الأحد, تشرين2/نوفمبر 16, 2025

All the News That's Fit to Print

خالد بن حمد المالك

على مدى أكثر من ثمانين عاماً مرت العلاقات السعودية - الأمريكية بمحطات وجولات وتبادل زيارات، مما أعطاها زخماً من التفاهم والتعاون، خاصة مع بدء العلاقات الدبلوماسية عام 1933م وبافتتاح السفارة الأمريكية في جدة عام 1944م ثم انتقالها إلى الرياض عام 1984م، إلى جانب وجود قنصليتين لأمريكا في كل من جدة والظهران.

* *

فعلى مدى هذه العقود هناك قواسم مشتركة كثيرة تجمع الدولتين، ضمن السياسة الواحدة في كثير من المسلمات، وأبرزها الأمن الإقليمي، وصادرات المملكة من النفط، حيث تعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر شريك تجاري للمملكة، كما أن المملكة أكبر سوق للصادرات إلى أمريكا في الشرق الأوسط.

* *

هذا التاريخ طويل المدى في العلاقات الثنائية بين الدولتين يقوم ويعتمد على المصالح المشتركة في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية وغيرها، ومثلت العقود الثمانية من العلاقات بينهما، ما يمكن اعتباره ترسيخاً لما أفرزه اجتماع القمة التاريخية بين جلالة الملك عبدالعزيز والرئيس الأمريكي روزفلت على سفينة كوينسي الأمريكي في قناة السويس في 14 فبراير عام 1945م والمباحثات بينهما.

* *

وزيارة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان لأمريكا وما سبقها من زيارات لملوك وأمراء تولوا ولايات العهد إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ورؤساء أمريكيين زاروا المملكة، إنما تمثل نموذجاً للعلاقات الدولية الثنائية، لكن زيارة سموه الثانية تُعد لحظة تاريخية وتُعبِّر عن حيوية العلاقات بين بلدينا، وتجديدها وترسيخها، وفق تصور يقوم على المصالح المشتركة، واحترام كل دولة للأخرى، بما جعلها بهذه القوة والتأثير رغم طول السنين على إقامتها.

* *

هناك تنسيق بين الرياض وواشنطن، بشأن مكافحة الإرهاب، والعمليات العسكرية، والتبادل الاقتصادي، والاستثمار، وهي مع الزيارة التاريخية لسمو ولي العهد لأمريكا، ومباحثاته مع الرئيس ترمب، سوف تتسع نحو تعزيز إقامة علاقات ممتدة ومتميزة بين البلدين، بما يخدم المصالح المشتركة، ويزيد من التعامل والتفاهمات بين الرياض وواشنطن.

* *

ومنذ عام 1945م عام اللقاء التاريخي بين الملك عبدالعزيز -رحمه الله- والرئيس الأمريكي روزفلت على سفينة كوينسي الأمريكية بعد مؤتمر بالطا الذي عقد بينهما لأول مرة، فقد كان هذا الاجتماع بداية لشراكات طويلة بين البلدين امتدت إلى اليوم، وصولاً إلى ما أسفرت عنه من توقيع اتفاقية للدفاع المتبادل بين البلدين.

* *

وكان الملك سعود -رحمه الله- أول ملوك المملكة الذين زاروا أمريكا، والتقى حينها بالرئيس الأمريكي ايزنهاور ثلاث مرات، ثم تتابعت زيارة ملوك المملكة، ومن كان ولياً للعهد من الأمراء إلى أمريكا، والرؤساء الأمريكيين في زيارات لا تنقطع للمملكة، وآخرهم الرئيس الأمريكي الحالي ترمب الذي زار المملكة في ولايته الأولى ثم زارها في ولايته الثانية، وكانت أول زيارتين له خارج أمريكا لدول حليفة أو صديقة.

* *

وكان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان زار الولايات المتحدة الأمريكية عام 2018م وزادت مدة الزيارة عن ثلاثة أسابيع، وخلالها عقد اجتماع والرئيس ترمب، وتم التوقيع على استثمارات بأكثر من عشرين مليار دولار، وفتحت الباب نحو أفق جديدة من العلاقات الثنائية بين بلدينا.

* *

وفي زيارة الأمير محمد بن سلمان التاريخية المرتقبة لأمريكا، ووفقاً لما نقلته صحيفة (فايننشال تايمز) فإن هناك توقعات بإبرام اتفاق لتعزيز التعاون العسكري المشترك بين البلدين خلال زيارة سموه، والعمل الأمريكي مع المملكة لحل النزاعات، وتعزيز التكامل الاقتصادي، وفتح آفاق جديدة في تنمية الاستثمارات بين الرياض وواشنطن.

* *

وتتحدث وسائل الإعلام الأمريكية على أن أمريكا والمملكة سوف تبحثان خلال زيارة ولي العهد إبرام اتفاق دفاعي مشترك، ضمن التعاون العسكري المتين بينهما، بما اعتُبر ترقية للشراكة العسكرية، وتعزيزاً للعلاقات مع أمريكا على مستوى التأكيد على شراكة إستراتيجية، كما أشار إلى ذلك ولي العهد في القمة الخليجية الأمريكية التي حضرها الرئيس ترمب في المملكة.

* *

المملكة تحتل المرتبة الـ27 كأكبر سوق للصادرات الأمريكية، وهناك 140 مليار دولار من سندات الخزانة الأمريكية للمملكة، وتعد في المرتبة السابعة عشرة بين أكبر حاملي الأوراق المالية الأمريكية، وقد بلغت الاستثمارات للقطاع الخاص وصندوق الاستثمارات العامة أكثر من 40 مليار دولار وهي المتراكمة منذ عام 2007م، ويمتلك صندوق الاستثمارات العامة نحو 27 مليار دولار في الأسهم الأمريكية.

* *

وهناك الكثير مما يمكن أن يقال عن تميز العلاقات السعودية الأمريكية، والتعاون المشترك بينهما، كما أن هناك الفرص المتاحة لتطوير التعاون في مجالات الطاقة، والبتروكيماويات، وتوليد الطاقة، والخدمات المصرفية، والصحة، والترفيه، والتعليم وغيرها، والاستثمار السعودي في أمريكا، مما ربما تكون حسب التوقعات ضمن جدول المباحثات بين ولي العهد والرئيس الأمريكي.