قضايا وأراء
- التفاصيل
- قضايا وأراء
يوسف المحيميد
في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف!
كم أشعر بالمرارة بأن نقرأ عن حملة دكتوراه يعانون من شبح البطالة، فهل وصلنا إلى هذا الحد؟ وهل يعقل أن هناك أكثر من ثمانية آلاف من حملة الماجستير السعوديين والسعوديات يعانون من البطالة، بينما يُدرّس في جامعاتنا الحكومية ما يقارب ستة آلاف غير سعودي من حملة الماجستير! مع أننا كنا نسمع عن عبارة (توطين الوظائف) منذ عشرات السنين، فأي توطين لا يبدأ بشبابنا وبناتنا ممن يحملن الماجستير والدكتوراه، ولا يجدن وظائف أكاديمية في جامعاتنا؟
كم هو محزن أن هناك نحو تسعة آلاف سعودي وسعودية يحملون شهادات عليا، وبلا وظائف، في مقابل أن الجامعات الحكومية السعودية تضم أكثر من ستة وعشرين ألف عضو هيئة تدريس أجنبي، لماذا لا يتم إحلال أبنائنا وبناتنا مكانهم؟ لماذا تشيح الجامعات الحكومية السعودية بوجوهها عنهم؟
نعم لدينا أحلام كبيرة، ونملك أملاً يكبر مع ما يسمى بتوليد الوظائف، رغم أننا لسنا بحاجة إلى توليد الوظائف بقدر ما نحن بحاجة إلى توطينها، إلى سعودتها، وإذا لم يعمل برنامج التحول الوطني على هذا الجانب، الاستفادة من أبنائنا وبناتنا، وجعلهم أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بتوظيفهم والاستفادة من الملايين التي صرفناها على تعليمهم!
علينا أن نبحث عن الأسباب في ذلك، قبل أن يتضخم معدل بطالة حملة مؤهلات الدرسات العليا، الذين يعودون من الخارج برقم يتنامى سنويًا، خاصة أن رقم المبتعثين يقارب المائتي ألف مبتعث ومبتعثة، مما يعني أننا أمام مشكلة بطالة مزعجة لحملة الماجستير والدكتوراه!
ولا يتوقف الأمر عند ذلك، وإنما حتى خريجي الجامعات السعودية من حملة الماجستير والدكتوراه، لماذا يتعثر توظيفهم، ولماذا لا يجدون فرصتهم في العمل الأكاديمي بجامعاتنا، ولماذا تتمسك الجامعات بالأكاديمي الأجنبي، من مختلف الدول العربية، في مقابل إهمال طلبات توظيف السعوديين والسعوديات، خاصة أن هؤلاء تكبدت هذه الجامعات الأموال لإلحاقهم ببرامج الماجستير والدكتوراه، كما صرفوا هم من أعمارهم وأوقاتهم الكثير، للحصول على هذه الدرجات العلمية العليا، ثم انتهى بهم المطاف بالجلوس على رصيف البطالة!
نحن نخسر كثيرا، وعلى كل المستويات الوطنية، الاجتماعية والاقتصادية، على التعليم والتدريب، بينما لا نستثمر هذا العنصر البشري بعد تعليمه وتدريبه، هؤلاء هم خسارة حقيقية، حين لا نستفيد منهم، فهل ننتظر هجرتهم للدول المجاورة، كما فعل غيرهم؟ وهل نتوقع نموًا طرديَّا بين معدل البطالة، ونسبة هجرة العقول السعودية للخارج؟ أتمنى أن ننجح في استثمار هؤلاء، وتوظيفهم في وطنهم، فهم الثروة الحقيقية لهذه البلاد.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د.ثريا العريض
أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ القديم والنشاطات الفنية والإبداعية في وعينا.
ومع هذا، ما زالت بيئتنا عموما غير جاذبة للنشاطات الثقافية.
وتتضافر عدة عوامل في ترسيخ هذا الضعف لا شك أن أولها محاصرة الرؤية لمعنى الفن والإبداع والترفيه وأهميتها في حياتنا الإنسانية, ما يستلزم تغيير زاوية الرؤية؛ أي تقييم الحضور العام بعيداً عن تكثف الحضور كأجساد, والتركيز على ما يحدث من تفاعل أسمى. بمعنى أن يركز الحضورعلى المنتج الأدبي والفني والإبداعي والناتج الانفعالي المرتقي بالذائقة والحس، لا على «حضور» الآخرين جسديا.
لاشك أن تجربة دبي في تطوير التصرف المجتمعي ضمن الحضور العام, والرقي به تجربة تستحق الاقتداء.
عقد الملتقى السنوي ل»قلب شاعري» على مدى يومين في مركز الندوات المصمم لتقديم كل ما يحتاجه مثل هذا الحدث من صالات واستعدادات، وجمع هذا العام في موسمه الخامس 15 شاعرا وشاعرة مدعوين من آسيا و أوروبا وأفريقيا والأمريكتين.
ألقيت القصائد باللغات الأصلية الأم للشعراء وعرضت النصوص على الشاشات مع ترجمتها باللغة الإنجليزية.
