنه قد يكون من المستحيل الإحاطة بسيرة أمة عظيمة ضربت بجرانها في كل المكارم وعطّرت جنبات التاريخ بشذاها وعبق أيامها الخالدة ، كيف ولا زالت هذه الأمة مستمرة في عطائها ونوالها والحمد لله .
إن أؤرخ لمن يُسمون بالجامية في هذا العصر وهم أتباع السلف فما أعدوا إلا أن أؤرخ لأهل السنة والجماعة منذ فجر التاريخ إلى يومنا هذا ، إذ المنهج هو المنهج والأصول هي الأصول والدروب هي الدروب ، فهم أتباع السلف في التأصيل والدليل ولزوم الطريق ، غير أني مضطر إلى ذكرهم بخاصة نظراً لما أحدثه المتحزبة في مسلمات العامة من اسم جديد ومن أنهم قادمون بمنهج جديد وطريق مختلف ، مع أن القاصي والداني من أهل العلم العدل والإنصاف يعلم علم اليقين أن من يقال عنهم الجامية أنهم مع السلف في طريق مؤتلف .
إن أؤرخ فلستُ أؤرخ لجماعة أو فرقةٍ اتخذت لها طريقاً في الأرض يبساً غير طريق أهل السنة والجماعة وغير طريق السلف المرضي عنهم ، وإنما هم أتباع السلف وإن نبزهم المخالف بنبز مخالف .
إن أؤرخ فعن علم ويقين بحال من لقبوا بالجامية وأنهم على الصراط مستقيمون وبالغون الجهد في تلمس طريق السلف في جليل الأمور وصغيرها ، وبحال من كدّر صفو سيرتهم العطرة من المتحزبة وأصحاب الأهواء الذين ينطلقون من منطلقات هي في الأعم الأغلب لوثاتٌ اجتالت فطرهم من خلال كتب مشبوهة وأناس مشبوهين سنوا لهم قوانين ليست من السنة في شيء وإن زعموا وإنما هي شبه تتشابه عليهم (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله).
إن أؤرخ فليس لجدال قوم درجوا على حب الجدل للجدل ، وليس لإقناع من طمس على قلبه بنفسه فكان كالجادع مارن أنفه بكفه والساعي إلى حتفه بظلفه . بسبب تعنته ورده للحق بعد أن لاح له في أفق الإقناع صواب ما عليه السلفيون في كل زمان ومكان ، وإنما أؤرخ توضيحاً لمن أشكل عليهم ما لبّس به المتحزبة ، وبياناً للعامة الذين لم تفسد فطرهم .
التسمية بالجامية
هام أعداء الحق على وجوههم كيف يتسنى لهم أن يصدوا عن سبيل الله ويجتهدوا في إطفاء نوره ، ففتق لهم إبليس من مخزون مكره وحيله ، فوسوس إليهم أن انبزوهم بنبز يصد عنهم واختار لهم كلمة (الجامية) ، فتركوا كل نبز سابق لهذا النبز الجائر ، وإلى هذه التسمية ، وأكاد أجزم أنهم أجمعوا عليه إجماعاً لم يتم من قبل ولم يشذ عنهم أحد ، نظراً لأن هذه التسمية توحي بشيء من الغرابة ، وأنها جديدة في بابها والنفوس تميل إلى كل جديد وغريب ، مع أن هذه التسمية اشتقت من اسم الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله ذلك العالم الذي شهد له العلماء بالعلم والتقوى والجهاد في سبيل نشر كلمة التوحيد بالدعوة والتدريس وتأليف الكتب ، ولست في صدد ذكر مآثره وما أكرمه الله به من حُسن الأحدوثة وطيب الذكر عند العلماء وعند طلبة العلم وكل من عرفه وقرأ كتبه وتعامل معه ، ومن شاء فليقرأ سيرته فهي منتشرة في فضاء النت .
أكثر ما يميّز الجامي عند المتحزبة أمران :
1-كل من أثنى على السلطان ودعا له وحذر الناس من النصح العلني من فوق المنابر ومن داخل الأشرطة ، وعرف لهم حقهم ، فهذا جامي محترق ، وانبطاحي ذليل ، وممكِّنٌ للطغاة .
2-كل من تكلم في دعاة الصحوة وبين عوار منهجهم وخطر تصدرهم بالدليل والبرهان فهو جامي حاسد بغيض .
بهذين الأمرين يوصم كل من تلبس بهما بالجامية ، ولكن هل كل من اشتمل عليهما يجعلونه جامياً ؟ الواقع ينبئنا بأنهم يُفرِّقون في هذا التصنيف وهذا النبز ، هذا التفريق باعثه المحافظة على المكتسبات الجماهيرية التي حصّلوها في مدة سنين فمن العبث أن يخسروها في غمضة عين ، لقد تكلم الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله ـ في دعاة الصحوة بل وأصدر بياناً شهيراً موجهاً لوزير الداخلية يقضي بمنعهم من الخطابة وإلقاء المحاضرات والندوات معللاً ذلك حماية للمسلمين من شرهم ، ومات الشيخ برد الله مضجعه والأمر على ما هو عليه من منعهم ، وتكلم فيهم الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ وأرشد إلى الاستماع إلى أشرطة كبار العلماء عوضاً عن السماع لهم ، وتكلم فيهم الشيخ عبدالمحسن العباد ـ حفظه الله ـ صراحة في تقريظه لكتاب مدارك النظر ، فهل وصموا هؤلاء بالجامية مع تحقق الشروط فيهم وانتفاء الموانع عنهم من وجهة نظر المتحزبة ، كلا ؛ فلقد غضوا الطرف عنهم رغَباً ورهَبا ، رغباً في جلب المزيد من المخدوعين ، ورهباً من انفضاض الجموع عنهم وهم في أمس الحاجة إليها .
إذ يعلمون علم اليقين أنهم لو صرحوا بتهمة الجامية لهؤلاء العلماء لكان سقوطهم بين عشية وضحاها أو على الأقل سيكون المحب متلفعاً بعلامات استفهام كبرى قد يبديها وقد يخفيها ، فإمعاناً من الرموز في تعمية المريدين وفي تكثير السواد سلكوا هذا المسلك ، ولربما عظموا العلماء ظاهراً ولعنوهم باطناً والله مطلع على السرائر يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، غير أن المريب لا زال ينادي بأعلى صوته خذوني خذوني . فتظهر في فلتات ألسنتهم أحياناً وبالقصد والعمد أحايين أخر القدح في العلماء وبودهم أن لا تنفلت غير أن ما كان في القلب ظهر على اللسان شاء صاحبه أم أبى .
هل أنت جامي : ( كيف تكون جامياً )
غير ما سبق ، حُق لك أخي القارئ الكريم أن تسأل عن الصفات التي يجب أن تتوافر فيك حتى يتسنى لهم أن ينبزوك بـ(الجامية) وأن ينادوك بـ (يا جامي) ، فهؤلاء المتحزبة لا يخافون في الله لومة لائم ! وفيهم من الورع ما لو وُزِّع على من بأقطار الأرض لكفاهم وفاض عنهم !! كما أنهم أبعد الناس عن الظلم والجور والبهتان !!! .
