حين يعجز الامتنان عن الظهور - هدى بنت فهد المعجل
هدى بنت فهد المعجل
ثمة مفارقة نفسية غريبة في العلاقات الإنسانية: كلما أكثرنا من الإحسان لشخص، ازداد تركيزه على اللحظات التي لم نحسن فيها إليه. وكأن الإكثار من العطاء لا يُقوّي روابط الود، بل يجعلها أكثر هشاشة أمام أول خيبة.
هذه الظاهرة تكشف عن آلية دفاعية عميقة في النفس البشرية: فبعض الناس لا يحتمل رؤية من يفضُلهم، فيحوّلون الامتنان إلى نقدٍ صامت ليحافظوا على توازنهم الداخلي.
قال نيتشه: «من يشعر بالعجز عن رد الجميل، يبدأ بتشويه صورة صاحب الجميل.»
إنها آلية نفسية تحمي الأنا من الإحساس بالدونية. فبدل أن يواجه الإنسان ضعفه أمام من أحسن إليه، يبحث عن زلّة لذلك المحسن ليعيد ميزان السيطرة إلى نفسه. وهنا يظهر ما يسميه علماء النفس «مقاومة الدَّين المعنوي»، أي النفور من تذكّر المعروف لأنه يذكّر المرء بعجزه عن المقابلة.
الذين يُصغّرون عطاءك ويُضخّمون تقصيرك، لا يفعلون ذلك دائمًا عن خبثٍ متعمّد، بل أحيانًا عن خوفٍ دفين من تبعيّة العرفان. فالشكر يضعهم في موضع المديون، وهم يريدون البقاء في موضع الحكم. لذلك، حين تخطئ مرة واحدة، تراهم يستعيدون كل ذكريات إحسانك السابق لا ليمتنّوا لك، بل ليبرروا لأنفسهم تنكّرهم.
قال شكسبير: «النفوس الصغيرة تُضخّم الإساءات لأنها لا تحتمل فكرة الإحسان الذي لم تُقدّمه هي».
ومن هنا نفهم أن الجحود ليس نقيض الكرم فحسب، بل هو صورة من صور الخوف من التفوق الأخلاقي للآخر. فالامتنان اعتراف، والاعتراف انحناءة، والانحناءة تجرح غرور النفس غير الناضجة.
الإنسان الناضج وحده هو من يُدرك أن الإحسان لا يُلغى بزلة، وأن من وهبك عطاءً صادقًا لا يُقاس بمعيار الكمال. أما الذي يختزل كل ما رأى منك في لحظة قصور، فهو في الحقيقة لا يرى «أنت»، بل يرى انعكاس شعوره بالنقص في مرآتك.
قال الإمام الشافعي: «إحسانك إلى اللئيم يُغريه بالتمادي، وإحسانك إلى الكريم يُغنيه عنك».
لذا، فلنحسن لأنفسنا قبل أن نحسن للناس، ولنتذكّر أن الكرم لا يُقاس بمدى تقدير الآخرين له، بل بمدى صفاء نيتنا ونحن نُقدّمه. فالإحسان الحقيقي ليس موقفًا اجتماعيًا، بل نُضجٌ نفسي يترفّع عن ميزان الأخذ والردّ، ويُعطي لأن العطاء في ذاته كمال.
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 533
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 624
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 503
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 501
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 489
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 698
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...