ابتدأ الحفل بنشيد جماعي أدته مجموعة مميزة التدريب والأداء. وحقيقة أسعدني التنظيم والتنسيق والاستعداد المسبق والملتزم به حيث أنتج حدثا راقيا بكل جوانبه. حدد لكل شاعر عشر دقائق للإلقاء لا يتعداها.. واختير محور لفحوى القصائد وكان هذا العام عن السلام والإنسانية. ما حدا الشعراء لاختيار قصائد قصيرة و قابلة للتذوق الإنساني العام.
اليوم الثاني كان مخصصا لمشاركات الشعراء الصغار من طلبة وطالبات المدارس المحلية. أعجبتني الفكرة حيث يعتاد الصغير الموهوب على الحضور العام و الالتزام بتقديم الأداء المميز في حضور متذوقين.
وفي اليومين اكتظت القاعة بالحضور..
ذكرني المبنى الجميل المصمم بأسلوب يجمع الشكل التراثي والتطور الخدماتي بمنطقة المتحف الوطني في قلب الرياض. وتمنيت لو طورت نشاطات المنطقة عندنا لتقديم المزيد من الفعاليات الحية.. و أن تتآخى فيها وزارة الثقافة والإعلام والهيئة العليا للسياحة والتراث. مثل هذا النشاط الأدبي مع دعوة مبدعين من الوطن وخارج الوطن سيدعم الحركة الثقافية المعاصرة بتاريخنا الذي نعتز به.
أعجبني أيضا التخير المذوق لمحتوى الوجبات في مناسبة محورها الغذاء الروحي و الأدبي. فجاء تقديم ولائم بسيطة متنوعة ولذيذة واختيارات شاملة لكل الأذواق مناسبا لمعنى وتوقيت اللقاء.
أتمنى لو نسقت نشاطاتنا الإبداعية والثقافية بين كل المؤسسات التي تقدمها مثل مهرجان الجنادرية ومهرجان عكاظ من الرياض ومعارض الكتاب بمثل هذا النجاح.
دبي بيئة جاذبة لكل الفعاليات الثقافية والاقتصادية. ولاشك أن تدفق ملايين الزائرين على مدى العام يمثل مصدرا مهما من ركائز الدخل.
صناعة السياحة في دبي متقدمة جدا و نشطة على مدى العام. وتتميز بأنها تقدم خدمات راقية وتجربة أكثر ثراء من السياحة التقليدية. السياحة في المنطقة العربية بما في ذلك العراق و سوريا و لبنان واليمن ومصر وتونس ضربتها أحداث المنطقة، وكانت قبل الأحداث تشمل زيارة الآثار التاريخية التي نأمل ألا تفتقدها الأجيال القادمة. وهي سياحة موجهة غالبا للمهتمين والمتخصصين. أما دبي فقد بنت صناعة اجتذاب الزائرين على دعم كل نواحي الجذب السياحي والإبداعي ورقي التصرف العام في حضور تطبيق القانون، لا الحكم الفردي على ما يصح أو لا يصح.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
سعد الدوسري
الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من يوقفه عند حده، أو يناصحه على الأقل.
إن الذين ضحوا بأنفسهم لحماية المصلين في الدمام أو الأحساء أو نجران، يمثلون التوجه الحقيقي لرعاية المساجد والعناية بها. فبالإضافة للإهتمام بالصيانة العامة لهذا المرفق الحيوي الملتصق بحياتنا، هناك الحماية العامة له من أولئك الذين يخططون لاستغلاله لأهدافهم الخاصة، فرجال الأمن ليسوا مطالبين وحدهم بالحراسة، الجميع حراس لبيوت الله من كل الأخطار، ومن ضمنها التفجير. ولولا الله، ثم أولئك الشهداء في الشرقية والجنوب، لارتفعت أعداد القتلى، من العشرات إلى المئات.
إن أبسط مهمة يقوم بها المسلم تجاه مسجد حيه، ألا يغفل عنه، وألا يدعه ساحة للذين يوهمون الآخرين بأنهم هم وحدهم المسؤولون عنه، في حين أن الأمر مسؤولية مشتركة على الكبير والصغير، الغني والفقير، كل حسب طاقته. وبهذه الممارسة، يعود المسجد ليكون جزءً حيوياً من حياتنا، مندمجاً مع تفاصيلنا اليومية، غير بعيد عن أسماعنا وأبصارنا.
