التوحش ضد المرأة في ميزان الخطأ والخطيئة - د. جاسر الحربش
د. جاسر الحربش
تطورت قضايا المرأة في المجتمع السعودي إلى جرح نازف ومحرج لا يوجد في مجتمع إسلامي آخر ولا حتى في مجتمع كافر. إنها إشكالية حقيقية أن يكون الإِنسان أنثى في مجتمع له مقاييس الحكم السائدة على الخطأ والخطيئة. في الأمر مساس لا يحتمل بكرامة مؤصلة في التشريع الإسلامي وفي الفطرة السوية، كرامة الإِنسان الذكر والأنثى وكرامة المواطن والوطن كوحدة يجب أن تندمج وتتطور نحو الأفضل والأغنى والأقوى، وأن يكون ذلك داخل هيبة الدولة التي عليها المسؤولية الأولى في حفظ وتعزيز هذه المكونات بما في ذلك الدولة نفسها.
الكلام هنا عن آخر التعديات المنفلتة على المرأة والمحسوبة على شعيرة الاحتساب. الاحتساب في الدولة السعودية له هيئة رسمية تديره، ولكن تكرر التعديات يشير إلى خلل في ضبط فعالياتها بطريقة مقنعة تحول دون الجنوح المتكرر ونسف متطلبات كرامة المواطن والوطن والدولة، ثم تنتهي بالاعتذار والوعود بالتأديب وتصحيح الوضع.
مع تكرار التعديات المحسوبة على الاحتساب، خصوصاً تلك التي تتعلق بالنساء، وصلت الأمور إلى درجة مزعجة توجب المطالبة بإحصائية حكومية عن أعداد التعديات التي مارستها السلطات المخولة بالضبط الجنائي والتأديب (وزارة الداخلية والإمارات) وهي قليلة إن وجدت، لمقارنتها بمثيلاتها المحسوبة على الجهة المخولة بالاحتساب الميداني. هل يوجد شك حول من ترجح كفة التعديات في اتجاهه إذا جمعنا منع الطالبات من مغادرة المدارس في حالات الخطر الشديد بدون العباءة والحجاب، والمطاردات المنتهية بالموت، والاحتجازات لمجرد الشك، ومصادرة الممتلكات الشخصية للمرأة (شنطة اليد والجوال)، بالإضافة إلى الاتهامات الأخلاقية التي يتم لاحقاً نفيها بعد أن تكون قد بثت سمومها في حياة من تعرض للتعدي ودمرته هو وعائلته وأقاربه.
أليس من المستغرب ومما لا يستقر في الفهم السليم أن يكون التعدي العنفي غير المبرر المحسوب على الجهات الأمنية الميدانية العسكرية يكاد يكون في خانة الندرة، بينما يتحول العنف المحسوب على شعيرة النصح والتوجيه الدينية أكثر تكراراًً وأفدح نتائج وإزعاجاًً للحياة الاجتماعية؟.
إنه بالفعل وضع غريب ومزعج أن نعيش في مجتمع يكون فيه العسكري الأمني المسلح أكثر هدوءاً وصبراً وتعقلاً من ذلك المدني المحتسب الذي يتجول بين الناس بهدف النصح والتوجيه، وهو المكلف بالاكتفاء بتقديم الملاحظات الميدانية ثم طلب التدخل عند الحاجة لدى من هو أعلى منه في التراتبية التنفيذية المسؤولة.
الآن تنتشر في كل الفضاءات المحلية والعالمية لقطات لرجل يجري خلف امرأة سعودية (والمهم أنها امرأة وليس الجنسية)، وهذه المرأة ساترة نفسها حسب ما يوجبه الشرع ولا خلاف فيه. ثم تحدث بعد ذلك أشياء مزعجة وغير كافية لتبرير مطاردة المرأة حتى إسقاطها في الشارع. يتم الإمساك بالمرأة المسكينة وتسقط على الأرض لينكشف من جسدها ما هو محرم كشف ستره، وتصبح لحماً مكشوفاً منتهك الكرامة أمام عشرات وربما مئات العيون. تصرخ المرأة وتتوسل بنخوة الرجال الحاضرين فلا تجد سوى شاب عشريني واحد يتدخل للدفاع عن كرامة المرأة الشرعية والاجتماعية. عندما تحاول الوقوف على قدميها يركلها آخر فتسقط على الأرض مرة أخرى.
بقية القصة أصبحت تلوكها الشائعات والتبريرات والتلفيقات المريضة. سوف نرى كيف يكون التعامل الحقوقي مع هذه الفاجعة الاحتسابية الجديدة، والمؤمل ألا ينتهي بالاعتذار والوعود كما سبق وتكرر.
والآن هذا السؤال : ترى أي مجتمع كريم في عالم اليوم المكشوف للتسجيل بالصوت والصورة يتحمل أن تسحب وتجرجر وتركل نساؤه في الشارع وأمام المتسوقين، ويبقى الحضور متفرجاً مكتفياً بالصراخ والتصوير؟. كرامة المرأة بالذات هي العنوان الأعلى لكرامة الرجل والمجتمع والوطن والدولة، وإن كان ولابد ولا مناص من الاحتساب الجسدي ضد المرأة في الشارع، فعلى الأقل أن تتم إدارة هذا التوحش بإناطة المهمة إلى امرأة مثلها وحسبنا الله ونعم الوكيل.
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 367
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 478
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 317
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 366
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 344
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 520
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...