الأحد, تشرين2/نوفمبر 16, 2025

All the News That's Fit to Print

د.زيد محمد الرماني

ينطلق كتاب سيكولوجية المال لمؤلفه مورجان هاوسل من فكرة أن النجاح المالي ذو علاقة بسيطة بمدى ذكائك، لكن علاقته وثيقة بكيفية تصرفك. ومن الصعب تعليم الآخرين السلوك، حتى الأذكياء. يمكن أن يقع العبقري الذي فقد السيطرة على عواطفه في كارثة مالية، والعكس بالعكس أيضًا. يمكن للأشخاص العاديين الذين لا يتمتعون بتعليم مالي أن يكونوا أثرياء إذا كان لديهم القليل من المهارات السلوكية، التي لا علاقة لها بمعايير الذكاء المعتمدة.

إن النجاح المالي ليس علمًا صعبًا. إنه مهارة ناعمة يتفوق فيها السلوك على المعرفة. وقد أطلق المؤلف على هذه المهارة الناعمة اسم سيكولوجية المال.

يقول هاوسل: الهدف من هذا الكتاب هو استخدام القصص القصيرة لإقناعك بتفوق المهارات الشخصية على جانب المال الفني، وسأفعل ذلك بطريقة تساعد الجميع على اتخاذ القرارات المالية الأفضل. وقد توصلت إلى أن هذه المهارات الناعمة لا تحظى بتقدير كبير، وفي معظم الأحيان يُدرَّس المجال المالي كونه علمًا قائمًا على الرياضيات، حيث يضعون البيانات في صيغة رياضية، وتخبرك الصيغة بما عليك فعله، ويفترض بك أن تلتزم بهذه الصيغة. يصح هذا في التمويل الشخصي، حيث يُطلب منك أن يكون لديك صندوق طوارئ مدة ستة أشهر، وأن توفر10% من مرتبك.

وهذا صحيح في مجال الاستثمار، حيث نعرف العلاقات التاريخية الدقيقة بين أسعار الفائدة والتقييمات. كما أن هذا صحيح في تمويل الشركات، حيث يمكن للمديرين الماليين قياس التكلفة الدقيقة لرأس المال. لا خطأ أو سوء في هذه الأمور، لكن المعرفة شيء، وما يحدث خلال التطبيق شيء آخر تمامًا.

ثم يبين هاوسل: لقد علمنا مبدأ التجربة والخطأ على مرّ السنوات كيف نصبح مزارعين أكفاء، وسبّاكين مهرة، وكيميائيين متقدمين، لكن هل علمتنا التجربة والخطأ أن نصبح أفضل في التعامل مع مواردنا المالية الشخصية؟ هل تعلمنا ألا نغرق في الديون؟ وأن نوفر قرشنا الأبيض لليوم الأسود؟ هل نحن مستعدون للتقاعد؟ هل هناك آراء واقعية حول تأثير المال في سعادتنا سواء أأثّر إيجابًا أم سلبًا؟ لم أرَ أي دليل مقنع. أعتقد أن السبب الرئيس في ذلك هو طريقة تفكيرنا في المال وأسلوب تعلّمنا عنه، فنحن نتعامل معه وكأنه علم الفيزياء (الذي يعتمد على القواعد والقوانين)، ولا نتعامل معه وكأنه علم النفس (حيث العواطف والفروق الدقيقة)، وهذه الملاحظة في غاية الأهمية والروعة من وجهة نظري.

المال في كل مكان، وهو مؤثر فينا جميعًا، كما أنه مُربك لمعظمنا. يفكر كل شخص في المال تفكيرًا مختلفًا، لكنه يقدّم دروسًا ثمينة تنطبق على العديد من مجالات الحياة؛ مثل المخاطرة، والثقة، والسعادة. تُقدِّم قلة من المواضيع المتعلقة بالمال عدسة مكبرة قوية تساعد على تفسير سبب تصرفات بعضنا فيما يختص بالجانب المالي وغيره. إن المال أحد أعظم العروض المقدّمة على سطح الأرض.

ثم يؤكد هاوسل: لقد تَشكّل تقديري الكبير لسيكولوجية المال من خلال ما يزيد على عقد من الكتابة حول هذا الموضوع. بدأت الكتابة عن المال في أوائل عام 2008، كان ذلك فجر أزمة مالية خانقة وأسوأ ركود منذ 80 عامًا. كان عليّ معرفة ما كان يحدث للكتابة عنه، وأول أمر تعلمته بعد الأزمة المالية هو عدم قدرة أحد على شرح ما حدث بدقة، أو لماذا حدث. ناهيك عما كان يجب فعله، وكان لكل تفسير جيّد دحض مقنع بالقدر نفسه.

وكلما درستُ وكتبتُ أكثر عن الأزمة المالية أدركتُ أنه يمكنني فهمهما فهمًا أفضل من خلال منظور علم النفس والتاريخ، وليس من خلال المنظور المالي، وهذا يعني أنه لكي تفهم سبب غرق الناس في الديون لستَ بحاجة إلى دراسة أسعار الفائدة، إنما أنت بحاجة إلى دراسة تاريخ الجشع، وانعدام الأمن، والتفاؤل.

ختاماً.. يقول هاوسل: يضم هذا الكتاب عشرين فصلاً، ويدور كل فصل حول أهم سمات المال السيكولوجية، التي لا تكون بدهية في الغالب. تتحدث الفصول عن موضوع مشترك، لكنها موجودة وجودًا مستقلاً، ويمكن قراءة أي فصل قراءة مستقلة. أرحب بكم في هذه الجولة الممتعة. الكتاب ليس بطويل، فمعظم القراء لا يكملون الكتب التي بدؤوها؛ لأن أي موضوع مستقل لا يحتاج إلى 300 صفحة من الشرح، ولذلك جعلت الكتاب مكوّنًا من 20 فكرة قصيرة تنهيها بسهولة بدلا من فكرة واحدة طويلة يضيق صبرك بها.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...