Monday, May 19, 2025

All the News That's Fit to Print

خالد بن حمد المالك

ما يجري في ليبيا من حرب أهلية، ومن عدم استقرار منذ مقتل الرئيس الليبي معمر القذافي يدمي القلب، فقد قُتل بشر، وهُدّمت بنية تحتية، وفُقد الأمن، وتراجع الاقتصاد، وسُمح للأجنبي أن يتدخل بالشؤون الداخلية للبلاد، لإذكاء الفتنة، وإضعاف ليبيا، وتعريض مستقبلها للخطر.

* *

وكلّما هدأت الأوضاع خرج ما يؤكد أن النار تحت الرماد، وأن أطماع الدول بخيرات ليبيا حاضرة، وأن هناك من الليبيين من لا تهمه مصلحة ليبيا بقدر ما يهمه سرقتها، وبيعها، والحصول على قيادتها بدعم أجنبي، وكأنه عميل بامتياز في التفريط بحقوق الدولة والشعب.

* *

ما يحدث الآن في طرابلس ينذر بما هو أسوأ، فهذه جولة ضمن جولات سابقة، كلها لا تخدم ليبيا، ولا تهتم بمصالح الليبيين، وإنما هي بين مغامرين، كل طرف من الأطراف يتهم الآخر، وكل فريق يحمل المسؤولية على الفريق المنافس على السلطة، بينما الحلول واضحة، ويمكن تحقيقها لو كانت سيادة الدولة هي ما يهم الجميع.

* *

ولأن الليبيين ليس وارداً حل الإشكال فيما بينهم، فقد لجؤوا إلى الخارج ليتدخل في حل هذا الصراع المستمر، والخلافات المزمنة التي لم تنته، وحتى المبادرات الدولية لم تنجح في توحيد الجيش، وفي إيجاد حكومة واحدة منتخبة تحت إشراف دولي وبرضا وقناعة الجميع، وكأن الخيار لإنقاذ ليبيا لا يأتي إلا بإملاءات ودعم أعداء ليبيا، ومن لهم مصالح في خيراتها.

* *

لقد ملَّ الخيِّرون من العرب من التوسط في إطفاء فتيل هذه الحروب العبثية، ونأوا بأنفسهم عن أي واسطة، أو تدخل لمعالجة ما تمر به ليبيا من صراعات، بعد أن أقفلت كل الأبواب، وحيل دون قبول أي علاج ينهي ما يدمر البلاد، ويعرّض أمنها واقتصادها للخطر.

* *

وفي ظل هذا الوضع المأساوي، فقد فُتِحت أبواب جهنم للقتال من حين لآخر، وسهل المرور لقوى خارجية لتعبث بالبلاد، وتهدّد مصالحه، وكل فريق يحتمي بقوة عسكرية للدفاع عنه وحماية ما هو تحت سلطته من مدن ليبية، وكأنه حكم على ليبيا بأن تمزّق على نحو ما يحدث الآن.

* *

وما جرى في طرابلس خلال الأيام القليلة الماضية، من مظاهرات شعبية تطالب الحكومة الوطنية بالاستقالة، وتلك المواجهة العسكرية التي جُوبهت بها المظاهرات لا يؤدي إلى حلول تحمي ليبيا من هذا الخطر الداهم، وكان على الحكومة الوطنية سماع صوت المواطنين، وتلبية طلباتهم، حقناً للدماء، ووقفاً لمزيد من الأخطار المستقبلية المحدقة.

* *

خبرنا أن السياسيين لا ينقادون لإرادة الشعب، ويصرون على البقاء في مناصبهم، حتى ولو كان ذلك على حساب مصلحة دولهم، حتى ولو قتل من قتل، وأصيب من أصيب، حتى ولو هدم ما شاءوا من المباني، وعطلت المؤسسات، ومصالح الناس، وهو نهج اعتدنا عليه في كثير من الدول العربية التي لا يترك رؤساء مناصبهم إلا بعد خراب دولهم.

* *

هذه ليبيا، وهناك ما يماثل ذلك في السودان، واليمن، وربما قد يكون العالم العربي على موعد مع حالات كثيرة مماثلة، دون أن نغفل عمَّا كان يحدث في سوريا، وكيف أن نظام بشار الأسد لم يسقط إلا بالقوة، وبعد أن خرَّب سوريا، وشرَّد وقتل الملايين من الشعب، فلعل رئيس الحكومة الوطنية في ليبيا يستجيب لإرادة الشعب، ويلبي مطالبهم، حماية لليبيا من الانهيار، ومن أن تكون دولة فاشلة.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...