الثلاثاء, حزيران/يونيو 17, 2025

All the News That's Fit to Print

د.ثريا العريض

رغم أننا عبرنا مفترقاً نهائياً يوم دخلت المرأة مجلس الشورى بعضوية كاملة بقرار ملكي، ما زال بعضنا غير قادرين على مواكبة الزمن و المتغيرات، يجترون الجدل العقيم حول جسد المرأة. فحين حان تنفيذ الجزء الثاني من القرار الملكي وهو منح المواطنات قدرة الترشح والانتخاب لعضوية المجالس البلدية وحصلن على الثقة والأصوات التي حملتهن فعلا الى قاعة اجتماع المجلس رأى البعض أن لا يكون وجودها بعضوية كاملة بل من وراء ستار أو بعيدة جسديا عن طاولة الاجتماع! وكأنهم بذلك يعيدون فكرة قصور المرأة عن الحضور الكامل كما قرر لها أصلاً. وهم في هذا تحت نفس مظلة الرافضين لرياضة المرأة وحركتها وعملها، أو حتى وجودها في الحضور العام.

تحليل الأحداث ومسبباتها وتداعياتها بحيادية جزء لا يتجزأ من تدريبي التخصصي. ولكني في ما يتعلق بالتخوف من حضور المرأة لست مجرد مراقبة للأحداث أو متابعة لنشرة أخبار محلية أو عالمية. عند مثل هذه الأحداث السلبية التي ترشح بالرفض والتوجس والخوف والاتهام ، تتراكض في بالي ومضات مشاعر وأفكار كثيرة تربط ذاكرة الماضي وتفاصيل الحاضر وإيحاءات التماع المستقبل رافضة محاولات تجميد المرأة.

في قاعة الشورى قبل شهر ونصف يوم استمعنا لكلمة خادم الحرمين الشريفين وكلمة رئيس المجلس الشيخ عبدالله آل الشيخ، يشكران ويؤكدان الاستمرار حسب التوجه القيادي الريادي الذي اتخذ قرار عضوية المرأة في مجلس الشورى وفتح الباب لحركة الزمن والمكان؛ معلنا الانطلاقة الى مرحلة جديدة في مسيرة الوطن، تذكرت كلمات الملك عبدالله رحمه الله يوم أداء القسم. كانت تعليماته الناضجة الحكمة واضحة: «إن التطور الذي نسعى إليه جميعاً يقوم على التدرج بعيدا عن أي مؤثرات. اعلموا أن مكانكم في مجلس الشورى ليس تشريفا بل تكليفاً وتمثيلاً لشرائح المجتمع السعودي. إن هدفنا جميعاً قائم بعد التوكل على الله على تفعيل أعمال المجلس بوعي أساسه العقلانية التي لا تدفع إلى العجلة التي تحمل في طياتها ضجيجاً بلا نتيجة. أنتم هنا مكلفون بخدمة الوطن وتمثيل المواطن».

تعليمات واضحة تجاوبنا معها بكل تأهب: ستبدأ دورة جديدة، إستراتيجيتها مختلفة؛ سنعمل تدريجياً وبهدوء وتدرج. إياكم والعجلة التي لا تنتج إلا صخباً، ثم لا نرى لها مردوداً. وأجزم أنه كان شعوراً مشتركاً بمهابة الموقف وأهميته لا كحدث آني، بل كما رأيناه يمتد في المستقبل محتدماً بشعور المسؤولية التي نحملها فردياً وجماعياً على أكتافنا، وممتزجاً بالامتنان.

ذكرتني كلمة خادم الحرمين الملك سلمان بكلمة الملك عبدالله المكثفة العمق: «بكم تبدأ دورة جديدة، إستراتيجيتها مختلفة؛ سنعمل تدريجياً وبهدوء وبدون عجلة لا تنتج إلا صخباً ثم لا نرى لها مردوداً».

بين الوعي الذي يذكرنا بالعقلانية والتدرج والعمل بهدوء، والوعي الذي يطمئننا أننا ماضون في المسيرة ومتأكدون من وجهتنا، أرى الرافضين للحركة الطبيعية والمحاولين إبطاءها وعرقلتها كمن يضع عصا في عجلة التنمية واستقرار الوطن. وأفكر في إستراتيجيات للتطور المطلوب؛ قوانين كثيرة علينا تفعيلها في وعي وفعل المواطن والمسؤول ليسود الهدوء والانضباط شوارعنا ومنازلنا ومؤسساتنا وعلاقاتنا وممارساتنا العامة والخاصة. حتى يقتنع كل المجتمع بحقوق كل أفراده.

أقول للمسؤولين وللزميلات اللاتي خضن تجربة الانتخابات للمجالس البلدية: حققوا مثلنا حلم الريادة الواعية. لا عليكم من محاولة التثبيط: انطلقوا. فلنا في أرضنا ما نعمل! حتى لو تلكأ المحتشدون والرافضون مصرين على إدخال عصا في العجلة.

ولعل لهؤلاء المعترضين هدف غير معلن من الرغبة في الاعتراض حين يأتي هذا الفعل في وقت نحن أحوج ما نكون فيه لأن نستجيب لاحتياجات الوطن.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...