قضايا وأراء
- التفاصيل
- قضايا وأراء
الدور السياسي والعسكري الذي تبادر فيه الدول وتتطلع إليه يختلف في توجهاته ومواقفه عن ذلك الذي تؤمن به ولكن تعجز عن تحقيقه، أو تخشى من ردات الفعل تجاهه، وبالتالي:»لكل مبادرة زيادة قوة مساوية لها في العطاء ومعاكسة لها في السرعة»، وهو ما يعني باختصار أن السرعة في المبادرة وليس في القوة، رغم ما يجمعهما من بذل وعطاء للوصول إلى الهدف مهما كانت التكاليف.
المملكة بادرت بسرعة في تشكيل تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب منحها مزيداً من القوة، والصعود كعادتها على منصة الحضور العالمي في مواجهة الوجه القبيح للإرهاب، وتعريته، وتسفيه أحلامه، وقطع الطريق على مخططاته، وفعلاً انضم إليها (40) دولة يشكّلون غالبية دول العالم الإسلامي، وإنشاء غرفة عمليات لتنسيق ودعم الجهود المشتركة، وتبادل المعلومات، والعمل سوياً -وليس على حدة كما كان في السابق- وفق محاور أربعة: عسكرية، أمنية، مالية، إعلامية، حيث احتضنت يوم أمس الاجتماع العسكري الأول لرؤساء هيئة الأركان لقوات التحالف الإسلامي، بعد أشهر من التنسيق والتحضير، والدخول في مرحلة جديدة من العمل وفق أولويات وخطط وتحركات مدروسة وتنسيق مع الشركاء الدوليين؛ للتأكيد على حرص العالم الإسلامي على مواجهة الإرهاب الذي تضرر منه أكثر من غيره، وترك فجوة عميقة بينه وبين من ينال منه، أو يسيء إليه، أو يحاول أن يمنح الإرهاب جنسية محددة، أو هوية، أو ديناً، أو مذهباً، وهو عكس ذلك.
ولي ولي العهد الرجل الاستثنائي في زمن التحديات، والمبادرات، والعزم، والحزم، والتحول؛ خرج في مؤتمر صحافي في منتصف شهر ديسمبر الماضي ولخص مهام وتوجهات التحالف الإسلامي في مواجهة الإرهاب، وكان حديثه واضحاً ومحدداً، ووجد ترحيباً وتعاوناً دولياً، خاصة من الولايات المتحدة التي تقود تحالفاً دولياً لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، بل أكثر من ذلك ما أعلنه وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر عن الاتفاق مع ولي ولي العهد على تشكيل مجلس أميركي خليجي للتنسيق في مكافحة الإرهاب، وبحث تفاصيله في اللقاء المرتقب يوم عشرين إبريل المقبل، وهو ما يشير إلى أن مبادرة المملكة بتشكيل التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب تنسجم مع جهود دولية، وقرارات أممية، وتلتقي معها في تطهير المنطقة من آفة الإرهاب، وتجفيف منابعه، ووسائل تمويله، والمحرضين عليه من دول ومنظمات، والمشاركين فيه من تنظيمات وميليشيات وأحزاب شيطانية، ووضع حدٍ لمخاطره التي تمددت على أكثر من قطر عربي وإسلامي حتى وصلت «الذئاب المنفردة» إلى قلب أوروبا في باريس وبروكسل.
لقد مضى على إعلان التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب أكثر من ثلاثة أشهر، وهي مدة كافية للتحضير والتنسيق، وتزامنت معها أحداث كثيرة لعل أبرزها مناورات «رعد الشمال» وما وفرته من قاعدة صلبة للجاهزية القتالية والتحرك العربي والإسلامي في أي وقت، وتقدم قوات التحالف والمقاومة الشعبية في اليمن لاستعادة الشرعية، والاتفاق النووي مع إيران، والانسحاب الجزئي الروسي من سورية، وضرب قيادات الصف الأول في تنظيم «داعش»، وتهيئة الرأي العام الدولي لضرورة العمل المشترك لمواجهة خطر الإرهاب، وهي محفزات مهمة تعزز مواقف المملكة الثابتة في حربها ضد الإرهاب، وقدرتها على المبادرة في توقيت مهم لإنشاء تحالف إسلامي يعبّر عن القوة والحضور الدولي في صناعة القرار والتأثير فيه، وأكثر من ذلك احتضانها مركزاً دولياً للتنسيق وإدارة العمليات المشتركة؛ لتكون رأس الحربة في المواجهة العسكرية؛ لأنها باختصار نجحت أمنياً في ضرب التنظيمات الإرهابية، وملاحقة المتورطين والمتعاطفين معها، وتمثّل ثقلاً إسلامياً كبيراً لا يستهان به، ومصدر ثقة من دول التحالف لقيادة المهمة بنجاح، وهي قادرة على ذلك.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
عبدالعزيز السماري
تربينا منذ الصغر على نظرية المؤامرة، وأنَّ هناك مؤامرة كبرى ضد الإسلام، وأنَّ الأعداء يعملون ليلاً ونهاراً على تشويه صورة الدين الحنيف وقيمه الحضاريه، ثم إظهاره رمزاً للتخلف والجمود والعنف، ومن خلال تلك النافذة أتذكر جيداً شخصية الشيخ عبدالرحمن الدوسري - رحمه الله - والذي عُرف بتخصصه في الماسونية..
