الثلاثاء, حزيران/يونيو 17, 2025

All the News That's Fit to Print

د.زيد محمد الرماني

يقول الفخر الرازي رحمه الله: إنّ الحكمة في إيجاب الزكاة أمور: بعضها مصالح عائدة إلى معطي الزكاة، وبعضها عائد إلى آخذ الزكاة.

إن المال محبوب بالطبع، بَيْدَ أن الاستغراق في حبه يذهل النفس عن حب الله تعالى وعن التأهب للآخرة، فاقتضت حكمة الشرع تكليف مالك المال بإخراج جزء منه محدّد من يده ليصير ذلك الإخراج كسراً من شدة الميل إلى المال، وتنبيهاً للإنسان على أن سعادته لا تحصل عند الاشتغال بطلب المال، وإنما تحصل عند إنفاق المال في طلب مرضاة الله تعالى، وهو المراد بقوله سبحانه: (خذ من أموالهم صدقة تطهِّرهم وتزكيهم بها...).

وفي إخراج الزكاة إظهارٌ للعبودية لله تعالى، وامتثال أوامره بصرف جزء من المال الذي هو أحب الأشياء إلى النفس.

يقول الحاج أحمد الحبابي في كتابه (الإسلام المقارن): إنّ إخراج الزكاة شكر لنعمة الغنى الذي أنعم الله به على المزكي، إذ الشكر - كما قيل - صرف العبد جميع ما أنعم الله به من النعم واستعمالها فيما وضعت له.

إنّ شكر نعمة الله سبحانه يكون بأمور منها امتثال أمر الله في المال بإخراج جزء منه إلى الفقراء والمساكين رحمةً بهم وتعطفاً عليهم، ومن لم يشكر النعم فقد تعرّض لزوالها.

وإذا علم الفقراء أنّ الرجل الغني يصرف إليهم بعض ماله، وأنه كلما كان ماله أكثر كان الذي يصرفه إليهم من ذلك المال أكثر أمدوه بالدعاء، وللقلوب آثار، وللأرواح حرارة فصارت تلك الدعوات سبباً لبقاء ذلك المزكي في الخير والخصب.

ولما كان الأغنياء يخرجون زكوات أموالهم في أزمان ماضية قلّ الفقر عندهم حتى كان بعض الأغنياء لا يجدون من يقبضها (أي الزكاة) منهم، فقد أغناهم الله تعالى من فضله.

يقول الحاج الحبابي في كتابه السابق: إنّ الزكاة تُدخل نشاطاً فكرياً وعقلياً على المُعطي والمعطى، وبالتالي يحصل لهما قوة بدنية وحصانة شخصية بها يزول الفقر والمرض والجوع.

وحينما كان الأغنياء يؤدون زكاة أموالهم عن اقتناع وإيمان كانوا يُحسُّون بأنهم يؤدون فريضة الأمن والاستقرار. إذ صار الناس بين غنيّ غير محتاج وفقير أخذ حقه من مال الغني ولم يبق له عذر في السرقة، فإذا سرق فإنما هو جَشِعٌ غير قنوع، من حق الدولة إذاك أن تؤدّبه بقطع يده التي مدها للسرقة.

ومن أجل هذا سادت الحياة الهادئة المطمئنة وصار المجتمع الإسلامي في صدر الإسلام يقف كالبنيان يسند بعضه بعضاً ويؤازر بعضه بعضاً وصار الناس عباداً لله إخواناً.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...