إن اختيار المساجد كهدف من أهداف الإرهاب لم يأت عبثاً، فبالإضافة لقتل الأبرياء وترويعهم، هناك إذلال لرمزهم الديني. ومن هنا، يجب على الجميع حراسته.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
محمد آل الشيخ
أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية وقضائية؛ غير أن المفاجأة أن الدول العربية التي حازت على قصب السبق في الترتيب العالمي للدول الأقل فسادا كانت جميعها من الدول العربية (غير الديمقراطية)، في حين جاءت العراق التي قاتل الأمريكيون ليجعلوها بلدا ديمقراطيا في ذيل القائمة؛ وهذا يؤكد ما كنت أقوله وأكرره وأنا متيقن منه، ومؤداه أن الديمقراطية في المجتمعات المتخلفة والطائفية أو القبلية، لا يمكن أن تؤدي بها الديمقراطية إلى التحضر والتنمية، وقبل ذلك الأمن والاستقرار، وإنما سيجد اللصوص والانتهازيون فرصة مواتية، للرهان على الطائفة، ونصرة المذهب، أو إثارة النعرات العشائرية لينتخبهم الناخبون المتشبعون بهذه النعرات الطائفية أو القبلية، الموروثة فيصلون إلى مراكز التشريع أو التنفيذ في الدولة؛ وهذا ما حصل في العراق الديمقراطي، وكذلك جرى ومازال يجري في الدولة منزوعة السيادة التي اسمها لبنان والمحتلة من قبل إيران.
العراق رائحة الفساد في البرلمان المنتخب والحكومة التنفيذية المنبثقة عنه، تكاد تزكم الأنوف، حتى أن عضواً في البرلمان، يدعى «مشعان الجبوري» اعترف بذلك علنا وعلى رؤوس الأشهاد في إحدى القنوات التلفزيونية، على هذا الرابط في اليوتيوب.
https://www.youtube.com/watch?v=iL-0RqagGCk
قال ذلك كما ترون في الرابط،غير آبه بشعور العراقيين الذين انتخبوه، وضامنا في الوقت نفسه أن اعترافه بتلقيه رشوة من أموال الشعب (أنه أخذ الرشوة لكنه غش الراشي ولم ينفذ ما التزم بتنفيذه)، وهذا عذر أقبح من فعل!.. الاحتيال هذا غير المشروع أعلنه وهو ضامن أنه لن يؤثر على شعبيته سلبيا، فالذي انتخبه لم ينتخبه لأمانته وأهليته ونزاهته وحرصه على وطنه، وإنما لانتمائه المذهبي، أوالعشائري, والأمر الذي كنت أقوله دائما، أن الشعوب التي لا تبدأ بإصلاح العربة قبل الحصان، فلن يستطيع الحصان الديمقراطي قطعا أن يخرجها من وحل التخلف، فضلا عن أن يكون قادرا على أن يضعها في طريق الحضارة كما هو الأمر بالأمم الغربية؛ البداية يجب أن تكون ليس من رأس الهرم وإنما من القاعدة الشعبية بتعليم الشعوب وتوعيتها- وأهم أسباب التوعية، العمل على انتشالها من مستنقعات التعصب المذهبي أو الطائفي وكذلك التعصب العشائري، فهذا النوع من التعصب بمثابة السوسة التي تنخر في جسد الوطن والمواطنة، بحيث تلغي أي قدرة فعلية لجميع آليات الديمقراطية من أن تعمل، وتفرز الأصلح لإدارة الدولة.
كذلك لبنان، الدولة منزوعة السيادة، والتي يحكمها، ويتصرف في مقاليد الحكم فيها (الولي الفقيه) في طهران، هي مسخرة وتشويه للديموقراطية، ولم يسبق اللبنانيون على طريقتهم (الديموأراطية) هذه أنس ولا جان. فهذا الحكم الفوضوي الفاشل والمضحك، يرتكز على توزيع المناصب التشريعية محاصصة بين الطوائف، ورغم أن هذا التوزيع لا ينص عليه الدستور علنا لأنه توزيع مخزٍ، إلا أنه هو العرف المتبع في توزيع المناصب في البرلمان والحكومة وكذلك منصب رئاسة الدولة، الذي يجب أن يكون من يتولاه مارونيا، لو لم يبق في لبنان إلا ماروني مسيحي واحد، ولو كان غير مؤهل أيضا، فالأولوية للانتماء الطائفي المذهبي لا للكفاءة والقدرة على القيادة.
العراق الذي بدأت الديمقراطية فيه 2003، ولبنان الذي بدأ بالحل الديمقراطي منذ استقلاله عام 1943، لا يختلفان في الجوهر، فهما يكرسان الوجود الطائفي والقبلي أولا، ومن ثم (كل من إيدو إلو) من هذه الطائفة أو ذلك المذهب. لذلك فإن من ينادون بالديمقراطية لدى الشعوب المتخلفة، والمتجذر في ثقافة أفرادها الانتماء الطائفي، قبل الانتماء الوطني، فستكون الديمقراطية حتما وسيلة فساد وإفساد، لا آلية تحضر ومدنية.
ربما أن (تونس) تختلف قليلا عن بقية الدول العربية، وسبب الاختلاف أن مؤسسها»الحبيب أبورقيبة» كان قد أسس ركائز دولة مدنية منذ الاستقلال، وهذا ما جعل الحل الديمقراطي فيها أنجح نسبيا من بقية العرب الذين انتهجوا الديمقراطية قبل أن يجهزوا بيئة ذات ركائز مدنية قادرة على أن يرتكز عليها الحل الديمقراطي المستورد من الغرب المتحضر. فهل يدرك العرب الحقوقيون هذه الحقيقة المؤصلة بالأرقام الإحصائية المستقاة من التجارب على الأرض.
إلى اللقاء
- التفاصيل