الأحد, تشرين2/نوفمبر 16, 2025

All the News That's Fit to Print

خالد بن حمد المالك

أكاد لا أصدق ما جرى ويجري في الفاشر السودانية من جرائم وقتل على رؤوس الأشهاد لمواطنين ربما كانوا مُعارضين حقيقيين لميليشيا الدعم السريع، وربما بُني القتل على وشايات، وأياً كان السبب، فلا يحق للدعم السريع أن يتصرف مع من قتلوا على هذا النحو، وبهذا الفجور، وانعدام الإنسانية، وحقوق المواطنين في الحياة.

* *

أكاد لا أصدق تلك المشاهد المأساوية الدامية التي تدمع لها العين، ويرف لها الجفن، ويُنكرها الحس الإنساني والأخلاقي، ويُنظر إليها على أنها عدوان غير مبرر، وجريمة لا تُغتفر، وتصرف أحمق، في غياب الضمير والإنسانية، وانعدام الأخوة، والانتماء الواحد من الجميع للوطن السوداني الغالي.

* *

ما أقساه من مشهد صادم، يُؤخذ فيه المواطنون، مكبلين، لا قدرة لديهم للدفاع عن أنفسهم، يؤخذون إلى الصحراء، أمام أنظار العالم، ويتم إطلاق النار عليهم، واحداً بعد الآخر، ومن ثم نقلهم جثامين إلى مقابر جماعية، دون رحمة أو شفقة، أو شعور بالذنب بما ارتكبوه من جريمة نقلت وسائل الإعلام تفاصيلها.

* *

وبينما يرى قائد الدعم السريع بأن ما حدث يُعد انتصاراً يدرَّس بالجامعات والكليات العسكرية، تضغط عليه تغطيات وسائل الإعلام، وإجماع العالم على إنكار هذا الجرم الشنيع، فيحمِّل المسؤولية لشخص واحد، هروباً من المسؤولية، وتفادياً لردود فعل لا تخدم مشروعه في تقسيم السودان.

* *

لقد رصدت أجهزة التصوير، ونقلت قنوات التلفزيون، ومواقع التواصل الاجتماعي، ما كان الدعم السريع يظن أن أحداً لن يعرف عن هذا الجرم، وأنه إجراء داخلي لتخويف الناس، وإجبارهم على تقبُّل سلوك الدعم السريع، وعدم الاعتراض على هذه الحرب التي اشتعلت منذ أكثر من عامين ولا زالت.

* *

وإن سيطرة الدعم السريع على الفاشر، وتهديده بالسيطرة على مدن أخرى، وربما لجوؤه إلى القيام بجرائم أخرى جديدة ضد السكان في المواقع الأخرى، لن يكون مستغرباً، طالما فعل ما فعل في الفاشر، ومرت الجريمة بردود فعل عالمية لا تتجاوز التنديد والاستنكار وتجريم هذا العمل، بما لا يتجاوز الكلام الذي يطير في الهواء.

* *

ومن المؤكد أن تمدد الدعم السريع، وقدرته على تحقيق السيطرة على الفاشر وغيرها، ما كان ليحدث لولا الدعم الذي يتلقاه، مالياً وعسكرياً من أطراف أجنبية، إسناداً لمؤامرة تتجه لتقسيم السودان، وإحداث فوضى في البلاد، وصراعات بين أبناء البلد الواحد، ما يجعل المواطنين يتخوفون مما هو أسوأ.

* *

إن تسليح الدعم السريع بهذا النوع المتطور من المعدات العسكرية، وتعضيده بما يجعله قادراً على مواجهة الجيش الوطني، لا يخدم السودان ولا السودانيين، وإنما يعزِّز المؤامرة التي تخطِّط لتحويل الأراضي السودانية إلى أكثر من دولة، وهذا ما يسعى له أعداء السودان، والمتآمرون على وحدته في الداخل والخارج.

* *

نعم، لقد خسر السودان في هذه الحرب الشيء الكثير بين قتيل ومُصاب ومُهجَّر، وتعرَّضت البنية التحية والمباني إلى الدمار، وتأثر اقتصاده، وإمكاناته المالية إلى الحد الذي أصبح فيه المواطنون يعانون من الجوع، فضلاً عن فقدان الأمن والخدمات الصحية، وتوقف التعليم في كثير من مناطق البلاد، ولا يظهر ما يوحي بأن السودانيين على موعد لإيقاف القتال، والتوجه نحو الحوار.

* *

السودانيون لا يستحقون ما يحدث، فهو شعب طيب ولا ينبغي أن يُحرم من الحياة الحرة الكريمة، وليس له مصلحة في مثل هذه الحرب، ولن تقود معارك كهذه لما يتمناه السودانيون من ازدهار، ولن تجلب لهم إلا الدمار والتشتت، وقد تجر بلادهم إلى التقسيم، فحذار أن تكون هذه هي مخرجات هذا القتال.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...