كان - رحمه الله - يحذِّر منها في كل محفل وموعظة يلقيها في فعاليات المجتمع، ويحمِّلها فرقة الأمة وفسادها، وكان له كتاب شهير باسم الماسونية، وقد عُرف عن الشيخ جرأته في قول ما يؤمن به، وكان له موقف مشهور من القومية العربية، وكانت وفاته في عام 1979 ميلادية، أي قبل عام من التحول التاريخي في الفكر الديني في المنطقة.
كنت آمل أن عاش الشيخ - رحمه الله - وشهد ما يحدث من أبناء المسلمين، وكيف تحولت المؤامرة من الخارج إلى الداخل، فالتفجيرات التي تتطاير في كل مكان خلفها مسلمون اختاروا التطرف والتشدد منهجاً لهم، وبحسب نظرية المؤامرة التي في عقولنا ربما حققت الماسونية أهدافها من خلال سواعد وعقول أبناء المسلمين، بعدما فشلت في مساعيها في السابق.
فقد قام بعض أبناء المسلمين بالمهمة، وأنجزوها على أكمل وجه، لتشويه صورة الدين العظيم في العالم، وإظهاره كمرجعية للتطرف والدموية والقتل العشوائي، ولو اجتمعت أعداء الأمة للكيد بالأمة لما وجدوا خيراً من هؤلاء البسطاء للقيام بالمهمة، والذين يدخلون - بحسب رأيي - في تعريف الضحايا، والسذج الذين تشربوا بالفكر الشديد العدائية لما حوله من أفكار ومعارف وثقافات..
تعد الجالية المسلمة في بلجيكا الأكبر في أوروبا، والأكثر تمتعاً بحقوقها المدنية والدينية، فقد شهد عام 1974 اعتراف الحكومة البلجيكية بالإسلام كدين رسمي مما نتج عنه إدخال مادة التربية الإسلامية ضمن البرامج المدرسية لأبناء الجالية المسلمة، فضلاً عن صرف الدولة رواتب الأئمة وتحمل بعض من نفقات المساجد.
لم يكن خلف التفجير الإرهابي منظمات غربية تندرج تحت فصل المؤامرة ضد المسلمين، فقد نفذها مسلمون وُلدوا في بلجيكا، وتربوا هناك، ولكنهم لم يتقبلوا فكرة التعايش مع الآخرين، فكان التفجير عنواناً لحالة الارتباك والقلق التي تعاني منها بعض العقول المسلمة.
قد يكون هناك مؤامرات في مكان ما، وقد تكون هناك أيضاً إستراتيجيات غربية للسيطرة على ثروات الشعوب المتخلفة، ولكن تظل المؤامرة الأكبر تأتي من الداخل العربي والمسلم، ومن عقول اختارت أن تقتل من أجل أن تحكم وتسيطر، وإن كان ثمن ذلك صورة الدين الحنيف وقيمه العليا، فقد قدموا خدمة مجانية للمتآمرين علينا في المجهول، وأصبحنا متهمين حتى يثبت العكس.
بأفعالهم هذه شوهوا المعاني العظيمة لمكارم الأخلاق التي تعلمناه منذ الصغر، فقد قلبوا الطاولة في وجوهنا قبل الأعداء، وذلك عندما أظهروا وجهاً قبيحاً ومشوهاً على أنهم يمثلون الدين، فخسرنا كثيراً، وأصبحنا نحارب عقولنا، ونحاكم تاريحنا الذي أنجب أمثال هؤلاء.
من أجل الوصول إلى تصور عما يحدث، علينا أن نتوقف عن تحميل الخارج المجهول لأزماتنا السياسية والثقافية، وأن ندرك قبل فوات الأوان أن المؤامرة موجودة في عقولنا، وأن ظاهرة العداء للمختلف أياً كان، نحن صنعناها بخطابنا الديني المتطرف، والذي يكاد يلغي الآخر، بل يحكم عليه بالإلغاء، ولو كان أقرب الناس وأكثرهم تعايشاً معنا في المجتمع.
لا نحتاج إلى التفتيش عن الإرهاب في المخابئ والأنفاق، فمن خلال مراقبة سريعة لإعلام التواصل الاجتماعي سندرك أن داعش تعيش في كثير من العقول، ولو كانت تبدو شكلاً أكثر تسامحاً، ويتضح ذلك من آرائهم الشديدة العداء للذين يخالفونهم في الرأي، وقد تصل إلى درجة الدعاء عليهم وعدم الترحم على موتاهم.
شئنا أم أبينا نحن أمام واقع متفجر، ويكاد يعصف بالمكتسبات الوطنية في الأمة، والسبب عدم وضع تصور أمني عام عن الإرهاب وأفكاره وجذوره، وإذا استمر وضع الهدنة مع جذور الفكر كما هو الآن ستدفع الأوطان الثمن غالياً في المستقبل..
