الأربعاء, حزيران/يونيو 18, 2025

All the News That's Fit to Print

د.زيد محمد الرماني

إننا في علاقتنا الإنسانية اليومية لا نستطيع دائماً أن نفكر بهدوء، وأن نصل من المقدمات إلى النتيجة بطريقة منطقية غير متناقضة. والواقع أنّ من يحاول أن يفعل ذلك في كل حالة سرعان ما يصبح بغيضاً إلى الناس المحيطين به، ولهذا فإنه من الضروري أن نفكر في رد فعل (استجابة) الآخرين لما نقول قبل أن ننشد ما نعتقد أنه التفكير المنطقي.

إنّ مما يفسد التفكير الطريقة التي يسمح بها الناس لعواطفهم وشهواتهم ورغباتهم أن تتدخل في التفكير؛ فالسيدة البدينة شديدة الرغبة في إنقاص وزنها، ولذلك فهي تحاول أن تغيّر ما يسجّله الميزان بأن تقف على قدم واحدة، مؤملة أن ينقص وزنها بذلك إلى النصف. وواضح أنها إنما تخدع نفسها في محاولاتها أن تنقص الرقم الدال على وزنها في الميزان، ولكنها ستشعر بمزيد من الرضا لو نقص الرقم، ولهذا فهي تتمسك بالقشة للوصول إلى النتيجة المرغوبة.

وهذا استخدام خاطئ للقياس التشبيهي، فالسيدة البدينة تفكر بالطريقة الآتية:

(إذا كانت كل من ساقي تحمل نصف وزني، فإن الميزان سيسجل نصف الوزن فقط إذا رفعت ساقاً واحداً على قاعدة الميزان). إنّ هذا لا يحدث بالطبع لأن كل ثقلها يعتمد الآن على ساق واحدة، وهذا الثقل ينتقل إلى قاعدة الميزان.

إن معظم الناس لا يرتكبون مثل هذه الحماقة، ولكن نمط التفكير الذي تستخدمه السيدة البدينة يستخدمه أيضاً كثير من الناس في ظروف أخرى، فمثلاً قد يكون هناك نزاع بين شخصين على بعض أمتار من الأرض بطول الحدود الفاصلة بين أملاكهما. إنّ موضوع النزاع صغير جداً بحيث إنّ الشيء المعقول الواجب عمله في هذه الحالة هو استدعاء حكم محايد ليبحث الحقائق، ويقرّر من هو المحق وربما قام بتقسيم تلك الأمتار بينهما بالتساوي.

ولكن يحدث كثيراً في مثل هذه الظروف أن يبلغ من غضب الناس بعضهم من بعض أن يتجاهل الطرفان أية نصيحة وينفقا ألوف الريالات في الرسوم القضائية لعرض النزاع على المحاكم، بل هم قد يلجأون إلى العنف.

وكثيراً ما يلجأ الخطباء إلى استثارة عواطف مستمعيهم ليقنعوهم بصدق ما يقولون. ولبعض الخطباء مقدرة خاصة على تحريك عواطف جماهير الناس رغماً عما قد يكون في أقوالهم من تناقض. ويصعب على معظم الناس أن يسجلوا في عقولهم تفصيلات الخطاب.

وعندما تكون استجابة الناس عاطفية فإنهم عادة يعجزون عن التفكير الصحيح، وإنّ ما يجده الآخرون من تناقضات في مثل هذا النمط من التفكير يثير حنق هؤلاء العاطفيين ويزيد الأمر سوءاً.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...