طوفان العزلة أم نهاية الخلاص - د. إبراهيم بن جلال فضلون
د. إبراهيم بن جلال فضلون
إسرائيل في مواجهة طوفان العزلة، وليست لأول مرة بل كعادتها في إثارة الغضب الداخلي قبل الخارجي، بعد مرور ما يقارب العامين على هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر 2023-طوفان الأقصى، تتزايد التحذيرات في الداخل الإسرائيلي مما يصفه دبلوماسيون سابقون بـ»تسونامي دبلوماسي» يهدد مكانة البلاد، على غرار تحذير رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك من مصير مشابه لجنوب أفريقيا في عهد الفصل العنصري، فوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يحمل لوحة لمشروع استيطاني خلال مؤتمر صحافي قرب مستوطنة معاليه أدوميم بالضفة، فمن ميناء جزيرة سيروس اليونانية إلى أروقة العواصم الغربية أكثر من 12 دولة، تتسع دائرة المظاهر التي تعكس تنامي العزلة الدولية التي تواجهها إسرائيل منذ اندلاع حربها على غزة، في ظل تصاعد الانتقادات الرسمية والشعبية، وازدياد الدعوات للاعتراف بدولة فلسطينية، لما تبعه من عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في غزة، وجد العالم أمامها مكتوفاً لا حراك ساكناً كالدمى لا يُحركها إلا ردة فعل، مات قبلها القانون الدولي died، فبالفرنسية لـ»ماكرون» Il est mort - وبالألمانية لـ»شتاينمايرEr starb»، وبكل لغات العالم ندونها أن لا حياة للقانون الدولي، ولا الأمم المتحدة ولا لحقوق الإنسان، وعلى الرغم من ذلك نجد انتقادات غربية وتصاعد الدعوات للاعتراف بالدولة الفلسطينية، لنجد الوجه الحقيقي للاحتلال في إعلان جيريمي إسخاروف، السفير الإسرائيلي السابق لدى ألمانيا، إن «بلاده لم تواجه عزلة بهذه الحدة من قبل»، بل وأشعل إعلان رئيس وزراء الاحتلال (نتنياهو) إنه في قلب «مهمة تاريخية وروحية»، وإنه يؤيد قيام «إسرائيل الكبرى»، وقد كثرت روحانياته في الآونة الأخيرة كلما زادت قرارات وخطوات التوحش في غزة التي يعزم على توسيع العمليات العسكرية لإنهاء مهمة القضاء على «حماس» موجة انتقادات حتى من حلفاء تقليديين؛ وهو ما قد يدفع ثمنه في مشروع احتلال غزة، فمعارضة هذا المشروع قد تُوحد صفوف الإسرائيليين على اختلاف انتماءاتهم في سعيهم إلى إطاحته ، ولاسيما مع الاعتراف الأوروبي بالدولة الفلسطينية.
