الإثنين, حزيران/يونيو 16, 2025

All the News That's Fit to Print

يوسف المحيميد

لم تؤثر الشائعة التي انتشرت عن محاولة تفجير إرهابي في موقع الجنادرية، التي نفاها المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية، على كثافة الزائرين لقرية الجنادرية، الذين تصل أعدادهم نحو المليون زائر يومياً، رغم أنه يُنظم للمرة الثلاثين، بمعنى أن من كان طفلا عند ولادة هذا المهرجان هو الآن في ريعان الشباب، بوعي أكثر نضجًا وهو يشهد نمو وطنه وازدهاره على مدى تحولاته الشخصية منذ الولادة والطفولة، وحتى الصبا والشباب!

هذا العام، وقد افتتح المهرجان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، تذكرنا ملامح القائد الراحل الملك عبدالله يرحمه الله، تذكرنا ابتسامته ورقصته العرضة النجدية، ذاك الذي وضع بذرة هذا المهرجان الوطني الرائع قبل ثلاثين عامًا، وكأنه يشير، ومن بعده من قادة هذه البلاد الأوفياء، إلى أن الثقافة المتنوعة، بمعمارها وفنونها ورقصاتها، من شمالها إلى جنوبها، ومن غربها إلى شرقها، هي ما سينقذ هذا الوطن من جرثومة التطرّف، وغوغائية التضليل والإقصاء، فهذا الوطن للجميع، والجميع فيه سواء، في الحقوق والواجبات!

ما يجدر الإشادة به، والتصفيق له، هو التواجد الأمني الجيد في موقع فعاليات الجنادرية، التنظيم في الدخول، التفتيش النسوي أولا، ثم تفتيش الرجال، ثم مرحلة ثالثة لتفتيش أغراض الزائرين من حقائب وكاميرات، طريقة إرشاد الزائرين للمواقع من قبل المنظمين، ورجال الأمن في الداخل، فليس سهلا تنظيم هذه الأعداد اليومية الضخمة من الزائرين، سواء على مستوى المركبات، أو على مستوى الأشخاص، وإن كان اتساع الموقع، الذي ضم مختلف مناطق المملكة، وكذلك بعض الدول، أصبح مرهقا للزائرين، خاصة كبار السن أو الأطفال أو ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين لو وفرت لهم وسائل نقل ذات مسارات محددة، كسيارات الغولف مثلا، لكان أكثر راحة لهم.

ربما ما يعيب هذا المهرجان السنوي الرائع، هو برنامجه الثقافي، الذي لم يستطع جذب اهتمام المتابعين، وتحفيزهم للحضور والمشاركة، مما جعل الحضور باهتا، لا يشكل شيئا أبدا عند مقارنته بالحضور العائلي الجميل للقرية التي تعرض تراث المناطق والمدن السعودية، والدول الأخرى، ولعل السبب في تضاءل الحضور، هو أحد ثلاثة أسباب، إما أن يكون التوقيت والمكان غير مناسب، أو أن المتحدثين غير مؤثرين، أو أن الموضوعات غير جذابة للمتلقى، خاصة مع هذا الانفتاح الإعلامي الكبير، مما يوجب طرح موضوعات إشكالية، تلك التي تحمل اختلافا وتباينا في الرؤى، بما يحمل الجرأة والإثارة، خاصة أن المتلقي يجد الكثير من الحوار والجدل في مواقع التواصل الاجتماعي، مما يجعله يبحث عن سقف أعلى، وأكثر انضباطا، في حوارات تثري نهمه إلى المعرفة.

ولا يخفى عن منظمي هذا المهرجان العريق، أهمية الفنون في حياة الإنسان، كالفن المسرحي، والتشكيلي، والفوتوغرافي، التي تحتاج إلى معارض مصاحبة، وكذلك الأمسيات الشعرية والقصصية، فلا يكفي الشعر الشعبي وحده، فالمتلقي بحاجة إلى الشعر الحداثي، بأنماطه تفعيلة ونثر، شريطة أن يُقدم بأسلوب جديد، تدخل فيه الموسيقى، كذلك في القصة تشارك فيها المؤثرات الصوتية والمرئية، كي تصبح أكثر جذبا. والبحث عن قاعات متكاملة، في مواقع أكثر رحابة من وسط الرياض.

أخيرًا، هذه الحشود التي تتوافد يومياً إلى موقع الجنادرية تثبت أنها بحاجة إلى الثقافة في رداء التسلية والمتعة، تملؤها اللهفة للفنون في إطار البهجة والتحرر من التخويف والتهويل التي أربكت مجتمعنا لعقود، وأخذته إلى الحرمان من أن يكون مجتمعا سويا.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...