
النشر العربي ومعضلة التحرير | واسيني الأعرج
جيد أو بشكل غير مقبول. من مواصفات السلعة أن تكون جيدة وتامة، ولا تشوبها أية نقيصة، وإذا دخلت في تكوينها أية زوائد ستضر بحركتها في السوق. هذا ينطبق على الكتاب أيضا. بالنسبة لدور النشر المحترمة، الإديتنغ ضرورة من ضرورات النشر. التدقيق وتصحيح الأخطاء من واجبات الدار. ويجب أن يكون تدخل المشرف على الإديتنغ واضحًا. لا زوائد ولا أثقال، لكي يستطيع النص أن يدافع عن نفسه في سوق عالمية لا ترحم، مثقلة بالمواد المتنافسة من نفس الصنف. لكن للأسف، يعاني الكتاب العربي، من هذه الناحية، فراغًا كبيرًا. المخطوطة في صيغتها النهائية تتوقف عند حدود ما استطاع الكاتب تصحيحه وتدقيقه، ولا يوجد أي تدخل للتحرير مما يجعل العمل للأسف معرضًا لسلبيات هو في غنى عنها. وقد يخرج جيدًا مثقلًا بالأخطاء المطبعية واللغوية وغيرها، التي تنقص من قيمته. أمر مثل هذا، لا يحتاج إلى عبقرية كبيرة، قليل من احترام الكاتب والقارئ يكفي. نعرف جميعا أن التسرع هو الذي يقف وراء ذلك. الرغبة في تدارك النقص السابق أو المشاركة في المعارض هي واحدة من أهم الأسباب. فقد تحولت هذه الأخيرة إلى سوق عربية ضخمة للكتاب، في غياب مؤسسات التوزيع والنشر على مستوى عالٍ من الدقة والحرفية. كل شيء يمر بلا رقيب. سرقة الحقوق، الترجمة بلا حق مسبق لذلك، يكفي أن يكون الكتاب مطلوبًا، عدد النسخ غير مراقب، الطبعة الأولى تظل ثابتة، يضاف إلى هذا التسرع؛ شكل الكتاب الخارجي والداخلي. غياب كلي للتحرير ليس فقط على مستوى الأخطاء، لكن أيضا على مستوى التخفيف من ثقل النص، الذي كثيرًا ما تكون زوائده مُضرّة بالرواية تحديدا، حيث يحشو الكاتب، لأسباب عديدة، نصه بما ليس ضروريًا أبدًا. أتذكر ذات مرة قرأت تحليلًا في الموضوع عن رواية «نجمة» لكاتب ياسين التي انتزع المحرر منها أكثر من نصفها، الذي كان عبارة عن وقائع مكررة، وقصائد لم تكن لها أية ضرورة في الرواية. وخُفف النص وأُعِيد ضبطه في الكثير من مواقعه بمساعدة الكاتب والمحرر، ليصبح في النهاية مرجعا رواية لا تشبه في شيء النص الأول حجما ومسارا سرديا. ماذا لو لم يفعل الإديتنغ ما فعله مع نص نجمة العظيم؟ كثيرا ما أدخل الروائي صنع إبراهيم أحداثا ووقائع ومسرحيات ومذكرات داخل نصوصه مما يجعلها مثقلة بأجناس أخرى. في الترجمة الفرنسية، في آكت سود Actes Sud، تخلص المحرر من ذلك لأنه المسلك الذي يجعل من النص مادة ثقافية وفنية يمكن تقاسمها بلذة. وكثيرًا ما يرفض الكاتب العربي التدخل في نصه في عناد لا معنى له. وكثيرًا أيضا ما يصر الناشر على قراره لأنه يريد لمشروعه أن ينجح ويُقرأ. لهذا فعملية التحرير ضرورة. ولا يمكن التساهل معها.
في مسقط، لحظة الإعلان عن القائمة القصيرة هذه السنة، قال رئيس جائزة البوكر العربية: إن الكثير من النصوص كانت ضحية نفسها، لا يتوفر بها أي إديتنغ حتى في صورته الدنيا. واقترح تنظيم دورات تكوين تحرير. مقترح مهم لأنه في النهاية جزء من مسؤولية الناشر التي لا يمكنه أن يتنصل عنها. مسألة تكوين المحررين مهمة وتحتاج إلى موهوبين وتقنيين في الآن نفسه. هناك بعض الدور تقوم بهذا بجدية، لكنها محدودة. الكاتب العربي من شدة غيرته على نصه، المرضية أحيانا، يمارس حماقة التخفي، فلا يعير غالبا هذه الظاهرة أي اهتمام. لا يعطي نصه حتى لصديق يقرأه ليدققه على الأقل من الأخطاء النحوية واللغوية والتركيبية والمطبعية، وربما من التكرار أو الأخطاء السردية كظهور شخصيات مثلا يفترض أنها ماتت في النص، أو سقوط المطر الغزير والثلوج في عز الصيف، لهذا أصبح الإديتنغ اليوم أكثر من ضرورة، حفاظا على اللغة وعلى القيمة الفنية للنص الأدبي، ومنح النص كل فرص الانتشار والمنافسة والنجاح.
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (124) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 - Stc
635031 - Mobily
737221 - Zain
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 368
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 478
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 318
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 366
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 344
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 520
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...