الأحد, تشرين2/نوفمبر 16, 2025

All the News That's Fit to Print

د.عبدالإله ساعاتي

تستقطب الزيارة المرتقبة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الثامن عشر من شهر نوفمبر الجاري 2025م اهتماماً دولياً واسعاً من قبل الأوساط السياسية والاقتصادية والإعلامية العالمية، حيث تأتي هذه الزيارة بعد سبع سنوات من آخر زيارة قام بها سموه في عام 2018م والتقى خلالها بعمالقة الأعمال والتقنية والإعلام في الولايات المتحدة.

تأتي هذه الزيارة في ظل متغيرات سياسية واقتصادية دولية وإقليمية معقدة.. وفي وقت يعيد فيه العالم ترتيب أوراقه وموازينه.. بينما تحتل فيه المملكة بقيادة هذه الشخصية الفذة مكانة عالمية استراتيجية بارزة ومؤثرة على مختلف الأصعدة.. وباتت المملكة مركز ثقل عالمي سياسياً واقتصادياً.. في نفس الوقت الذي تشهد فيه البلاد تطوراً مذهلاً وتحولاً هائلاً ونهضة غير مسبوقة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وتقنياً.. فالمملكة العربية السعودية اليوم غير المملكة العربية السعودية من ثماني سنوات مضت.. فالأمير الشاب الذي يتمتع بـ»كاريزما» القيادة الفطرية استطاع إحداث تحول وتطور تاريخي هائل في بلاده سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً من خلال رؤية تنموية خلاقة وغير مسبوقة.. وفي ظرف زمني لا يحسب في تاريخ الأمم متجاوزاً عامل الزمن بشجاعة نادرة.. فهو القائد الملهم الذي يعمل دون كلل ليل نهار لتحقيق مصالح وطنه وتطلعات شعبه.. ولقد عبر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن دهشته من طاقة سموه.. فلقد سأله معجباً أثناء القائه كلمته خلال زيارته الأخيرة للرياض في شهر مايو الماضي قائلاً: «محمد.. ألا تنام!!».

جذور العلاقات السعودية - الأمريكية

وترتبط المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بعلاقات تاريخية وثيقة تمتد لأكثر من تسعة عقود من عمر الزمن.. وتعود جذور العلاقة إلى العام 1931م عندما بدأت رحلة استكشاف النفط وأبرمت اتفاقية الامتياز بين حكومة المملكة وشركة Standard Oil of California..

ولا ريب أن اكتشاف النفط كان فتحاً كبيراً للبلدين.. ثم تأسست العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في العام 1933م وافتتحت السفارة الأمريكية في مدينة جدة في العام 1944م.

ويعد اللقاء التاريخي الذي جمع بين الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه- والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت على متن الطراد الأمريكي USS QUINCY في الرابع عشر من شهر فبراير من عام 1945م أي قبل نحو (80) عاماً من عمر الزمن.. وهو اللقاء الذي أسس لعقود متواصلة من العلاقات والشراكات الاستراتيجية بين البلدين.. وكان نقطة التحول الكبرى التي أرست أسس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

العلاقات بقيادة الأمير محمد بن سلمان.. العصر الذهبي

تقوم العلاقات بين البلدين على الاحترام المتبادل.. ولكن من الطبيعي أن تشهد العلاقات صعوداً وهبوطاً وأن تشوبها بعض التوترات والتي غالباً ما يكون سببها الموقف الأمريكي من الصراع العربي - الإسرائيلي.. وهي وإن شهدت توتراً فإنها لا تلبث أن تعاود الصعود إلى طبيعتها.. ومن ذلك ما حدث من قبل الرئيس السابق بايدن عندما وجه انتقادات للسعودية ثم ما لبث أن أدرك قوة ومكانة وأهمية السعودية والقيمة الكبيرة للعلاقة الاستراتيجية بين البلدين والتي أدركها بعد الموقف القيادي السياسي الحكيم من قبل سمو الأمير محمد بن سلمان.

ولقد بذل سمو الأمير محمد بن سلمان جهوداً كبرى لإعادة ترتيب وتطوير هذه العلاقات التاريخية بين البلدين.. التي أصبحت اليوم في أوجها ازدهاراً ونماءً.. بل أستطيع أن أقول إن العلاقة بين البلدين حالياً تعيش عصرها الذهبي.