فإليك أخي القارئ الكريم بعضاً من الصفات التي يجب أن تتوافر فيك لكي تستحق لقب الجامية فإياك وإياها :
1-تعاملك مع الحاكم : يجب أن تعرف له قدره ومكانته وأن تدعوا له بخصوصه لا مع عامة المسلمين فقط ، وأن لا تنكر عليه علانية ، وأن لا تتقدمه فيما يخصه من مهماته ، وأن تدعو الناس إلى طاعته وأن تقف ضد كل من يخرج عليه باللسان أو بالسّنان .
2-تعاملك مع العلماء : يجب عليك توقير كبار العلماء وأن تعرف لهم سابقتهم وجهادهم وأن ترجع إليهم في كل صغير وكبير من الأمور في الفتوى وفي الأمور العامة وأن لا تلمزهم بجهل الواقع وأن تدافع عنهم كل من غض من شأنهم وأسقط هيبتهم واتهمهم بمحاباة السلطان والخوف منه وإصدار الفتاوى المعلّبة .
3-المتون العلمية : يجب عليك أن تهتم بالمتون العلمية دراسة وتدريساً وحفظاً .
4-السياسة : يجب عليك أن تدع السياسة لأهلها ممن ولاهم ولي الأمر من أهل الاختصاص .
5-موقفك من أهل البدع : يجب عليك أن تكون صارماً مع أهل البدع وأن تقتفي آثار السلف في التعامل معهم فتنكس رايات أهل البدع والضلال وتحذر من كتبهم وتبين ضلال ما هم عليه .
6-موقفك من المعاصي : يجب عليك أن تَقْدُرها قدرها فالصغيرة لا تكون كبيرة والكبيرة لا تكون كفراً ، والبدعة لا تكون سنة ، والسنة لا تكون بدعة ، والسنة لا تكون واجباً ، والارتكاب غير الاستحلال ... وهكذا .
موقف أعدائهم معهم :
سنة الله في كل زمان أن يجعل لأهل الحق شانئين ومبغضين وأعداءً تمحيصاً لهم وتثبيتاً وابتلاءً يبتليهم بالشانئين ويبتلي الشانئين بهم ليميز الله الخبيث من الطيب والطالح من الصالح فتصفو المنابع من كدر عارض ويطرد البحر الزبد فيذهب جفاء .
فلحكمة بالغة من الحكيم العليم طفق المخذلون عن منهج السلف ونوره من المتحزبة ومن سار في ركبهم من العوام برمي أهل الحق بالعظائم والزور والبهتان وبأوصاف تقشعر منها الجلود ، كل ذلك صداً عن سبيل الله بحسن قصد أو بسوء قصد ، فمما فعلوه لأجل غاياتهم السيئة :
1-نبز السلفيين بأوصافٍ وأسماء الغرض منها الصد :
وصموهم بأوصاف شتى وأسماء متنوعة ، كل يخترع من الأوصاف والأسماء ما يعكس دينه وأخلاقه ، من الأوصاف ما هو مرفوض لذاته ولمحتواه ، ومنها ما هو مرفوض للافتراء ، فمن الأول وصفهم بالخلوف تارة ، وبالمتسلفة تارة أخرى ، وثالثة بالتلفيّة ، ورابعة بالأدعياء ، ومن الثاني وصفهم بالمدخلية تارة ، وبالجامية أكثر التارات ... وهكذا ، وقد تجد أسافلهم ـ وما أكثرهم ـ من يختصرها بالإنجليزية إلى حرفي GMما يدلك على عقول القوم وأنهم من العقل برءاء والعقل بريء منهم ، وإن العاقل ليعلم قبل الجاهل سقم هذه التسميات وضآلة عقل الواصفين والواصمين كما يدرك شدة الجهل وسطحية المواجهة ، وما أغنتهم هذه التسميات الجائرة وما نفعتهم في شيء فلم تستر لهم عورة ولم تبن لهم جداراً ولم توقد لهم نارا ، فالعلماء وطلبة العلم والعقلاء يدركون ويعلمون أن من وُصفوا بهذه الصفات وتلك التسميات هم منها براء وأنها بالواصفين أشبه وأجدر وأليق ، والسبب في ذلك أنهم يعلمون أن السلفيين أتباع السلف أهل السنة والجماعة من أطلق عليهم الجامية لم يتحزّبوا لأي من هذه الأوصاف وهذه التسميات لا تصريحاً ولا تلميحاً ولا تعريضاً ولا لازماً ولا ضمنا ، كما لم يتخذوا أياً منها منهجاً يوالون ويعادون من أجله ، إنما المنهج عندهم الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح فمن خلاله يحبون ويغضون ويوالون ويعادون ويجتمعون ويفترقون ، ولا أدل على ذلك من الواقع فالواقع يشهد لهم بهذا وبعشرٍ من أمثاله ، فيناصحون من زل بالحكمة والموعظة الحسنة وقد تستوجب الحكمة ذكر الاسم والصفة وإن كان حبيباً قريباً فالحق والدين والسنة والملة أحب إليهم وأقرب .
ولم يأت الواصمون بدعاً من القول في نبزهم وتسمياتهم فهي سنة من قبلهم من أهل الزيغ ، فقد وصفوا أهل الحق بالحشوية وبالمجسمة وبالوهابية فما التفت إليهم العقلاء ولا إلى أوصافهم وتسمياتهم وطواهم الزمان وطوتهم الأيام وما كان لله يبقى ويدوم .
2-أطلاق مطلق الحسد والحسد المطلق عليهم :
يطلقون ـ عاملهم الله بعدله ـ على أهل الحق هذه الخسيسة وكأنهم أعني أهل الحق خُصّوا بها دون غيرهم ، بل كأنها ما وُجدت إلا منهم ، والله الموعد على هذه التهم الباطلة ، وأن تأسف فأسف أن تصدر هذه التهمة الجائرة ممن وُصف بالعلم وكانت له قدم صدق في تدريس التوحيد والعقيدة وشابت لحيته فيه ، وبلغ من العمر عتيا ، ولكن من أحسن الظن بأهل الزيغ وقرّبهم واستأنس بهم أعدوه بجربهم ولا بد .
ولنحمل هذه الفرية ونضعها على وضم جزار بالعدل والقسط وننظر من أحق بها وأهلها :
أُطلقتْ هذه التهمة من صنفين من الناس :
?أ)الصنف المُنتقَد : متمثلٌ في دعاة الصحوة ، وهؤلاء ما أطلقوها إلا ستراً لباطلهم وإمعاناً في التعمية على العوام ، إذ كان الأولى بهم أن يقرعوا الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان والدليل بالدليل غير أن في حيدتهم ولجوئهم إلى التحصن بهذه التهمة دليل على العجز وخواء المنهج .
فأَن يأتيك خصمك بالدليل المثبَت من كلامك وحكمه فيك وتتدرع بالسب والشتم وأنه ما تكلم إلا لحسد أكل قلبه وحقد اشتمل عليه فهذا من قلة العقل قبل أن يكومن ضعف الدين ، هلاّ أقمت الحجة وكسرت الدليل وأقمت البينة ثم إذا عاند وكابر قلت ما شئت أن تقول فيه ، وحينها سيعذرك الناس وربما وقعوا على قولك بالموافقة ، ولكن أن تبدأ التهمة وتتوسط بالتهمة وتنتهي بالتهمة فهذه لا تصدر إلا من العجز التام والجهل الفاضح .
