قضايا وأراء
- التفاصيل
- قضايا وأراء
ربما يكون لاعب وسط الهلال سلمان الفرج أكثر أنصار فريقه فرحاً بتعادل الأهلي مع الخليج في المباراة التي تلت مباراة الهلال والفتح وانتهت بتعادل هز من صدارة الفريق ساهم فيه الفرج بأخطاء غير مقصودة، وعاش واحدة من أسوأ الليالي، كيف لا وجمهور ناديه الذي دائماً ما صفق له قسا عليه حتى أبكاه، ومن الطبيعي أن تقسو الجماهير على نجمهم المفضل كونه بالغ في الاستعراض وتكرار الأخطاء ولعلي من أوائل من انتقده وطالبته بعدم الفلسفة في الأماكن الخطرة، ولكن الان أعتقد أن الفرج استوعب الدرس جيداً وجلس مع نفسه ليلة المباراة وشعر بخطأه وعاهد نفسه بأن يستعيد ثقة جماهير ناديه فيه كلاعب مهم وإذا كان في أفضل حالاته الذهنية والفنية فانه الأفضل بين أقرانه، كونه لاعبا مهاريا جداً وقائدا مميزا وصانع لعب متمكنا وهدافا يحضر في أحلك الظروف إذ أنقذ فريقه في مباريات عديدة محلياً وخارجياً، ولعلي هنا أهمس في أذن الفرج والنجوم الذين يخطئون ويدفعون الثمن بأن يتذكروا رموزاً ارتكبت أخطاء أكبر ولكنهم عادوا للتصحيح واستعادوا الثقة وأكدوا للجميع أنهم نجوم أفذاذ لا تهز مكانتهم أخطاء وإنما تزيدهم قوة وإصرارا، وعشمي بالفرج النجم الكبير أن يكون منهم وأن يعود كما كان نجما يؤدي اللعب السهل الواثق من نفسه والورقة التي يراهن عليها دائماً مدربوه، والآن سيكون دور فهد المفرج كإداري خبير مرّ بنفس الظروف أن يضع مع الجهاز الفني روشتة إعادة الثقة للنجم سلمان وعدم الانسياق وراء عاطفة جمهور غاضب، فالفرج لاعب مهم جداً ووجوده ضروري وكل المنافسين يتمنونه بين صفوفهم.
نقاط خاصة
* ليت اليوناني جيورجيس دونيس درس كل العلوم إلا "الفلسفة".
* قلناها كثيراً الدوري طويل وشاق والفارق النقطي ربما يتقلص والباب مفتوح لخمسة فرق للظفر بالدوري، والاتحاد أخطرهم.
* فهد المولد يعود كأفضل ما يجب أن يكون عليه متصدراً قائمة أفضل صناع الأهداف في دوري جميل بسبعة أهداف ما يحتاجه هذا الفهد التركيز برأس مرفوع.
* عدم تسجيل عمر السومة لهدف في أي مباراة لا يعني أبداً تراجع مستواه، العريس غاب لمباراتين سابقاً وعاد بعدها ب"هاتريك".
* الحضور الجماهيري في مواجهة الاتحاد وشقيقه الوحدات الليلة يجعلني أتفاءل بحضور مشرف لنجوم "العميد" وكل ما أخشاه فقط التسرع في تحقيق الفوز أمام فريق متمكن.
* النصر لن يذهب بعيداً في هذا الموسم، إذا ما تمسك مسيروه بالإيطالي فابيو كانافارو الذي لا يعرف تماماً ماذا يريد للفريق، لا للمكابرة.
* عبدالمجيد الرويلي لاعب متميز بمعنى الكلمة ولا أعرف كيف فرط فيه الشباب؟
الكلام الأخير:
الناجحون.. يزدادون تميزاً ووهجاً عندما يتعثرون.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
من أبرز عوامل قوة وانتشار الشعر الشعبي اقترابه بشكل كبير من قضايا الناس وتعبيره الصادق عن أفكارهم وهمومهم الحياتية، هذه هي الحقيقة التي يُحاول بعض المتعصبين ضد الشعر الشعبي التمويه عليها زاعمين بأن تردي ذائقة الناس هي التي جعلتهم يقبلون الشعر الشعبي ويتفاعلون معه وينصرفون عن الشعر الفصيح انصرافًا شبه تام. وفي دراسة الأستاذة مشاعل الجحلان عن "شعر الحياة اليومية في المجتمع السعودي" تؤكد بأن الشعر الشعبي زاخرٌ بالحياة، وأن "قصائد الفصحى لم تتحرر تمامًا من سلطوية المواضيع الكلاسيكية، فدواوينها الجزلة تعجُ بقصائد كلاسيكية منمّقة يجتهد الشعراء فيها ليحذوا حذو أئمة الشعر البارزين في تاريخنا الأدبي، وإن تعدّتها لشعر الحياة اليومية حينًا فهو نزرٌ يسير، إذ لا تكاد تقع أيدينا على قصيدتين إلى ثلاث –كحد أقصى- من قصائد شعر الحياة اليومية البسيطة، وكأنها تتحرج منه وتعده اختراقًا "لبروتوكولات" السلطة، وغثاءً لا يليق بمحافل النخبة". وقد عبّرت الباحثة عن استيائها من إهمال شعراء الفصحى لشؤون الحياة اليومية في أشعارهم وذكرت أنها "جاهدت في البحث عن قصائد فصحى مُوثقة تتناول شعر الحياة اليومية في عصرنا الحالي (في المجتمع السعودي)، وساءني أن كثيرًا منها لا يُذكر في دواوين الشعراء، ولا على صفحات الجرائد"!
