شوّهوا دورينا وخذلوا مشروعنا الرياضي - عبد العزيز الهدلق
عبد العزيز الهدلق
ما زال مشروعنا الرياضي الوطني الناهض والطموح في بدايته، وهو ليس مجرد استقطاب أسماء عالمية لرفع مستوى التنافس المحلي، بل هو منظومة ومجموعة من المشروعات المترابطة والمتكاملة، التي تشكل في مجملها مشروعاً واحداً متكاملاً متماسكاً ومنضبطاً، يهدف إلى رفع مستوى كرتنا السعودية، بما يجعلها في مصاف دول العالم المتقدمة في هذا المجال.
فتطوير كرة القدم لا يكون بتطوير الممارسة فقط ورفع مستوى المنافسة، بل يشمل تطوير كل ما يتعلق بكرة القدم من لاعبين ومدربين وحكام، وملاعب، ونقل تلفزيوني، وكذلك تشريعات وقوانين وأنظمة ولوائح، واستقطاب وتطوير كوادر وكفاءات بشرية متخصصة ومؤهلة في الإدارة والتدريب، وغير ذلك مما له علاقة مباشرة وغير مباشرة باللعبة. ولا يمكن أن نختزل المشروع الرياضي الوطني في استقطاب أسماء عالمية لأنديتنا واللعب في دورينا!
واتحاد الكرة معني بشكل مباشر بهذا المشروع وبلعب دور محوري في نجاحه، من خلال تطوير الجوانب التي تعنيه، وتتقاطع مع مهامه ومسؤولياته. لكن الذي نراه اليوم أنه مقصر تقصيراً شديداً في هذا الجانب، ولم يقم بدوره كاملاً ولا حتى نصفه. فهناك المشكلات جمة في التشريعات والأنظمة واللوائح، والكثير من التضارب بينها، وعدم تكامل، وعدم مواكبة للمستجدات، وعدم تماهٍ مع أنظمة ولوائح الفيفا بالشكل الصحيح، وهناك (أم المشكلات) وهي التحكيم.
فاتحاد الكرة بوضعه الحالي لا يدعم المشروع الرياضي ولا يساعد في نجاحه، فلا أنظمة ولا لوائح محدثة، ولا تحكيم متطور، وقد جاءت مباراة النصر والفيحاء الأخيرة في الدوري لتكشف بوضوح أن التحكيم يعاني من أزمة فعلية. وأن ما فعله الحكم محمد الهويش ومعه زميله ماجد الشمراني في تلك المباراة كان كارثة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. بل كان محبطاً للمشروع الرياضي الوطني.
وما ارتكبه الهويش والشمراني من أخطاء هو استمرار لأخطائهما السابقة، وأخطاء زملائهما المتكررة، والتي تعب مسؤولو الأندية والإعلام الرياضي في الحديث عنها. والمطالبة بتطويرها.
وبما أن استقطاب النجوم العالميين جعل دورينا مشاهداً في العالم، وجعل قنوات ومنصات العالم المرئية الرياضية حريصة على نقل مبارياته لأن هؤلاء النجوم العالميين لهم محبون وعشاق من كل دول العالم ويتطلعون لمشاهدتهم. وهذه المشاهدة العالمية جعلت دورينا تحت المجهر العالمي، فقد جاءت كارثة (الهويش والشمراني) لتكون حديث العالم! وتناولتها البرامج والمنصات ومشاهير العالم تناولاً سلبياً، معاكساً لما كنا تطلع إليه من أن نقدم للعالم منتجاً رياضياً نموذجياً يؤكد للعالم قدرتنا على أن نكون في مصاف دول العالم المتقدمة كروياً.
لقد كانت الانتقادات والسخرية العالمية مما حدث مؤلمة وموجعة لنا، والأكثر وجعاً وإيلاماً منها أن حدوثها قد أخل بميزان عدالة المنافسة في دورينا. ونحن لا نستطيع أن نمنع أولئك من الحديث والنقد أو حتى السخرية إلا بتطوير منتجنا، وحمايته باتخاذ عديد من الاجراءات الكفيلة بالخروج من أزمة المعاناة ومنها أزمة التحكيم. فلقد ثبت أن كل ما يقوم به اتحاد الكرة ولجنة الحكام من إجراءات وخطط وبرامج لتطوير الحكام لا فائدة منه ولا طائل من ورائه. فقد أعاد الهويش والشمراني تحكيمنا سنوات عديدة للوراء.