لقد ألف فيكم من تصمونهم بالجامية الكتب وسجلوا فيكم الأشرطة نصحاً لكم وكفاً لشركم فلماذا لم تردوا عليهم بمثل ما ردوا .
ثمة أمر آخر ينظر من طرف خفيٍ في صدور هذه التهمة ممن وُجه لهم النقد وهي تزكيتهم لأنفسهم وأي تزكية فكأن القائل منهم يقول أنا عملتُ وفعلتُ لله ولرسوله ولكتابه وغيري لم يعمل ولم يفعل والله تعالى يقول ] فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى [
?ب)وأما الصنف الآخر الذي أطلق هذه الفرية فهم ممن استحوذ عليهم إعلام الصنف الأول غفلة منهم ووضع لإحسان للظن في غير موضعه ، وقد يكون عالماً خدعوه بمعسول القول فأثنى عليهم ووصم منتقدهم بالحسد لأجل شهرتهم ، وما علم أن إبليس لعنه الله أكثر منهم شهرة وما نفعته شهرته . ومن حسنات هذا الصنف ولابد لنا من ذكر الحسنات كما يطنطنون ويدندنون أنْ حفظ الناس بسبب هذه التهمة بيت الحطيئة :
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمو *** من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
ولا نقول إزاء هذا الصنف إلا
ستعلم حين ينكشف الغبار *** أفرس تحتك أم حمارُ
وبعد ، فأي الفريقين أحق بصفة الحسد والجهل والبهت .
إلماحة : كانت هذه التهمة بالنسبة للمتحزبة طوق النجاة ، ولا نجاة .
3-إنزال بيانات العلماء على السلفيين :
ما فتئ أعداء أتباعِ السلف يلهجون بتحريف بيانات العلماء وإنزالها في صالحهم ضد أهل الحق (الجامية) ، كلما صدر بيان من هيئة كبار العلماء أقاموا المحاضرات والندوات صرفاً للبيان عن وجهته التي يُمم إليها تزكية لنفوسهم وأنهم المعنيون بالمدح والثناء وأن غيرهم هم المحذّر منهم غير أن الله بمنه وكرمه وعدله يأبى إلا أن يحق الحق ويبطل الباطل فما أن تنتهي زوبعتهم وقد أجلبوا بخيلهم ورجلهم لإطفاء الحق وإحزان أهله إلا ويقوم مصدروا البيان من هيئة كبار العلماء بتوضيح المقصد وتبرئة ساحة أهل الحق (الجامية) من تقوّل رموز المتحزبة وإفكهم وكذبهم ، ثم يُصدر هيئة كبار العلماء بياناً آخر فيقوم المتحزبة بنفس العمل السابق ثم يكذبهم العلماء ... وهكذا دواليك ، وإنك لتعجب من قلة حياء هؤلاء وصفاقة وجوههم وكذبهم في وضح النهار ، وإنك لتُحدّ النظر في وجوههم هل بقي فيها مزعة لحم .
4-محاولة إخراج السلفيين من السلفية :
لقد ركب المتحزبة من دعاة الصحوة ومريديهم الصعب والذلول بحثاً عن شيء يتعلقون به ويحفظون بها ما تبقى من المكانة الآفلة في قلوب الناس واحترامهم فبحثوا عن حيلة ولن يُعدم ماكرٌ من حيلة فقالوا إن هؤلاء (الجامية) منهج جديد ، قالوا وإن تسموا بالسلفيين فما هم إلا حزب اسمه السلفية وليسوا من أتباع السلف في شيء ـ زعموا ، فقلنا لا جرم رمتني بدائها وانسلت ، أحين غرق هؤلاء في الحزبية حتى صارت من المسلمات لديهم ومعتقداً يعتقدونه أخذوا ينعتون بها كل معارض ومخالف ، وصفوا السلفيين بما هم فيه غارقون وهم في بيدائه تائهون فيا لله للعجب ، حُق لكل عاقل أن يمد رجليه تلقاء وجوه هؤلاء المتحزبة من الرموز والمريدين .
إن السلفيين يا أيتها المتحزبة ما برحوا منهج السلف وما حادوا عنه شبراً ولا ذراعاً ولا باعاً في حين ابتعدتم عن منهج السلف منازل وأميالا .
قارن أخي القاريء الكريم بينهما لترى أي الفريقين أحق بمنهج السلف ومن هو الدخيل ومن هو الأصيل حول النقاط التالية التي هي محل الخلاف بينهما :
§اتباع السنة في صغير الأمور وكبيرها .
§ تدريس العقيدة والاهتمام بها .
§إجلال المتون العلمية ومحبتها .
§الوقوف في وجوه أهل البدع والضلال .
§التعامل مع الولاة والسلاطين .
§توقير العلماء ومعرفة قدرهم والثناء عليهم .
§التعقّل من كيد العلمانيين وحبائلهم .
§التعامل الأمثل مع الكفار ودول الكفر بما يحقق المصالح ويدرؤ المفاسد
5-تشويه صورتهم أمام العامة :
وإن كانت هذه تندرج ضمناً تحت ما سبق إلا أنها تنفرد بالتعمد أعني تعمد الإساءة إلى السلفيين بنشر الكذب والأراجيف والأباطيل عليهم وأنهم قوم لا يعرفون سوى التصنيف وإلا النقد ، فهم (الجامية) ـ زعموا ـ يهدمون ولا يبنون ، وهم المخذلون ، وهم الذين فرقوا الكلمة وشتتوا الجمع وصدعوا الصف مستخدمين في ذلك هالة إعلامية فجة ، تارة عن طريق ما يبثونه بين الشباب ، فتجد الشباب في وقت من الأوقات يرددون شيئاً ما وفي وقت آخر يرددون شيئاً آخر مثال ذلك ما جاء في وقت من الأوقات أن السبب في التفجيرات هم العلماء لأنهم لم ينـزلوا إلى الشباب ولم يحتضنوهم ، فأخذوا يرددون هذا زمناً ، مما يدل على أن هناك من يُصدر للشباب الشعارات التي يجب عليهم أن يرددوها ويا ويل من يعترض فإنه سيكون عرضة لوصمه بالجامية ، وتارة أخرى عن طريق الصحف التي تدعي لنفسها الحياد ولا حياد ، وتارة ثالثة عن طريق القنوات المرئية التي أحسنت الظن بهم ولم يعلموا أنهم حلود الظأن تنبض من خلفها قلوب الذئاب .
6-الاعتداء الجسدي :
لعل المتحزبة هداهم الله يسترون ما بدا من عوراتهم نتيجة مذاهبهم الباطلة ومناهجهم الفاسدة على يد بعضٍ منهم ، ويتمنون ستر عوراتهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً ، غير أن من لم يستتر بستر الله من اتباع الحق ولزوم الطريق لم يكن ليجد ما يستر به سوأته ، وكانت الفضائح تنهال عليه من كل جانب .
