الإثنين, حزيران/يونيو 16, 2025

All the News That's Fit to Print

طبيعي أن يكون هناك خلايا تجسس في أي مجتمع لنقل المعلومات، والصور، وتحري المواقع الأكثر حساسية، بل أكثر من ذلك استعداد هؤلاء العملاء على ارتكاب أعمال تخريبية، وقرصنة إلكترونية، وإثارة الفتنة الطائفية، وتجنيد العناصر، من خلال عمليات منظمة، واتصالات مشفرة مع دول لها مصالح إقليمية ودولية في الوصول إلى معلومات تكتسب صفة الأهمية التي يُبنى عليها قرار، أو تحرك سياسي أو ربما عسكري.

وتفرّق أدبيات التجسس بين (الاستخبارات) كمصطلح عسكري يشير الى عمليات الاستطلاع وجمع المعلومات عن قوات العدو ومواقعها، وتحركها، ونوع تسليحها، وبين مصطلح (المخابرات) التي تختص بجمع المعلومات وتحليلها عن البلدان والمؤسسات خارج حدود الدولة، إلى جانب مكافحة التجسس المعادي، و(المباحث أو جهاز الأمن) التي تتولى جمع المعلومات وتحليلها وتصنيفها عن الإرهابيين والمجرمين والمنحرفين داخل الوطن، ورغم الفارق بين هذه المصطلحات، وتداخلها، وتعاون القائمين عليها فيما بينهم لخدمة المصالح العليا لكل دولة، إلاّ أن الهدف واحد وهو الحصول على المعلومة، وتحليلها، والتأكد منها، والتحرك من خلالها، حيث أظهرت دول العالم اهتماماً كبيراً بها، من خلال زراعة أجهزة التنصت والتصوير، والعملاء من الجنسين، وإطلاق الأقمار الصناعية، وطائرات التجسس، والإفادة من برامج الاتصال الحديثة في تحديد المواقع، وكتابة النصوص، وتبادل الصور، والإرسال، فضلاً عن مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت هي الأخرى إلى منصات للتجنيد، وتبادل المعلومات، وإثارة الفتن، وموجات التأزيم، والإحباط؛ لتمرير مشروعات شق الصف، وإضعاف الجبهة الداخلية.

وعالم الجاسوسية له قصص ومواقف غريبة، وطريفة، ومشوقة أيضاً في تتبع نهايتها بالموت أو السجن أو التحول إلى "عميل مزدوج" حين يتم الابتزاز بعد أن ينكشف الأمر، حيث يروي لنا التاريخ الحديث أسماء جواسيس كان لهم دور كبير في حسم الصراع السياسي، ومنهم توماس إدوارد (لورانس العرب) العميل للمخابرات البريطانية، وكريستين كيلر (بريطانية عملت لصالح المخابرات السوفيتية)، وأمينة المفتي (أردنية غيّرت ديانتها لليهودية وأصبحت جاسوسة إسرائيلية في مكتب ياسر عرفات)، وألدريش أيميس (أميركي مجند من قبل الروس العالم 1985)، والمصري رفعت الجمال (رأفت الهجان) الذي عمل مع المخابرات المصرية منذا العام 1956، والجاسوس الإسرائيلي الشهير عزام عزام الذي أطلقت سراحه السلطات المصرية العام 2004 بعد سجن دام ثمان سنوات، والقائمة تطول، وبعضها معلن، والبعض الآخر لا يزال سرياً في دهاليز الاستخبارات.

ونحن في المملكة واجهنا الجاسوسية الدولية، من خلال يقظة الأجهزة الأمنية، وقدرتها على مواجهة عملائها، والتصدي لمحاولات القرصنة للنيل من بنيتها التحتية الإلكترونية، خاصة تلك التي حاولت ضرب نظام أرامكو، أو تلك التي تسللت إلى معلومات غير مهمة لوزارة الخارجية، أو ما يواجهه مركز المعلومات الوطني من هجمات إلكترونية في كل ثانية، ومع ذلك لا نزال -بوعي مواطنينا- قادرين على الصمود، وبفضل أيضاً قوة أنظمة الحماية الفنية التي ساعدت على صد محاولات الاختراق والقرصنة المتكررة.

ولكن المؤسف مع كل هذه الجهود الأمنية أن يكون من بين أبناء الوطن جواسيس وعملاء لنقل المعلومات لدول معادية، كما هو حال خلية التخابر لصالح إيران التي تضم (30) سعودياً، وإثنين من الجنسية الإيرانية والأفغانية، ومن بينهم أكاديميون في جامعات، ومحللون اقتصاديون، ومصرفيون، وتحاكم حالياً بتهمة الخيانة العظمى، والإخلال بالأمن، وتنفيذ أجندات مشبوهة، وأخرى طائفية وتحريضية، وهي أكبر خلية يتم ضبطها، وفي توقيت مهم، وظرف دولي بالغ الحساسية، حيث كشفت هذه الخلية عن حجم الاستهداف الذي تتعرض له المملكة، خاصة مع الحراك السياسي والعسكري الذي تنهض به لمواجهة مشروع إيران الإرهابية في المنطقة، ودعم قضايا العرب والمسلمين، ومحاولات إيران المتكررة للتدخل في شؤون دول الخليج، وتصدير الثورة الفارسية، وهو ما يتطلب في كل هذه التفاصيل أن يكون المواطن كما هو دائماً شريكاً مع أجهزته الأمنية في التصدي لمحاولات العملاء الرخيصين، وعدم الانسياق خلف الشعارات، أو تسريب المعلومات، أو تصوير الوثائق، والخرائط لمواقع حساسة، وهو ما يعني أن الجميع في حالة حضور أمام مسؤوليات الدفاع عن الوطن، ووحدته، والوعي بكل ما يحاط به، خاصة في هذه المرحلة.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...