لقد أكد (نتنياهو) أن إسرائيل «ستكسب الحرب بدعم الآخرين أو من دونه، معلناً تحديه كل ما على الأرض لكنه لا يمكنه معاداة ما في السماء، لأنه رب الكون الشاهد على ما يفعلونه ويدبرونه لأبرياء وشرفاء غزة، فكلما زادت وحشيته قد يكون تدبير الخالق كما فعل بمن قبله كشارون وغيره، بل وكلما اشتدت من حوله تهم الفساد والاختلاسات التي لا تتناسب كثيراً مع صورة «ملك إسرائيل»، ضاعت صورته التوراتية، وبالتالي تتزايد المخاوف من خطوات أشد، داخلياً وخارجياً، مثل فرض عقوبات اقتصادية، أو حظر شامل على بيع الأسلحة، أو إلغاء إعفاء السفر من التأشيرات. وكما قال السفير السابق إسخاروف: «نحن نعيش في عالم مترابط... فلا الفرد ولا الدولة يمكن أن يعزلا نفسيهما عن تبعاته، بنص توراتي في الديانة اليهودية يُعرف بأرض الميعاد. يعتمد على نص من سفر التكوين، الإصحاح 15، الآيات 18-21، وينص على: «في ذلك اليوم، قطع الرب مع أبرام عهدا، فقال: لنسِلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر (نهر النيل) إلى النهر الكبير، أي نهر الفرات»، متناسين أن الوعد الرباني في الأرض لم يُعطَ لإسماعيل، أكبر أبناء إبراهيم، بل لإسحاق، باعتباره شعب الله المختار، وبالتالي يخرج (نتنياهو) الآن متحدثاً كأنه صاحب وعد وليس رئيس وزراء حالي، يحيط به الغلاة والحاخامات. ممن يرون أنه الرجل الذي يكرس لهم الحلم التوراتي، كما ربحوا حرب 1967، مُستغربين كيف يمكننا محاكمة هذا الواعد الكبير(نتنياهو) في تهم صغيرة؟.. بل ومستنكرين الغضب الأوربي ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخطوة بأنها كارثة وشيكة، وقول المستشار الألماني فريدريش ميرتس إن الرد العسكري لم يعد مبرراً.
إن فظائع (درسدن وغيرنيكا والعراق وأفغانستان وسوريا) أسباب موجبة لعدم محو قطاع غزة وتحويله إلى تراب، وسط أكاذيب نعيشها من الماضي حول الحرب وقوانينها التي فُصلت على أجساد ناحلة امتلأت وفاض عليها الثوب من كثرة أكاذيبهم وضلالاتهم في كافة أرجاء العالم، وقد اجتمعت الدنيا بحذافيرها من أقطاب القوة العالمية على كيلو مترات عليها أبرياء، لكن الله ناصرهم، فاحذروا أيها العربان أن يدخل أي قوة دولية لقطاع غزة، وإلا ستكون وسيلة لجر خيط الحرب والموت المحتم للمنطقة إلا من رحم الله منها، فهل يعيش اليابانيون الآن في مأمن منهم؟! إنهم أهل نفاق وغدر وخيانة.
وأذكركم بكلام مبارك -رحمه الله- لنتنياهو الذي أحضر له خريطة عارضاً للأول الرغبة في نقل الفلسطينيين إلى سيناء، ليصدمه قولاً فصلاً كما فعل ولي عهدنا السعودي والرئيس السيسي حالياً بحسم القول (لا)، وكما قال مبارك له «لقد حاربنا من أجل هذه الأرض، ما تقوله سيتسبب في حرب جديدة بيننا وبينكم»، فرد نتنياهو: «لا نريد حرباً جديدة»، وأغلق الملف..
لقد أرسلت المملكة برسائل ضاغطة عبر الدبلوماسية متعددة الأطراف من أجل تحقيق شروط استقرار المنطقة، ما يؤكد الحيوية السياسية للرياض، ومنع توسيع رقعة الصراع بعملية «الأسد الصاعد» بضرب إيران، ما أدت إليه من تعطيل الحوار القائم لحل الأزمة، ولم تتوانَ عن حث الأمم المتحدة للتدخل بشكل عاجل، لعدم استمرار الصراع، وتهديد مزيد من المصالح والأرواح، من باب المسؤولية الأخلاقية التي لم تلتزم بها إسرائيل؛ فالرياض شريك إستراتيجي لأميركا ورفعت بقدرتها العقوبات عن سوريا، وهذا يتأكد من عدم تجاهل الرياض ملف غزة، الذي ربما تغافل عنه العالم لانشغالاته الخاصة.
رسالة من القلب قرأتها وأفحمتني: (لا عزاء على ترك الأماكن التي لم تعرف قيمتنا الحقيقيّة، تلك التي تختبر صبرنا، ولم نعرف كيف نجد أنفسنا فيها رغم محاولاتنا العديدة).
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 510
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 591
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 470
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 480
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 466
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 676
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...