
حال الدنيا - د.محمد بن عبدالرحمن البشر
د.محمد بن عبدالرحمن البشر
زارني أحد الأصدقاء الكرام، وبجانبي صديق آخر يعرف عن الزائر القليل، وكان يظن أن أحواله الاجتماعية والاقتصادية ميسرة بدرجة مريحة، وبعد السلام المعتاد، وتبادل التحيات، وتذكر سالف الأيام، ويوم كانت نظارة الشباب مشرقة، وآلام الجسم ومواجعه نافقة، يوم كان عنفوان الصبى يدفع بالمرء إلى الاندفاع، وهجر التقوقع والاقتناع، وبعد أن أخذت السنون ما أخذت، وكثرت التجاعيد، وأصبح القريب بعيدا، وأمست الآلام حاضرة في الجلوس والقعود، وكثرت الالتزامات، مع قلة جهد بدني وذهني يمكن الانتفاع به، أخذ صاحبنا الزائر يشتكي ظروفه المادية والاجتماعية، ويذكر أنه تزوج ثلاث مرات لم يجمع فيها اثنتين، فكل منهن على انفراد وأنجبن عددا من البنين والبنات، يتكفل بطيب خاطر بنفقات بعضا ممن يستحق النفقة، والبعض ملزم به بحكم شرعي، وهو يجتهد بتحقيق ذلك ما استطاع، لكن تداهم المرء متطلبات لم تكن في الحسبان فيعجز عن تلبية المراد.
ذهب الزائر في سبيله فالتفت إلي صاحبي متعجباً وذكر لي أنه قد قابل هذا الزائر من قبل، وكان يظنه بعيداً عن منغصات الدنيا حتى سمع ما سمع، فقام وسجد لله شاكراً داعياً أن ييسر لذلك الرجل أمره، كما شكر ربه على نعمائه، وقال عجباً لهذه الدنيا فقد هانت همومي التي أحملها، والتفت إلي قائلاً: نعماء الله علي واسعة، أخذت أحصيها واحدة واحدة، سمع وبصر، وظل وشجر، وماء زلال، ومال حلال، وأقدام تحملني، وركب تنثني، فتعينني على الطاعة، أمسك بيدي قلمي فأكتب، وآكل بها وأشرب، آكل ما اشتهي، وأشرب ما ابتغي، لا داء يؤلمني، ولا هم شديداً يؤرِّقني، أقوم في الصباح وأسير بين الفساح، التمس الرزق، لكني لا أخلو من هم كسائر الناس، وضجر ووسواس، وسواس يكبر الأمور المزعجة الصغيرة، ويصغر الأمور المسعدة الكثيرة، همه أن يعكر المزاج، ويضيق الفجاج، ولهذا فقد أمرنا الله في كتابه الكريم أن نتعوذ منه، قال الله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)}.
التفت إليه قائلا: إن كل من تراه على وجه هذه البسيطة، صغر مقامه أو كبر، وقل ماله أو كثر، يحمل هما، ويكتم غما، فلا يغرنك مظهره وملبسه، وقصره ومركبه، فكل عليه من زمانه واكفا، كما يقول المثل المتداول في مجتمعنا:
كل من لاقيت يشكو دهره
ليت شعري هذه الدنيا لمن؟!
وكل ما تبنيه زائل، وكل ما تهواه بائن، وسيعود الإنسان مهما عمر إلى تراب، وصدق الشاعر إيليا أبوماضي حيث قال:
خفف الوطء ما أظن أديم
الأرض إلا من هذه الأجساد
فأديم الأرض أو الطبقة العليا من تراب الأرض بعضه من أجساد من سبقنا من البشر، وبينهم من تواضع وتسامح، وذكرني هذا القول ببيت شعر تتمثل به العرب يقول صاحبه:
ألم تر حوشبا يبني قصورا
يرجي نفعها لبني بقيله
يؤمل أن يعمر عمر نوح
وأمر الله يحدث كل ليله
وحوشب (بفتح الحاء وسكون الواو وفتح الشين) رجل من العرب له مقامه، وبقيلة (بفتح الباء وكسر القاف وفتح اللام) قبيلة من قبائل العرب.
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 368
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 478
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 318
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 366
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 344
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 521
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...