غياب شعر الحياة اليومية عن اهتمام شعراء الفصحى يُقابله حضورٌ كبير ومميز في الشعر الشعبي، فقضايا المجتمع وهموم الناس حاضرة دائمًا في قصائد الشعراء الشعبيين، والشواهد على ذلك أكثر من أن تُحصى، ويكفي أن نورد بعض الأبيات التي تفاعل فيها الشعراء مع بعض المظاهر التي أفرزتها وسائل التواصل الاجتماعي وأثّرت بصورة سلبية على حياتنا اليومية، يقول الشاعر علي ضاوي في نقد ظاهرة التظاهر بالكرم وتصوير الموائد في "سناب شات":
ما سمعته يعزم الا في سنابه
كل ما صوّر صحن قال اقلطوا له
ما احدٍ جيعان يا ذيب الذيابه
عظم الله أجر ربعك والرجوله
وكذلك عبّر الشاعر مشعل الذيابي عن حقيقة ملحوظة بوضوح في هذه الأيام وهي تحول وسائل التواصل الاجتماعي بين أيدينا، ونتيجة لإسرافنا في استخدامها، إلى وسائل تساهم في التباعد وقطع رابط العلاقة مع أقرب الناس إلينا، يقول:
تويتر وواتس اب والشيخ فيس بوك
وسائل التقاطع الاجتماعي
معها ما عاد تقابل أمّك ولا ابوك
وإن صرت معهم ما لجلستك داعي!
كما ذكرت قبل قليل فالأبيات والقصائد التي تتناول شؤون الحياة اليومية شائعة جدًا في الشعر الشعبي، ويستحيل أن يمر أي حدث أو قضية من دون تفاعل الشاعر الشعبي وتداول الناس لأبيات مميزة تتعلق بذلك الحدث أو بتلك القضية، أمّا معظم شعراء الفصحى فيحرصون على كتابة قصائد تولد ميتة لأنها لا تُكتب بإحساس صادق، بل تكتب لكي يُقال بأنها تتفاعل مع الأحداث الكبرى بغض النظر عن مستوى الصدق والإبداع فيها ومدى قدرتها على لفت انتباه المتلقين.
أخيرًا يقول سدّاح العتيبي:
سولف وعطني كلمةٍ تفتح النفس
يطرب لها قلبي ويضحك حجاجي
أنت الوحيد اللي عفس خاطري عفس
وأنت الوحيد اللي يعدّل مزاجي!
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
هناك الكثير من المفردات التي تم (تسميمها) خلال العقود الماضية عن طريق ضخ متواصل لمعلومات مضلّلة من قبل تيارات الاسلام السياسي بغية السيطرة على العقل الاجتماعي، وملئه بأفكار حزبهم وعشيرتهم، وذلك في وقتٍ مبكر حيث لا يتوفر للناس يومها خيارات متنوعة من مصادر المعلومة والمعرفة غير شيخٍ منزوٍ في زاويته لديه القدرة للتصدي لأي قضية تعرض عليه، واصدر فتوى فيها دون ان يحمل نفسه جهد البحث والتأمل لأنه لن يسأله ولن يعاتبه أحد اذا حرّم لكنه سيكون في مرمى السهام اذا حلّل، مع أن تلك المعادلة تخالف المعادلة الشرعية حيث إن الأصل هو الإباحة وليس العكس.
من بين تلك المصطلحات المُسمّمة؛ مصطلح (القوانين الوضعية) والذي سيتبادر لأذهان الكثير منكم بأنني اقصد القوانين المخالفة للشريعة والتي تشربنا بأنها محادة لله ورسوله، وأن التحاكم لها كفرٌ مخرجٌ من الملة هكذا تم بناء مفهوم الحاكمية بشكل مشوّه ورسخوه بشكل مكثف وأصبح في نهاية المطاف هو العلامة الفارقة بين الدولة الإسلامية، والدولة غير الإسلامية وتستطيع أن تلحظ هذا ببساطة بمراجعة نتاج الصحوة الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين وما تبعه من تلويث لمصطلح القانون وتحريم تعلمه وبيع وشراء كتبه انطلاقاً من تحريم القوانين الوضعية وهي التي يضعها البشر لتنظيم حياتهم بغض النظر هل هي مخالفة للشريعة أو مخالفة له، وتناقل الناس هذه الفكرة عبر الاجيال دون تمحيص لمؤداها ومآلاتها؛ حيث إن معظم القوانين التي تحكم الناس الآن هي بشرية لم يكن لها اصل في العصور المتقدمة فهل يوجد قانون ينظم حركة المرور وإلزام ركاب الدواب التوقف عند الاشارة الحمراء، أو ربط حزام الأمان عند ركوب الجمل؟
وهل يوجد قانون ينظم التعامل مع المتهم بحيث لا يجوز سجنه لمدة معينة بلا محاكمه؟
أو ان عمال الدواوين يجب ان يؤدوا البصمة في الساعة الثامنة والانصراف الساعة الثانية ظهرا (بعد الزوال)، وانه لا يجوز للعامل ان يتغيب خمسة عشر يوما متصلة أو ثلاثين يوما منفصلة وإلا جاز فصله من العمل، وإن تم فصله تعسفا فيجوز له التظلم أمام ديوان المظالم خلال ستين يوما من علمه بالقرار وإلاّ تحصن من الإلغاء؟
كل تلك القواعد بما فيها القواعد الخاصة بعمل الهيئات الدينية التي تنظم عملها هي قوانين وضعية تم وضعها لتنظيم وضبط حياة الناس لكنها لا تخالف أياً من القطعيات الشرعية وإنما هي تتحرك في منطقة العفو التي تركها الشارع لتغير الزمان والمكان والناس الذين هم أعلم بأمور دنياهم.
