منتجات «شي إن» هل هي سامة؟ - د. ناهد باشطح
د. ناهد باشطح
فاصلة:
«من لا يعرف إلا جانباً واحداً من الحقيقة لا يعرف شيئاً عنها»
-جون ستيوارت ميل-
***
في نهاية مايو 2024، تداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تقارير تتهم شركة الأزياء الصينية «شي إن» (SHEIN) ببيع منتجات ملوّثة تحتوي على مواد سامة تتجاوز الحدود المسموح بها.
الخبر بدأ من كوريا الجنوبية في خبر نشرته صحيفة The Korea Herald في 28 مايو 2024 ثم انتشر عبر صحف أجنبية مثل The Daily Mail البريطانية، وLe Monde الفرنسية وLa Repubblice الإيطالية ولكن ليس بذات الدقة.
الصحيفة الكورية في تقريرها أعلنت أن هناك منتجات أطفال مباعة عبر منصات صينية تحتوي على مواد سامة، وأن بلدية سيول أجرت فحصًا على 24 منتجًا صيفيًا من متاجر إلكترونية صينية مثل علي إكسبريس، تيمو، وشي إن، فتبين أن 14 منها غير صالحة للبيع لاحتوائها على مواد خطرة.
لكن البيان الكوري الرسمي لم يذكر أن جميع المنتجات تخص شي إن، بل أشار إلى أن بعض المنتجات من تلك المنصات احتوت على نسب مرتفعة من مادة «الفثالات» والرصاص.
الصحيفة الكورية لم تتهم شيء إن مباشرة، بل وضعتها ضمن قائمة المنصات التي فُحصت بل قالت»..وفقًا لحكومة المدينة، احتوت منتجات Temu وAliExpress على مواد خطرة بمستويات تصل إلى 33 ضعفًا عن المعايير القانونية للبلاد... جاءت نتائج فحص منتجات Shein ضمن الحدود المقبولة).
عدد من الصحف العربية والمحلية للأسف تفاعل مع ما نشرته الصحف البريطانية والفرنسية والإيطالية -وهم لم ينقلوا الخبر الكوري كما هو بل ركزوا على شي إن تحديدا- ولم ترجع صحفنا لأصل الخبر في الصحف الكورية والعبارة التي تقول «جاءت نتائج فحص منتجات Shein ضمن الحدود المقبولة».
ثم جاء دور فيديوهات التيك توك ومشاركات المؤثرين فيه للدعوة لمقاطعة «شي إن» لأنها تدعم الكيان الصهيوني ولأن ملابسها سامة كمثال للتضليل الإعلامي الغربي، في تقرير صحيفة Daily Mail استخدمت الصحيفة لغة مثيرة كـ «33 مرة أعلى من الحد القانوني» ونشرت صور لمنتجات «شي إن» حتى يركز القارئ بصريًا فيربط التلوث بمنتجات «شي إن» وحدها.
التقرير اتبع أسلوب «التأطير الإعلامي» عبر الصور والعناوين الجاذبة، رغم أن المضمون يستند إلى بيان حكومي شامل لجميع المنصات الصينية.
هذا ما يعرف في الإعلام بـ التحيز البصري أو التأطير الانتقائي، حيث يُختار العنصر الأكثر شهرة لزيادة المشاهدات.
أما الصحافة الإيطالية فنشرت أن السلطات الإيطالية غرمت منصة «شي إن» مبلغ مليون يورو، بعد أن خلص تحقيق أجرته هيئة المنافسة الإيطالية إلى أن الشركة ضللت المستهلكين بشأن الأثر البيئي لمنتجاتها.
وكذلك فرضت فرنسا غرامة قدرها 40 مليون يورو بسبب خصومات وهمية وادعاءات بيئية كاذبة من قبل شي إن.
مقالي لا يبرئ «شي إن» من التهم الموجهة لها لعدم التزامها بمعايير الاستدامة ولكن ماذُكر عن احتواء منتجاتها على مادتي الفثالات والرصاص بعد تحليل منتجاتها من قبل حكومة سيول هو العاري من الصحة.
وسط هذه الضوضاء الإعلامي جاء البيان السعودي من قبل هيئة المواصفات والمقاييس السعودية ،لنفي ما تم تداوله من اتهامات لمنتجات «شي إن» بعد فحصها للمنتجات.
كان البيان مركزًا على حماية صورة السوق المحلية أكثر من مناقشة أصل الخبر، ورغم أن البيان كان دقيقًا محليًا، إلا أن غياب التحقيق الصحفي لم يعطه القوة المطلوبة.
انتشار الفيديوهات المقتطعة من دون التحقق من مصدرها الأصلي ساهم في تحويل خبر محدود إلى «أزمة رأي عام».
هذه الحالة تعرف بـ«التضخيم العاطفي في الإعلام الرقمي»، حين تمتزج الغضبة الشعبية بالخبر الناقص.
الخلل الأساسي في القضية هو انتقال الخبر من سياقه الكوري المحلي إلى السياق العربي عبر السياق الأوروبي بلا تدقيق.
قضية «شي إن» تكشف أن الخطر الأكبر في الأخبار المضللة ليس الخبر نفسه، بل الطريقة التي يُدار بها إعلاميًا ومن ثم إهمال الجمهور للبحث عن المصادر الأصلية للخبر.
حين تغيب الصحافة الاستقصائية، تملأ الفراغ الحسابات الشعبية، ويتحوّل التفاعل إلى محاكمة جماهيرية بلا أدلة.
** **
المصادر
https://www.koreaherald.com/article/10498666?utm_source=chatgpt.com
آراء الكتاب
-
الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ
- 533
- 2016-02-09 17:29:26
محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...
-
حراسة الرمز - سعد الدوسري
- 624
- 2016-02-09 17:29:27
سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...
-
الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض
- 503
- 2016-02-09 17:29:30
د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...
-
بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد
- 501
- 2016-02-09 17:29:32
يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...
-
دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي
- 489
- 2016-02-09 17:29:35
ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...
-
التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد
- 698
- 2016-02-09 17:32:18
لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...