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د. أحمد الفراج
فجعت يوم الجمعة الماضية برحيل الزميل النبيل، عبدالرحمن الوابلي. وتعود معرفتي بالراحل إلى سنوات دراستنا الجامعية، بمدينة بريدة، إذ كان يسبقني بسنة أو سنتين، ثم تفرقت بنا السبل بعد التخرج، إذ اختار كلانا مواصلة الدراسات العليا خارج المملكة، ثم عاد هو ليعمل في كلية الملك خالد العسكرية، وأنا في جامعة الملك سعود، وبعدها بدأ نجمه يبزع في الكتابة الصحفية، والمشاركة في كتابة حلقات من برنامج طاش الشهير، ثم سيلفي، ولم تكن كتاباته عادية، إذ كان ممكناً أن تعرف أن كاتب الحلقة هو عبدالرحمن، حتى لو لم تقرأ شارة المقدمة، فلم يكن في كتاباته أسفاف، بل كانت عميقة، وموجعة أحياناً، وكانت تعالج قضايا شائكة يجبن الكثير عن الحديث عنها، تتعلق غالباً بالتطرف، وآثاره السلبية على الفرد والمجتمع، ولذا لاقى ضنكاً من المتشددين، والذين لا يعرفون طريقاً للتعامل مع الخصم إلا من خلال الفجور بالخصومة، ولكنه، وهو النبيل بطبعه، نأى بنفسه عن كل ذلك، ولم يلتفت لتلك الأصوات النشاز.
الراحل عبدالرحمن الوابلي كان عصياً على التصنيف، فلم يكن يقف مع طرف ضد آخر، بل كان تنويرياً وطنياً، متسامحاً مع الجميع، ينتقد ما يرى أنه يستحق النقد، إذ كتب سيناريوهات تنتقد السلبيات في كل أطياف المجتمع، ولي مع الراحل حكاية مؤلمة، فقد كتبت قبل سنوات مقالاً، وذلك رداً على الزميلة الكاتبة، بدرية البشر، ولأن الموضوع كان ذا حساسية، فقد شارك بعض الزملاء الكتاب في النقاش، وكان من ضمنهم الراحل، والذي كانت مقالته عبارة عن نقد لطرحي، ولأني أعرف مقدار نبله، وصدقه، فلم أرد على مقاله، وبدلاً من ذلك، تواصلت معه، وربما أنه كان يعتقد أنني كنت سأعاتبه، ولكنني وجدتها فرصة لتجديد الصداقة، وشكره على الإدلاء بدلوه في الموضوع، ثم ألح على أن نلتقي، وقد وعدته بذلك، وفي السياق ذاته، فإن أخي الأكبر، عبدالله الوابلي، شقيق الراحل عبدالرحمن، كان، ولا يزال يزودني، أنا وبعض الزملاء، ببعض الأطروحات الفكرية، وكان أيضاً، يلح عليَّ بزيارته، ولقائه مع أخيه الراحل عبدالرحمن، وكنت دوماً أعده، ولكن لا تسمح الظروف بذلك، وقد كنت - حقاً - أنوي زيارتهما خلال الفترة القريبة القادمة.
عندما بلغني نبأ رحيل عبدالرحمن، شعرت كأن الدنيا دارت بي، ولم يكن في مخيلتي إلا فداحة رحيل زميلي النبيل، قبل أن يتحقق اللقاء المرتقب بيننا، وشعرت، ولا زلت أشعر، بذنب عظيم، لا يمكنني وصفه، إذ إن فاجعة الموت تأخذنا على حين غرة، دون أن نتمكن من تحقيق بعض أمانينا، والآن، وقد أصبح رحيلة حقيقة واقعة، فإنه لا يسعني إلا أن أدعو الله العلي القدير أن يغفر له، ويرحمه، ويجمعنا به مع من نحب في جنته، فقد عاش حياته دون أي خصومات مع أحد، وكان وطنياً صادقاً، يؤمن بأن بعض الأمراض لا يمكن علاجها إلا بالكي، ولئن كان كل محبوه حزينون على رحيله، فإن حزني مضاعف، إذ إنه رحل قبل أن يتم لقاؤنا المؤجل منذ سنوات، ولم يدر بخلدي أبداً أنه لن يحدث. وختاماً، أقدم خالص التعازي والمواساة لأخي، عبدالله الوابلي، ولابنه يوسف، ولكل أشقاء الراحل وشقيقاته، وأسرتهم الكريمة، ومحبيه في كل مكان.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د.عبد الرحمن الحبيب
أن تنشر مقالاً شاملاً عن قطاع وأنت كاتب مستقل فتلك وجهة نظر، أما عندما تنشره وأنت على رأس المسؤولية لهذا القطاع فتلك وجهة عمل، فلست في موقع المناقشة واقتراح الحلول بل في موقع تنفيذها. فماذا يريد أحمد العيسى بمقاله؟
الدكتور أحمد العيسى ليس فقط وزير التربية والتعليم، بل أهم مفكر تربوي سعودي يطرح رؤية واضحة ومنهجاً متماسكاً لإصلاح التعليم في المملكة، ويمتلك كفاءة استثنائية نظرياً وتطبيقياً في هذا المجال. لذا، نال مقاله «تعليمنا إلى أين؟» نقاشاً واسعاً ومقالات عديدة، أكثرها دوياً ما كتبه علي الموسى بقلمه اللاسع: «سأجيبك معالي الوزير: تعليمنا إلى الهاوية».
النقاشات حول المقال تفاوتت بحدة.. أحد كبار الأساتذة الجامعيين قال لي: إنه مقال توديعي. قلت: يا رجل، الوزير لم يكد يبدأ حتى يودع! أكاديمي آخر على العكس، قال: هذه بداية لقرارات كبرى.. مدرس متقاعد قال: الوزير يواجه مقاومة بيروقراطية؛ وآخر قال: بل إيديولوجية، وأن الصحافة ملاذه! هذا التفاوت يعود، جزئياً، إلى علامة الاستفهام في عنوان مقال الوزير التي كانت غير متسقة مع المحتوى.. فالعنوان كان سؤالاً والمحتوى كان إجابة عامة، ربما خلقت انطباعا أولياً ملتبساً لمن يقرأ على عجل.. فهل هو يتساءل ككاتب أم يجيب كوزير؟ إنه جواب في صيغة سؤال، أو بعبارة أخرى عنوان استفهامي يجيب عليه المقال.
