الإثنين, حزيران/يونيو 16, 2025

All the News That's Fit to Print

خالد بن حمد المالك

إسرائيل لا تتحدث الآن عن توسيع عملياتها العسكرية في قطاع غزة، وإنما باحتلال القطاع كاملاً، ولم تعد تتحدث عن أن حركة حماس لن تحكم القطاع بعد اليوم، وإنما عن نيتها لأن يؤول حكم القطاع بعد احتلاله كاملاً لجيشها، وهي الآن تعلن عن عدم الاكتفاء بنزع سلاح حماس، وإنما عن إنهاء أي دور مستقبلي لها في القطاع، بل وطرد عناصرها من كل القطاع.

* *

الترتيبات هكذا تجري، بتدرج سريع، أمام مقاومة متواضعة من حماس، ودعم أمريكي غير محدود لإسرائيل، وكل هذا بسبب تداعيات أحداث السابع من أكتوبر، وما أفرزته من انتصار إسرائيلي حققت به تل أبيب الكثير من أهدافها في حرب الإبادة، وهي الآن تستكمل المخطط الاستعماري والاحتلال الجديد لقطاع غزة، بعد سنوات من تحكم حركة حماس إثر انقلابها على الشرعية الفلسطينية.

* *

وفي ظل ذلك، فإن أكبر خطأ أن يتحدث الحمساويون عن انتصارات وهمية حققوها، وعن إمكانية قيام الدولة الفلسطينية نتيجة مغامرتهم في السابع من أكتوبر، فالواضح والمشاهد وبالأرقام أن إسرائيل احتلت أكثر من 85 % من القطاع، واستشهد من الفلسطينيين أكثر من 52 ألف شخص، وأصيب أكثر من 160 ألف شخص، ومثلهم -أقل أو أكثر - من المفقودين، وحرم الفلسطينيون من الدواء والغذاء، وفقدت حماس سلاحها للمقاومة، فأين هو هذا الانتصار الذي تدعيه حماس ومناصروها؟!

* *

الأخطر والأسوأ في هذه الحرب التي ظهرت فيها إسرائيل كقوة عسكرية كبيرة ولكن بلا أخلاق ولا إنسانية، وكررت صورة جيشها على أنه الجيش الذي لا يقهر، لأنه يمارس عدوانه باستخدام كل أساليب الإجرام لقتل الأبرياء من المدنيين، وهدم المساجد والكنائس والمستشفيات والمدارس ودور الإيواء، وتحويل القطاع إلى أرض محروقة.

* *

وبعيداً عن رفع المعنويات للفلسطينيين، فإن إدانة إسرائيل بوصفها دولة إرهابية، وقياداتها على أنهم قتلة وعنصريون، وأبعد ما يكونون عن السلام، وأن إسرائيل دولة محتلة ومستعمرة لأراضي الفلسطينيين، وأنها تتعامل معهم بالقسوة والظلم والقهر، وتزج بالسجون المظلمة كل من يحتج منهم على هذا التعسف في المعاملة، ويصر على كرامته، ومقاومته للمحتل، لا يلغي الاعتراف بالواقع المرير، لأن ذلك يؤدي إلى تجاوز المحن، ومعالجة الأخطاء، والعبور نحو تصحيح ما أفسدته بعض الممارسات في السنوات الخوالي.

* *

حرب قطاع غزة بآثارها السيئة، مهدت الطريق لإسرائيل لتحتل مساحات من الأراضي اللبنانية والسورية، وتمارس عدوانها على الدولتين، وتمعن في قتل الأبرياء في الضفة الغربية، وتتحدث عن أنها غيرت الواقع في منطقة الشرق الأوسط، والأخطر أن المطالبة بدولة فلسطينية أصبح تحقيقها أكثر تعقيداً، وأن الفلسطينيين معرضون للتهجير القسري من القطاع ومن الضفة، ومن سيبقى متمسكاً بأرضه سيكون تحت الحديد والنار من إسرائيل العنصرية.

* *

نكتب ذلك بألم، وشعور بالأسى لما أفرزته حرب الإبادة، والخوف مما يخبّئه المستقبل، بعد أن سادت القوة التي تمتلكها إسرائيل في فرض إرادتها، دون مقاومة أو رد فعل، سواء في سوريا أو لبنان، أو من الضفة والقطاع، بينما تتواصل الخسائر البشرية بين العرب والفلسطينيين، دون ظهور ما يؤكد أن هناك أي تغيير قادم لا يخدم إسرائيل.

* *

علينا بعد كل الحروب مع إسرائيل، ومع التأكيد على التمسك بالدولة الفلسطينية على حدود 1967م وعاصمتها القدس، علينا أن نعيد النظر في التعاطي الإعلامي والسياسي مع جرائم إسرائيل، ونعيد التخطيط والعمل لتحرير الأراضي المحتلة في فلسطين وسوريا ولبنان، بما لا يجعل إسرائيل هي المهيمنة في بسط سلطتها على التطورات المتلاحقة، باستثمار تل أبيب للعجز الفلسطيني والعربي في تجاوز الأسلوب التقليدي في كل حروبها منذ احتلالها لفلسطين وإلى اليوم.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...