من لا يدري.. ولا يدري أنه لا يدري! - فهد عامر الأحمدي
كانت العرب قديما تقول "الناس أربعة أصناف":
* رجل يدري، ويدري أنه يدري، فذلك "عالم" فخذوا عنه..
* ورجل يدري، ولا يعلم أنه يدري، فذلك "ناسٍ" فذكّروه..
* ورجل لا يدري، ويعلم أنه لا يدري، فذلك "طالب علم" فعلّموه..
* ورجل لا يدري، ولا يعلم أنه لا يدري فذلك "أحمق" فارفضوه..
.. وحسب رأيي المتواضع يمكن لهذه الأصناف الأربعة أن تجتمع كلها في شخص واحد. فنحن نتصرف أحيانا كعلماء، وأحيانا كطلاب علم، وأحيانا ننسى أننا (ننسى) ما نتعلمه بمرور العمر..
الطامة الحقيقية أنه لا أحد يريد الاعتراف بالحماقة الأخيرة (لا ندري؛ ولا ندري أننا لا ندري)، وعلاقة ذلك بما أصبح يعرف بظاهرة داننج وكروجر.. أو حسب تعريفنا المحلي ظاهرة "المهايطة"..
وكان الباحثان دايفيد داننج وجاستن كروجر من جامعة كورنيل قد أثبتا أن جميع الناس يعرفون أقل مما يعتقدون فعلا، وأن معظمهم يعتقد أنه لا يحتاج لمعرفة المزيد أصلا.. فمن خلال لقاءات قياسية مع طلاب الجامعة اتضح أن معظمهم لا يدرك أنه جاهل بنفسه، وأن معظمهم يعتقدون أنهم يعرفون ما يهم فعلا..
ومن يُقيم معرفته بهذه الطريقة (المبالغ فيها) يشبه من يسير في طريق داخل الغابة معتقدا أنه يعرف الغابة جيدا.. ولكن الحقيقة هي أنه لا يعرف غير جنبات الطريق الذي يسير عليه، ولا يدرك ضخامة المساحة المجهولة التي لا يراها من الغابة!
.. وهذه المعضلة (التي أصبحت تدعى بظاهرة داننج وكروجر) تفسر لماذا يرفض ابنك المراهق سماع نصائحك ويعتبر نفسه أعلم منك - رغم خبرتك الطويلة في الحياة -، كما تفسر حالات الغرور والاعتداد بالنفس التي يبديها بعض المتقدمين للمنافسات الوظيفية أو المسابقات التلفزيونية (حيث يتصرف بعضهم بطريقة واثقة من الفوز لدرجة تثير الشفقة)!
.. والحقيقة أن ظاهرة داننج وكروجر (أو عدم درايتنا بمساحة جهلنا) هي معوق واحد فقط من معوقات التفكير السليم.. فنحن أيضا نعاني عموما من عيوب في التفكير والاستنباط سببهما: التحيز، والميول، والاستشهاد بالموجود، والولاء الثقافي، وعدم معارضة الأغلبية، والتركيز على إفحام الخصم، والاستشهاد بالأكثرية (بطريقة هل أنت أعلم من كل الناس؟) والاستشهاد بالأقدمية (بطريقة هل أنت أعلم من السلف؟)، وإضفاء القدسية على الآراء الشخصية (بطريقة قال قولي هذا فقهاء الأمة)، واختطاف النتيجة لتأكيد الرأي (بطريقة ألم أخبركم بذلك من قبل)، والتنبة المفرط (الذي خصصت له مقالا تجده على النت بعنوان: لماذا أصبحت تراه في كل مكان)!
.. عيوب التفكير هذه اختصرها المثل الشعبي القائل: "حين قسم الله الأرزاق لم يرض أحد برزقه، وحين قسم العقول رضي كل إنسان بعقله".. فحين قسم الله الأرزاق لم يقتنع معظمنا برزقه وغدا الغني والفقير يطمعان بتحصيل المزيد. أما بالنسبة للعقول فالأمر مختلف تماما كون كل انسان يقيم الأمور (بحسب عقله) فيتخذ من نفسه مقياسا للحكم على الآخرين ولا يتصور وجود رأي مخالف او احتمال خطأ رأيه هو.. يعتقد أنه أذكى الناس وأكثرهم دراية والوحيد القادر على حل مشكلات الكون لو تركنا له الفرصة (في حين لا يدري المسكين أنه لا يدري)..
وبناء عليه؛ أعتقد أن أقرب الناس للعقل والحكمة هو من يدرك في نفسه عيوب التفكير هذه.. أكثر الناس عقلا وحكمة من يؤمن بأن أعمارنا أقصر وعقولنا أصغر من أن تصل لمستوى الفهم الكامل والنهائي في أي شيء..
حتى في كيفية تفكيرنا بشكل سليم.
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 367
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 478
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 317
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 366
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 344
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 520
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...