
الوعي البيئي.. رهان على البقاء لا ترفاً في الخطاب - ناصر بن محمد الحميدي
ناصر بن محمد الحميدي
ثمّة قضايا لا تقبل المساومة، ولا يصحّ أن تُقزَّم إلى شعارات عابرة أو حملات موسمية، وعلى رأسها تأتي المسألة البيئية، بما تحمله من تعقيد فلسفي، وتشابك اجتماعي، ومصير وجودي جامع.
في ظل ما يشهده العالم من تحوّلات مناخية متسارعة، لم يعد الوعي البيئي رفاهًا معرفيًا أو ترفًا مدنيًا، حيث تحوّل إلى شرط ضروري لضمان الحد الأدنى من التوازن بين الإنسان ومحيطه الحيوي. وحين نُبادر - كما تفعل وزارة البيئة والمياه والزراعة من خلال «أسبوع البيئة» - إلى ترسيخ ثقافة بيئية مجتمعية، فنحن لا نخدم الأرض بقدر ما نحمي مستقبلنا فوقها. لطالما وقعت القضايا البيئية في فخ الموسمية والرمزية، تارةً كصدى ليوم عالمي، وتارةً كاستجابة لموجة إعلامية أو كارثة بيئية طارئة. غير أن التحدي الحقيقي يكمن في تجاوز هذه المحدودية، وإعادة صياغة علاقتنا بالبيئة ضمن نسق حياتي شامل، تتداخل فيه التربية والتعليم والتشريع والسلوك العام.
إن ما تدعو إليه فعاليات أسبوع البيئة - من نشر للوعي وتعزيز للممارسات الصحيحة - ليس مجرد عناوين دعائية، وإنما هو بمثابة بيان تأسيسي لعقد اجتماعي جديد بين الإنسان وبيئته، عقدٍ قوامه المسؤولية التشاركية، ومضمونه الاستدامة الأخلاقية.
ومن الواضح أن حماية البيئة لا يمكن أن تُناط بجهة حكومية واحدة، ولا أن تُختزل في مبادرات تقنية فحسب، مهما بلغت من تطوّر. إنها مسؤولية تتوزع على جميع مفاصل المجتمع: الفرد كمستهلك وفاعل أخلاقي. المؤسسات كمحرك للسياسات والقرارات. الدولة كإطار ضابط يملك السلطة والقدرة على إحداث التحوّل البنيوي المطلوب.
إن أحد أخطر تجليات ضعف الوعي البيئي في مجتمعاتنا هو اختزال العلاقة مع الطبيعة في بُعد نفعي صرف، يغيب عنه الإدراك القيمي والروحي، وتغيب عنه العدالة بين الأجيال. وهو ما يستدعي استنهاضًا معرفيًا وثقافيًا يتجاوز الإجراءات، ليعيد صياغة الوعي ذاته. لعلنا بحاجة إلى إدماج البيئة بوصفها قضية معرفية في المنهج التربوي، وقضية جمالية في خطابنا الفني، وقضية سيادية في رؤانا التنموية. فالوعي البيئي الحقيقي لا يتجلى في اقتناء منتجات «خضراء» بقدر ما يتجلى في تحوّل عميق في نمط العيش وموقف الإنسان من العالم.
وما لم يتحوّل الوعي البيئي إلى نسق داخلي يحكم اختياراتنا اليومية، فستبقى كل المبادرات - على أهميتها - مجرّد محاولات إسعافية لا تلبث أن تخفت.
إننا لا ننقذ الأرض حين نمارس السلوك البيئي السليم، بل ننقذ أنفسنا من مستقبل باهت، محكوم بندرة الموارد واختناق الهواء وتشوه المكان.
وإذا كان لكل جيل قضية يؤمن بها ويخوض من أجلها معركته الحضارية، فإن قضية هذا الجيل - بلا شك - هي البيئة.
فلتكن البيئة ثقافة، لا حملة وعي أصيل، لا موقفًا طارئًا.
ولتكن التزامًا فرديًا وجماعيًا، لا مجرد واجب وظيفي.
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 368
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 478
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 318
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 366
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 344
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 520
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...