الأربعاء, حزيران/يونيو 18, 2025

All the News That's Fit to Print

في أي خبر عن داعية سواء داخل المملكة أو خارجها ستلاحظ في طيات الخبر تتردد كلمة (مرافقو الشيخ). مسألة أن يكون للشيخ مرافق دفعتني للتأمل. ثمة تمييز صغير بين مرافقي الشيخ ومرافقي الشخصيات الكبيرة في صيغة الخبر. المرافقون مع الشخصيات الكبيرة يطلق عليهم الوفد المرافق أما مع الشيخ فيكتفى بقول مرافقي الشيخ. ما الفرق بينهما وما دور مرافقي الشيخ عند مرافقته إذا عرفنا أن الوفد المرافق مع الشخصيات السياسية يشير إلى الخبراء الذين سيشاركون في المباحثات حتى انك تستطيع أن تعرف طبيعة المباحثات من أسماء أو صفة أعضاء الوفد المرافق. الداعية يسافر إلى البرازيل أو الفلبين أو تركيا أو قطر للدعوة إلى الله. لا أظن أن المباحثات مع الكفار والمشركين تحتاج إلى خبراء أو تحضير ملفات.

جرت العادة في أوساط المحاضرين وأساتذة الجامعات والمثقفين أن المحاضر إذا تلقى دعوة من أي جهة يذهب وحيداً حاملاً شنطته الشخصية بيده اليسرى تاركا يده اليمنى تمسمس البشت وتجري المصافحات. في هذا وفي نقاط أخرى جوهرية يفترق المثقفون عن الدعاة. وإذا كان الكتّاب والمثقفون يفترقون عن الدعاة في مسألة التعامل مع البشت إلا انهم حتما يفترقون أكثر عن الدعاة برائحة العود والبخور وبعض اللمسات الباريسية وبالطبع في نوعية البشت وماركته. لا تثريب على الطرفين. لكل مهنة أدواتها وعدتها وتقنياتها.

من حسن الحظ أن يصدر هذا المقال أثناء فعاليات معرض الكتاب. إذا أردت أن تعرف الفرق الجوهري بين المثقفين والدعاة انتظر عند مدخل معرض الكتاب الداخلي وراقب دخول أي من دعاتنا الأفاضل أو أي من أخواننا المثقفين. لن ترى بإذن الله داعية يسير وحده وخاصة في المناسبات الجماهيرية. ستلاحظ أربعة إلى خمسة شباب يسيرون بصحبته وإذا حسبت السائق الهندي المسلم يصعد الرقم إلى ستة.

صادف عندما كنت مسؤولاً إعلامياً في النادي الأدبي بالرياض في التسعينات من القرن الميلادي الماضي أن فرض علينا الزمان استضافة دعاة لإلقاء محاضرات عن فساد الزمان. في إحدى الأمسيات خرجت مع ثلة من الحداثيين لاستقبال شيخ من نجوم الصحوة الصاعدين. بعد ربع ساعة من الانتظار قضيناها في مراقبة قطوة عالقة في برميل القمامة توقفت سيارة فاخرة ثم سيارة أخرى أقل فخامة. نزل شيخ في منتصف العمر من السيارة الأولى وعلى الفور نزل من المقعد الخلفي لسيارة الشيخ شابان وثلاثة شباب من السيارة المرافقة. رغم أن هؤلاء الشباب أصغر من الداعية سناً إلا انهم يشبهون الشيخ في ثيابهم القصيرة وإطراح العقال ولحاهم الغزيرة مع احترام تميز الشيخ عنهم بلبس البشت. (لم تكن البشوت الفاخرة في ذلك الزمان من ضرورات الدعوة إلى الله). قبل أن نتقدم من الشيخ لمصافحته والاحتفاء بقدومه سمعته يترنم ببيت شعري قديم تضمن شيئاً من وصف قطة. من الواضح أنه لاحظ القطوة ولاحظ اهتمامنا بها فقرر تزويدنا بمادة أدبية قد نحتاجها إذا أردنا الهداية. حسبناها كحداثيين لمسة ذكاء وسرعة بديهة وخفة دم. بيد أن الشباب المرافق للشيخ أعطوا المسألة عمقاً دعوياً. سمعت أحد مرافقي الشيخ يقول للمرافق الآخر: أحاط علمه بكل شيء حتى بالقطاوة يا فهد. فقال فهد محتفياً بهذه الملاحظة القيمة : يا أخي الشيخ عبدالله يحب الطرافة وله قفشات كثيرة وغزير الحفظ . أما الثالث فقد رأى فيها جانباً فقهياً لا يستهان به. فسأل شيخه، يا شيخ عبدالله هلا تعرضت إلى جانب الرفق بالحيوان في محاضرتك. ثم أردف مزوداً الشيخ بالنقطة الأساسية المطلوبة: هؤلاء التغريبيون الذين يطنطنون بمنظمات الرفق بالحيوان في بلاد الغرب هلا كشفت لهم أننا سبقنا الغرب في هذا المضمار بمئات السنين. دون إعداد تشكل موضوع في غاية الخطورة يمس الأمة من مجرد قطوة عالقة في برميل. إذا كان هذا هو دور المرافقين للشيخ فلا شك يحمدون عليه لكن السؤال من يدفع ثمن تنقلهم وتذاكرهم وفنادقهم إذا سافروا معه خارج المملكة.


لمراسلة الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...