المقال بعد الديباجة الطويلة (الشرط الوزاري!) طرح وصفاً عاماً للمشكلة وتشخيصها، تلاه تحديد العلاج بداية بإعادة صياغة مفهوم «المدرسة» كمؤسسة تعليمية تربوية. انتقل بعدها لإعادة الانضباط للنظام التعليمي، ثم إعادة صياغة للأنظمة والتشريعات، ثم المنظومة المرتبطة بالمنهج، وطرق التدريس، وتدريب المعلمين، والبيئة التعليمية...
من أجل هذا الحل اشترط الوزير تعاون الجميع، منوهاً أن ذلك لن يأتي إلا عبر قرارات صعبة وحاسمة، ودفع ثمن قرارات عالجت قضايا التعليم بمنظور قصير المدى، فضلاً عن العديد من المعوقات. لم ينهِ الوزير مقاله دون أن يضع خطة عمل منطلقة في اتجاهين؛ الأول: تحسين البيئة الإدارية، ورفع كفاءة الأداء، وتطوير النظم والإجراءات، وتصحيح بعض الممارسات، وتفكيك المركزية؛ والثاني: حزمة مبادرات ضمن برنامج التحول الوطني..
لعل أول سؤال يتبادر للذهن هو لماذا يكتب وزير التعليم مقالاً طويلاً عن وضع التعليم (المشاكل والحلول)، بينما هو على رأس الجهاز يمكنه البدء في تطبيق ما يطرحه، فالرسالة منه وإليه؟ أما إن أراد التوعية بإصلاحاته فيمكنه أن يوكل المهمة إلى جهاز الوزارة الإعلامي؟ يبدو أن الوزير يدرك أن مثل هذا التساؤل سوف يُطرح، لذا بدأ مقاله بالتذكير بمحاضرة الدكتور محمد الرشيد، رحمه الله، بُعيد تعيينه وزيراً للمعارف، عنوانها هو نفس عنوان مقاله الحالي. كأنه يقول أنني لست مبتدعاً في ذلك فقد سبقني آخرون. طبعاً، ثمة فارق بين محاضرة في ندوة متخصصة، ومقال للعموم؛ إنما ضخامة المسؤولية وتعقيدها وطبيعتها المؤثرة في الجميع ربما دعت الوزير لمشاركة العموم في النقاش..
في كل الأحوال، السؤال الأهم: ماذا بعد هذا المقال الذي يتضمن رؤية تصحيحية يكاد لا يختلف عليها أحد؟ الدكتور العيسى يدرك أن مقالاً دبلوماسياً بأفكار لا يختلف عليها أحد هو مقال لا يقول شيئاً ذا بال. لكن حاشا العيسى أن يكتب مقالاً لا يقول شيئا! بالنسبة لي، الرسالة الأساسية للمقال هي عبارة «قرارات صعبة وحاسمة» لحل جذري لمشكلات النظام التعليمي المتراكمة عبر عقود.. هذه عبارة «تهيئة» وليست إنشائية، إذا كنا نعرف أحمد العيسى الذي لا يقبل أنصاف الحلول، والذي انتقد في مقاله قاعدة «سددوا وقاربوا» للمنظومة المرتبطة بالمنهج.
المنهج أو المقرر الدراسي هو أكبر أزمة خلافية تُطرح عند تناول التعليم في المملكة. هذا بحد ذاته عقبة تقف كجبل وعر عجز عن تجاوزه الوزراء السابقون منذ بداية ما أطلق عليه «الصحوة»، لأننا نختلف بحدة في محتوى بعض المقررات خاصة الفكري منها، وفي نسبة كل مقرر بين المقررات.. فمثلا مدارسنا هي الأقل في العالم في نسبة مقررات الرياضيات والعلوم والتكنولوجيا التي تعد بطاقة الدخول لاقتصاد المعرفة الذي يستند عليه الاقتصاد العولمي.
المقرر الدراسي في غالبية دول العالم يقع في آخر نقاشات إصلاح التعليم التي تتناول أسس العملية التربوية، وهي: البيئة المدرسية (المباني، الخدمات، الأجهزة التعليمية)، الإدارة المدرسية، المُدرس، النشاط اللاصفي. بعض الدول المتقدمة تعاني من ضعف مهارة المدرس لأن من يقبل على التدريس هم من الأقل مستوى بين خريجي الجامعات كما في أمريكا، بينما العوامل الأخرى مستقرة، لذا تجد أن تركيز النقاشات فيها ينصب على موضوع المدرس. بينما في دول أخرى يتم انقاء المدرسين من بين أفضل خريجي الجامعات مثل فنلندا، كوريا الجنوبية، سنغافورة، لذا تكثر النقاشات حول توفير أحدث الأجهزة التكنولوجية بسبب ضعف الميزانية، فينصب التركيز على الجانب التمويلي. وباختصار، الجدل حول المقرر الدراسي غير موجود في الدول المتقدمة.
