الأحد, تشرين2/نوفمبر 16, 2025

All the News That's Fit to Print

لروسيا تأثير وإرث كبيران في أوروبا، وتاريخ حافل بالصراعات، والتدافع بينها وبين الممالك والامبراطوريات التي نشأت هناك، وفي كل حقبة تاريخية من تاريخ هذا البلد يكون جزءٌ أساسي مما تورثه الحقبة الروسية السابقة للاّحقة الصراع على النفوذ حيث تحتدم مقارعة الخصوم الذين لطالما انتهت معاركهم مع هذا العملاق إلى التعادل أكثر منها إلى انتصار أحدهما، حتى عندما انهار الاتحاد السوفياتي الذي كانت روسيا قلبه ورئته كان الانهيار بفعل عوامل داخلية، ولم ينتج عن غزوة أو عمل حربي.

واللافت أن أحداً لم يتوقع انهيار هذا الاتحاد حتى إن الأميركيين لم تتنبأ أجهزتهم الاستخباراتية وعلى رأسها «الاستخبارات المركزية» بسقوط السوفيات، وإثر ذلك تم استجواب العناصر التابعة للجهاز الاستخباراتي، وكذلك المسؤولين هناك أمام لجنة برلمانية عن فشلهم في التنبؤ بانهيار هذا الكيان الكبير.

الحاصل اليوم في مشهد التجاذبات الروسية – الأوروبية ليس أمراً جديداً بل إنه استمرار لصراعات يمكن تأريخها إلى بدايات القرن الثالث عشر، فالتنافس على السيادة، والتوسع الجغرافي كانا في صلب الصراع مع روسيا التي اختارت أن تكون متفردة عن باقي أوروبا حتى في الكنيسة التي اتبعتها، إذ اختار «فلاديمير الأول» الكنيسة الارثوذكسية بديلاً للوثنية، حتى إذا تأملنا التاريخ السياسي لروسيا نجده أقرب إلى كونه خليطاً من «الأوتوقراطية» و»أوليغارشية» خلال فترتي الإمبراطورية – القيصرية وزمن الجمهورية الحديثة، ولعل ذلك يعود في أساسه إلى تجذر تلك العقيدة السياسية التي عبر عنها «نيقولا الأول» والذي تنقَل عنه مقولته في روسيا «أرثوذكسية وأوتوقراطية ووطنية».

اليوم يُلفت نظرنا تأثير الإرث الفكري السياسي الروسي المستمر في تبني ودعم أنظمة سياسية مشابهة له في العالم، والدفاع عن المناطق التي تتسيد فيها الكنيسة الأرثوذكسية، وهذا نابع من وجود هاجسٍ ثقافيٍ قديم حاضرٍ في أذهان الروس، لا يمكن تجاهله أو التقليل منه، لذا نجد ذلك يترجم بوضوح شراسةً تبديها روسيا في مواجهة الغرب الباحث عن تغيير في الايديولوجية المتبعة الدينية والسياسية، وإن كان ذلك ليس شعاراً يرفع، لكن حدوثه سيلقي لا شك بظلاله، في المدى الاستراتيجي، على الحديقة الخلفية لروسيا التي يتم إغراء دولها بقطعة حلوى مغلفة بعلم الاتحاد الأوروبي.

ولكي لا يقول التاريخ إنه في عهد فلاديمير الأول مؤسس روسيا القديمة توسعت البلاد داخل أوروبا، وفي عهد فلاديمير بوتين انكمشت روسيا، قام الأخير بقضم القرم ذات الرمزية الروسية الكبيرة، وتوسع ليقطع الطريق على الاتحاد الأوروبي في جورجيا، وليبلغ اليوم حضوره حدود «الناتو» أي في سورية، التي من خلالها يحصد بوتين مكاسبه في الإضرار بالاتحاد الأوروبي حيث ألمانيا وفرنسا وغيرهما دون أن يحرك دبابة واحدة صوب برلين أو باريس، بل من خلال إغراقها بالمشكلات حد التوتر لتغرق مع إنجازاتها التنموية والأمنية والعسكرية والسياسية، وتتغير بشكل هادئ لتصل إلى مرحلة لا تستطيع القيام فيها، ولا تقدر على تهديد موسكو، فمشكلات اللاجئين القادمين من سورية وتهديدات الإرهابيين الكارهين للحضارة الغربية، ستجعل أوروبا الحديثة تعاني لعقود وتعيش حالة ذعر وارتباك وهي التي تنظر لروسيا كدولة لا ترقى للحضارة الغربية.

واستمراراً للمعاناة الأوروبية بدأنا نرى كيف يعزز اليمين المتطرف من حضوره في فرنسا حتى حذر رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون من أن وصول هذا الحزب اليميني للحكم سيشعل حرباً أهلية في فرنسا، والأمر لايقتصر على باريس بل إن الأحزاب اليمينية في أوروبا استغلت فشل القيادات الحالية وضعفها في التعامل مع روسيا، وبفعل الخوف والقلق الثقافي والسياسي والاقتصادي اكتسبت شعبية جارفة، فيما اكتسبت موسكو حضوراً استثنائياً..

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...