لماذا زيّفوا خُطبَةَ الشيخ؟ - د. ناهد باشطح
د. ناهد باشطح
فاصلة:
«إن التزييف العميق مثال بارز على التطور التقني السريع الذي لا يمكننا مواكبة فهمه ولا الإمساك بزمام السيطرة على تبعاته، وهو إضافة مهمة إلى مجموعة أدوات الفنان، وفي الوقت نفسه أداة تضليل جديدة تتحدّى قدرة المجتمع على تمييز ما يمكن الوثوق به»
-فلاديسلاف توشكانوف، عالم بيانات-
*****
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو للشيخ عبدالرحمن السديس يتحدث عن حفلات الترفيه ثم بالبحث اتضح أن الفيديو مفبرك باستعمال التزييف العميق «DEEPFAKE»
مقطع الفيديو المزيف تداول كثيراً عبر منصات التواصل الاجتماعي ، لكن موقع «مسبار» قام بالتحقق وأعلن زيف الفيديو حيث عثر على مقطع الفيديو الأصلي منشورًا بتاريخ 17 يناير 2025، في قناة شؤون الأئمة والمؤذنين وهي القناة الرسمية التابعة للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ولم يجد في الفيديو أي إشارة من الشيخ لجواز الاحتفال والرقص، كما جاء في الادعاء المضلل.
وبالتقصي، لاحظ «مسبار» عدم تطابق الصوت مع حركة شفاه السديس، ما يدعم أنّه مفبرك، وأنّ حسابًا عربيا نشر مقطع الفيديو بتاريخ 21 إبريل 2025، مشيرًا إلى أنّه «طلب من الذكاء الاصطناعي أن يتخيل شكل تبرير السديس للحفلات في هيئة الترفيه، وكان الجواب هذا الفيديو».
قضية السديس انتهت، فالفيديو الأصلي موجود في قناة رسمية، وهذا يغلق الباب على أصحاب التضليل لكن قضية التزييف العميق لم تنته، حيث يصعب كشفه ومخاطره جسيمة، وقد اعدت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي سدايا دراسة نشرت عنها وكالة الانباء السعودية في الرياض 09 سبتمبر 2025م عن إيجابيات التزييف العميق ومخاطره الاقتصادية والسياسية والأمنية.
وقد وضعت «سدايا» إرشادات خاصة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، تؤكد على الالتزام بتشريعات حماية البيانات والملكية الفكرية، وأطلقت وثيقة مبادئ التزييف العميق والحد من المخاطر مع تعزيز الابتكار التي تضم إرشادات للمطورين ومنشئي المحتوى ومستخدمي تقنية التزييف العميق، وتعزيز الاستخدام المسؤول لهذه التقنية، والتخفيف من المخاطر المحتملة.
مقالي اليوم يربط بين الجوانب التقنية والجوانب الثقافية المجتمعية، حيث لا أهدف إلى مجرد تصحيح فيديو انتشر بهذه التقنية، بل هي توعية جماهيرية تمسّ جوهر العلاقة بين الإعلام، والدين، والوعي الجمعي إذ إن انتشار المواد المزيفة ينهش الثقة العامة في المؤسسات الدينية والإعلامية.
معرفة الجمهور أن الفيديو مفبرك تعني إدراكهم ليبدأو في الشك الصحي، أي التفكير النقدي قبل إعادة النشر أو إصدار الأحكام، والوعي لا يتكوّن فقط من عرض الحقائق، بل من تدريب الجمهور على كيفية تمييز الحقيقة من الزيف.
هذه المعرفة تحصّن المجتمع من الانجرار وراء حملات التضليل الموجهة ضد رموزه أو قيمه.
كما أن هناك بُعداً أعمق لتزييف فيديو الشيخ ، حيث يأتي في سياق تأطير إعلامي ضد التحولات الثقافية في بلادنا، خاصة في ملف الترفيه والانفتاح الاجتماعي.
إذًا كشف الفبركة هو تفكيك لرواية مضادة تهدف إلى زعزعة الثقة بالمؤسسات، ومما لا شك فيه تقع «المسؤولية الإعلامية» على المؤسسات الإعلامية ومنسوبيها.
صوت خطيبٍ مشهور يملك تأثيرًا ايجابياً؛ جملة واحدة «منسوبة» إليه قد تُغيّر مواقف كاملة، لذلك المزيّفون يركزون على الأصوات الدينية لزيادة الانتشار وتأجيج الصراعات
والسؤال: هل نحن مستعدون لمرحلة «الزيف الصوتي» التي لا يمكن اكتشافها إلا تقنياً؟
نحن ما زلنا في مرحلة انتقالية، هناك أدوات وتقنيات للكشف والتحقق متقدمة، لكنها ليست كافية على كافة المستويات، لا يكمن الحلّ في انتظار كشف تقني مثالي، بل تأسيس مزيج من بروتوكولات مؤسسية، تشريعات تحمي الأصوات، أدوات كشف متقدمة، وتوعية عامة مستمرة، بدون هذا المزيج، سيستمر المزيّفون في إنتاج ما بإمكانه التأثير سلبا على المجتمع.
المصادر:
- وكالة الأنباء السعودية، (2025، 9 سبتمبر)، سدايا تكشف في دراسة حديثة عن إيجابيات تقنية «التزييف العميق» ومخاطرها المتوقعة على المجتمعات.
https://spa.gov.sa/N2393685
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 532
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 623
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 502
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 500
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 488
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 697
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...