هذا مثال بسيط على المصطلحات المُضلّلة التي خلقها دهاقنة تيارات الاسلام السياسي والهدف أنهم يريدون من خلاله أن يسيطروا على التشريع فكل قانون يمر من خلالهم ويمهر بخاتمهم المقدس (موافق للشريعة) فهو شرعي، ومن لم يتجاوز القنطرة فهو قانون وضعي غير شرعي، وإذا نجحوا بهذه المعادلة فقد أمسكوا بتلابيب الدولة وأعلنوا إقامة ولاية الفقية المُشرّع.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
يمر تعليمنا بحالة من الارتباك والحيرة، جراء ما نواجهه يوما عن يوم من تحديات تفرضها "العولمة، والثورة المعرفية، والتنافسية"، والتي تحتاج منا ليقظة متناهية، ويبقى الاحتياج الحقيقي لتغلغل "المواطنة" بين ثنايا هذا المثلث نهجا وسياسة وكيفية، لتحقيق التوازن والمحافظة على هُوية المجتمع وثقافته مع الانفتاح على العالم ومتغيرات القرن الحادي والعشرين الجارفة، وهذا ما أعتبره من أعظم التحديات!.
المواطنة فلسفة تربوية سياسية عقلانية وجدانية سلوكية، وهي نهج يرسم في عقل المواطن خريطة متكاملة متناغمة وعادلة، تسعى إلى تنمية وعيه بمعاني حقوقه وواجباته، وترسيخ وتهذيب سلوكه، وتطوير مستويات مشاركته الفاعلة في حياة الجماعة، التي ينتسب إليها بتغليب عقيدة "الانتماء" إلى تراب الوطن فوق أي انتماء سياسي أو ديني أو عرقي أو طائفي.. وبما يقابله من نظرة إيجابية نحو الدولة، والالتزام بأداء الواجبات، واحترام الأنظمة والقوانين، وبذل الجهود للمحافظة على تراب الوطن وصيانة مقدراته ومكتسباته.
ولأن السياسة التعليمية في المملكة كانت تهدف لتنشئة وإعداد "المواطن" الصالح وفقاً لقيم المجتمع، وحتى يصبح قادرا على إتقان عمله، والتعاون مجتمعيا بتنمية معارفه الإنسانية؛ فقد قامت وزارة المعارف (بمسماها السابق) 1417ه بإضافة مقرر للتربية الوطنية كمادة مستقلة في التعليم العام، غير أن ذلك لم يكن مقنعا بمخرجاته السلوكية، كونها أولاً جعلت من تربية المواطنة "مقرراً دراسيّاً" ولم تجعله "منهجاً" في التعليم العام وصولاً إلى التعليم العالي، وما جعل التجربة أكثر تعقيداً أن نظامنا التعليمي خلط فيها بين الأهداف الإدراكية "المعرفية" التي تعنى بتعليم الأفراد المهارات والمعارف نحو المواطنة، وبين الأهداف القيميّة التي تعنى بإعداد الأفراد كي يكتسبوا المواطنة أصلاً، وتقديمها للعالم بالشكل الصحيح!.
ما جعل التجربة تعجز عن إمداد النشء بالحقائق والمعارف عن تاريخ وطنهم وحضارتهم ومقدراتهم، ومخاطبة "وجدانهم" ليكتسبوا منظومة قيم وأخلاق تُنمي لديهم مشاعر الفخر والاعتزاز، وتحفزهم على العطاء والتضحية، لتمدهم بالمهارات الكافية سلوكاً في كل الاتجاهات الحياتية التي تؤهلهم للتميّز والإبداع عمليّاً من جهة، وبالقدرة على التمازج إيجاباً مع حضارة وطنهم، وتقديمها عالميّاً والدفاع عنه من جهة أخرى.
المواطنة ليست "مقرراً دراسياً" يحفظ، ولكنها "منهج" سلوكيّ، ومنظومة حب تحتوي على غايات كبرى ومعانٍ عميقة تؤكدها مواقف واحتياجات مجتمعنا في زمن متسارع ومتغير، يحتاج إلى ترسيخ الهوية الحضارية "السعودية"، بتصميم كافة "المناهج التربوية" بحيث تُترجم الكفايات المعرفيّة والوجدانية للربط بين المواطن والوطن، وبخبرات يكتسبها طلابنا قيمة وسلوكاً؛ والأهم من ذلك أن يُشرف على تلك المناهج قياديون أكفاء، وأكاديميون ومعلمون "يؤمنون" حقيقةً بالمواطنة ومعانيها أولاً، وبذلك لا تكون هنالك فرص أخرى لاختطاف العقول الطريّة بالمناهج الخفيّة، لأننا ساعتها سنعود إلى المربع الأول!.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
لا يمكن محاربة الإرهاب وجماعاته بأسلحة الحكومات وحسب، وإنما بمشاركة مجتمعية كلية، تشترك فيها كل الأطياف، بمن فيهم التجار والشركات الربحية، وتقديم المصلحة العامة، والأمن القومي في البلدان، على الأرباح، وهو امتحان حقيقي للكثير من الشركات، وخاصة الشركات التقنية، التي أصبحت ملاذا آمنا للكثير من الإرهابيين.