بالمقابل، هنا في إعلامنا نكاد نغفل أغلب أسس العملية التربوية باستثناء المباني، أما موضوع المنهج فيأتي في المقدمة ويكاد يكون هو الوحيد لما له من ارتباط فكري بمسألة التطرف، وما يتردد عن المنهج المختطف أو الخفي وتوجه بعض الشباب للجماعات المتشددة. مقال الوزير لم يغفل ذلك محذراً من أن «إقحام التعليم في خضم صراع التيارات وتصفية الخلافات الفكرية سيقف عثرة أمام الحلول..» لكنه نبه إلى أن أحد مكبلات نظامنا التعليمي هي «ممن يتخوف من كل جديد فيحاول أن يمحو كل فكر مبدع ويسعى إلى تكبيل الميدان بشكوك وهواجس ومعارك صغيرة وتافهة..».
ما بعد المقال هو أن ثمة إصلاح لنظامنا التعليمي مهمته شاقة ومعقدة، وغالباً لا ترضي الناس حتى في أفضل نظم التعليم في العالم، فالناس تطمح للأفضل لتعليم أبناءها.. وما يزيد الصعوبة أمام الوزير هما معضلتان. الأولى: بيروقراطية، فجهاز التعليم ضخم جداً ومركزي يدير أكثر من ستمائة ألف موظف وموظفة. الثانية: إيديولوجية، حيث الممانعون لكل تطور وتجديد يقفون حجرة عثرة بأصواتهم المرتفعة رغم عددهم الضئيل.. فإذا كان مقال الوزير نجا من المعارك، فهل سينجو منها إذا بدأ في تطبيق ما طرحه أم تتحول المعارك الفكرية الصغيرة التافهة إلى كبيرة وتافهة!؟
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د. جاسر الحربش
قد يحتاج العنوان إلى تفكيك لإزالة اللبس ونوايا سوء الفهم. القصد هو ربط استكشاف ما يقع في الأمام وما زال مجهولاً، كغريزة معرفية بشرية، من أسباب التقدم، وتصنيف الرغبة في كبت غريزة التغيير المعرفية للبقاء في ما كان في الخلف واستمر حاضراً، كواحد من أهم أسباب التخلف. هكذا أصبح التوضيح أطول من العنوان وربما ما زال غير واضح.
الأمثلة هي التي توضح. من مواصفات التقدم سرعة الإيقاع في الحياة والتعديل والتبديل، مع بقاء الأهداف الأساسية للحياة التي من أجلها يتسارع الإيقاع ويحدث التغيير. ومن مواصفات التخلف الاكتفاء بما كان وتصنيفه كالأفضل والأمثل، رغم بؤس الواقع المعيشي، المادي والعاطفي في كثير من الأحوال. ابحث في ثقافتك عن مجتمعات الإيقاع السريع ومجتمعات الرتابة ثم قارن.
لنبدأ بما هو منظور ويومي، ما يسمى بالموضة (الأزياء والعطور والمساحيق للجنسين).
الأصل في الملبس هو الستر والدفء، ولكن الاهتمام الأكبر أصبح للتفاصيل. المجتمعات ذات الإيقاع السريع هي التي تحدد هذه التفاصيل وتبيعها غالياً وبدون إكراه للعالم. المثير والملفت هو أن المجتمعات الأكثر حرصاً على كماليات الموضة هي المجتمعات ذات الإيقاع الرتيب، وتنفق عليها أكثر مما تنفقه على ضروريات الحياة. الموضوع لا يخص النساء فقط، فليس هناك تقصير ذكوري في مجال الموضة والتأنق والتعطر، وكل يتصرف حسب الإمكانيات.
ماذا عن الموسيقى؟. الموسيقى الكلاسيكية الغربية وأنغام التراث القديم رسخت كثوابت في المجتمعات ذات الإيقاع السريع، ولكنها كثوابت جمالية تتعرض عندهم باستمرار للإضافات والاشتقاقات. كل هذه الفرق الموسيقية الشبابية الصاخبة، العنيفة أحياناً والحالمة أخرى، كلها تعديل وتبديل واشتقاق وإضافة إلى تراث هذه المجتمعات الموسيقي والغنائي.
لكن ابحث في درج أو جيب أو هاتف أي شاب وشابة من المجتمعات ذات الإيقاع الرتيب، لتجد أن كل ما تنتجه مجتمعات الإيقاع السريع مخزن بداخلها، ومتوفر في كل دكان وبقالة ومركز تسوق. الفرق هو أن المجتمعات الرتيبة تشتري وتستهلك ما لا تنتج، وابحث عن السبب في العنوان.
الأمثلة قابلة للمقارنة في الطب. هناك الطب الحديث، الناتج العلمي الاستكشافي لمجتمعات الإيقاع السريع وأهم ثوابته عندهم تحسين صحة الإنسان والمحافظة عليها. يقابله الطب التقليدي والطب المسمى بالبديل (بديل عن ماذا؟ لا أعرف).
الواقع يقول إن المجتمعات ذات الإيقاع الرتيب تعتمد على منتجات الطب الحديث مئات المرات أكثر من طبها الرتيب. كل مستشفياتها وأدوات تشخيصها ومستهلكاتها الصحية تقوم على طب المجتمعات ذات الإيقاع السريع. التشبث بالطب التقليدي والبديل هو بالضبط ما يقصده العنوان بقياس المقبول على السائد، من باب التشبث بالتخلف الحضاري والاقتناع بأفضليته ومثاليته، ولكن القول شيء والتصرف وصرف الأموال أشياء أخرى.
