
السعودية وسوريا.. قراءة في زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى الرياض - تركي بن رشود الشثري
تركي بن رشود الشثري
تتبوأ المملكة العربية السعودية مكانةً راسخة في المشهد السياسي العربي والدولي، ليست فقط بفضل قوتها الاقتصادية أو ثقلها الدبلوماسي، بل لما تمثله من قوة أخلاقية وثبات إستراتيجي تجاه قضايا المنطقة.
ومن هذا المنطلق، تأتي زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الرياض، التي تعكس تحولاً جوهريًا في المشهد السياسي، وتفتح بابًا جديدًا للتعاون العربي في مرحلة إعادة سوريا للعرب.
إن موقف المملكة العربية السعودية من سوريا لم يكن يومًا وليد لحظة، بل هو امتداد لسياسة ثابتة قوامها دعم الاستقرار الإقليمي، وتحقيق التوازن بين المصالح الوطنية والالتزامات الأخلاقية.
لم تسعَ المملكة إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لكنها في ذات الوقت لم تتخلَّ عن دورها المحوري في دعم الشعب السوري خلال محنته الطويلة.
واليوم، مع التغيرات التي طرأت على المشهد السوري، تتعامل السعودية مع هذا الملف وفق رؤية واقعية، تقوم على بناء جسور الحوار وإعادة تأهيل الدولة السورية بما يحقق الأمن والاستقرار.
فالعلاقات الدولية لا تُبنى على مواقف جامدة، بل على إدراك المصالح المشتركة، وهو ما تؤكد عليه المملكة في كل تحركاتها الدبلوماسية.
لطالما كانت المنطقة مسرحًا للتجاذبات السياسية، ومع ذلك، حرصت المملكة على أن يكون دورها فاعلًا ومتزنًا.
ففي حين لعبت إيران دورًا محوريًا في المشهد السوري خلال السنوات الماضية، فإن السعودية اليوم تعمل على إعادة صياغة التوازنات في المنطقة، ليس عبر الخطابات ولا المليشيات، بل من خلال تقديم خيارات حقيقية وأكثر استدامة لسوريا. ليس من أولويات المملكة إقصاء أي طرف، لكنها في الوقت ذاته تؤمن بأن استقرار سوريا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال مسار يضمن استقلالية القرار السوري، ويحدّ من التدخلات الخارجية التي عمّقت أزمات البلاد.
إلى جانب الأبعاد السياسية، تمثل هذه الزيارة فرصة مهمة على الصعيد الاقتصادي، فالمملكة التي وضعت الإنسان ورفاهيته في صميم سياساتها الداخلية والخارجية، تدرك أن إعادة إعمار سوريا ضرورة إنسانية وأخلاقية.
وبهذا الصدد، يمكن للرياض أن تلعب دورًا حيويًا في إعادة بناء البنية التحتية السورية، ودفع عجلة التنمية عبر مشاريع استراتيجية تعيد لسوريا موقعها الطبيعي في المنطقة.
ولا شك أن هذه الزيارة ستلقى اهتمامًا بالغًا من قبل القوى الكبرى، خصوصًا تلك التي ما زالت تتعامل بحذر مع الملف السوري، فالمملكة التي لطالما كانت ركيزة للاستقرار في المنطقة، تقدم اليوم نموذجًا دبلوماسيًا متزنًا، يدعو العالم إلى إعادة التفكير في مقارباته تجاه سوريا، بحيث يكون الحل سياسيًا/تنمويًا.
وزيارة الرئيس أحمد الشرع إلى الرياض ليست مجرد لقاء دبلوماسي، بل محطة تاريخية تعيد رسم خريطة التفاعل العربي - العربي، وتؤكد أن المملكة، بقيمها الثابتة ونهجها المتجدد، هي صانعة التوازنات، وقائدة خيار الاستقرار والرفاه للمرحلة المقبلة في المنطقة.
السعودية لا تبني سياساتها على ردود الأفعال، بل على استراتيجيات مدروسة تعزز الاستقرار، وتُعلي من شأن القيم الأخلاقية في العمل السياسي.
نحن أمام مشهد جديد، تساهم فيه المملكة بفاعلية، ليس فقط من أجل سوريا، ولكن من أجل مستقبل أكثر استقرارًا للمنطقة بأسرها.
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 368
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 478
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 319
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 366
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 345
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 522
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...