تقول سمو الأميرة ريما آل سعود سفيرة المملكة في واشنطن: «إن العلاقة اليوم بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية هي الأقوى في تاريخها». وتضيف قائلة: «الولايات المتحدة لا ترحب فقط بدور المملكة في حل الأزمات بل تعتبره ضرورياً.. والشراكة بين البلدين قائمة على المصالح المشتركة والرؤية المتبادلة لمستقبل أكثر ازدهاراً واستقراراً».

ويعمل في المملكة اليوم نحو 742 شركة أمريكية وإجمالي رأس المال الأمريكي المستثمر في المملكة أكثر من 100 مليار دولار.. ولقد بلغت صادرات المملكة إلى أمريكا 60 مليار ريال ووارداتها 70 مليار ريال.. وتعد الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة.. والمملكة أكبر سوق للصادرات الأمريكية في الشرق الأوسط.. وتبلغ استثمارات السعودية في الولايات المتحدة نحو 490 مليار دولار حتى نهاية 2024م.

ويجمع البلدين الحرص على الأمن الإقليمي والدولي واستقرار سوق النفط العالمي والتنمية المستدامة والمصالح المشتركة السياسية والاقتصادية والإنسانية.. وكذلك مكافحة التطرف والإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار. والبلدان عضوان في مجموعة العشرين.. ولهما دور محوري في تعزيز السلم والأمن العالمي.

وتحظى المملكة باهتمام عالمي كبير نتيجة مكانتها الإسلامية ففيها الأماكن الإسلامية المقدسة التي يرنو إليها ربع سكان الأرض.. إلى جانب ثقلها الاقتصادي العالمي كأكبر مصدر للنفط في العالم ودورها الأساس في استقرار سوق النفط العالمي.. ومكانتها السياسية كلاعب رئيسي يحظى باحترام دول العالم.. إضافة إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي.. ولقد شهدت المملكة في السنوات الأخيرة بقيادة سمو الأمير محمد بن سلمان صعوداً لافتاً كقوة عالمية في الابتكار والتحول الطاقي والتقنية الرقمية.. ولقد عززت الإصلاحات الهيكلية الحوكمة والشفافية وشجعت ريادة الأعمال والاستثمار الأجنبي والتحول الاقتصادي المثمر.. ولعل اكتساح المملكة في تصويتي اكسبو 2030 وكأس العالم 2034 واستضافتها الأحداث العالمية الكبرى أكبر دليل على أن ما كان حلماً في الماضي أصبح واقعاً نعيشه اليوم في المملكة.. فهي فعاليات عالمية تحمل حجماً هائلاً وتأثيراً دولياً واسعاً.

ملفات وطموحات استراتيجية مهمة

يحمل الأمير الشاب القائد الملهم في رحلته الطموحة المرتقبة تطلعات وملفات استراتيجية يعمل على إنجازها لبلاده في إطار رؤيته التنموية لمستقبل بلاده.. فلقد أشارت التقارير إلى أن في مقدمتها:

الأمن والدفاع:

* إبرام اتفاقية الدفاع المشترك بهدف تعزيز قدرة المملكة على مواجهة التحديات.

* صفقة شراء مقاتلات F-35 المتقدمة.

* صفقة شراء أسلحة ومعدات عسكرية.

* التدريب العسكري.

* تعزيز التعاون العسكري والاستخباراتي بصفة عامة.

الطاقة النووية السلمية:

* دعم المشروع السعودي للطاقة النووية المدنية.

* تجاوز التحديات التقنية والسياسية بالمفهوم السلمي للمشروع.

* ولقد تحدث وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت بشكل إيجابي عن إمكانية توقيع اتفاقية تعاون مشترك لدعم المشروع السعودي للطاقة النووية المدنية.

التقنية والذكاء الاصطناعي:

* تعاون موسع في مجال الذكاء الاصطناعي وهو من أولويات سمو الأمير محمد بن سلمان.

* اتفاقيات واسعة في مجال التقنيات المتطورة.

الطاقة والفضاء:

* اتفاقيات متقدمة ومتنوعة في مجالات الطاقة والفضاء.

وبصفة عامة وباختصار نستطيع القول إن هدف الزيارة التاريخية والقمة الاستثنائية المشتركة تأكيد وترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وتعميق التعاون المشترك بينهما بما يخدم مصالح الشعبين الصديقين ويعزز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...