كانت كل الأمثلة السابقة مادية. ماذا عن الأمثلة المعنوية والثقافية، تلك التي يدخل إيقاعها السريع أو الرتيب في مسالك الحريات والحقوق والخصوصيات وتقاسم المسؤوليات ومساواة الفرص والاحترام المتبادل وتمكين المواطن / المواطنة من المكان المناسب لقدراته.
المكان المناسب بالتأكيد ليس ما ينطبق عليه قياس المقبول على السائد.
المكان المناسب هو ما ينطبق عليه قياس المقبول على المطلوب والضروري والذي بدونه تستمر الرتابة وتتيبس المفاصل وتضمر العقول والعضلات.
أختم بمقولة ذلك المدرس المصري الكسول للطلبة، إللي فاهم يشرح للي مش فاهم.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
سعد الدوسري
ككاتب، سيكون عليّ أن أشكر منظمي مهرجان أفلام السعودية، ومسؤولي المنطقة الشرقية على احتضان هذه الفعالية، منذ الخميس الماضي وحتى اليوم الاثنين. ولأنني عضو في لجنة تحكيم السيناريو، مع بدرية البشر وفيصل العامر، فلقد كانت فرصة لي كي أعيش مع ابداعات شريحة جديدة من الشباب، الذين لم يسبق لي أن عشت معهم تجارب من هذا النوع.
لقد قرأت نصوصاً لم تحصل لي فرصة أن أقرأ مثل تميزها، نصوص لن أفصح عن أفضل مبدعيها، لأن اليوم هو يوم إعلان فوزهم.
لقد كنا بحاجة لمحتوى متطور ومتفاعل مع المتغيرات الحياتية، ولن نكون قادرين على اكتشاف مبدعيه إن لم نمنحهم الفرصة للتنافس من جهة، والفرصة لحضور ورش متخصصة في هذا المجال من جهة أخرى.
والمثير أن معظم النصوص جاءت في حب الوطن، وفي رفض التطرف، مما يجعلنا نتفاءل بأن الفيلم -كمناخ جديد للتعبير- سيسهم مع وسائل الإعلام الاخرى في تكريس حالة الالتفاف حول القيادة في حربها على الارهاب.
السيناريو هو الخطوة الأولى لصناعة الفيلم، وكل ما يقال عن الفقر في نصوص الأعمال الدرامية أو السينمائية لن يكون صحيحاً إذا نحن قرأنا ما يقدمه الشباب اليوم في هذا المجال. صحيح أننا لا نزال في بداية الطريق، ولكنها بداية واعدة، والأهم أنها بداية تهتم بالوطن، قبل أن تهتم بأية فكرة أخرى. ونحن هنا نتحدث عن شابة من القطيف، وشاب من الرياض، وشباب من حائل ونجران ومكة، كلهم ينسجون في كتاباتهم أغنية بلاد مترامية الحب.
علينا ألا نقف في طريق هؤلاء الشباب الذين يشقون طريقهم الجديد في المجال الإعلامي، علينا أن نبارك لهم نجاحاتهم في المحاولة، وإن لم نفعل ذلك، فلن تكون محطتنا الإعلامية القادمة كما نأمل أن تكون.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
استمتعت غداة مشاركتي في مهرجان طيران الإمارات للآداب الثامن وعلى إثر جلستي الخاصة بأدوار المرأة الخليجية التي تشاركت فيها مع الدكتورة رفيعة بنت عبيد غباش، الأكاديمية الإماراتية العريقة، رئيسة جامعة الخليج بالبحرين سابقاً لدورتين رئاسيتين (2001-2009)، ومؤسسة متحف المرأة بدبي، بزيارة لهذا المتحف الفريد من نوعه في الخليج. فليس في الخليج متحفٌ مختص بالمرأة بالشكل الذي يقدمه هذا المتحف ربما إلا دارة صفية بن زقر التي تتقاطع في بعض أهدافها من توثيق للتراث السعودي النسائي بمتحف دبي.
وكان هذا المتحف الذي كنت أرغب في زيارته منذ أعلنت العزيزة رفيعة افتتاحه في السادس من ديسمبر 2012 على يد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وأنا أحاول أن أغتنم أي زيارة لدبي ولم تسنح لي الفرصة حتى الشهر الماضي وقد تبلورت كثير من الصور والأفكار وتناقل العالم هذا الحدث الذي أضافت به رفيعة إلى دبي نكهة ثقافية أصيلة تفتقدها أحياناً المدينة في زخم التزاحم المعماري الحديث والفعاليات التقنية التجارية والاستهلاكية.
ونأتي إلى هذا المتحف وقصته التي ارتبطت بصاحبته التي أنشأته على نفقتها الخاصة، وبرؤية عميقة تنطلق من إحساس بالمسؤولية تجاه الذاكرة والإنسان ولاسيما المرأة الإنسان، فضلاً عن الرغبة في تقديم فروض الوفاء لنساء الإمارات وإضافتهن إلى هذه الدولة الحديثة عبر التاريخ وعلى رأسهن والدتها، السيدة عوشة بنت حسين لوتاه، التي يبرز الحنين إليها والامتنان لقدوتها والوفاء لذكراها وتربيتها المختلفة التي ربطت بناتها بالعلم وبالأرض وبالعمل وبالإنتاج وإن كن من وسط مرفّه، سواء من خلال هذا المشروع الثقافي التوثيقي الذي قدمته رفيعة، أو من خلال مشروع ابنتها الأخرى، الدكتورة موزة عبيد غباش التي أنشأت "رواق عوشة بنت حسين الثقافي"، وهي مؤسسة ثقافية خيرية منذ عام 1992، وهي بحاجة لعودة.
