الفساد - عبدالله بن بخيت
لن تخلو دولة من الفساد، حتى الدول الاسكندنافية وأقول الدول الاسكندنافية لأن هذه المجموعة من الشعوب تمثل الحلم الإنساني في النزاهة والعدالة. ظاهرة الدول الاسكندنافية لم تحدث في التاريخ. ولكن رغم الانضباط الإداري والأخلاق والورع الذي تتمتع به تلك الشعوب لازالت تواجه أشكالاً من الفساد الإداري.
الفساد في تعريفنا السيكلوجي والأخلاقي والثقافي هو الفساد المتعلق بالأخلاق الفردية كالزنا. بيد أن الفساد الذي اخذنا نتكلم عنه هذه الأيام يتعلق بالاعتداء على المال العام وحقوق الناس. المفهوم الجديد للفساد ورد إلينا من الغرب. ترجمة لكلمة CORRUPTION خلطت الترجمة بين المفهومين المستورد والمحلي. هذا الخلط بين الفسادين له تبعات على العمل الإداري كما سوف أوضح في فرصة أخرى.
دعني أسالك ثم أجب بنفسك لنفسك بكل صراحة. افترض أن والدك أحضر سيارة من سيارات الحكومة وأخذ العائلة فيها إلى البر أو استعنت بقريب أو صديق في الجوازات وأنهى معاملتك بأن أسقط عنك بعض الشروط الرسمية البسيطة التي تفرض على الآخرين. هل تعتبر هذا فساداً أم أن الفساد في نظرك هو ذلك النشاط الذي تتصارع معه الهيئة ليلاً نهاراً. أيهما يدمر المجتمع: الفساد الذي تطارده الهيئة كالعباءة والمغازل وصورة نيمار أم الفساد المتعلق باستغلال النفوذ والاعتداء على المال العام وتعريض حياة الناس للخطر؟
بعيداً عن تجليات الهيئة يمكن القول إن الفساد نوعان ومستويان. النوع الأول ينقسم إلى قسمين القسم الأول سرقة المال العام والآخر سرقة المال العام مضافاً إليه تعريض حياة البشر للخطر. يكلف بناء جسر مليون ريال بما فيها صافي أرباح التاجر والمقاول وكل من له صله قانونية بالمشروع. يتم التوقيع بملونين. في هذا النوع سترتفع فاتورة الكلفة فقط. يتوفر هذا الفساد على جريمة سرقة وخيانة للأمانة فقط. لكن الكارثة التي سنراها في بعض الدول أن يضاف إلى هاتين الخاصيتين عامل النذالة. أن ينفذ المشروع بنفس الأسعار المبالغ فيها وبمواصفات أقل من المواصفات المحددة. هنا تتم سرقة المال العام وتتعرض حياة الناس لخطر حقيقي وتتعطل التنمية. في الأول ضاعت فلوس لكننا على الأقل كسبنا جسراً. تتذكرون إشاعة أن مشروع مجارٍ في إحدى المدن بعد أن أنجز وطبل المطبلون جاءت السيول وفضحت المستور. لم ينفذ منه سوى غطيان على وجه الإسفلت.
النوع الثاني من الفساد لا أعرف كيف أجرمه. يتأسس على نفوذ الشركات ومدى تغلغلها عند أصحاب السلطة. أن يصار إلى تنفيذ مشروع لا يستفيد منه سوى المسؤول الفاسد والشركة المنفذة. لك تتخيل أن يقام خط حديدي يربط بين الخرج وجيزان. قد يبدو أن مشروع كهذا مضحك. هذا المشروع لا يطرح هكذا، ستراه مصحوباً بالطبول والزمامير والافتتاح المبهر والوعود بآلاف الوظائف ونقل البلاد إلى مصاف الدول الصناعية.
ثمة فساد يرتبط بالسياسة تعرفت عليه في سورية. قامت ثورة على حافظ الأسد في مدينة حماة. اضطر جيش الأسد أن يقتل آلاف الرجال والنساء لإخماد الثورة. يعود السبب في ارتفاع الضحايا إلى تأخر وصول القوة القامعة. لم تتوفر في ذلك الوقت في سورية طرق سريعة لنقل الجند بالسرعة المطلوبة. جاء أول قرار للأسد بعد المذبحة إنشاء طريق سريع على اعلى المستويات يربط سورية من شمالها إلى جنوبها. هدية من الأسد لشعبه. بالفعل خدم هذا الطريق سورية في كل المجالات. نشط الاقتصاد والاتصال بين الأهالي والنقل الدولي وأخيرا رفع مستوى معيشة الناس. لكن كل هذه الفوائد لم تأت لأن الأسد أراد تطوير البلاد. أراد تسهيل وصول آلاته القامعة في الوقت المناسب بيد أن آلاته الإعلامية قدمته للناس هدية من الرئيس القائد المناضل إلى شعبه الوفي.
في ظني، أهم بند في التنمية مقاومة الفساد. إذا زاد الفساد تراجعت التنمية وإذا خف الفساد ارتفعت التنمية.
لمراسلة الكاتب:
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 367
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 478
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 317
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 366
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 344
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 520
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...