ورغم رفض القول بتعمد الخطأ رفضاً تاماً، أو الاتجاه نحو القول بأن البطولة موجهة، فإن الهويش والشمراني أوجدا الأسباب والمبررات لمن يتربص بنا ولا يود الخير لمشروعاتنا أن يقول ما يقول في هذا الجانب. فقبل أن نطالب أحدا بالصمت يجب أن نحمي مشروعنا ومكتسباتنا بتطوير أدواتنا، وأدواتنا التحكيمية للأسف لا تساعد على صناعة الحماية الكافية، بل هي من أكبر وأوسع الثغرات للنيل من مشروعنا، والتقليل منه. إن حماية مشروعنا الرياضي من النقد أو حتى التجني عليه لا يكون بإسكات الآخرين. بل بمواجهة الأخطاء وتصحيحها، ومواجهة القصور ومعالجته.
لقد جاءت حالة الحكم الهويش وزميله الشمراني لتشكل منعطفاً مهماً في مسيرة منافساتنا الكروية. فهي إما أن تقود إلى تطور ونهضة تحكيمية زاهية، وإما إلى ردة ورجعية تحكيمية تغرق كرتنا في بحر الضياع. فالحلول المتأرجحة لم تعد تفيد، ولا الإجراءات الخجولة التي تقف في منتصف الطريق، فلابد من إجراءات حازمة ومعالجات مباشرة حتى ولو كانت موجعة ومؤلمة ولكنها تضمن الشفاء.
فما أوصلنا إلى هذا المستوى من التردي التحكيمي هو عدم الاعتراف بوجود أزمة ومشكلة تحكيمية، والمكابرة في ذلك، وحتى الحل الذي أوجده سمو رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم الأسبق سمو الأمير فهد بن سلطان قبل أكثر من ثلاثين عاماً وهو الاستعانة بالحكم الأجنبي شوهته لجنة الحكام الحالية، وأفرغته من محتواه، وذلك برفع قيمة التكاليف المالية والتي وصلت إلى قرابة نصف مليون ريال للطاقم الواحد، فأجبرت الأندية ذات الدخل المحدود على عدم طلب الحكم الأجنبي، كما اتجهت اللجنة عند طلب حكام أجانب باستقدام حكام أجانب مغمورين لا تاريخ لهم، لتثبت أن الحكم الأجنبي يخطئ أيضاً، وأحياناً تكون أخطاؤه أكبر من المحلي، فتضطر بعض الأندية إلى توفير التكاليف المالية العالية والاكتفاء بالحكم المحلي ما دامت النتيجة واحدة بين المحلي والأجنبي!
وهكذا استطاعت لجنة الحكام تزهيد الأندية في الحكم الأجنبي، وإجبارهم لقبول الحكم المحلي بلا قناعة، ولكن بطريقة فرض الأمر الواقع بالغلاء الفاحش في قيمة الاستقدام. فهل ما فعلته لجنة الحكام في هذا الجانب يعد تطويراً للحكم المحلي!؟ وستأتي اللجنة في نهاية الموسم وتعلن نجاحها مدللة ذلك بارتفاع نسبة الاستعانة بالحكم المحلي مقارنة بالأجنبي وتعد ذلك نجاحاً لها!! فيما المقارنة غير سليمة علمياً لأن معطيات المقارنة غير متماثلة فالحكم المحلي مجاني، فيما الأجنبي مقابل نصف مليون ريال! واتجاه لجنة الحكام نحو رفع قيمة تكاليف الاستعانة بالحكم الأجنبي يؤكد أنها عاجزة عن تبني برامج تساعد على تطوير الحكم المحلي، وليس لديها أي حلول في هذا الجانب. فلجأت لرفع تكاليف استقدام الحكم الأجنبي لإجبار الأندية على قبول المحلي، بدلاً عن قبوله قناعة به وبإمكاناته.
لقد أعاد محمد الهويش بكارثته التحكيمية في مباراة النصر والفيحاء ذكرى كارثته التي ما زالت حاضرة في الأذهان منذ (12) سنة والتي تسمى إلى اليوم حادثة (يد دلهوم)! والتي كان هو بطلها! فخلال (12) سنة لم يتعلم ولم يتطور! وليس الأمر متعلقا به هو فقط، بل حتى ماجد الشمراني ظل أداؤه متواضعاً منذ عرفته الملاعب حكماً، ورشح للشارة الدولية وهو بنفس مستواه، وما زال يراوح مكانه.
وكان الوحيد الذي تطور من بين الحكام هو خالد الطريس، والذي كانت له أخطاؤه وكوارثه في السابق، ولكن من الواضح أنه اشتغل على نفسه كثيراً، وواجه نفسه بنفسه، وعرف مواطن ضعفه، وتخلص من عيوبه الفنية، وحدد له هدفاً واشتغل عليه وهو المشاركة في كأس العالم، وها هو اليوم أحد المرشحين للمشاركة في مونديال 2026.