حسنا فعلت "تويتر"، ولا نستثني هذا الإعلان من الأهداف التسويقية، عندما أعلنت عن إغلاق أكثر من 125 ألف حساب، منذ أواسط عام 2015؛ لتهديدها أو ترويجها للأعمال الإرهابية، في خطوة من شأنها أن تقدم حسن نوايا في محاربة الإرهاب من قبل الشركة، ورسالة للإرهابيين في الوقت نفسه، وعملا تقدميا يحرج بقية الشركات، وتحديدا "شبكات التواصل الاجتماعي"، التي لا تقدم أي حلول أو مساهمة في محاربة الإرهاب.
وحتى نكون أكثر دقة، فقد أشارت الشركة إلى أن الحسابات المذكورة تتعلق بشكل رئيسي بتنظيم "داعش" الإرهابي، ما يفتح الأسئلة عن بقية التنظيمات والأحزاب المتطرفة، والتي تحرض على القتل والعنف، أو حتى الأفراد؛ الذين لا ينتمون ظاهريا لأي جماعة، ولكنهم يدعون لذلك - بمباشرة أو غير مباشرة -، ويدعون له دائما.
تقول "تويتر" إنها زادت عدد الفرق التي تتعقب التغريدات، لجعلها أسرع تصديا للتغريدات المذكورة، وهذه خطوة حميدة، ولكن لا بد أن تكون أكثر جدية في التعاطي مع تحليل المحتوى، واستقطاب موظفين يتحدثون لغات مختلفة وينتمون لثقافات متعددة، وعدم الاعتماد على الإجراءات التقنية التقليدية، التي لا تفرز - غالبا - بشكل دقيق.
رغم كل هذا، لا تزال الشركات التقنية تتعاون بشكل محدود مع الحكومات، وأعني هنا فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، و"كانت عدة حكومات بما فيها الحكومة الأميركية تحث مواقع التواصل الاجتماعي على اتخاذ إجراءات مشددة للتصدي للنشاطات الإلكترونية الهادفة إلى الترويج للعنف".
وربما أن هذا الإعلان يعيد المشروع الذي طرحه نواب أميركيون - في ديسمبر الماضي- المتمثل في قانون يُجبر شركات مواقع التواصل الاجتماعي - بما فيها "تويتر" و"فيسبوك" - على التبليغ عن نشاطات إرهابية قد تعثر عليها، والتعاون بشكل أكبر، في نفس ذات الوقت الذي يطالب به مسؤولون في الاتحاد الأوروبي بإجراء محادثات مع شركات مواقع التواصل الاجتماعي الرئيسية لبحث الموضوع ذاته.
ويبقى السؤال: كيف حال "هيئة الاتصالات" لدينا؟! والسلام
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
ردت المملكة بشكل قوي على المشككين في مدى جديتها في مكافحة الإرهاب في سورية وفي غير سورية وكذلك على الذين يزعمون أن بلادنا.. وثقافتنا هي مصدر الإرهاب.. عندما أعلنت منذ بضعة أيام أنها مستعدة لإرسال قوات برية إلى سورية لهذا الغرض.. ولكن في إطار مشاركة دولية حقيقية من قبل الجميع تحقيقاً لهدف استئصال هذا الإرهاب الذي خلقه النظام السوري وغذته إيران وأذرعها في المنطقة وفي مقدمتها حزب الله.. وساهمت في التغطية عليه واستفحاله الطائرات الروسية التي جاءت بذريعة مكافحة الإرهاب فإذا بها توجه قنابلها وصواريخها إلى الشعب السوري وقوى المعارضة المعتدلة التي تحاول أن تنتصر لهذا الشعب ضد نظامه الفاسد..
•• وإذا اجتمعت الدول المعنية هذا الاسبوع للاتفاق على تطوير عمل التحالف وتوجيه ضربات ساحقة ضد الإرهاب المتمثل في القاعدة وداعش فإن عليها ألا تنسى الحقائق التالية:
* أولاً: أن التنظيمات الإرهابية صناعة نظام أراد أن يصرف انتباه العالم عن جرائمه ويشغله بممارسات بشعة كالتي تقوم بها تلك التنظيمات التي يحارب أكثرها قوات المعارضة أكثر مما يواجه نظام الاسد.. وفصائل الحرس الثوري ومليشيات حزب الله الذين يتسببون في قتل الأبرياء صباح مساء.
* ثانياً: أن التوصل إلى اتفاق واضح المعالم مع روسيا لتوجيه قدراتها الموجودة على الأرض السورية إلى المنظمات الإرهابية وليس إلى غيرها بات ضرورة ملحة وإلا فما قيمة أي عمل تقوم به دول التحالف إذا كان هناك من يعمل على بقاء العوامل والأسباب التي أدت إلى وجود تلك التنظيمات الإرهابية.. وأنه إذا لم تتمكن هذه الدول مجتمعة من أن تمنع الممارسات الروسية الحالية فإنه لا قيمة لهذا التحالف ولا لأي مشاركة فيه.
