الثلاثاء, حزيران/يونيو 17, 2025

All the News That's Fit to Print

يعتقد منّا كثيرون بأن الدافع المؤثر الرئيس لانضمام كثير من الشباب عندنا، وفي بلدان أخرى إلى الجماعات الإرهابية هو البطالة! فإن كان الأمر كذلك، فكيف نفسر قيام بعض الأطباء والمهندسين

ومختصى الكمبيوتر والبرمجيات والإليكترونيات وحتى السينمائيين من كل مكان بالانضمام إليهم؟.
لا شك في أن هذا اعتقاد خاطئ، لأنه ليس صحيحًا أن العاطل عن العمل اليوم سوف يكون إرهابيًا غدًا. وهذا برهانه على أرض الواقع، حيث نرى كثيرًا من المواطنين الصالحين في بلادنا وهم -برغم قلة مواردهم- ينكرون باطل ما تقوم به تلك الفئات الضالة، التي هتكت الأعراف، وقتلت الأقارب، ودمرت البلدان، وانضمت إلى القتال في بلدان لم يكونوا من أهلها. كما أننا نرى كثيرًا من مسلمي الدول الأوروبية (الله أعلم بدرجة إيمانـهم) الذين لا تنقصهم الإمكانات المالية، وهم يفدون زرافات ووحدانا إلى مناطق القتال الساخنة لينضموا إلى الفئات الإرهابية المتطرفة المعروفة. وجلّ هؤلاء ليسوا بأميين جهلاء وليسوا بعاطلين عن العمل في بلادهم.
فرضياتنا وقناعاتنا -كما يبدو- غير صحيحة. وهي كذلك غير علمية، وغير دقيقة في تشخيص دوافع الانتماء إلى تلك التكوينات الجهادية والتكفيرية المتطرفة. كما تنقصنا بجانب ذلك دراسة وفهم السلوكيات والمقومات الشخصية لأولئك الذين اجتذبتهم تلك التكوينات المتطرفة، وكذلك للآخرين الذين عندهم القابلية والميول لكي ينضموا إليها. وكما هو معروف فإن الخطأ في الفرضية ومعلوماتـها الأساسية يقود -لا محالة- إلى خطأ في النتائج التي قد يتم تطبيقها عمليًا، فلا يكون لها قيمة أو مردود علمي ومنطقي يعوّل عليه.
لا ينكر أحد بأن ما أُجري من دراسات سابقة، وما تم الحصول عليه من معلومات كثيرة عن عدد من الجهات المتطرفة هو شيء ليس بالقليل؛ ولكن التساؤل ما يزال قائمًا: لماذا كلما حدثت حادثة ارهابية جديدة نفاجأ ونتعجب، كيف لم نفطن للميول والتوجهات الإرهابية لذلك الطبيب أو الفني أو المهندس أو العاطل الذي كان بيننا؟ أو كيف لم نتحقق من الذين انعزلوا عن المجتمع وجعلوا بينهم وبينه سدا منيعًا؟ هل كانت هناك مؤشرات ودلالات لم نحسن قراءتـها؟ أم أننا ببراءتنا قبلنا سلوكياتـهم تلك واعتبرناها طيشًا طارئًا سريعًا ما يكفّون عنه؟ أم لدينا تردد في مواجهة الحقائق أو في فهمها؟
نحن أمام أزمة فكر كبيرة، وتوجهات عقدية شديدة الحساسية والتصلّب والتشدد، ونحتاج إلى عمل كبير وجهد دؤوب لكي نكون على بصيرة وعلم حتى نتمكن من التعامل مع هذا الوضع المأزوم وتداعياته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS

تبدأ بالرمز (60) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى

88591 - Stc

635031 - Mobily

737221 - Zain

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...