الإثنين, حزيران/يونيو 16, 2025

All the News That's Fit to Print

لغة الأرقام في حياة الأمم والشعوب المتحضّرة تصنع حضارة، وتؤسس لمشروع نهضة تتعاقبه الأجيال.. وتدعم قراراً، وتكشف واقعاً، وتمنح الحقيقة دليلاً على الإثبات، مهما كان التحيّز أو الجهل يسيطران على أولويات النفوس التي لا تبحث عن حل للمشكلة، أو لا تقبل رأياً في الحوار، أو لا تعي مسؤولية التأخير عن مواكبة التطور، ومواجهة التحديات.

الإحصاء اليوم أصبح أساس التنمية، وأهم مصادر التخطيط والبناء والتقييم، ورسم الإستراتيجيات للحاضر والمستقبل، ولا يمكن لدولة أو شعب أن ينشدا التطور أو التقدم أو الاصطفاف مع العالم الأول بلا (إحصاء وصفي) يحدد السمات الديمغرافية للإنسان، وتعداد الإمكانات، والموجودات، وفق بيانات وجداول كمية، و(إحصاء استدلالي) يفسّر العلاقة بين المتغيرات، والمقارنة بينها، ومعدلات النمو، ومؤشرات التنبؤ، وفي كلا النوعين -الوصفي والاستدلالي- نستطيع توفير بيانات معتمدة لقياس الظواهر والمشكلات، وضبطها، والتحكم فيها، وإظهار النتائج التي تصل بنا إلى تعميم الحلول على المجتمع.

قبل أيام دشن وزير الاقتصاد والتخطيط م. عادل فقيه أعمال الهيئة العامة للإحصاء بعد أن كانت بمسمى مصلحة الإحصاءات العامة، والفارق بين الهيئة والمصلحة هو في الاستقلال الإداري والمالي، والقدرة على استثمار المعلومات، وتسويقها، وبناء الشراكات المجتمعية التي توجت بتوقيع أربع اتفاقيات، وحتماً سيعقبها اتفاقيات أخرى مع القطاعين العام والخاص، ولكن الأهم في عمل الهيئة هو في توثيق المعلومات، ودعم اتخاذ القرار في زمن وجيز، وتقديم المنتجات الإحصائية لمؤسسات المجتمع، ورسم خارطة عمل إستراتيجية للجهات الحكومية، وزيادة الوعي الإحصائي بين أفراد المجتمع، وتعزيز مفاهيم الإعلام الإحصائي، إلى جانب إنشاء بنك للمعلومات وهو ما سيتحقق مع غرة العام الهجري الجديد؛ ليكون وعاءً لكافة المدخلات والعمليات والمخرجات الإحصائية عن كل ما يهم المجتمع أفراداً ومؤسسات، ويكون بمثابة المرجع الموثوق للحصول على المعلومات المحدّثة في قضايا ومشكلات مجتمعية ينقصها الأرقام لكشف الواقع والتعامل معه ليس بشكل أسهل ولكن بشكل أمثل.

أنا سعيد بوجود هذه الهيئة، وثقتي كما هو المجتمع كبيرة بالقائمين عليها، وتزامن انطلاق أعمالها مع مشروع التحول الوطني 2020، حيث لا يمكن أن نحقق معادلة هذا التحول بدون إحصاء دقيق، ولا يمكن أن نمضي إلى الأمام بلا أرقام تعكس الواقع لنتعامل معه، ولكن الأهم لتحقيق النجاح هو في استقلالية المعلومة، وعدم الاعتماد على ما يصلها من أرقام من مصادر آحادية لمؤسسات المجتمع العامة والخاصة، وإنما يجب أن تتوافر لها خصوصية الحصول على المعلومات من مصادرها، والتعامل معها وفق متغيرات آنية ومستقبلية، بمعنى آخر التحول من الاحصاء الوصفي إلى الاستدلالي لفهم الأسباب، وتفسيرها، وربطها بنتائج وتوصيات تصل بنا إلى حلول؛ فلا يكفي مثلاً أن نتعرّف على نسب دخل الفرد من دون أن نفسّر ذلك، ونحكم عليها سلباً أو إيجاباً، وما هو مطلوب لزيادة الدخل.

أمام الهيئة مشوار طويل في بناء اتفاقيات تعاون وشراكة مع كافة مؤسسات المجتمع العام والخاص، وتعاون من نوع خاص مع الجامعات، ومراكز البحوث، مع إمكانية تدشين المزيد من هذه المراكز في الهيئة وفق تخصصات علمية، إلى جانب الاستعانة بالخبرات العالمية، ومذكرات تفاهم، وأخرى تعاون مع مراكز دولية لتعزيز مستوى حضورها، وثقتها، وإمكاناتها، مع ضرورة الإفادة من التقنية في بناء المعلومات، وتنظيمها، وفرزها، والحد من التداخل العلمي بينها، وإجراءات الإفصاح عنها، ومدى إمكانية تسويقها بمبالغ مالية تعود على الهيئة كعوائد استثمارية.

أنا متأكد أن الهيئة في القريب العاجل ستكون وجهة للباحثين في الجامعات، ومصدر مهم بالنسبة لخطط مؤسسات الدولة، وكذلك للقطاع الخاص الذي سيبني استثماراته وجدوى مشروعاته على ما تقدمه الهيئة من معلومات، كما ستكون الهيئة مرجعاً مهماً للمستثمرين الأجانب الذين تتدفق أموالهم في السوق السعودي ويبحثون عن معلومات وأرقام تمنحهم فرصة الحضور والتشجيع، وهو ما يعني أن الهيئة العامة للاستثمار ستكون هي الأخرى على قائمة أولويات عمل هذه الهيئة.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...