
بلادي عزيزةٌ.. وأهلها كرامٌ (2-2) - اللواء الركن م. د. بندر بن عبدالله بن تركي آل سعود
اللواء الركن م. د. بندر بن عبدالله بن تركي آل سعود
أجل، بلادي لن تجور أبداً إن شاء الله، وقائد قافلة خيرنا القاصدة اليوم، خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلمان هذا نفسه، أشبهنا بعبد العزيز خَلْقاً وخُلْقاً، هو أيضاً لا يخشى في الحق لومة لائم أبداً. وأذكر جيداً أنني سمعت قصة، لا أقول مشابهة لعدل عبد العزيز، بل هو عدل عبد العزيز نفسه: عندما كان مقامه السامي الكريم أميراً لمنطقة الرياض، وكان بابه مفتوحاً كعادته حتى اليوم لكل مظلوم وصاحب حاجة، جاءه عامل يشتكي إليه ظلم كفيله الذي فاجأه باستصدار تأشيرة خروج نهائي دون علمه، بالتزامن مع بداية العام الدراسي، ودون أن يعرف لهذا الأمر سبباً واضحاً. وكان للعامل هذا أربعة أطفال يدرسون. وفي الحال وجَّه مقامه السامي الكريم الجهات المعنية، كحزم عبد العزيز وحسمه عندما يتعلق الأمر بحقوق الناس، بالتحقق مما جاء في الشكوى، وبعدها يبقى العامل وأسرته على كفالة الدولة حتى يكمل أبناؤه العام الدراسي بما فيه من ملاحق، إن كان لأحدهم أو لبعضهم ملاحق، ثم يُستدعَى كفيله ويؤخذ للعامل حقه حسب النظام. بل أكثر من هذا وأعجب: في عهد قائدنا الزاهر الميمون هذا، طبَّق مقامه السامي الكريم الشرع حتى على أحد أفراد الأسرة المالكة، ولم يشفع له انتماؤه إليها.. فلا محاباة ولا انتقائية أبداً في الحق والعدل لأيٍّ كان، ولأي سببٍ كان. وهذا هو عدل المؤسس وعدل قائد ركبنا سلمان اليوم نفسه، الذي أخذه عنهما ولي العهد القوي بالله الأمين، أخي العزيز صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رئيس مجلس الوزراء، الذي أكثر ما يؤلمه أن يأتيه أحدٌ يشتكي ظلماً لحق به؛ وهو شديد في هذا، لا فرق عنده بين أمير وبين وزير أو خفير.
ويعجبني في هذا قول الشاعر خالد بن محمد الفرج في قصيدته (والحلم غمد حسامه) التي ألقاها أمام الملك عبد العزيز عند قدومه الإحساء عام 1354:
ولأنتم آل السعود الحر
ينجب منه حرَّاً
هذا ابنه وكأنه
هو نفسه خبراً وخبرا
إن الكواكب في السماء
تشابهت كبرى وصغرى
ويوافقه الشاعر العبقري المبدع أحمد بن إبراهيم الغزاوي، شاعر الملك، في قصيدة له بعنوان (وأنت الذي أحيا الشريعة) ألقاها أمام المؤسس في حفل توديعه من مكة المكرمة متجهاُ إلى الرياض عام 1358:
وحولك من أبنائك الغر عصبةٌ
أسودٌ وأشبالٌ بدورٌ وأنجمٌ
نباهي بهم في موقف السلم والوغى
ونشدو بهم في المكرمات ونقدم
أجل، بلادي لن تجور أبداً إن شاء الله، و ولي أمرها يقف جنباً إلى جنب مع المواطن البسيط، أمام القاضي، دونما مقاعد خاصة أو ألقاب، فالكل أمام شرع الله سواءٌ. وأذكر أن الشيخ عبد الله المنيع، ذكر على القناة الأولى مرة حكاية هي عدل عبد العزيز نفسه أيضاً في عهد الملك فهد، إذ حكم القاضي لمواطن ضد وكيل الملك فهد. وفي قضية أخرى في عهد الفهد أيضاً حكم فيها القاضي لمواطن ضد وكيل الملك عبد الله وقد كان آنئذٍ ولياً للعهد.
أجل، مثلما أن بلادي لن تجور أبداً، بالمقابل أهلها لن يضنِّوا مطلقاً، فهم أكرم الناس عطاءً، وأكثرهم مروءة، وأسخاهم يداً، وأشدهم حرصاً على فعل الخير.. هذا الخير الذي أسسوا له مركزاً خاصاً للأعمال الإنسانية، يلبى دعاء المستغيثين في العالم كله دونما تفرقة لأي سبب.
أقول حاشا لأهل بلادي أن يضنِّوا أبداً، وقيادتها الرشيدة تولي أصحاب الدخل المحدود فيها عناية خاصة، مثلما تولي رعاية فائقة لدور الرعاية الاجتماعية. بل أسست أحد أعظم الصناديق السيادية في العالم، دعماً للأجيال القادمة؛ فالجود والكرم بصمة خاصة لقادتها وأهلها كلهم دونما استثناء. وقد رأينا من قبل استجابة الجميع، بمن فيهم الأطفال، عندما ينادي ولي الأمر بإغاثة إخوتنا العرب والمسلمين ممن تضرروا بسبب الكوارث الطبيعية، بل دعمهم السَّخي للمحتاجين في العالم كله، دونما تمييز لأي سبب كان كما أسلفت.