فحين عجز المتحزبة والرموز وأتباعهم من الوقوف أمام الحق الساطع الذي ما فتئ السلفيون(الجاميون) ينشرونه في كل مكان وفي كل زمان ، وعجزوا عن قرع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان ، قاموا بمحاولات بائسة ساذجة قذرة تمثلت في الاعتداء الجسدي على العلماء وطلبة العلم السلفيين في مباركة من كبارهم قبحهم الله ، وإليك أخي القارئ الكريم حادثتان تنضحان بالحقد والجهل وقلة العقل لتعلم أني لم أتحامل على المتحزبة ولم أتِ بشيءٍ من عند نفسي وإنما هو الواقع وما عملته أيديهم ، ولتعلم شناعة مذهبهم وقبح طريقتهم ومنهجهم :
الأولى : حادثة محاولة إيذاء الشيخ المبارك محمد بن أمان الجامي ـ رحمه الله ـ :
سافر الشيخ إلى مدينة الرياض لإلقاء محاضرة هناك ولست متذكراً عنوان المحاضرة غير أنها وقعت في مسجد الشيخ عبدالمحسن العبيكان حفظه الله تعالى ، وعندما بدأ طرح الأسئلة بين الأذانين قام أحد المتحزبة في وجه الشيخ محمد أمان ـ رحمه الله ـ وقال له " ما فرّق الأمة إلا أنت وأمثالك " ثم تبعه تكبير من كل جانب في هجوم على الشيخ محمد ، وتدافع الناس ، وحاول الشباب الموجودون في الصفوف الأولى منعهم من الوصول إلى الشيخ ونجحوا في ذلك وتم إخراج الشيخ من المسجد عبر باب الإمام ، وخرج الشيخ من غير صلاة ومن غير حذاء ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وحدثت جلبة ولغط حتى أقيمت الصلاة وما سكت الحزبيون ولم يراعوا حرمة المكان فاستمروا في لغطهم وصياحهم والإمام يقرأ ، فما راعوا حرمة المكان وحرمة القرآن وحرمة العلماء .
ومن العجب أنْ أحد المتحزبة عندما سئل عن هذه الحادثة في حينها قال : " دعوا الشباب يتدربون على الجهاد " ، قبحه الله وقبح جهاده .
من المفارقات أنا أُخبرنا أن هذه المحاضرة حضرها الشيخ عبد الله الجبرين ، وشاهد وعاين ما حدث ، ولا زال الشيخ يحسن الظن بهم إلى وقتنا هذا ، رده الله إلى الحق رداً جميلا .
الثانية : حادثة الشيخ عبدالرزاق بن الشيخ عبدالمحسن العباد حفظهما الله تعالى :
وكانت في القصيم ، وتشتبه فصولها بفصول الحادثة الأولى
فهؤلاء المتحزبة ـ أخي الكريم ـ من رموز ومريدين ، وهذه أفعالهم وهذه أقوالهم فاحذرهم فإنهم وباء هذا العصر ، نسأل الله أن يمن علينا بهدايتهم أو بالخلاص منهم .
فإن من المهام المنوطة بالمسلم تجاه الحق وأهله أياً كان موقعه وأياً كانت قدرته واستطاعته الصدع ورفع الرأس به وإعزاز أهله ونصرتهم حسب الطاقة والإمكان ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، ممتثلين في ذلك قول الحق سبحانه وتعالى في محكم التنـزيل ] إن تنصروا الله ينصركم [ ، وما من شكٍ أن من نصرة الله نصرة أوليائه الذين أقاموا شرعه واتبعوا سنة نبيه محمد r مقتفين آثار السلف الصالح من القرون المفضلة ومن بعدهم في فهمهما وتوظيفهما والعمل بهما كما أُريد لهما ، إذ أن الخير كل الخير فيما كانوا عليه وفيما قضوا حياتهم مستمسكين به ، ترجم ذلك الخليفة الراشد الزاهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله بقوله [ في سنن أبي داود ـ كتاب السنة ] : ( أما بعد ، أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره ، وإتباع سنة نبيه r ، وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنته ، وكفوا مؤنته ، فعليك بلزوم السنة فإنها لك ـ بإذن الله ـ عصمة ، ثم اعلم أنه لم يبتدع الناس بدعة إلا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها أو عبرة فيها ؛ فإن السنة إنما سنها من قد علم ما في خلافها ... من الخطأ والزلل والحمق والتعمق ، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم ؛ فإنهم على علم وقفوا ، وببصر نافذ كفّوا ، ولهم على كشف الأمور كانوا أقوى ، وبفضل ما كانوا فيه أولى ... ) انتهى , وثنّى بمثله الإمام العلم أبي عمرو الأوزاعي رحمه الله فقال : ( عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول فإن الأمر ينجلي وأنت على طريق مستقيم ) ، فدروبهم دروب خير وهدىً وصلاح يمشي في مهيعها الحافي والمنتعل على حدٍ سواء ، إذ ليس فيها أذىً ولا كدر وما هو إلا النور وإلا المسك والإذفر .
فعلى المسلم نصر إخوانه من أهل الحق في زمنٍ قلّ فيه النصير وعزّ المعين من بني البشر وكثُر الإرجاف بأهل الحق وصد الناس عنهم بكل سبيل ، فقلِّب النظر ذات اليمين وذات الشمال فما ثَمَّ ـ في الغالب ـ إلا مخذلٌ يثبط من عزائم أهل الحق عن الصدع به ، وما ثم إلا حائكٌ ينسج من خيوط الكذب والزور والبهتان ليصد بنسيجه الذي لم يُدبغ عن سبيل الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ومع هذا كله فأهل الحق في عزٍّ مطّرد والحق في انتشار مستمر مطارداً فلول التغيير والتبديل إلى حيث المقابر ، رافعاً راية السلفية أتباع السلف فوق الأعناق ليعمّ خيرها أرجاء المعمورة بإذن الله تعالى ، تحقيقاً لقول النبي r : (( والله ليتمن الله هذا الدين )) ولا زال أهل الحق ولله الحمد والمنة يبثّون في الناس الخير ويحذرونهم من الشر ] ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحا [ ، لم يضرهم ولن يضرهم بإذن الله تعالى كيد كائد وكذب كاذب مهما علا بصوته النشاز ] فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض [ .
وما مثل السلفية عقيدة أهل السنة والجماعة التي نُبزت بالجامية في هذا العصر إلا كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، وما هي إلا كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها بإذن ربها ، وما حالها إلا كمثل النخلة التي هي مَثُل المؤمن .