* ثالثاً: أن الدول الكبرى (أمريكا/ روسيا/ بريطانيا/ المانيا/ فرنسا/ الصين) وغيرها مطالبة – قبل غيرها – بأن تُشارك بفعالية في المواجهة مع الإرهاب بقوات برية ضاربة لأن أخطار الإرهاب قد طالت وسوف تطال كل دول العالم.. وبالتالي فإن القضية قضية دولية وليست قضية منطقتنا وحدها، وإذا هي اكتفت بالتخطيط وإدارة العمليات فقط فإن أحداً في ظني لن يُرسل قوات برية على الأرض لأسباب عديدة.. نُدرك أبعادها ومراميها ونفطن لها جيداً..
•• وبصورة أكثر تحديداً..
•• فإن دولنا وشعوبنا متيقظة لكل ما يُحاك ضدها.. ولن تنجر وراء سياسات قد لا تُريد لنا الخير.. ولا تُساعد منطقتنا على تحقيق الاستقرار المنشود.. بل تُمعن في تشتيت جهودنا.. وبعثرة قدراتنا.. واستنفاد مواردنا.. في وقت تحتاج فيه دول المنطقة وشعوبها إلى كل ريال حتى تعيش حياتها في رخاء وأمان.. بفضل الله أولاً، ثم بفضل حكمة القيادات التي كانت باستمرار حريصة على تأمين سلامتها ودرء المخاطر عنها.. والله المستعان.
* ضمير مستتر:
•• تظل قوياً.. ما كنت حذراً من عدوك.. ومتيقظاً لكل الأخطار المحدقة بك.. ومتحسباً لكل خطوة تُقدم عليها لتأمين سلامتك أولاً..
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
كلما التقيتها مؤخراً سردت لي ما سبق وسمعته عشرات المرات.. وكلما استوقفتها تصرّ على أنني ينبغي أن أفند لها الصورة من كل الزوايا.. تلك الزوايا التي تكسرت وانحنت.. وتحولت إلى كل الأنواع.. تحاول أن تقنعني أن الأشياء تغيرت فجأة.. وأنها لم تكن كذلك أبداً.. ولا ينبغي أن أحمّلها ذلك الجزء الأهم من عدم الرؤية.. أو عدم قراءة الصورة بشكل جيد..
شهور طويلة ونحن نتحدث ونقرأ المشهد.. ونشرح ونحلل، وكلما وصلنا لمسار مشترك من الفهم نعود مرة أخرى إلى نقطة البداية، وللسؤال الثابت، لماذا لم أقرأ الصورة جيداً؟
ولماذا لانرى أحياناً من نفس الزاوية التي يرى منها الآخر؟
منذ سنوات قليلة سألتني قريبة لي في رأيي، وهي تحترمه، في عريس تقدم لابنتها وكان شاباً رائعاً ومحترماً ولي صلة بعائلته منذ طفولتنا وابنة قريبتي شابة مهذبة وتريد قبل أن تكمل العشرين أن يكون لها بيت منفصل وعائلة.. ولمعرفتي بظروف وتفاصيل كل عائلة وطريقة حياتها التي تختلف كلياً عن حياة العائلة الأخرى من حيث ارتباط الشاب بعائلته وتحركه من خلالها، ورغبة الفتاة في أن تستقل به بعيداً عنهم قلت لقريبتي: لا أعرف لكن من الصعب التوافق بينهما.. فقالت الفتاة: سوف أقدم كل التنازلات.. المطلوبة.. كنت أرى الصورة من زاويتي وكان الجميع سعداء بهذا الزواج.. ولم تمض ستة شهور حتى تطلقت وعادت إلى أسرتها وهي حامل بعد عدم التوافق وفشل العلاقة وعدم قدرة أي منهما على التنازل أو تغيير قناعاته.. عادت قريبتي لتقول لي: سبحان الله مقدر لها ذلك.. لو سمعنا كلامك كان ما صار اللي صار..!
ليست المشكلة في استيعاب كلام الآخر ولكن في تقبله وقراءته وتحليله.. ولكن في معظم أمور الحياة المتعلقة بالقلب نحن نفقد الرؤية تماماً عندما نرى بقلوبنا، وبالتالي تكون الرؤية أحادية وغير قابلة للتعديل أو المناقشة.. ومن غير المنطق أننا نحمل مَن حولنا وأصدقاءنا بعد ذلك ضبابية ما رأينا.. كوننا لم نمنحهم الفرصة الكافية ليقولوا وأحياناً تجاهلنا ما قالوه..!
هناك مثل شهير شعبي يقول "الحجر من الأرض والدم من رأسك.." بمعنى أنه عندما تنصح أحدهم بشيء وهو من طلب منك ذلك ومن ثم يفعل ما يراه هو بعد أن يهدر لك وقتك.. تقول له هذا المثل.. وهو في النهاية "حر" وعقله في رأسه وكما يقال "من يشيل قربة تخر فوق رأسه".. والمشكلة أنه عندما يغرق من الماء سيأتيك باحثاً عن وسائل التجفيف.. ليسترد وضعه الطبيعي، وأحياناً لمن اعتادوا على الغرق ليعاود مرة أخرى المحاولة.. لعلها هذه المرة تكون أفضل من سابقتها..!
