Wednesday, June 18, 2025

All the News That's Fit to Print

م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

1 - حينما نتعرض لاضطراب مفاجئ في مشاعرنا تجاه حدث أو شخص أو شيء ما، فإما أن ننساق خلف هذا الاضطراب في المشاعر بلا تفكير، أو نتوقف ونتساءل عنه ونحاكمه بعقلانية تجعلنا نتحكم به لا أن تتحكم بنا.. وفي مرحلة التساؤل تلك يُفْترض أن ننتقل في أسئلتنا من الطرف إلى الطرف، أي أن نتواضع ولا ننزه أنفسنا ولا نعطي عقولنا ومشاعرنا وعقدنا النفسية مكانة أو قدراً أكبر مما تستحق، فنبدأ بالأسئلة المشككة التي تفترض النقص والقصور، ثم ننتهي بالأسئلة الواثقة التي ترى الاتزان والفهم العميق لحركة المشاعر هذه.

2 - انطلاقاً من الفرضية التي أسسنا لها في الفقرة الأولى، سيكون مجال التساؤلات التالي: هل اضطراب مشاعرنا ناجم عن عقدة نفسية لم نفطن إليها؟ وهل تفاعلنا مع اضطراب مشاعرنا كان جيداً، أم أن أفكارنا المشوهة، أو مشاعرنا الجياشة أدت لردة فعل مبالغ فيها؟ وهل زادت تلك الاستجابة في مشاعر السخط لدينا أم هدأتنا؟ ولماذا؟

3 - ما الذي أثار وحفز ذلك الانفعال المضطرب، هل هو مصدر خارجي كتعرضنا للإقصاء، أو الإهمال، أو القهر، أو الأذى اللفظي أو السلوكي، أم أن المصدر داخلي كفشلنا في إنجاز عمل ما؟ بمعنى لا بد من تحديد المحفز الذي هيج تلك المشاعر وجعلها تضطرب.

4 - ما هو الشعور الذي اعترانا؟ وما هي طبيعته؟ وما هي الأحاسيس التي انتابتنا جراء ذلك؟ وهل هي موجهة للنفس أم للآخرين؟ وما هي طبيعة تلك المشاعر، هل هي الخوف، أم الغضب، أم الخزي، أم عدم المبالاة والرغبة بالانسحاب؟

5 - ما هي الأفكار التي خلقها اضطراب مشاعرنا؟ هل هي أفكار هجومية أم دفاعية؟ هل هي أفكار قلقة متوجسة، أم ضبابية غير واضحة؟ هل تلك الأفكار تدعو للتحرك الفوري أم إلى التخطيط والهدوء والروية؟ هل موضوع تلك الأفكار هو أنفسنا أم عملنا أم أشخاص نهتم بهم، أم هو الآخر الذي تحس تجاهه بمشاعر عدائية؟

6 - ما هي السلوكيات - من أفعال أو أقوال - التي كنت ستفعلها أو فعلتها بشكل تلقائي آلي بلا تفكير في تلك الحالة، وما هو تقييمك لها لو كنت قد فعلتها في حينه؟ وما هو تقييمك لها الآن وقد تريثت للتفكير في الموضوع؟ وما هو الأمر الذي ستتحاشى فعله بعد ذلك التريث؟

7 - ما هي الأسباب الفعلية التي أحدثت ذلك الاضطراب في المشاعر لدينا؟ هل هي أسباب حقيقية أم ظنية قد تكون متوهمة؟ وهل ثورة تلك المشاعر مرتبطة بتجارب عشناها في طفولتنا، والآن تطل برأسها وقد أيقظها ذلك السبب من مرقدها؟

8 - والآن ما هو التصرف السليم الذي يجب اتخاذه كردة فعل لما حدث لتهدئة مشاعرنا المضطربة؟ وما هي قدرتنا البدنية والذهنية على القيام بذلك؟ وما هي المخاوف والتبعات المحتملة لفعل ذلك؟ وما هي المصالح أو المضار المستقبلية التي يمكن أن تحدث نتيجة لذلك، وهل الحل هو الانسحاب والتهدئة ومحاولة النسيان أم المواجهة وقطع الشك باليقين؟

9 - تلك الأسئلة تمنحنا القدرة على رؤية القضية بكل أبعادها ومن كل زواياها واحتمالاتها، وترسم لنا طريقة التفكير الصحيحة للتعامل مع شعورنا المضطرب.. ربما لن تكون الرسمة بذلك الوضوح لكنها حتماً سوف تقلص الاحتمالات الخاطئة وبشكل كبير، وهذا سوف يوفر الجهد والوقت وربما المال للتعامل مع القضية برمتها.

10 - إن إجابة كل - أو لنقل معظم - تلك الأسئلة سوف يوسع من دائرة رؤيتنا ومنظورنا للأمر، وطرح الخيارات المتاحة على الورق، وهذا سوف يحررنا من الارتهان للقيود الذهنية التي تتحكم بها عُقَدٌ مدفونة في عقلنا الباطن منذ مراحلنا العمرية الأولى، فنظل أسرى لتلك الأوهام فلا نرى الحلول المتاحة بل الحدود الموضوعة في أذهاننا.

11 - وسط مشاعرنا وانفعالاتنا المضطربة تعمى أحياناً بصائرنا، حيث نكون حينها وسط فورة عاطفية جياشة، وإجابة تلك الأسئلة تحدد لنا ما يجب أن نتذكره ونضعه في الاعتبار حينما نفكر في الأمر.. فتلك الأسئلة تحرك العقل وتوجهه الاتجاه الصحيح، لأننا سوف نرى المشكلة أمامنا بكل تفاصيلها وليست فقط مشاعر وأحاسيس وانفعالات طائشة تضطرب داخل عقولنا، فلا نقع ضحايا للوهم وإلقاء اللوم على الآخرين، أو الدفاع والتبرير للهروب من القضية دون حلها.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...