الباعث على هذا المقال :
ولقد كان السبب في كتابة هذا المقال ما قرأته من بعض المقالات والكتابات في ثنايا الإنترنت وفي بعض الصحف حول من يسمونهم بالجامية مطلقين هذا الاسم على كل سلفي مقتفٍ آثار الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ، والأدهى من ذلك أنهم يسبكون مقالاتهم في قالب المؤرِّخ الذي يتكلم بأسلوب التأريخ وسياقات التاريخ طاعنين ومندّدين بالسلفية وأهلها في أسلوب ساخر يبعث على الحزن والأسى متهكمين بهم ، يتحدثون عنهم بأسلوب فجٍّ قبيح كقبح مناهجهم وكأنما يتحدثون عن فرقة ضالة مضت وانقرضت مع تقادم الزمان . يتحدثون بذكر السلبيات ـ في نظرهم ـ فقط ، دون تعريج على المحاسن ، هذه الكلمة التي صكّت الدنيا آذانها من ضجيجهم وعويلهم حين كان الحديث حول رموزهم ومنظريهم وأساتذتهم ، نراهم يجعلونها خلفهم ظهرياً حين كان الكلام عن من لا يرغبون ، فأيُّ تطفيفٍ كهذا التطفيف والله تعالى يقول ] ويلٌ للمطففين [ .
وليتهم حين طففوا لم يجمعوا إليه الكذب والزور والبهتان والتقول عليهم بما لم يقولوا ، بل جاؤوا بالإفك المبين والظلم العظيم مع سبق إصرارٍ وترصد ديدن أهل الباطل في كل زمان وفي كل مكان .
وما عسى أهل الحق أن ينتظروا من قوم بُهتٍ سيماهم في وجوههم من استمراء الكذب ، بل هو الـمُتوقع واللازم لقوم يقولون بالكذب لأجل المصلحة الدينية أو الدنيوية في غير ما أجازه الشرع المطهر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
لذا كان من المتحتم قيام أهل الحق بالدفاع عن أنفسهم ـ وقد قاموا ـ سيّما وهم أعني أهل الحق أهلُ العدل والقول النصَف والقائمين بالقسط على أنفسهم وعلى غيرهم ، وعلى الأقربين منهم وعلى الأبعدين ، فلقد عهدهم الناس بجميل الصفات وكريم الأخلاق وجليل السجايا ، وما أنا إلا متعلق بركابهم راجياً أن أكون في معيتهم فإنهم هم القوم لا يشقى بهم جليس .
ومع أن الردود في هذا الخصوص كثيرة ولله الحمد والمنة إلا أنني آثرت أن يكون لي سهم في نصرة الحق وأهله ، وما ردي هذا إلا عَرْجة في مقابل ردود الأجلة من العلماء ومن طلبة العلم ، غير أني أدعو الله بمنه وكرمه أن أطأ الجنة بعرجتي هذه .
لمن أؤرخ :
ليس من الصعب ولا من العسير التأريخ لأمة من الأمم أو لدولة من الدول ، غير أنه قد يكون من المستحيل الإحاطة بسيرة أمة عظيمة ضربت بجرانها في كل المكارم وعطّرت جنبات التاريخ بشذاها وعبق أيامها الخالدة ، كيف ولا زالت هذه الأمة مستمرة في عطائها ونوالها والحمد لله .
إن أؤرخ لمن يُسمون بالجامية في هذا العصر وهم أتباع السلف فما أعدوا إلا أن أؤرخ لأهل السنة والجماعة منذ فجر التاريخ إلى يومنا هذا ، إذ المنهج هو المنهج والأصول هي الأصول والدروب هي الدروب ، فهم أتباع السلف في التأصيل والدليل ولزوم الطريق ، غير أني مضطر إلى ذكرهم بخاصة نظراً لما أحدثه المتحزبة في مسلمات العامة من اسم جديد ومن أنهم قادمون بمنهج جديد وطريق مختلف ، مع أن القاصي والداني من أهل العلم العدل والإنصاف يعلم علم اليقين أن من يقال عنهم الجامية أنهم مع السلف في طريق مؤتلف .
إن أؤرخ فلستُ أؤرخ لجماعة أو فرقةٍ اتخذت لها طريقاً في الأرض يبساً غير طريق أهل السنة والجماعة وغير طريق السلف المرضي عنهم ، وإنما هم أتباع السلف وإن نبزهم المخالف بنبز مخالف .
إن أؤرخ فعن علم ويقين بحال من لقبوا بالجامية وأنهم على الصراط مستقيمون وبالغون الجهد في تلمس طريق السلف في جليل الأمور وصغيرها ، وبحال من كدّر صفو سيرتهم العطرة من المتحزبة وأصحاب الأهواء الذين ينطلقون من منطلقات هي في الأعم الأغلب لوثاتٌ اجتالت فطرهم من خلال كتب مشبوهة وأناس مشبوهين سنوا لهم قوانين ليست من السنة في شيء وإن زعموا وإنما هي شبه تتشابه عليهم (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله).
إن أؤرخ فليس لجدال قوم درجوا على حب الجدل للجدل ، وليس لإقناع من طمس على قلبه بنفسه فكان كالجادع مارن أنفه بكفه والساعي إلى حتفه بظلفه . بسبب تعنته ورده للحق بعد أن لاح له في أفق الإقناع صواب ما عليه السلفيون في كل زمان ومكان ، وإنما أؤرخ توضيحاً لمن أشكل عليهم ما لبّس به المتحزبة ، وبياناً للعامة الذين لم تفسد فطرهم .
التسمية بالجامية
هام أعداء الحق على وجوههم كيف يتسنى لهم أن يصدوا عن سبيل الله ويجتهدوا في إطفاء نوره ، ففتق لهم إبليس من مخزون مكره وحيله ، فوسوس إليهم أن انبزوهم بنبز يصد عنهم واختار لهم كلمة (الجامية) ، فتركوا كل نبز سابق لهذا النبز الجائر ، وإلى هذه التسمية ، وأكاد أجزم أنهم أجمعوا عليه إجماعاً لم يتم من قبل ولم يشذ عنهم أحد ، نظراً لأن هذه التسمية توحي بشيء من الغرابة ، وأنها جديدة في بابها والنفوس تميل إلى كل جديد وغريب ، مع أن هذه التسمية اشتقت من اسم الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله ذلك العالم الذي شهد له العلماء بالعلم والتقوى والجهاد في سبيل نشر كلمة التوحيد بالدعوة والتدريس وتأليف الكتب ، ولست في صدد ذكر مآثره وما أكرمه الله به من حُسن الأحدوثة وطيب الذكر عند العلماء وعند طلبة العلم وكل من عرفه وقرأ كتبه وتعامل معه ، ومن شاء فليقرأ سيرته فهي منتشرة في فضاء النت .
من هو الجامي :
أكثر ما يميّز الجامي عند المتحزبة أمران :
1-كل من أثنى على السلطان ودعا له وحذر الناس من النصح العلني من فوق المنابر ومن داخل الأشرطة ، وعرف لهم حقهم ، فهذا جامي محترق ، وانبطاحي ذليل ، وممكِّنٌ للطغاة .
2-كل من تكلم في دعاة الصحوة وبين عوار منهجهم وخطر تصدرهم بالدليل والبرهان فهو جامي حاسد بغيض .
