الأحد, تشرين2/نوفمبر 16, 2025

All the News That's Fit to Print

عبدالرحمن الحبيب

بعد لقاء قادة العالم يومي 6 و7 نوفمبر، يُعقد اليوم 10 نوفمبر مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ في أطراف غابة الأمازون في بيليم بوابة نهر الأمازون بالبرازيل لحضور اجتماعهم السنوي الثلاثين، وقد تسبب اختيار بيليم بتحديات جمة، منها الرمزي ومنها الفعلي. فمن الناحية الرمزية ينظر للأمازون كرئة العالم وإزالة جزء من غاباتها لبناء طريق للوصول إلى بيليم أثار جدلاً واسعاً لهذه المفارقة؛ فضلاً عما يثيره مواصلة البرازيل من منح تراخيص جديدة للنفط والغاز في الأمازون.

كما أن المؤتمر يتميز بكثرة الحضور، فإضافة للسياسيين مما يقرب من 200 دولة بحوالي 3000 مشارك على أقل تقدير، مع أكبر مشاركة للسكان الأصليين في تاريخه، هناك دبلوماسيون وصحفيون وناشطو البيئة وآخرون، إذ واجهت بعض الوفود صعوبة في حجز أماكن إقامة بأسعار معقولة، مما أثار مخاوف من أن الدول الفقيرة قد تُحرم من الإقامة بتلك الأسعار المرتفعة.

أما المؤتمر نفسه فيُعتبر لحظة مناخية حاسمة لاختبار اتفاقية باريس وحل أزمة الاحترار العالمي بعد عشر سنوات من تلك الاتفاقية التي تعهدت فيها الدول بمحاولة الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية؛ حيث التحدي الأكبر لمستقبل اتفاقية باريس يعتمد على الموازنة بين أهداف المناخ العالمية والمصالح الوطنية، إضافة إلى المسؤولية المالية والرقابة والشفافية وفعالية التنفيذ في تحقيق نتائج مناخية ملموسة.

هذا التحدي يكمن في أن الدول النامية وبعض الدول الأخرى تضغط من أجل التزامات مالية أكبر من الدول الغنية لتمويل جهود مواجهة تغير المناخ وخفض أكثر صرامة للانبعاثات، بينما تحذّر أصواتٌ محافظة من المبالغة في خطورة الأزمة بإعطاء الأولوية لأهداف المناخ العالمية على حساب المصالح الوطنية والاستقرار الاقتصادي، لا سيما بعد أن قامت بعض الدول منخفضة الدخل مثل زمبابوي مندفعة وراء موجة خفض الانبعاثات التي تقودها الدول المتقدمة، بحظر الأسمدة الصناعية واستبدالها بالأسمدة الطبيعية، مما أدى إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية بشكل كبير، وتراجع توافر الغذاء، وارتفاع حاد للأسعار.

فما هو المنتظر من هذا المؤتمر؟ المأمول بأن يُسفر عن قرارات مُلزمة وليس مجرد إعادة تأكيد للأهداف القائمة، وربما يُعيد تعريف أجندة المناخ العالمية من خلال أخذ الاعتبار للمصالح الوطنية وواقعها الاقتصادي بدلًا من التكليفات المثالية غير العملية أو خيالية مثل «صافي صفر» انبعاثات غازية كما كتب البروفيسور الأمريكي نايجل بورفيس (كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية) والرئيس التنفيذي لشركة «مستشارو المناخ» (مجلة فورين بولسي).

«يُمثّل مؤتمر الأطراف الثلاثين في بيليم اختبارًا لمدى قدرة طموحات المناخ العالمية على احترام السيادة الوطنية والواقع الاقتصادي» حسب بورفيس موضحاً أن المؤتمر هو أول قمة عالمية للمناخ منذ عودة الرئيس الأمريكي ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يواجه العالم أعمق أزمة في سياسات المناخ منذ انهيار بروتوكول كيوتو الذي سبق اتفاقية باريس، لكن بينما ساهم ترامب بشكل كبير في تسريع الأزمة وتفاقمها، فإن جذورها تكمن أعمق من ذلك منذ اتفاقية باريس لعام 2015.

كما يوضح بورفيس أنه بعد عشر سنوات من اتفاقية باريس التي تعد أنجح اتفاقية مناخية، حين كان العالم قبلها يهرول على ارتفاع الاحترار صوب 6 درجات مئوية، أما اليوم وبفضل الاتفاقية ذاتها فإن درجة الاحترار العالمي المتوقّعة انخفضت إلى نحو نصف هذه الدرجة؛ إلا أنها حتى الآن غير قادرة بمفردها على دفع إجراءات كافية لتجنب الكارثة؛ ويصفها بأنها اتفاقية حية لكن مُعرّضة لخطر اعتبارها ميتة من قِبل جيل جديد من نشطاء المناخ، فمصيرها غير مؤكد حتى تظهر النتائج، وسيمنح المؤتمر العالم فرصة لهذا القياس.

يؤكد بورفيس بأن القمة لن تسفر عن معاهدة جديدة، لكن نتائجها السياسية يجب أن تُظهر ما إذا كانت اتفاقية باريس قادرة على الارتقاء لمواكبة اللحظة السياسية الحالية، أو على أقل تقدير قد تُساعد الالتزامات السياسية في بيليم في جعل الأمازون نموذجًا عالميًا للزراعة المستدامة والحفاظ على الغابات، لكن هذه الالتزامات أو غيابها سيكشف أيضًا ما إذا كانت اتفاقية باريس قادرة على الاستمرار في تعزيز العمل المناخي العالمي.

ونوَّه بورفيس إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الوحيدة التي انسحبت من اتفاقية باريس للمناخ، وقد فعلت ذلك مرّتين، كلتاهما في ظل ترامب الذي تكمن سياسته الخارجية بأن الهيمنة الأمريكية عالمياً تعتمد على الهيمنة على الطاقة، وللحفاظ على هذه الهيمنة يتطلب التوقف عن التحوّل إلى الطاقة النظيفة، على حدّ تعبير بورفيس مؤكداً أن المجتمع الدولي يؤمن بأن ثورة التحوّل إلى الطاقة النظيفة لا يمكن إيقافها، وبأن ثَمن مقاومة هذه الثورة هو ثمن باهظ للغاية، وذلك هو سبب فشلَ فريق ترامب على مدار سنوات في تحويل المجتمع الدولي عن دعم اتفاقية باريس للمناخ التي «ظلتْ مرآة للتعاون الدولي حتى في وجه الاختلافات السياسية».

المحصلة أن المؤتمر الحالي مهمته الأساسية هي الخروج بتبني منهجية أكثر عملية لحل معضلة ما تواجهه اتفاقية باريس من تحديات سواء من عدم قدرة أو عدم رغبة بعض الدول بالالتزام بقرارات الاتفاقية، أو من إمكانية بلوغ بعض أهدافها الصعبة التحقق..

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...