
أوباما بين الأمس واليوم | لمياء باعشن
فانحنى حتّى قارب الركوع أمامه، مخترقًا كل البروتوكولات. أين ذلك الأوباما المتقرِّب، من أوباما اليوم المتقلِّب؟ يُظهر أوباما اليوم وجهًا آخرَ يعادي به السعودية، ويمتهن دورها في محاربة الإرهاب، ويتّهمها بتأجيج الصراع الطائفي في سوريا، واليمن، والعراق.
في مقابلته الأخيرة مع مجلة الاتلانتيك، لخّص أوباما مشكلات الشرق الأوسط كلّها، وأعاد أسبابها الشائكة إلى عدم تمكّن السعودية، وإيران من التعايش معًا في المنطقة، وأن المنافسة بينهما هي التي ساعدت في إذكاء الحروب بالوكالة، والفوضى في سوريا، والعراق، واليمن؛ لذلك فإن حلّه السحريّ للأوضاع في المنطقة هو تحقيق نوع من السلام البارد بينهما. ذاكرة هذا الرئيس انتقائية إلى درجة بعيدة، فما دمنا في ذكر السلام البارد، فلربما احتاج أوباما لمن يذكّره بالحرب الباردة التي خاضتها بلاده مع روسيا، والتي بسببها اُقحمت المنطقة في صراعات دامية، وإلاَّ مَن الذي خلق القاعدة وسلَّحها ووضعها في مواجهة روسيا، وأشعلها حربًا بالوكالة؟ مَن فعل ذلك، ليس إيران، ولا السعودية، بل أمريكا.
وما دمنا في ذكر السلام البارد، فما هي طبيعة اتفاقات كامب ديفيد، ومحاولات التطبيع مع إسرائيل؟ أليست مخططات أمريكية لفرض السلام البارد مع العدو المحتل؛ لتُتْرك له الأراضي العربية، وتتوقف الحروب ضده، ويُعطى المجال كاملاً ليكبر، ويستقوي، وتقف أمريكا مساندة له، وهي تعلن بصراحة من منابره حتّى قبل أيام أن التفوّق العسكري يجب أن يكون له وحده من بين جيوش المنطقة مجتمعة؟ هل الخلاف الإيراني - السعودي هو السبب في زرع إسرائيل، وفي تقسيمات العالم العربي قديمًا وحديثًا؟
أين سيختبئ أوباما وهو يتنصّل من مسؤوليته كرئيس أمريكي تجاه الشرق الأوسط؟ أهي كلمة يقولها ليُنقّي بها ثوبه المُبقّع فيصدقه السامعون، وينسون كل مآسي تاريخهم؟ بعد أن لعبت أمريكا دور الدولة العظمى الوحيدة في العالم، والمسيطرة على اختياراته، يأتي رئيسها اليوم ليرمي بالملامة على الدول، ورؤسائها، وشعوبها!! هل الصراع الطائفي بين السعودية، وإيران هو السبب في حرب العراق؟ هل هو السبب في اختراق ليبيا، وضياعها؟ هل هو السبب في ترك سوريا تتخطّى الخط الأحمر الذي وضعته أمريكا لضمان عدم استخدام الأسلحة الكيميائية، أم هي أمريكا التي شاهدت بقلب من حديد شعبًا يُباد على يد حاكمه دون تدخل؟
هل السعودية هي المُلامة في تأجيج الصراعات الدينية في المنطقة، أم من استغل الطوائف والمذاهب لإشعال نيران الطائفية والمذهبية؟ مَن هو الذي ساند الإسلام السياسي، ودفعه لزرع الفتن، ودفع به إلى كراسي الزعامة؟ هل السعودية وخلافها مع إيران هو سبب إشاعة الفوضى، وزعزعة الأمن، أم مَن جاء إلينا مبشرًا «بشرق أوسط جديد يقوم على الفوضى الخلاّقة»؟ ماذا كان منتظرًا من السعودية أمام الانحياز الأمريكي غير العادل نحو إيران، التي كانت عدو الأمس اللدود، وشيطانه الأكبر، فأصبحت حليف اليوم الجديد، ورُفعت عنها العقوبات؛ لينتعش اقتصادها، وتستمر في تمويل الإرهاب، ونشاطات التخريب؟
في لقائه مع جريدة الاتلانتيك عبّر أوباما عن انزعاجه ممّن يريد أن تقوم أمريكا بكل شيء، ويدخل في ركابها بلا مقابل، لذلك فقد انتقد تواكل حلفاء أمريكا، واعتمادهم المستمر على تدخلها لحل مشكلاتهم. ليت أمريكا تتوقف فعلاً عن تدخلاتها الكارثية، وتمسح خطوطها الحمراء، وتخزّن قنابلها المدمرة. لكن ما تريده أمريكا حقًّا هو أن تعيث في المنطقة فسادًا، وأن تنهب خيراتها دون خسائر، ودون اعتراض من أحد، فإن وجدت أمامها قائدًا قويًّا، ودولة صلبة، وقبضة تضرب الطاولة، وصوتًا لا يرتجف كصوت عبدالله بن عبدالعزيز وهو يقول: «لا خطوط حمراء منك، مرة أخرى، يا فخامة الرئيس»، فحينها تنفض يديها، وتتبرأ من أخطائها وجناياتها، ثم تنسل هروبًا من مسؤولياتها.
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (125) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 - Stc
635031 - Mobily
737221 - Zain
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 368
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 478
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 319
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 366
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 345
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 522
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...