الإثنين, حزيران/يونيو 16, 2025

All the News That's Fit to Print

ناصر بن محمد الحميدي

‏في صباحات نجد، حين تتهادى الشمس على أطراف الرياض القديمة، يولد بعض الناس ليكونوا أبناء للوقت، وليصيروا من صنّاعه.

وُلِد عبد الله بن عبد اللطيف الفوزان في الثالث والعشرين من يونيو عام 1967، في مدينةٍ تعرف كيف تربي الرجال وتصنع المجد، لم يكن هذا الفتى العادي ابنًا فقط لعائلة عريقة، ولكن كان مشروعًا لرؤيةٍ أبعد من السيرة، وأعمق من المهنة.

‏نشأ عبد الله في مدينة الخبر، تلك المدينة التي تُطِل على البحر، وكأنها تسترق السمع من الموج، ودرَس فيها، كما يدرس الفجر تفاصيل الطريق قبل أن يضيئه. ما لبث أن شدّ رحاله إلى العاصمة من جديد، طالبًا في جامعة الملك سعود؛ حيث نهل من المحاسبة ما يكفي ليقرأ العالم بالأرقام، لكنه قرأه أيضًا بالمعنى والهدف، وهذا هو الفرق بين رجل أعمال... وصانع أثر.

‏النجاح ليس مصادفة

‏منذ تخرّجه في عام 1990، وعبد الله الفوزان لا يمشي على الأرض فحسب، بل يمشي في رؤيته الخاصة: أن يكون للثروة معنى، وللعمل نَفَس. لم يكن نجاحه في تأسيس «الفوزان القابضة» نهاية السطر، وإنما بدايته؛ فقد اختار أن يكون في قلب مجتمعه، لا على هامشه، أن يبني مؤسسات لا لتجني الربح، بل لتوزّعه.

‏أنشأ جائزة اليونسكو الفوزان الدولية، ومركز الفوزان للتوحد، وبنك الطعام السعودي، وأكاديمية لإعداد قادة العمل غير الربحي. أترى؟ هذا رجلٌ لم يكن يريد أن يُذكر اسمه، بل أن يترك أثره. لم يشغل المناصب، وإنما شغل القلوب.

‏منزله لا على التلّ

بل في وسط الناس

‏ما أجمل أن يكون رجل بحجم الثروة، ويختار أن يكون قريبًا من الناس، يتحدثون عنه في المجالس، لا لأنه يُحسن إدارة الأرقام فحسب، ولكن لأنه يُتقن إصلاح الحياة. عرف أن «الربح الأكبر» هو في خدمة المجتمع، وأن المجد لا يُصنع من زجاج ناطحات السحاب، بل من قلوبٍ تطمئن بأن في هذه الأرض رجالاً لا ينسون واجبهم.

‏ليس عبد الله الفوزان -فقط- رئيسًا لمجلس إدارة، ولكن هو أبو مشعل؛ الاسم الذي ينطوي على دفء، على ذاكرة، وعلى قُرب من الأفئدة. في هذا اللقب البسيط تسكن فلسفته كلها: الإنسان قبل العنوان.

‏عبد الله الفوزان، رجلٌ عاش في زمنٍ كثرت فيه الأبواب، فاختار أن يكون مفتاحًا لها كلها. بنى، وأسس، ودعم... لكنه في كل ذلك، لم ينسَ أن ما يُخلّد ليس ما نملكه، بل ما نمنحه. وفي حديثه، وسيرته، ومشاريعه، نسمع صدى طموحٍ لا يهدأ، وإيمانٍ بأن الوطن ليس مجرد خريطة، حيث هو مجتمع حيّ، يحتاج إلى قلب نابض... مثله.

‏وإنا هنا إذ أبارك له شرف نيل وسام الملك عبدالعزيز فإنه لايفوتني أن أثني على مبادرات وجهود والده الشيخ عبداللطيف وعمه الشيخ محمد (الفوزان أخوان) اللذان أعطيا للوطن ولمحافظتنا الغالية الزلفي جل اهتمامهما وأمدوها بعطائهما، وما أكثر مآثرهما، وللتذكير لا الحصر تكفلهما بمركز الفوزان للولادة والأطفال ومركز التأهيل بالزلفي، وغير ذلك من المشاريع الخيرية التي يتجاوز ما تم اعتماده لها مئات الملايين.

‏بارك الله في ما قدماه من إحسان وكتب ذلك في ميزان حسناتهما ووالديهما.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...