السبت, تشرين1/أكتوير 04, 2025

All the News That's Fit to Print

د. إبراهيم بن جلال فضلون

«نحن نعيش على ثروة أعظم من النفط، هي الثقة.. فإذا زرعنا الثقة جنى الوطن استثماراً وتنمية».

-الملك سلمان بن عبدالعزيز-

قالها وصدق، فبخطوات واثقة، تواصل المملكة كتابة فصل جديد في قصة الاقتصاد العالمي، التي نجحت فيها بجدارة الثقة الوطنية، ورؤيتها الحالمة منذ 2016م، كان نتاجها التحول الوطني وما تحقق خلال عام 2024 من معدلات استثمارية محلية وأجنبية تجاوزت جميع المستهدفات للعام الرابع على التوالي، لتسجل ما يفوق 1.4 تريليون ريال، في إنجاز يعكس قوة الرؤية وعمق الإصلاحات الاقتصادية التي تقودها المملكة ضمن إطار رؤية 2030.. ولا أدل على القول، إلا كلمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء: «الاقتصاد المتنوع هو الأداة الأقوى لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار للأجيال القادمة».

فمحلياً: حقق الاستثمار المحلي قفزة تاريخية بأكثر من 1.3 تريليون ريال، متجاوزاً المستهدف بنسبة 38 %، وهو نجاح يقوده القطاع الخاص غير النفطي الذي مثّل أكثر من ثلاثة أرباع الاستثمارات المحلية، حيثُ لم يعُد تنويع الاقتصاد شعاراً، بل واقعاً ملموساً. أما على صعيد الاستثمار الأجنبي المباشر، سجلت المملكة تدفقات قياسية قاربت 119 مليار ريال، متجاوزة المستهدف السنوي بنسبة 39 %، وهو رقم يضع السعودية في صدارة الاقتصادات الأكثر جذباً للاستثمار، مُتفوقة على التباطؤ العالمي الذي شهد تراجعاً بنحو 10 %، ولم تكن هذه التدفقات مجرد أرقام مالية، بل توزعت على قطاعات حيوية تقود التحول الاقتصادي، أبرزها الصناعة التحويلية، التشييد والبنية التحتية، الخدمات المالية والتأمين، إلى جانب قطاع التجارة والتجزئة، فيما شكّل الاستثمار غير النفطي 90 % من الإجمالي، وهو تحول نوعي يرسخ مكانة المملكة كمركز إقليمي ودولي للأعمال.

الرياض، تلك العاصمة الاقتصادية الجديدة، استحوذت بجغرافيتها على 61 % من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر بقيمة 73.1 مليار ريال، لتصبح القلب النابض لحركة المال والأعمال في المنطقة، بينما حلت المنطقة الشرقية في المرتبة الثانية بنسبة 19 %، تلاها مكة المكرمة بنسبة 11 %.

ولعل ما يميز المرحلة الحالية ليس فقط حجم الاستثمارات، بل نوعيتها واستدامتها، حيثُ تجاوز عدد المقرات الإقليمية للشركات العالمية في السعودية 660 مقراً، مقارنة بالمستهدف لعام 2030 البالغ 500 مقر، وهو ما يؤكد أن المملكة تسير بوتيرة أسرع من التوقعات، بمعدل يتراوح بين 10 و12 ترخيصاً شهرياً لشركات كبرى تختار الرياض قاعدة لأعمالها الإقليمية.

وفي المقابل، استحوذت الاستثمارات العربية بحضور لافت، على ثلث التدفقات الأجنبية، تصدرتها الإمارات بأكثر من 18 مليار ريال، تلتها مصر بنحو 6.5 مليار ريال، فيما سجلت الأردن واليمن والبحرين استثمارات مهمة في نطاق مليارات الريالات.

ليكون الأثر عالمياً، بصعود الولايات المتحدة وألمانيا بقوة، إذ تضاعفت استثماراتهما ثلاث مرات خلال عام واحد، بينما قفزت استثمارات هونغ كونغ عشرة أضعاف لتصل إلى ملياري دولار، في إشارة إلى الثقة العالمية في البيئة الاستثمارية السعودية.

بالفعل سيكون عام 2025 «أفضل بكثير من العام الماضي»، كما قال وزير الاستثمار خالد الفالح، لأن السعودية لا تركز فقط على حجم الاستثمارات، بل على جودتها وقيمتها المضافة، بما يعزز الشراكات النوعية ويدعم سلاسل الإمداد والتقنيات المتقدمة، في وقت تتراجع فيه التدفقات الاستثمارية عالمياً. وهو ما نراه من إصدار تراخيص فتح مقرات إقليمية بمعدل 10-12 شركة شهرياً، مع توقع تجاوز العدد الإجمالي للمقرات الإقليمية الألف خلال السنوات المقبلة.

هذه المؤشرات القوية، تؤكد السعودية أنها في مسار ثابت نحو اقتصادٍ متنوع ومستدام، يفتح أبواب الفرص أمام المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء ويبشِّر بأفق واعد للنمو والازدهار، إذ تضاعفت التدفقات الاستثمارية أكثر من أربع مرات، وقفز عدد الرخص الاستثمارية من نحو خمسة آلاف إلى أكثر من 50 ألف رخصة في 2024.

وختاماً: إنها ليست أرقاماً مجردة، بل شواهد على تحول اقتصادي يقوده الابتكار، الانفتاح، والشراكة العالمية، ويعيد رسم ملامح الاقتصاد السعودي كأحد أهم الاقتصادات الصاعدة على مستوى العالم، بقصة رؤية وجرأة وقدرة على تحويل التحديات إلى فرص، فالسعودية لم تعد وجهة استثمارية فحسب، بل أصبحت بيئة متكاملة لصناعة المستقبل، حيث يتحول رأس المال إلى شريك في التنمية، وحيث تثبت الأرقام أن ثقة المستثمرين لا تعرف الحدود.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...