
الإبداع والانحطاط | عبدالله فراج الشريف
أردية مختلفة الألوان والأوضاع وتراه أحياناً يسلك في روايته ما يستحضر فيه أحداثًا مرت به في سيرته الذاتية، ورواة استحضروا من سيرة وطنهم ألوانًا ساحرة، ترى فيها عظمة أوطانهم، والعباقرة من الرواة أبدعوا روايات أصبحت مثالاً لأدبهم، يشتهرون به بين الأمم، وفي مصر جريدة لأخبار الأدب أنشأها أستاذنا الفاضل جمال الغيطاني عام 1993م، لتكون جريدة تلاحق أخبار الأدب والأدباء، وكانت في عهده -رحمه الله- الجريدة التي يتابعها المهتمون بشؤون الأدب وفروعه المختلفة، وهو الأديب ذو الإنتاج الغزير، وهو من كتب الرواية واهتم بالآثار الإسلامية في القاهرة، ولا أظن قارئًا بالعربية لا يعرفه وقد استمرت صلتي بها حتى وفاته رحمه الله، اهتمامًا مني بكل ما ينتج، وكان يستكتب فيها أبرز الأسماء الأدبية مثل سعدي يوسف، ومحمد عفيفي وخيري شلبي، ومحمد البساطي، وأحمد عبدالمعطي حجازي، وعبدالعزيز المقالح ومحمد إبراهيم أبوسنة وفاروق شوشة وبهاء طاهر، وكثير غيرهم، وكنت أعلق أحيانًا على صفحاتها قبل مرضي، وكنت حريصًا على لقاء الأديب البارز رئيس تحريرها كلما زرت القاهرة، فأنا من المعجبين بكتابته، فلما توفي أسندت رئاسة التحرير فيها لمن لا يعرف له نتاج أدبي ذو قيمة فنية، وأخيراً تفجرت قضية أدب ساقط لأحد من انضموا إليها أخيرًا، والذي كتب رواية سماها «استخدام الحياة» يتحدث فيها عن نوع حياة لشباب فاقد الوعي، ومن يقرأ الفصل الخامس الذي نشرته الجريدة بعد أن أحيل الكاتب للمحاكمة مع رئيس التحرير سيصاب بغثيان لهذه الحياة التي يدعو إليها هذا الشاب المتفلت من كل قيد، ليعبث فيتعاطى المخدرات ويروي لك ما يتم في سهراته من عبث، ويستخدم من الألفاظ لوصف تعاطيه مع مجموعته للحشيش ومواد أخرى مخدرة وللجنس بأبشع ألوانه الحيوانية، فلما انزعج الفضلاء من الخلق لهذا الأسلوب القذر وأحيل الكاتب ورئيس التحرير قامت الدنيا ولم تقعد واستمعنا لمن يدافعون عن هذا اللون من القذارة، ولا أظن أحداً منهم احتمل قراءته، ولا أظنه يقدم هذه الرواية ليقرأها أبناؤه وبناته، وإنما هي مماحكات سياسية رغم أن من قدم اعتراضه على الرواية للقضاء لا صلة له بالحكومة، ولكن القوم فقدوا الوعي، ورأوا في القذارة لفظًا ومعنى وانحطاطاً أسلوب إبداع، ولا أظن متعاطيًا للمخدرات سلبته وعيه فأتى من الرذائل ما أتاه إلا قادراً على وصف ما أتى من الرذيلة على الصورة التي وصف بها الكاتب ليلته السوداء مع جماعة لا تعرف الخلق فتأتي ما تشاء من أفعال قذرة، وليقول من كتبها أنها خيالية، وهل خياله لا يعرف سوى هذه القذارات، فهي كامنة في رغباته وساع إليها بكل وعيه، وسواء أكانت خيالاً أم واقعاً فإتيانها ووصفها على هذه الصورة المكشوفة لا يقدم عليها إلا من هو لو أتيحت له لفعلها، وإن الأدب إذا لم يسمُ في الوصف حتى لو كان الأديب يتحدث عن صلته بالأنثى التي يحترمها ويأبى أن يصف فعله معها بأقذر الألفاظ إلا إذا كان يتوق لفعل مثل هذا مع الساقطات في ليال يكتنفها السواد، ومهما حاول مؤيدوه أن يقولوا إن هذا إبداع فلن يسمع لهم العقلاء، فما هذا إلا انحطاط خلق بلغ أسوأ درجاته، ولك الله يا مصر، فقد كنا نرى فيما يكتبه أدباؤك العظام، ونحتفي باقتنائها وقراءتها، وقد عدت لتجليات الغيطاني، ولروايته الزيني بركات، وأوراق شاب عاش منذ ألف سنة وكتابه عن الحكيم ودفاتر التدوين، وسفر البنيان، ومتون الأهرام وشطح المدينة، ورسالة في الصبابة والوجد، لك الله يا جمال قرأنا في مؤلفاتك أدبًا راقيًا وسمعناك تهمس في آذاننا بما تنتشي به أرواحنا فخلف من بعدك خلف حصروا أنفسهم في أسوأ ما في الإنسان من رغبات مجنونة قذرة، وأرادوا أن نشاركهم فيها وهيهات ثم هيهات، نعتذر إليك يا جمال، فقد ملأت دنيانا جمالاً وجاء بعدك من يريد أن يزيل الجمال الذي صنعت بتفاهات هؤلاء الذين لا يخرجون عن ليال الانحلال وتعاطي المخدرات، ندعو الله لك بما ترضاه لنفسك ونرضاه لك. عفا الله عنا وعنك.
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (15) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 - Stc
635031 - Mobily
737221 - Zain
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 368
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 478
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 319
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 366
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 345
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 522
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...