الخميس, حزيران/يونيو 19, 2025

All the News That's Fit to Print

د. فهد صالح عبدالله السلطان

على الرغم من كثرة الدراسات والبحوث العلمية التي تمت على منهج حوافز العاملين في قطاعي الأعمال والحكومة إلا أن الجدل حولها مازال مستمراً، ولم تسعفنا النظريات الكثيرة بمنهج علمي يحظى بإجماع أو شبه إجماع خبراء الإدارة ومنظريها.

ولعل من أبرز الدراسات التي تمت حول الموضوع هو ما يعرف ب هرم ماسلو.. أبراهام ماسلو عالم متميز أصّل وربط التحفيز بحاجات الإنسان وذلك من خلال خمس مستويات للإحتياج الإنساني، سميت ب مستويات هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية، تشمل هذه الاحتياجات:

1 - الاحتياجات الفسيولوجية.

2 - احتياجات الأمان (احتياجات السلامة).

3 - الاحتياجات الاجتماعية.

4 - الاعتبارات (احتياجات التقدير).

5.- تحقيق الذات.

والذي يبدو أنه على الرغم من كثرة النظريات المتعلقة بالموضوع وكثرة الجدل حولها فإن هرم ماسلو يظل هو الأقرب للواقع ولبيئات العمل المختلفة.

ومع هذه القناعة إلا أنه ومن خلال تجربتي الشخصية الطويلة في قطاعات العمل كلها الحكومي والأعمال والأكاديمي وغيرالربحي فقد تلاحظ لي وجود اختلاف جوهري فيما يتعلق بقدرة الحوافز على التأثير على العاملين ودفعهم نحو مزيد من الإنجاز وحفزهم على الإبداع والتطوير.

اتضح لي من خلال تجربتي العملية في قطاعات العمل الأربعة أنه من غير المناسب تبني نموذج واحد للتحفيز في المنظومة وتطبيقه في كافة الظروف وعلى كافة العاملين على اختلاف ثقافاتهم ورغباتهم وأعمارهم ..إلخ. حيث يبدو أن أثر الحافز يختلف وفقا للإرث الثقافي الذي يحمله العامل وللجنس والعمر ومستوى المعيشة والحالة الاجتماعية .. إلخ.

ونظراً لأننا نعيش فترة استثنائية تستند ماكينة العمل فيها على التقنية والإنترنت والعمل عن بعد. وربما تشتمل منظومة العاملين فيهاعلى أفراد يعملون في بيئات متباعدة جغرافيا ومختلفة ثقافيا ومتناقضة من حيث مستوى المعيشة والموروث الثقافي. وبالتالي فقد تكون متطلبات وحاجات وطموحات كل منهم مختلفة عن الآخر. لذا فلم تعد بيئة العمل بيئة محلية يمكن التعامل مع احتياجات العاملين فيها بمنهج واحد، وإنما أصبحت منظومة العمل في معظم المنظمات تضم فريقا من العاملين الذين يحملون هوية عالمية (Global citizen). الأمر الذي يقودنا إلى البحث عن آلية ومنهج جديد لحفز العاملين يستجيب لمستجدات المرحلة ويأخذ في الاعتبار التنوع الثقافي واختلاف حاجات العاملين.

فعلى سبيل المثال، يلاحظ أن هناك اختلافات بين الإحتياجات الفردية للعاملين من دول الخليج وأقرانهم حتى من الدول العربية المجاورة الذين يعملون في نفس بيئة العمل، وبالتالي اختلاف أثر محفز الأداء الواحد على كل منهم وفقاً لحالته المعيشية وانتمائه الثقافي. ففي الوقت التي يتجلى فيه أثر المحفز المادي على مجموعة منهم بشكل جلي تجد أن زميله في ذات العمل والتخصص والمستوى الإداري له احتياجات اجتماعية أو إدارية أخرى يطمح إلى تحقيقها أولاً وقبل المادة.

ففي بعض الحالات نجد أن اتاحة الفرصة للموظف بأن يعمل عن بعد يوم في الأسبوع مثلا أو منح العامل فرصة يوم للغياب عن العمل ذا أثر كبير على أدائه على خلاف أثر نفس المحفز على زميله في العمل.

الذي أردت أن أصل إليه هو أننا بحاجة إلى بناء منهج جديد لحفز العاملين، منهج يستجيب لمستجدات المرحلة السحابية لبيئة العمل ويأخذ في الاعتبار تنوع ثقافات العاملين واختلاف البيئات الجغرافية والاجتماعية والمعيشية التي يقطنون فيها، وكون البعض منهم يعمل في بيئة فضائية.. فلم تعد بيئة العمل هي ذاتها هي بيئة الحياة الاجتماعية. وبالجملة، فإنه يحسن بنا مراجعة كثير من نظريات وقواعد العمل الإداري وصياغة أسس ومناهج إدارية جديدة تنسجم مع مستجدات المرحلة وتتفاعل مع تطورات الذكاء الإصطناعي وذكاء الأعمال والرقمنة وكل معطيات الثورة الصناعية الرابعة. نحن أحوج ما نكون إلى عجلة جديدة.. فكما قيل: الذي أوصلك إلى ما أنت فيه لن يوصلك إلى ما تبتغيه.

وفق الله الجميع إلى ما يحب ويرضى.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...