بهذين الأمرين يوصم كل من تلبس بهما بالجامية ، ولكن هل كل من اشتمل عليهما يجعلونه جامياً ؟ الواقع ينبئنا بأنهم يُفرِّقون في هذا التصنيف وهذا النبز ، هذا التفريق باعثه المحافظة على المكتسبات الجماهيرية التي حصّلوها في مدة سنين فمن العبث أن يخسروها في غمضة عين ، لقد تكلم الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله ـ في دعاة الصحوة بل وأصدر بياناً شهيراً موجهاً لوزير الداخلية يقضي بمنعهم من الخطابة وإلقاء المحاضرات والندوات معللاً ذلك حماية للمسلمين من شرهم ، ومات الشيخ برد الله مضجعه والأمر على ما هو عليه من منعهم ، وتكلم فيهم الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ وأرشد إلى الاستماع إلى أشرطة كبار العلماء عوضاً عن السماع لهم ، وتكلم فيهم الشيخ عبدالمحسن العباد ـ حفظه الله ـ صراحة في تقريظه لكتاب مدارك النظر ، فهل وصموا هؤلاء بالجامية مع تحقق الشروط فيهم وانتفاء الموانع عنهم من وجهة نظر المتحزبة ، كلا ؛ فلقد غضوا الطرف عنهم رغَباً ورهَبا ، رغباً في جلب المزيد من المخدوعين ، ورهباً من انفضاض الجموع عنهم وهم في أمس الحاجة إليها .
إذ يعلمون علم اليقين أنهم لو صرحوا بتهمة الجامية لهؤلاء العلماء لكان سقوطهم بين عشية وضحاها أو على الأقل سيكون المحب متلفعاً بعلامات استفهام كبرى قد يبديها وقد يخفيها ، فإمعاناً من الرموز في تعمية المريدين وفي تكثير السواد سلكوا هذا المسلك ، ولربما عظموا العلماء ظاهراً ولعنوهم باطناً والله مطلع على السرائر يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، غير أن المريب لا زال ينادي بأعلى صوته خذوني خذوني . فتظهر في فلتات ألسنتهم أحياناً وبالقصد والعمد أحايين أخر القدح في العلماء وبودهم أن لا تنفلت غير أن ما كان في القلب ظهر على اللسان شاء صاحبه أم أبى .
هل أنت جامي : ( كيف تكون جامياً )
غير ما سبق ، حُق لك أخي القارئ الكريم أن تسأل عن الصفات التي يجب أن تتوافر فيك حتى يتسنى لهم أن ينبزوك بـ(الجامية) وأن ينادوك بـ (يا جامي) ، فهؤلاء المتحزبة لا يخافون في الله لومة لائم ! وفيهم من الورع ما لو وُزِّع على من بأقطار الأرض لكفاهم وفاض عنهم !! كما أنهم أبعد الناس عن الظلم والجور والبهتان !!! .
فإليك أخي القارئ الكريم بعضاً من الصفات التي يجب أن تتوافر فيك لكي تستحق لقب الجامية فإياك وإياها :
1-تعاملك مع الحاكم : يجب أن تعرف له قدره ومكانته وأن تدعوا له بخصوصه لا مع عامة المسلمين فقط ، وأن لا تنكر عليه علانية ، وأن لا تتقدمه فيما يخصه من مهماته ، وأن تدعو الناس إلى طاعته وأن تقف ضد كل من يخرج عليه باللسان أو بالسّنان .
2-تعاملك مع العلماء : يجب عليك توقير كبار العلماء وأن تعرف لهم سابقتهم وجهادهم وأن ترجع إليهم في كل صغير وكبير من الأمور في الفتوى وفي الأمور العامة وأن لا تلمزهم بجهل الواقع وأن تدافع عنهم كل من غض من شأنهم وأسقط هيبتهم واتهمهم بمحاباة السلطان والخوف منه وإصدار الفتاوى المعلّبة .
3-المتون العلمية : يجب عليك أن تهتم بالمتون العلمية دراسة وتدريساً وحفظاً .
4-السياسة : يجب عليك أن تدع السياسة لأهلها ممن ولاهم ولي الأمر من أهل الاختصاص .
5-موقفك من أهل البدع : يجب عليك أن تكون صارماً مع أهل البدع وأن تقتفي آثار السلف في التعامل معهم فتنكس رايات أهل البدع والضلال وتحذر من كتبهم وتبين ضلال ما هم عليه .
6-موقفك من المعاصي : يجب عليك أن تَقْدُرها قدرها فالصغيرة لا تكون كبيرة والكبيرة لا تكون كفراً ، والبدعة لا تكون سنة ، والسنة لا تكون بدعة ، والسنة لا تكون واجباً ، والارتكاب غير الاستحلال ... وهكذا .
موقف أعدائهم معهم :
سنة الله في كل زمان أن يجعل لأهل الحق شانئين ومبغضين وأعداءً تمحيصاً لهم وتثبيتاً وابتلاءً يبتليهم بالشانئين ويبتلي الشانئين بهم ليميز الله الخبيث من الطيب والطالح من الصالح فتصفو المنابع من كدر عارض ويطرد البحر الزبد فيذهب جفاء .
فلحكمة بالغة من الحكيم العليم طفق المخذلون عن منهج السلف ونوره من المتحزبة ومن سار في ركبهم من العوام برمي أهل الحق بالعظائم والزور والبهتان وبأوصاف تقشعر منها الجلود ، كل ذلك صداً عن سبيل الله بحسن قصد أو بسوء قصد ، فمما فعلوه لأجل غاياتهم السيئة :
1-نبز السلفيين بأوصافٍ وأسماء الغرض منها الصد :
وصموهم بأوصاف شتى وأسماء متنوعة ، كل يخترع من الأوصاف والأسماء ما يعكس دينه وأخلاقه ، من الأوصاف ما هو مرفوض لذاته ولمحتواه ، ومنها ما هو مرفوض للافتراء ، فمن الأول وصفهم بالخلوف تارة ، وبالمتسلفة تارة أخرى ، وثالثة بالتلفيّة ، ورابعة بالأدعياء ، ومن الثاني وصفهم بالمدخلية تارة ، وبالجامية أكثر التارات ... وهكذا ، وقد تجد أسافلهم ـ وما أكثرهم ـ من يختصرها بالإنجليزية إلى حرفي GMما يدلك على عقول القوم وأنهم من العقل برءاء والعقل بريء منهم ، وإن العاقل ليعلم قبل الجاهل سقم هذه التسميات وضآلة عقل الواصفين والواصمين كما يدرك شدة الجهل وسطحية المواجهة ، وما أغنتهم هذه التسميات الجائرة وما نفعتهم في شيء فلم تستر لهم عورة ولم تبن لهم جداراً ولم توقد لهم نارا ، فالعلماء وطلبة العلم والعقلاء يدركون ويعلمون أن من وُصفوا بهذه الصفات وتلك التسميات هم منها براء وأنها بالواصفين أشبه وأجدر وأليق ، والسبب في ذلك أنهم يعلمون أن السلفيين أتباع السلف أهل السنة والجماعة من أطلق عليهم الجامية لم يتحزّبوا لأي من هذه الأوصاف وهذه التسميات لا تصريحاً ولا تلميحاً ولا تعريضاً ولا لازماً ولا ضمنا ، كما لم يتخذوا أياً منها منهجاً يوالون ويعادون من أجله ، إنما المنهج عندهم الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح فمن خلاله يحبون ويغضون ويوالون ويعادون ويجتمعون ويفترقون ، ولا أدل على ذلك من الواقع فالواقع يشهد لهم بهذا وبعشرٍ من أمثاله ، فيناصحون من زل بالحكمة والموعظة الحسنة وقد تستوجب الحكمة ذكر الاسم والصفة وإن كان حبيباً قريباً فالحق والدين والسنة والملة أحب إليهم وأقرب .