هل هناك شخص يتغير فجأة من وجه إلى وجه آخر؟
هل هناك من يكون على اليمين وينتقل فجأة إلى اليسار؟
هل الوجوه تتبدل وتسقط أقنعتها عندما نريد أن نراها كما هي عليه،
أم أننا نحن من نجعلها ترتدي الأقنعة لنحتفظ بها؟
"لا أحد يتغير فجأة من حالة إلى أخرى.. كل ما في الأمر أننا في لحظة ما نغلق عين القلب، ونفتح عين العقل.. فنرى بعقولنا حقائق لم نكن نراها بقلوبنا"
هذه الرؤية الجديدة لنا المعتادة من الآخرين ظهرت عندما قررنا أن نرى وأقصد بالرؤية هنا الرؤية المتعقلة.. التي ترى الأشياء كما هي عليه ولا تحملها ما ليس فيها.. ولا تجعل الصورة أجمل مما هي عليه.. فالمحب يرى حبيبه أجمل الناس بعينيه..
صديقة لي كانت تقول إن زوجها أجمل رجل في الكون وأحلاهم.. وهو في واقع الأمر شخص عادي جداً لا يلفت أي إنسان ولا تتوقف أمامه امرأة.. ولا تتمناه أنثى.. ليس به شيء.. شخص مثله ملايين.. يعبر ولا يلتفت إليه أحد.. وكانت تقول وهي عشرينية.. خذوا عيني وشوفوه بهما..
بعد سنوات أصبحت تراه كما هو عليه ويمكن أسوأ، وتتهم صديقاتها بمزح أنهن خدعنها، ولم يكنّ صادقات معها عندما تزوجت به.. لأنها كانت تراه بقلبها والآن عندما توقفت رؤية القلب.. وتيقظ العقل رأته بعقلها الواعي.. وهو في الواقع يقول لها إنه هو الشخص العادي وليس ما رسمته كصورة خيالية..!
لا أحد ينجو من رؤية القلب.. في الحب وفي الصداقة وفي العمل عندما نقبل عليه، ولا أحد ينجو من التقييم الخاطىء للصورة؛ لأننا دوماً أسرى قلوبنا وفي النهاية تتردد نفس العبارة لقد خُدعت والصحيح أنك لم تُخدع ولم يضحك عليك أحدهم بل أنت من رأى وأنت من قرأ وأنت من قرر وأنت من اختلق صورة هلامية تحت تأثير مشاعرك وقلبك الذي قد يدفعك إلى الفراغ بعدها، ويترك في نفسك مرارة وألماً..
ولكن قد تتعلم من هذا الدرس لأنه من الصعب أن تعرف خلفية الصورة دون أن تقرأ وجهها.. وهذا لايعني أيضاً أنك قد تتوقف عن الرؤية بقلبك وتغمض أعين عقلك.. ولكن ستكون محطات قصيرة سرعان ما سوف تسترد منها رؤيتك الحقيقية والتي لاينبغي أن تدخلها في نطاق المادية البحتة أو العقلية الصرفة؛ لأننا بالعقل والقلب نعيش معاً.. ونرى ونتعامل بموضوعية وبدون قواعد متفق عليها في الغالب نحددها إما بفيض مشاعرنا وإما برؤية جافة أو عادلة.. ولكن لاينبغي أن تتجرد من روحها أو عدالتها أو موضوعيتها..!
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
المراجعة النقدية لأوضاع العرب أصبحت ضرورة وليست شعارا والعلاج للازمة يبدأ بالاعتراف بالخطأ والارتهان للواقعية السياسية وإطلاق الفكر الحر، وتسمية الأشياء بأسمائها
هناك اعتقاد يرى أن الوعي بضرورة الوحدة العربية يعتبر حديثا مع سقوط الدولة العثمانية والغزو الخارجي ممثلا بحملة نابليون. الا أن تأسيس الفكرة القومية كما يقول شمس الدين الكيلاني جاء من الافغاني الذي سخر من فكرة تتريك العرب آنذاك، وحذا محمد عبده حذو استاذه مؤكدا على هوية مصر العربية ثم جاء محمد رشيد رضا، تلميذ محمد عبده، الذي التحم بالقضية العربية، وكذلك الكواكبي الذي أكد في طبائع الاستبداد على ضرورة استرجاع دور العرب الريادي.
الجيل الثاني الذي مثله ساطع الحصري رأى الوحدة العربية في جانب المنفعة أكثر من جانبها العاطفي واضعا لها ثلاثة اركان لتقوم من خلالها دولة قومية تتكون من خدمة عسكرية ومجالس تمثيلية ونظام تربوي. ثم جاء الجيل الثالث للقوميين العرب يتقدمهم ميشيل عفلق الذي ظهر في ثلاثينيات القرن الماضي. كان يرى ان الخلل في موضوع الامة وليس الدولة. ومن اقواله "ان الشخصية العربية أساس البعث العربي، والايمان برسالة خالدة للعرب هو الدافع العميق لكل بعث" طبعا هو اشترط وحدة الروح بالإضافة الى الحرية والاشتراكية.