أجل، أهل بلادي لن يضنِّوا أبداً، وهم يوفرون المأكل والمشرب والمسكن والنقل والرعاية الطبية الفائقة، لنحو ثلاثة ملايين حاج تقريباً سنوياً، إضافة لملايين المعتمرين والزوار على مدار العام؛ تلك الرعاية الطبية الفريدة التي أدهشت خبراء الصحة في العالم، فوجهوا بضرورة دراسة التجربة السعودية الاستثنائية في إدارة الحشود، خاصة أثناء انتشار الأوبئة، كما حدث وقت انتشار جائحة الكورونا.
أقول: حاشا لأهل بلادي أن يضنِّوا أبداً، وهم يوفرون فرص العمل والحياة الكريمة لنحو خمسة عشر مليون وافد، من أكثر من مائة دولة من كل قارات العالم؛ يكسبون رزقهم ويتمتعون بكل ما يتمتع به المواطن السعودي من حقوق وواجبات. نعم، أهل بلادي لن يضنِّوا أبداً، وهم يفرشون الموائد لمئات آلاف الصائمين في الحرمين الشريفين كل عام، ناهيك عمَّا نشاهده في مساجد مدنها وقراها وهجرها. وأحسب أنهم لا يفرحون بشيء مثل فرحهم بتقديم الطعام والشراب ومد يد العون للمحتاجين في كل مكان.
أقول إن أهل بلادي لن يضنِّوا أبداً، ومنهم حاتم الطائي الذي يضرب به المثل في الكرم، ومشت الركبان بكرمه، الذي لم يكن يرى للمال أي فائدة غير أنه وسيلة لإكرام الناس، كما لم يكن يرى للذهب أي قيمة غير أنه وسيلة لإطعام الجياع، إذ يقول:
وما تغنيني الأموال إن لم تُكْرِم الناس
وأي نفع للذهب إذا لم يٌطْعِم الجياع
فالحمد لله المنعم الوهاب، إذ جعل مواسم الخير تترى في بلادنا، فيما تغلي معظم دول العالم على صفيح ساخن. فبالأمس القريب احتفينا بذكرى يوم تأسيس بلادنا المجيد، الذي تزامن مع زيارة زعماء الدول العظمى لعاصمتنا رياض العز، طلباً للدعم والمساعدة والرياض السديد في حل مشاكل العالم وإحلال الأمن والسلام بدل الحروب والخصام؛ ثم شرَّفنا سيد الشهور، شهر الخير والرحمة والمغفرة والعتق من النار، وها نحن اليوم نحتفي بيوم الخفاق الأخضر، علم التوحيد العقدي والوحدة الوطنية الاجتماعية الراسخة المتينة.
وما أشبه الليلة بالبارحة، فمثلما صوَّر الشاعر العبقري ابن مكة المكرمة، أحمد بن إبراهيم الغزاوي، شاعر الملك عبد العزيز، استقرار بلادنا في عهد المؤسس، فيما يضطرب ما حولها من بلدان، إذ يقول في قصيدة له بعنوان (ترنو لك الأبصار في تاج التقى) بمناسبة قدوم المؤسس إلى الحوية عام 1365:
مولاي، شعبك في (ظلالك) آمن
والأرض في قلق، وفي إتراب
تتجاوب الأكوان أصداء (الطوى)
و(البؤس) و(الحرمان) والإضراب
والجوع يفتك بالشعوب، تراهمو
(تبر) يوسعهم بكل تباب
والحمد للرحمن، ما زلنا بكم
في (نعمة) موصولة الأسباب
وإذا البلاد القاصيات أمضها
فتك الحروب، وفتنة الأحزاب
فلقد وقانا الله فيك زلازلاً
شتى وكفَّ كواشر الأنياب
* * *
وإذا الملوك تفاخروا بعروشهم
كان اتجاهك قبلة المحراب
أقول مثلما كان حال بلادنا في عهد المؤسس من نعمة وأمن واستقرار، كذلك هو اليوم، ننعم هنا في هذا العهد الزاهر الميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، و ولي عهده القوي بالله الأمين، أخي العزيز صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رئيس مجلس الوزراء، بالأمن والأمان والاطمئنان والاستقرار، فيما يجاهد كثيرون حولنا لنوم، و لو ليلة واحدة، آمنة في أوطانهم، بسبب التشرذم والتحزب شرقاً وغرباً.. ولا غرو في ذلك، أليس سلمان هذا شبيه أبيه في كل شيء كما يؤكد أخي الشاعر المبدع (شبيه الريح) في قصيدته الجزلة (سلمان الشهامة):
مثيل أبيه أشباهاً وفعلاً
عصي الوصف سلمان الشهامة
* * *
فريد اللطف في يسر وعسر
ويسبق فعله عطفاً كلامه
أرى كربات خلق الله صرعى
صنائع جوده ترمي سهامه
وستظل بلادنا هكذا إلى الأبد إن شاء الله، بتوفيق ربِّنا عزَّ و جلَّ، ثم بحكمة قيادتنا الرشيدة وحرصها على مصلحة شعبها، وبتضافر جهد الشعب مع قيادته ووفائه وإخلاصه لها ولبلاده.. فكل عام وقيادتنا بخير، وشعبنا في أمن وأمان واطمئنا ورخاء واستقرار، وبلادنا في شموخ وعزٍّ وتمكينٍ.
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 368
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 478
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 318
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 366
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 344
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 521
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...