ولم يأت الواصمون بدعاً من القول في نبزهم وتسمياتهم فهي سنة من قبلهم من أهل الزيغ ، فقد وصفوا أهل الحق بالحشوية وبالمجسمة وبالوهابية فما التفت إليهم العقلاء ولا إلى أوصافهم وتسمياتهم وطواهم الزمان وطوتهم الأيام وما كان لله يبقى ويدوم .
2-أطلاق مطلق الحسد والحسد المطلق عليهم :
يطلقون ـ عاملهم الله بعدله ـ على أهل الحق هذه الخسيسة وكأنهم أعني أهل الحق خُصّوا بها دون غيرهم ، بل كأنها ما وُجدت إلا منهم ، والله الموعد على هذه التهم الباطلة ، وأن تأسف فأسف أن تصدر هذه التهمة الجائرة ممن وُصف بالعلم وكانت له قدم صدق في تدريس التوحيد والعقيدة وشابت لحيته فيه ، وبلغ من العمر عتيا ، ولكن من أحسن الظن بأهل الزيغ وقرّبهم واستأنس بهم أعدوه بجربهم ولا بد .
ولنحمل هذه الفرية ونضعها على وضم جزار بالعدل والقسط وننظر من أحق بها وأهلها :
أُطلقتْ هذه التهمة من صنفين من الناس :
?أ)الصنف المُنتقَد : متمثلٌ في دعاة الصحوة ، وهؤلاء ما أطلقوها إلا ستراً لباطلهم وإمعاناً في التعمية على العوام ، إذ كان الأولى بهم أن يقرعوا الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان والدليل بالدليل غير أن في حيدتهم ولجوئهم إلى التحصن بهذه التهمة دليل على العجز وخواء المنهج .
فأَن يأتيك خصمك بالدليل المثبَت من كلامك وحكمه فيك وتتدرع بالسب والشتم وأنه ما تكلم إلا لحسد أكل قلبه وحقد اشتمل عليه فهذا من قلة العقل قبل أن يكومن ضعف الدين ، هلاّ أقمت الحجة وكسرت الدليل وأقمت البينة ثم إذا عاند وكابر قلت ما شئت أن تقول فيه ، وحينها سيعذرك الناس وربما وقعوا على قولك بالموافقة ، ولكن أن تبدأ التهمة وتتوسط بالتهمة وتنتهي بالتهمة فهذه لا تصدر إلا من العجز التام والجهل الفاضح .
لقد ألف فيكم من تصمونهم بالجامية الكتب وسجلوا فيكم الأشرطة نصحاً لكم وكفاً لشركم فلماذا لم تردوا عليهم بمثل ما ردوا .
ثمة أمر آخر ينظر من طرف خفيٍ في صدور هذه التهمة ممن وُجه لهم النقد وهي تزكيتهم لأنفسهم وأي تزكية فكأن القائل منهم يقول أنا عملتُ وفعلتُ لله ولرسوله ولكتابه وغيري لم يعمل ولم يفعل والله تعالى يقول ] فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى [
?ب)وأما الصنف الآخر الذي أطلق هذه الفرية فهم ممن استحوذ عليهم إعلام الصنف الأول غفلة منهم ووضع لإحسان للظن في غير موضعه ، وقد يكون عالماً خدعوه بمعسول القول فأثنى عليهم ووصم منتقدهم بالحسد لأجل شهرتهم ، وما علم أن إبليس لعنه الله أكثر منهم شهرة وما نفعته شهرته . ومن حسنات هذا الصنف ولابد لنا من ذكر الحسنات كما يطنطنون ويدندنون أنْ حفظ الناس بسبب هذه التهمة بيت الحطيئة :
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمو *** من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
ولا نقول إزاء هذا الصنف إلا
ستعلم حين ينكشف الغبار *** أفرس تحتك أم حمارُ
وبعد ، فأي الفريقين أحق بصفة الحسد والجهل والبهت .
إلماحة : كانت هذه التهمة بالنسبة للمتحزبة طوق النجاة ، ولا نجاة .
3-إنزال بيانات العلماء على السلفيين :
ما فتئ أعداء أتباعِ السلف يلهجون بتحريف بيانات العلماء وإنزالها في صالحهم ضد أهل الحق (الجامية) ، كلما صدر بيان من هيئة كبار العلماء أقاموا المحاضرات والندوات صرفاً للبيان عن وجهته التي يُمم إليها تزكية لنفوسهم وأنهم المعنيون بالمدح والثناء وأن غيرهم هم المحذّر منهم غير أن الله بمنه وكرمه وعدله يأبى إلا أن يحق الحق ويبطل الباطل فما أن تنتهي زوبعتهم وقد أجلبوا بخيلهم ورجلهم لإطفاء الحق وإحزان أهله إلا ويقوم مصدروا البيان من هيئة كبار العلماء بتوضيح المقصد وتبرئة ساحة أهل الحق (الجامية) من تقوّل رموز المتحزبة وإفكهم وكذبهم ، ثم يُصدر هيئة كبار العلماء بياناً آخر فيقوم المتحزبة بنفس العمل السابق ثم يكذبهم العلماء ... وهكذا دواليك ، وإنك لتعجب من قلة حياء هؤلاء وصفاقة وجوههم وكذبهم في وضح النهار ، وإنك لتُحدّ النظر في وجوههم هل بقي فيها مزعة لحم .
4-محاولة إخراج السلفيين من السلفية :
لقد ركب المتحزبة من دعاة الصحوة ومريديهم الصعب والذلول بحثاً عن شيء يتعلقون به ويحفظون بها ما تبقى من المكانة الآفلة في قلوب الناس واحترامهم فبحثوا عن حيلة ولن يُعدم ماكرٌ من حيلة فقالوا إن هؤلاء (الجامية) منهج جديد ، قالوا وإن تسموا بالسلفيين فما هم إلا حزب اسمه السلفية وليسوا من أتباع السلف في شيء ـ زعموا ، فقلنا لا جرم رمتني بدائها وانسلت ، أحين غرق هؤلاء في الحزبية حتى صارت من المسلمات لديهم ومعتقداً يعتقدونه أخذوا ينعتون بها كل معارض ومخالف ، وصفوا السلفيين بما هم فيه غارقون وهم في بيدائه تائهون فيا لله للعجب ، حُق لكل عاقل أن يمد رجليه تلقاء وجوه هؤلاء المتحزبة من الرموز والمريدين .
إن السلفيين يا أيتها المتحزبة ما برحوا منهج السلف وما حادوا عنه شبراً ولا ذراعاً ولا باعاً في حين ابتعدتم عن منهج السلف منازل وأميالا .
