الأربعاء, حزيران/يونيو 18, 2025

All the News That's Fit to Print

محمد آل الشيخ

يمرّ الآن حزب الله اللبناني، ومعه داعموه، داخل لبنان وخارجه، بحصار يضيق عليه يوماً بعد يوم، فلا يجد أقطابه وكذلك مناصروه مهرباً من الحصار إلا الشتم والصياح والنهيق نتيجة لهذا الحصار السياسي المحكم الذي فاجأهم في عقر دارهم على حين غرة، الأمر الذي يؤكد ما كنا نقوله ونكرره، أن المواجهة والتحدي وتفعيل قواك الدبلوماسية والإعلامية أولاً ومن ثم الاقتصادية، ستجعل مناوئيك يحسبون لردة فعلك ألف حساب، قبل أي تصرف يستفزك ويستدعي موقفاً صارماً وحازماً منك.

حرب اليمن مثلاً، والتي أنتجها تحالف الحوثيين وصالح مع الإيرانيين، أكاد أجزم أنها ماكانت لتكون، لولا أن المتحالفين الثلاثة في الانقلاب اليمني كانوا مطمئنين إلى أن المملكة ستلجأ إلى مفاوضتهم لا مواجهتهم بالقوة، ومن ثم الرضوخ في النهاية للأمر الواقع؛ وليس لديّ أدنى شك أن هذا السيناريو كان المتوقع، وهو الدافع لهم والمشجع لانقلابهم على الشرعية اليمنية فلو كانوا يتوقعون ردة الفعل هذه من المملكة ومعها التحالف العربي، لأذعنوا للحوار مع الفرقاء اليمنين منذ البداية.

إيران، وعميلهم، أو رأس حربتهم في لبنان، (حزب الله)، كانوا يتصرفون، وينطلقون، من أنهم القوة التي لا تواجه، والفارس الذي لا يُشق له غبار، ولا يجرؤ أحد على تحدي إرهابه، وإرهاب أسلحته، لذلك تجرأوا على فرض هيمنتهم على لبنان، وترتيب المخططات، واستقطاب المناصرين، والعملاء، للتمهيد للتوسع الإيراني في المنطقة، وكأنهم كانوا على ثقة أن المملكة ودول الخليج سيتحاشون المواجهة والصدام معهم، عسكرياً ودبلوماسياً؛ وعندما قامت المملكة ودول الخليج بتفعيل قوتها الدبلوماسية، ومواجهتهم في المحافل الدولية والعربية، ما أدى إلى (تجريم) حزب الله، واعتباره حركة (إرهابية)، أسقط في أيديهم، ولم يجدوا إلا اللجوء للشارع العربي بالشعارات والجعجعة، لتحريضه ضد المملكة والمنظومة الخليجية، موظفين ذريعة (مقاومة إسرائيل) كحجة لتخليصهم من المأزق الذي أوقعتهم الدبلوماسية الخليجية فيه، غير أنهم نسوا أن حزبهم، ومعه ذريعة المقاومة، انكشف وسقطت ذريعته، في اللحظة التي وجهوا فيها فوهات بنادقهم ليس لإسرائيل ومقاومتها كما كانوا يزعمون، وأنما إلى جيرانهم (السوريين)، يناصرون طاغية سوريا، الذي يقذف شعبه بقذائف الكيماوي والبراميل المتفجرة.

حسن نصر الله، أو (بطل الهدير والجعجعة)، اتضح أنه، وكذلك أسياده الفرس الصفويون، أضعف مما كان مناصروهم قبل مناوئيهم يتوقعون، فهم -على ما يبدو- ومعهم الحرس الثوري الإيراني أيضاً كذبوا الكذبة وصدقوها، فهزائمهم المتوالية في سوريا أمام مجرد ميليشيات غير مدربة، وبإمكانات متدنية التقنية، كشفتهم وعرتهم، كما انكشف أيضاً جيش النظام الأسدي؛ فلولا أن (روسيا) مدت لهم يد العون والمساندة، وأنقذتهم من حبائل الثورة السورية والشعب الثائر، لكان الأسد وميلشيات الحرس الثوري الإيراني ومعهما حزب الله في خبر كان؛ أي أن الحزب (الكهنوتي) في لبنان، كان مجرد نمراً من ورق.

هذه التراكمات كشفت قوة وهيبة حزب الله المزعومة، وكان الأجدر به أن يعود إلى حقيقته، ولا يمعن في عربدته وعنترياته، إلا أنه استمر في ممارساته غير المدروسة وغير الحصيفة، فتكالب عليه العرب، وليس الخليجيين فحسب، ووضعوه في الخانة التي تليق به كعميل حقير للفرس، يوجهونه، ويرمون به هنا مرة والأخرى هناك. والمنطق والعقلانية تقول: إذا كان أسيادك -يا ملا حسن- في هذا التواضع عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، فمن الحمق أن تستمر في إمعانك بالتحدي؛ وقديما قيل: (رحم الله من عرف قدر نفسه).

ولا أظن، أن التصعيد العربي والخليجي سينتهي ويتوقف عند التجريم الذي تم تصنيفه به مؤخراً، إن لم يعد قادة الحزب إلى رشدهم، ويرعوون؛ وإلا فمقتضيات المواجهة والتصعيد ستذهب إلى أكثر من ذلك، ما يضع حكومة لبنان، التي هو عضو فيها، ويوجه سياساتها، مُرشحة وبقوة لأن تدفع الثمن اقتصادياً؛ خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن اقتصاد لبنان مرتبط ارتباطاً قوياً بمحيطه العربي، والخليجي خاصة، ومثل هذه الممارسات لا بد وأن تنعكس سلبيا على الاقتصاد اللبناني بشكل مُدمر، فكل المؤشرات الاقتصادية، فيما لو تمت أية مقاطعة للبنان، تنذر بكارثة اقتصادية، لن يعوضها الإيرانيون، حلفاء حزب الله، ما يجعل النقمة الشعبية اللبنانية على الحزب وسياساته وجعجعات أمينه العام تتفاقم، وهو ما سيؤدي بقدرة الحزب على المناورة السياسية إلى الاضمحلال والمحدودية؛ فالاقتصاد في كل زمان ومكان يحكم السياسة، وليس العكس، فكيف تستطيع إيران أن تقدم بديلاً لخسائر لبنان الاقتصادية إذا ما افترضنا أنها ستعوض الحزب الكهنوتي وأمينه العام المعمم ما سيفقده الاقتصاد اللبناني من مليارت الدولارات؟.. فهل يستيقظ عقلاء لبنان من غفلتهم؟.

إلى اللقاء،،،

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...