ولو تتبعنا مسيرة الحكم محمد الهويش بعد إخفاقات البداية لوجدنا أنه تطور بشكل لافت منذ ثلاثة مواسم، ولكنه انتكس بعد حادثة طرد رونالدو في أبوظبي، حيث تم استبعاده من قبل لجنة الحكام لأكثر من موسمين جراء تلك الحادثة، لتعيده مرة أخرى للواجهة وقد عاد لمستواه المتردي السابق!! وكأن لجنة الحكام لم ترحب بتطور الحكم. أو أن ذلك قد أغضبها.
إن هذا المشروع النهضوي الطموح الذي يقوده سمو ولي العهد، حفظه الله، يجب أن يدعمه اتحاد الكرة بكل إمكاناته، ويحميه من الوقوع في كوارث تفتح المجال للمتربصين للإساءة إليه. والحماية تكون برفع جودة العمل. فقبل أن نلوم الآخرين والبعيدين على انتقاداتهم أو إساءتهم، يجب أن نلوم أنفسنا، على ما نقدمه من عمل متواضع.
فما حدث من ردة فعل واسعة عالمياً، يؤكد أننا مشاهدون من العالم، وأن هناك من يبحث عن هفواتنا، ويتتبع عثراتنا وزلاتنا ويفرح بأخطائنا ليشوه صورتنا، ويطعن في نجاحنا، ويقلل من قيمة مشاريعنا الناهضة، لذلك لا يجب أن نمنحهم الفرصة، خصوصاً وأننا نرى الأخطاء وأوجه القصور والخلل ماثلة أمامنا، ولا نتقدم بأي مبادرة أو خطوة نحو إصلاحها.
ولن يكون لدينا منتج كروي ناجح ومنافس دولياً، ويصنف ضمن الأفضل عالمياً ومستوى التحكيم لدينا بمثل هذه الرداءة والتواضع. ومن يرفض هذا الوصف فهو يرفض التطوير والإصلاح والنهوض، ويتقاعس عن أداء واجباته.
زوايا
* بعض النصراويين اتجه للحديث عن نقد كارثة الهويش والشمراني بشكل مضاد، ووصفوا ذلك النقد بأنه مسيء لمشروعنا الرياضي! وهذا الاتجاه يهدف إلى إسكات صوت النقد. وكان الأولى بهم مواجهة المشكلة ومناقشتها بشكل مباشر وعدم الهروب بتأليب الجهات الرسمية لإسكات النقاد. وحتى لو تحقق مرادهم بإسكات نقد الداخل ماذا عن نقد الخارج؟!
* ماذا لدى مساعد الحكم الذي رفع رايته مع هجمة النصر وأثناء دفع رونالدو لمدافع الفيحاء!؟ هل تم سؤاله لماذا رفع رايته!؟ لقد تم إخفاء تلك الراية بشكل غريب.
* إذا لم يعالج اتحاد الكرة وضع التحكيم، ويعمل بشكل عاجل على اتخاذ خطوات جريئة لتطويره فإنه يحكم على نفسه بالفشل.
* حالة ضربة الجزاء التي احتسبها الحكم الهويش بتوصية من زميله الشمراني. كل من شاهدها لأول مرة لاحظ دفع رونالدو لمدافع الفيحاء قبل الحالة الجدلية. فلماذا تجاهلها الشمراني الذي كانت أمامه أكثر من أربع شاشات كبيرة تعرض الحالة من زوايا متعددة؟! لماذا أصر على توريط زميله وإحراجه بعرض اللقطة الأمامية فقط أثناء مراجعة الفيديو؟!
* انتهى الوقت بدل الضائع الذي احتسبه الحكم الهويش في مباراة النصر والفيحاء وظل متردداً في إنهاء المباراة، وعاش لحظات من الضغط النفسي الشديد، حتى وقع في محظور تلك الحالة التي فجرت الأوضاع إعلامياً بعد احتسابه ضربة جزاء خيالية وغير صحيحة للنصر!
لماذا عاش الهويش لحظات عصيبة، ومن وضعه تحت الضغط في الوقت بدل الضائع!؟
* ما هو الحديث الذي دار بين حكم مباراة النصر والفيحاء الهويش وحكم الفيديو الشمراني!؟ المحادثة يجب أن تخرج للعلن ويسمعها الطرف الثاني في المباراة، ويسمعها المجتمع الرياضي كاملاً.
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 533
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 624
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 503
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 501
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 489
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 698
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...