قارن أخي القاريء الكريم بينهما لترى أي الفريقين أحق بمنهج السلف ومن هو الدخيل ومن هو الأصيل حول النقاط التالية التي هي محل الخلاف بينهما :
§اتباع السنة في صغير الأمور وكبيرها .
§ تدريس العقيدة والاهتمام بها .
§إجلال المتون العلمية ومحبتها .
§الوقوف في وجوه أهل البدع والضلال .
§التعامل مع الولاة والسلاطين .
§توقير العلماء ومعرفة قدرهم والثناء عليهم .
§التعقّل من كيد العلمانيين وحبائلهم .
§التعامل الأمثل مع الكفار ودول الكفر بما يحقق المصالح ويدرؤ المفاسد
5-تشويه صورتهم أمام العامة :
وإن كانت هذه تندرج ضمناً تحت ما سبق إلا أنها تنفرد بالتعمد أعني تعمد الإساءة إلى السلفيين بنشر الكذب والأراجيف والأباطيل عليهم وأنهم قوم لا يعرفون سوى التصنيف وإلا النقد ، فهم (الجامية) ـ زعموا ـ يهدمون ولا يبنون ، وهم المخذلون ، وهم الذين فرقوا الكلمة وشتتوا الجمع وصدعوا الصف مستخدمين في ذلك هالة إعلامية فجة ، تارة عن طريق ما يبثونه بين الشباب ، فتجد الشباب في وقت من الأوقات يرددون شيئاً ما وفي وقت آخر يرددون شيئاً آخر مثال ذلك ما جاء في وقت من الأوقات أن السبب في التفجيرات هم العلماء لأنهم لم ينـزلوا إلى الشباب ولم يحتضنوهم ، فأخذوا يرددون هذا زمناً ، مما يدل على أن هناك من يُصدر للشباب الشعارات التي يجب عليهم أن يرددوها ويا ويل من يعترض فإنه سيكون عرضة لوصمه بالجامية ، وتارة أخرى عن طريق الصحف التي تدعي لنفسها الحياد ولا حياد ، وتارة ثالثة عن طريق القنوات المرئية التي أحسنت الظن بهم ولم يعلموا أنهم حلود الظأن تنبض من خلفها قلوب الذئاب .
6-الاعتداء الجسدي :
لعل المتحزبة هداهم الله يسترون ما بدا من عوراتهم نتيجة مذاهبهم الباطلة ومناهجهم الفاسدة على يد بعضٍ منهم ، ويتمنون ستر عوراتهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً ، غير أن من لم يستتر بستر الله من اتباع الحق ولزوم الطريق لم يكن ليجد ما يستر به سوأته ، وكانت الفضائح تنهال عليه من كل جانب .
فحين عجز المتحزبة والرموز وأتباعهم من الوقوف أمام الحق الساطع الذي ما فتئ السلفيون(الجاميون) ينشرونه في كل مكان وفي كل زمان ، وعجزوا عن قرع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان ، قاموا بمحاولات بائسة ساذجة قذرة تمثلت في الاعتداء الجسدي على العلماء وطلبة العلم السلفيين في مباركة من كبارهم قبحهم الله ، وإليك أخي القارئ الكريم حادثتان تنضحان بالحقد والجهل وقلة العقل لتعلم أني لم أتحامل على المتحزبة ولم أتِ بشيءٍ من عند نفسي وإنما هو الواقع وما عملته أيديهم ، ولتعلم شناعة مذهبهم وقبح طريقتهم ومنهجهم :
الأولى : حادثة محاولة إيذاء الشيخ المبارك محمد بن أمان الجامي ـ رحمه الله ـ :
سافر الشيخ إلى مدينة الرياض لإلقاء محاضرة هناك ولست متذكراً عنوان المحاضرة غير أنها وقعت في مسجد الشيخ عبدالمحسن العبيكان حفظه الله تعالى ، وعندما بدأ طرح الأسئلة بين الأذانين قام أحد المتحزبة في وجه الشيخ محمد أمان ـ رحمه الله ـ وقال له " ما فرّق الأمة إلا أنت وأمثالك " ثم تبعه تكبير من كل جانب في هجوم على الشيخ محمد ، وتدافع الناس ، وحاول الشباب الموجودون في الصفوف الأولى منعهم من الوصول إلى الشيخ ونجحوا في ذلك وتم إخراج الشيخ من المسجد عبر باب الإمام ، وخرج الشيخ من غير صلاة ومن غير حذاء ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وحدثت جلبة ولغط حتى أقيمت الصلاة وما سكت الحزبيون ولم يراعوا حرمة المكان فاستمروا في لغطهم وصياحهم والإمام يقرأ ، فما راعوا حرمة المكان وحرمة القرآن وحرمة العلماء .
ومن العجب أنْ أحد المتحزبة عندما سئل عن هذه الحادثة في حينها قال : " دعوا الشباب يتدربون على الجهاد " ، قبحه الله وقبح جهاده .
من المفارقات أنا أُخبرنا أن هذه المحاضرة حضرها الشيخ عبد الله الجبرين ، وشاهد وعاين ما حدث ، ولا زال الشيخ يحسن الظن بهم إلى وقتنا هذا ، رده الله إلى الحق رداً جميلا .
الثانية : حادثة الشيخ عبدالرزاق بن الشيخ عبدالمحسن العباد حفظهما الله تعالى :
وكانت في القصيم ، وتشتبه فصولها بفصول الحادثة الأولى
فهؤلاء المتحزبة ـ أخي الكريم ـ من رموز ومريدين ، وهذه أفعالهم وهذه أقوالهم فاحذرهم فإنهم وباء هذا العصر ، نسأل الله أن يمن علينا بهدايتهم أو بالخلاص منهم .
[ جاميّةٌ ] زعموا وتلك شناشنٌ ------- من دار أخزم هشةُ الأعوادِ
[ جاميّةٌ ] زعموا وإن دروبها ------- سننُ الرسول وقبةُ الأمجادِ
إن كان دين محمد [ جاميّةً ] ------- فأنا ابن جامٍ يهتدي بالهادي
أحفاد [ عمروٍ ] و [ابن حنبل ] والسوا ------- بق من بني الإسلام والعبادِ
نمضي على أثَر الرسول وزادنا ------- فَهْمُ الصحابة نبعُ كل مدادِ
عَضَّ الصغير على القديم بناجذٍ ------- ومضى الكبير على هدىً ورشادِ
فخذ المسير إلى سنابك خيلهمْ ------- ما ثَمَّ إلا الشبل كالآسادِ
[ جاميّةٌ ] زعموا وإن دروبها ------- سننُ الرسول وقبةُ الأمجادِ
إن كان دين محمد [ جاميّةً ] ------- فأنا ابن جامٍ يهتدي بالهادي
أحفاد [ عمروٍ ] و [ابن حنبل ] والسوا ------- بق من بني الإسلام والعبادِ
نمضي على أثَر الرسول وزادنا ------- فَهْمُ الصحابة نبعُ كل مدادِ
عَضَّ الصغير على القديم بناجذٍ ------- ومضى الكبير على هدىً ورشادِ
فخذ المسير إلى سنابك خيلهمْ ------- ما ثَمَّ إلا الشبل كالآسادِ
تعليق