ومن المعروف ان القومية العربية تشكلت كمفهوم مع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وهدفها آنذاك مسعى نبيل بتمجيد العرب ووحدتهم، إلا أنها سقطت في الفخ وفشلت بسبب مأزق توظيفها السياسي وارتباطها في مرحلة من المراحل بالفكر الاشتراكي.
العروبة، وليس القومية العربية، هي جزء من أجزاء مترابطة، لا تتعارض أو تلغي الرابطة القبلية أو الوطنية. هناك من يرى أنها كهوية كانت موجودة أي ثقافة ولغة قبل ظهور الإسلام، ثم تحولت إلى حضارة وانتماء من خلاله وبعده، وبالتالي تشكل آنذاك وعبر مراحل تاريخية كيان سياسي واحد على أساس ديني إسلامي لا قومي عربي.
فكرة القومية العربية رغم جاذبيتها تعني العرق العربي، مع ان لدينا مواطنين في عالمنا العربي ليسوا عربا، بل بربر وكرد وتركمان ويحملون جنسية دولهم العربية. انا هنا لست ضد رابطة العرق طالما أنها تعبر عن ثقافة وانتماء حضاري، ولكنني بالتأكيد ضدها عندما يتم تسيسها واستغلالها من منظور عصبي وشوفيني مقيت.
الالتباس الذي نقصده يدور حول مضمون القومية، لأن تعبيرها لا يعكس بدقة معنى العروبة، فالقومية السورية مثلا ترتكز على الحيز العقدي، في حين ان "القومية الكردية" أو "البربرية" تستند على المرجعية العرقية.
وفي حين ان الدعوة إلى العروبة هي دعوة فكرية وثقافية، بينما الدعوة إلى الوحدة العربية هي دعوة حركية وسياسية، ولذا فالانتماء إلى العروبة ينطلق من الوجدان وليس الإكراه، بينما الوحدة العربية العقلانية تعبر عن مصدر إلزام وكيان سياسي بحكم فرض القوة والمصالح المشتركة.
العرب يعيشون حالة من التخبط فالمعاني التي كونت مصادر وحدتهم على مدى سبعة العقود الماضية تم تفريغها من محتواها. ومع ان الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية من خلال سايكس وبيكو، جزأتا العرب في القرن الماضي إلى اراض مكبلة الا ان نكوص النظام العربي الرسمي بدأ مع تلك العوامل التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية بدليل الدخول في مرحلة الاستعمار، واستيلاء الحلفاء على البلدان، وسقوط الدولة العثمانية، وظهور الاتحاد السوفياتي كثورة مناهضة للغرب، مرورا بمجيء النظام العالمي الجديد الأحادي القطب بزعامة الولايات المتحدة الأميركية الى ما وصلنا اليه من تعدد للقطبية بعودة روسيا وظهور مجموعة البريكس.
لا نتجنى هنا إن وضعنا كاهل المسؤولية على عاتق العرب وبالتالي تحمل فشل التجربة غير غافلين بطبيعة الحال التأثير الخارجي الذي ساهم بدور ثانوي، الا ان المفارقة التي تدعو للاستغراب إصرار بعض دعاة القومية العربية على تبرير فشلهم بإلقاء اللوم على الآخرين من خونة وعملاء، وأنها المؤامرات وأجندة الاستعمار ومخططاته.
سبب هذا الفشل الذريع وبروز ذلك الخطاب كما أتصور يعود الى الادلجة ما يعني عدم إمكانية إقامة مجتمع مدني، فالمذهبية والطائفية والعنصرية والقبلية أمراض وعلل استشرت وما زالت تنهش الجسد العربي.
من يتحمس لمصطلح القومية تجد خطابه خليطا من التشنج والاندفاع دون فهم لخلفياتها وسياقاتها وتجاربها التاريخية، ولذلك هو مفهوم ملتبس في تاريخنا المعاصر، والسبب يعود لتلك الحركات السياسية الذي استغلته ووظفته عن قصد بهدف تحقيق أجندتها.
الشعوب العربية خلال سبعين سنة لم تعد تتحمس لأي وحدة أو ارتباط أيديولوجي رغم جاذبيتهما فقد جاءت كل الشعارات من اجل الإمساك بالسلطة. ولعل من عاصر واحدة من تلك الأيديولوجيات التي عادة ما يطرحها القوميون والبعثيون والشيوعيون، يجد ان طروحاتهم تكرس الديكتاتورية والاستبداد، بدءا بقومية عبدالناصر، ومرورا بأفعال حزب البعث الدموية في العراق وسورية عوضا عن شعار الأمة الخالدة الذي دُفن في مهده، وانتهاء بالشيوعية التي لفظت أنفاسها مبكرا ناهيك عن أن شعار الإسلام لم يسلم هو الآخر من التوظيف فتم توظيفه سياسيا واستغلاله.
صفوة القول: المراجعة النقدية لأوضاع العرب أصبحت ضرورة وليست شعارا والعلاج للازمة يبدأ بالاعتراف بالخطأ والارتهان للواقعية السياسية وإطلاق الفكر الحر، وتسمية الأشياء بأسمائها إن أرادوا الخروج فعلا من الأزمة!
