المياه: الاقتصاد وإعاقة التنمية - د. أحمد عبد القادر المهندس
المياه هي أساس الحياة على كوكب الأرض، وقد لا ينتبه الإنسان إلى أهمية المياه في حياته إلا عندما تنقطع فجأة من منزله أو في أوقات الجفاف، وعندها تظهر له حقيقة اعتماد الحياة بشكل أساسي على المياه التي لا يعيش بدونها إنسان أو حيوان أو نبات.
ولا أريد أن أدخل في تفصيلات كثيرة عن أهمية المياه من ناحية بيولوجية أو كيميائية أو جيولوجية، فالغرض من هذا المقال إلقاء بعض الضوء على أهمية المياه اقتصاديا ودورها كعامل إعاقة في بعض المجتمعات في أجزاء مختلفة من هذا العالم.
فمن الناحية الاقتصادية فإن المياه العذبة المتجددة من المياه الجوفية والأنهار والبحيرات والأمطار تستغل في الزراعة التقليدية وغير التقليدية لري مساحة تتجاوز 1.4 مليار هكتار في العالم وذلك لتوفير الغذاء لحوالي سبعة مليارات من البشر، وتبلغ القيمة المضافة لهذا القطاع الإنتاجي أكثر من تريليون دولار على مستوى العالم.
أما بالنسبة للغذاء العالمي فإن الكائنات البرية والأسماك في المياه المالحة والعذبة تشكل مصدراً أساسياً للغذاء يزيد على 100 مليون طن سنوياً أي ما يعادل حوالي 16 كيلو جراما للفرد كل عام.
ويتم توليد الطاقة الكهربائية من مساقط المياه سواء أكانت طبيعية أم صناعية، حيث تغطي الكمية الناتجة عنها حوالي 25 في المئة (25%) من إجمالي الكهرباء المولدة من جميع المصادر، كما أنه توجد 20% تقريباً من المكامن الهيدروكربونية للغاز الطبيعي والبترول في المسطحات المائية العميقة والسطحية، وهي ذات بعد اقتصادي مهم.
وتستخدم المياه في النقل وفي القطاع الصناعي كما تدخل في إنتاج المستحضرات الطبية والصيدلانية بشكل أساسي.
وتحتوي المياه على كميات هائلة من المعادن، حيث يقدر إجمالي الأملاح في البحار والأنهار بحوالي 90 مليار طن، مع وجود كثير من المعادن في الرواسب البحرية مثل الذهب (خمسة مليارات طن) والنحاس (ثمانية مليارات طن) وغيرهما وكثير من المعادن الكريمة مثل الماس والزمرد واللؤلؤ وغيرها.. وبالطبع كميات هائلة من الأملاح المختلفة مثل أملاح الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم واليود.. الخ.
ومع ذلك فإن المياه يمكن أن تكون مصدراً لإعاقة التنمية ومصدراً للنزاعات والأمراض. ولن أذكر هنا المشكلات السياسية التي يمكن أن تنشب عن استغلال المياه نتيجة لوجود الأنهار التي تجتاز أراضي عدد كبير من الدول في منطقتنا العربية أو في المناطق الأخرى من العالم..
ولكن يمكن النظر إلى أن التوسع العمراني والسكاني سيكون لهما آثارهما البيئية والصحية، حيث تفيد بعض المصادر بأن عدد الأطفال الذين يموتون من جراء أمراض تسببها مياه غير صالحة للاستهلاك يقدر بحوالي 40 ألف طفل يومياً (حوالي 15 مليون طفل سنوياً)، وتقل أعمار معظم هؤلاء الأطفال عن خمس السنوات، كما أن كثيراً من المراكز الحضرية في البلدان النامية تفتقر إلى شبكات لتوزيع المياه الصالحة للشرب ولوسائل التنظيف الملائمة.
كما تعاني كثير من المناطق من التصحر وكذلك من تدهور التربة، حيث يمكن أن تفقد بعض المناطق المدارية تربة يتجاوز حجمها مئة طن بالنسبة إلى الهكتار الواحد، كما أن الأراضي الصالحة للزراعة تتعرض للملوحة تدريجياً ولتسرب المياه المالحة إليها، ما يحد من خصوبتها.
وتشير بعض التقديرات إلى أن حوالي ثلث سكان العالم يعيشون في مناطق مدارية رطبة، وأخرى ذات مناخ حار ورطب.
ومن العوامل التي تعيق التنمية المستدامة في كثير من دول العالم الاستهلاك الكبير للمياه وخاصة في مجال الزراعة التي تستهلك في بعض المناطق أكثر من 80% من المياه الصالحة للشرب.
وينبغي أن ننظر إلى مشكلة التلوث الخطير الذي أخذ يتزايد في السنوات الأخيرة من خلال العناصر الثقيلة والأسمدة الكيميائية التي تتسرب إلى باطن الأراض فتؤثر في الخزانات المائية وفي الأنهار والبحار والبحيرات.. إلخ.
والمياه عامل اقتصادي مهم جداً في حياتنا وهو عامل يمكن أن يتحول إلى عامل معرقل للحياة وللتنمية المستدامة في كثير من الدول سواء أكانت نامية أم حتى متقدمة.
ومن أجل مستقبل أفضل لبلادنا الحبيبة ينبغي على الجميع من مسؤولين ومواطنين ومقيمين أن ينظروا إلى المياه كمقياس أساسي للتقدم والصحة والحياة والتنمية في هذا العالم..
إن ترشيد استهلاك المياه في بلادنا ضرورة وطنية كما أن المحافظة على حسن استغلال ونظافة المياه والبيئة جزء أساسي من تعاليم ديننا الحنيف..
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 367
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 478
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 318
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 366
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 344
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 520
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...