وللمتحف قصص كثيرة صغيرة وذات مغزى ترتبط بفكرته التي رافقت رفيعة منذ الطفولة، واختيار موقعه الذي نجده في قلب دبي القديمة، الديرة، حيث سوق الذهب، وهو بيت كان لثلاث نساء كان ذا صلة بذاكرة طفولة المؤسسة نفسها، ويعرف آنذاك ب"بيت البنات". فكان أكثر المواقع مثالية لهذا المشروع وأبقت اسمه على بابه كما عرفه أهل الحي. وقصة شعار المتحف ومسابقة تصميمه التي طرحت على طالبات دبي حتى نجحت به إحداهن بهذا الشكل المميز الذي يوحي بوجه امرأة أو عدة نساء. لكن القصة الأكبر كانت في العمل الجماعي الذي وضعت رفيعة ملامحه ونصوصه مع مجموعة من النساء والشابات والشباب المتحمس للفكرة وعمل الجميع على وضعه على الأرض خمس سنوات حتى بدأ التنفيذ وحتى الافتتاح. كان كل نص يشترك الجميع في جمع معلوماته وكتابته وصياغته ومراجعته حتى يجد مكانه على جدران المتحف، وهنا لا بد من الإشادة بدور الساعد الأيمن للدكتورة رفيعة، وهي الدكتورة مريم سلطان لوتاه، أستاذة العلوم السياسية بجامعة الإمارات والتي خصصت يوماً في الأسبوع تطوعاً للعمل في المتحف واستقبال زواره وكانت مشكورة في استقبالنا لتقدم لنا قصة المتحف بتفاصيله الداخلية.
القصة الرئيسية كانت الحفر في ذاكرة المرأة الإماراتية في كل شأن من شؤونها الماضية والحاضرة، من سياسية أو تعليمية أو اقتصادية أو اجتماعية أو تزيينية، أو أدبية أو فنية، ولم تغفل أن تخصص ركناً لنساء الظل من النساء المهمشات كالطقاقات أو الرقيقات في تلك العهود والبحث فيما تركنه من بصمات في الثقافة المحلية. فضلاً عن القاعات المتنوعة الأغراض لعروض موقتة ودائمة، وقصة "فتاة العرب" الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي، ومكتبة المتحف.
http://www.womenmuseumuae.com/
وللحديث بقية.
لمراسلة الكاتب:
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
عشية انتخابات الكونغرس في 2010 قام تنظيم القاعدة بوضع قنابل على متن طائرات تابعة لشركتي (UPS) و (FEDEX) لشحن البريد كانت متجهة من اليمن إلى شيكاغو، اتصل مسؤول أمني سعودي بالبيت الأبيض وقدَّم إلى جون برينان، مستشار الرئيس أوباما لشؤون الإرهاب، أرقام الطرود المفخخة لمتابعتها، وقد تمّ توقيف هذه الطائرات في دبي وشرق ميدلاند بالمملكة المتحدة، وأزيلت القنابل بعد ذلك. يومها أزجى الرئيس أوباما الشكر الجزيل للقيادة السعودية والأمن في المملكة على تعاونهم الإيجابي على إفشال مخططات الإرهابيين الذين يحاولون تصدير الدمار إلى كل مكان.
تدرك الولايات المتحدة حصيلة الفوائد الجمة الحاصلة من تعاونها مع المملكة في مجال مكافحة الإرهاب، وترى الرياض في الوقت ذاته أنها وواشنطن قادرتان من خلال التنسيق المشترك في هذا الملف إحراز نتائج مذهلة، تنعكس بشكل كبير على الأمن الدولي، وتقوم الرياض بذلك إيماناً منها بظلامية الإرهاب وتقويض أذاه الذي طال الإسلام والمسلمين، وهذا الأمر يجهله الرأي العام الغربي.
من الوضح اليوم حجم الضغط الأمني الذي يعيشه العالم الواقع تحت تهديد تلك التنظيمات الإرهابية التي تتخذ من سورية والعراق موطئ قدم ثابت لها من خلالهما تديران عملياتها في أنحاء من العالم، ولو تأملنا هاتين المنطقتين لوجدنا أن قوى معينة هي التي تتحكم بشكل رئيسي فيها على الأرض، ونعني هنا صراحة إيران التي تصفها الإدارة الأميركية وعدد من الحكومات الغربية بالمارقة والداعمة للإرهاب، لكن ذلك لا يتعدى مجرد كلام لا يترجم إلى أفعال، فالوقوف ضد العمليات الإرهابية يجب أن يتم بحزم بعيداً عن أي اختلاطات أخرى بمعنى أن من الصعب استيعاب الحصول على تفاهم مع طهران في ظل سلوكياتها المخلة بالأمن الدولي، وإن أي جهود في مكافحة الإرهاب لا تأخذ في الحسبان جميع العناصر المطلوبة تكون ناقصة وغير متكاملة الأوجه.