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
كتبتُ في هذه الزاوية قبل ست سنوات عن رؤى استثمارية تطرح عن مهرجان الجنادرية في كل عام، ويضاف مع هذا الطرح الكثير من مقالات وأعمدة الرأي في صحافتنا والتي تتحدث عن الأبعاد الكامنة والمعطلة عن استثمار المهرجان بشكل أكبر.
أولا، لا بد من تسجيل الشكر لوزارة الحرس الوطني والقائمين عليها على استمرار تحقيق المهرجان للنجاحات المتوالية. ولكن نحن نعيش اليوم مرحلة تحول مؤسسي يستشرف من خلاله مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية مستقبل الكثير من أوجه الإنفاق الحكومي، وتوظيف ما ينفق لتحقيق عوائد ومنافع متعددة وعلى رأسها خلق الفرص الوظيفية للمواطنين.
ولذا أعتقد أن المهرجان الوطني للتراث في الجنادرية سيدخل أحد منعطفات برنامج التحول. ولا يعني دخول المهرجان الى ذلك المنعطف دليل فشل من القائمين على التنظيم بل هو العكس تماما، فهو تقدير استثنائي لسنوات طويلة من النجاح، لكن جاءت الآن مرحلة فطام الجنين.
ويمكن النظر لمبررات هذا الاتجاه من حيث إنه سوف يحقق الكثير من المنافع والشراكات وتعزيز الاتصال البينثقافي الذي يخدم المملكة في الظرف الراهن. ومن ابرز تلك الأبعاد الداعية لدخول منعطف التحول هي:
بعد التمكين والتوظيف، فطالما أن المهرجان يمثل فترة استثمار وقتي محدود فنجد أن التنافس في تقديم الخدمات بات بأيد غير سعودية، وفي هذا تضييع لفرص وظيفية للكثير من شباب الوطن، فلو كانت المدينة التراثية مفتوحة طيلة العام او في أيام نهاية الأسبوع على الأقل، لخلقت معها الفرص الوظيفية على أقل تقدير لشباب الجامعات في الفترة المسائية ففي القرية العالمية بدبي مثلا، والتي جاءت في تعليقات القراء على مقال سابق، نجد أنها اتاحت الفرص الوظيفية والاستثمارية المستمرة هناك.
بعد الاستثمار في مقتنيات التراث التي يعرضها أبناء الوطن لفرجة الزوار، فهي ستصبح أكثر فاعلية ولن تقتصر على فترة المهرجان وإنما ستستمر وتزدهر. ولو نظرنا على سبيل المثال للمنتجات المرتبطة بالسياحة المصرية والتي كانت تصنع في مصر أصبحت تستورد من الصين وفي هذا درس لا بد أن نتعلم منه.
والتعلم هنا للحفاظ على تلك الحرف التراثية بأيد أبناء الوطن. فبناء الطين الآن عند من لديه الحنين للماضي ويريد تنفيذه، قد لا يجد مواطنا يقوم بذلك بل أصبحت حرفة بيد وافد.
أبعاد ما بعد الاستضافة، ففي كل عام هناك استضافة لدولة أو ضيوف شرف في المهرجان فماذا بعد هذه التجربة؟
أتمنى على السفارة السعودية في بلد ضيف المهرجان أن تعقد ندوات ومعارض مصغرة يقوم بها طلابنا في مسعى لتحقيق الدبلوماسية الشعبية وتعزيز الصورة الذهنية لبلادنا عبر استقطاب أكبر عدد من الأصدقاء في تلك الدولة، أو على الأقل خلق نافذة ثقافية يطل من خلالها أكثر من ضيف من تلك الدولة على بلادنا وثقافتنا التي نعرضها بعيوننا او بعيون من نثق به لا بعيون الحاقد علينا.
بعد الانتشار الداخلي فكل منطقة من مناطق المملكة لها قرية في الجنادرية فلماذا تبقى في الجنادرية فقط؟
أتمنى من كل منطقة أن تعزز وجود القرية في منطقتها أولا لاستمرا دورة النجاح وتأكيد الاستثمار فيمن يعمل على استمرار التراث المحلي من أبناء المنطقة وبالتالي تصبح مشاركتهم السنوية جزءا من عمل مستمر وليس من خلال توليفة وقتية. ويقام في تلك القرى فعاليات مصاحبة مع أيام المهرجان ويُعرض من خلال شاشات العروض الداخلية ما يجري في قريتهم بالجنادرية.
بعد المكون الخليجي واليمني والعربي، وتحالفاتنا حيث يمكن إضافة قرى خليجية ويمنية وربما جناح لبقية دول التحالف ليذكرنا بعاصفة الحزم وتكوين التحالف العربي، ونشر وتعزيز ثقافة التحالف وإعادة الأمل ثقافيا.
إجمال القول إن دخول الجنادرية منعطف التحول الوطني الجديد سينقلها من مركز إنفاق الى مركز تحقيق الكثير من الفوائد والعوائد المالية والوظيفية والاستثمارية والإنتاجية الثقافية المستمرة.
طبعا كانت طموحاتي غير محدودة قبل ست سنوات، أما الآن فالطموح أكبر لجنادرية الفرص الواعدة لشباب الوطن.
وبقي أن نقول إن تأسيس المهرجان السنوي في الأصل أو تحوله لمشروع مستمر سيظل في نهاية المطاف مشروعا من اجل الوطن.
والعرب تقول "أجلّ المعروف ما صُنع إلى أهله".
- التفاصيل