إن تأسيس مجلس خليجي – أميركي لمكافحة الإرهاب يعقد أول اجتماعاته تزامناً مع زيارة يقوم بها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المملكة في 21 أبريل القادم، يبعث بدلالة واضحة عن ثقة توليها واشنطن ومؤسساتها الحكومية والأمنية والعسكرية بالحكومات الخليجية وأجهزتها الأمنية في الحرب على الإرهاب، ويمنحنا دلالة أيضاً أن لدى واشنطن وحلفائها قناعة استراتيجية بمحورية الدور الخليجي في ملف مكافحة الإرهاب لعدة اعتبارات أبرزها وضوح الرؤية الخليجية، كما أن تأسيس هذا المجلس في هذا الوقت يرسل إشارات واضحة عن تأييد واشنطن للإجراءات الخليجية التي سنتها مؤخراً لتقويض الإرهاب.
وسيعزز "المجلس" الذي تم الاتفاق عليه من منظومة التعاون التي تجمع الطرفين في محاربة الإرهاب، وهذا سيتيح للمجلس انطلاقة سلسة وقوية في آن، ولأن محاربة الإرهاب أخذت اليوم شكلاً وصبغة ذات طبيعة عسكرية تحشد لأجلها الجيوش وتعقد معها التحالفات العسكرية لدرء الخطر على الأمن الدولي، يجدر أن نكون متيقنين بأن مثل تلك الجهود تبقى مرتبطة بحجم الضغط والتأثيرات التي تمارس على الأنظمة المارقة في المنطقة، والتي تعبث بأذرعها في أمن دول الخليج وهو ما يعد استهدافاً واضحاً لدول هي رأس الحربة في مواجهة الإرهاب، وهذا ينعكس بشكل خطير ووخيم على الأمن الدولي، فما جرى في بروكسيل وقبلها في باريس إنما بُعث من دولتي سورية والعراق، فلننظر من يعبث بأمن تلك الدول.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
يتناهى إلى أسماع دعاتنا الأفاضل صوت المرأة الغربية وهي تصرخ مستنجدة (لقد سئمنا الضياع) لا أعلم هل هي تستصرخ دعاتنا الأفاضل لكي يهبوا لنجدتها كما هب المعتصم ناحراً عامورية عندما تناهى إلى سمعه صوت المرأة التي لطمها العلج أم أنها تستصرخ العلوج أنفسهم لإنقاذها من براثن الضياع الذي ألقوا بها فيه.
أعيش في الغرب منذ سنوات وسبق أن عشت فترة سابقة ومع ذلك لم تلتقط أذني أي أصوات نداء من هذا النوع. سأترك الأمر إلى حين الإفراج عن مصدر الصوت فدعاتنا أدرى بمصادر أصواتنا؟
ما أعرفه أن المرأة في الغرب تعيش في بيتها ومع أبنائها وزوجها وتحتكم على حقوقها وتشارك زوجها البيت والمال الذي يكسبه إذا كانت ربة بيت (مربية أجيال). زوجها لا يصرف عليها بل تشارك الزوج بالنصف في كل شيء يكسبه. وإذا حصل الطلاق يتقاسمون البيت والسيارة والأموال المسجلة في البنك بل ويتقاسمون حتى فناجيل القهوة والمكانس. أما إذا لمسها زوجها بأي مستوى من العنف لأي سبب كان تعد جريمة. لا فرق بين أن يلومده بعقال أو بمسواك؟ المسألة في الإهانة وليس في الألم.
لا أفهم ما الذي تعنيه كلمة سئمت من الضياع. نفس المشكلة أعانيها مع كلمة مربية الأجيال. أي أنثى في الدنيا سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة سوى كانت محترمة أو غير محترمة سوى كانت إنسان أو حيوان أو حتى حشرة هي مربية أجيال. فأبناؤها وبناتها جيل جديد عليها تربيتهم والعناية بهم سوى أخذتهم على طريق الشر أو طريق الخير تبقى مربية أجيال. السؤال ما هو المنتج من الأبناء الذين قدمته مربية الأجيال لمجتمعها وما هو المنتج من الأبناء الذين قدمته من سئمت الضياع لمجتمعها. ماهو المستوى الاقتصادي والأمني والعلمي والأخلاقي للبلاد التي يديرها أبناء مربية الأجيال مقارنة بالبلاد التي يديرها أبناء من سئمت الضياع. من يستعمر من ومن يغزو من ومن يصدر بضائعه إلى من؟ ومن يعالج من ومن ومن ومن الخ ؟ كم عدد علماء الذرة الذي جاؤوا من رحم التي سئمت من الضياع وكم عدد علماء الذرة الذين جاؤوا من رحم مربية الأجيال؟ كم عدد الرقاة الذين تخرجوا من بيت مربية الأجيال وكم عدد الرقاة الذي تخرجوا من بيت التي سئمت الضياع؟ كم عدد الشباب الذين يفجرون أنفسهم من أبناء مربية الأجيال وكم عدد الذين يفجرون أنفسهم من أبناء من سئمت من الضياع. من أي رحم جاء الرجال الذين يديرون وكالة ناسا ومن أي رحم جاء الذين يديرون امبراطورية البغدادي. منهم الذين يفجرون بلدانهم ومنهم الذين يبنون بلدانهم؟ من أين جاء الرجال الذين هبوا ملبين دعوة البغدادي ومن أين جاء الرجال الذين غامروا بأرواحهم ملبين نداء العلم والمعرفة وصرفوا حياتهم في الغابات والقطب الشمالي وجابوا بسفنهم الفضاء السحيق. أين هم أبناء مربية الأجيال وأين هم أبناء من سئمت الضياع؟ يا ليت دعاتنا الأفاضل يتفضلون على جماهيرهم الغفيرة بالإجابة على هذه الأسئلة!
لمراسلة الكاتب:
- التفاصيل