السبت, تشرين1/أكتوير 04, 2025

All the News That's Fit to Print

علي القحطاني - أحمد الجروان - واس:

تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-، انطلقت أمس أعمال مؤتمر الاستثمار الثقافي 2025 في مركز الملك فهد الثقافي بمدينة الرياض، الذي نظمته وزارة الثقافة، بحضور صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة، ومشاركة أكثر من 150 متحدثًا و1500 مشاركٍ من كبار صناع القرار وقادة الثقافة والاستثمار على مستوى المملكة والعالم.

وأعلن سمو وزير الثقافة في كلمته الافتتاحية قرب انطلاق جامعة الرياض للفنون، التي ستكون حجر الأساس للتعليم الإبداعي والابتكار، لرفد القطاع الثقافي بالمواهب والمبدعين بالشراكة مع أبرز المؤسسات الأكاديمية والثقافية الدولية، مشيرًا إلى أن تأسيس الجامعة الثقافية الجديدة يأتي امتدادًا لدعم القيادة الرشيدة للقطاع، وأن الهدف هو أن تكون الجامعة ضمن قائمة أفضل 50 جامعة دولية متخصصة في الفنون والثقافة، وذلك انطلاقًا من حرص المملكة على بناء القدرات الثقافية التي تعدّ إحدى ركائز خطتها لتطوير قطاعاتها الثقافية.

وقال: «نسعد بانطلاق أعمال أول نسخة من مؤتمر الاستثمار الثقافي الذي يبحث مستقبل الاستثمار الثقافي، وآفاقه وإمكاناته التنموية»، مبينًا أن القطاع الثقافي السعودي شهد منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نقلة تاريخية قفزت بنسبة مساهمته في الناتج المحلي إلى 1.6%، وارتفع عدد العاملين فيه إلى 234 ألفًا، وبلغت قيمة الدعم المالي المتدفق إليه ما يُقارب ملياري دولار في عام 2024، فيما بلغت استثمارات بنيته التحتية مستويات تاريخية تجاوزت 81 مليار ريال.

وأكد أن القطاع الخاص يأتي بصفته شريكًا إستراتيجيًا في رحلة تطوير القطاع الثقافي السعودي، لافتًا إلى أن المؤتمر يسهم في تعزيز هذه الشراكة الأساسية، وسيشهد توقيع 89 اتفاقية بقيمة تُقارب 5 مليارات ريال.ويشهد المؤتمر مشاركة نخبة من الشخصيات البارزة في المجال الثقافي والاستثماري، في مقدمتهم معالي وزير الاستثمار المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح، ومعالي وزير الاقتصاد والتخطيط الأستاذ فيصل بن فاضل الإبراهيم، ومعالي نائب وزير الثقافة الأستاذ حامد بن محمد فايز، ومعالي مساعد وزير الثقافة الأستاذ راكان بن إبراهيم الطوق، والرئيس التنفيذي لدار «سوذبيز» تشارلز ستيوارت، ورئيس مجلس إدارة دار «كريستيز» غيّوم سيروتي، والرئيس التنفيذي لـ»آرت بازل» نواه هوروفيتز، والرئيس غير التنفيذي لـ»سوني بيكتشرز إنترتينمنت» توني فينتشيكويرا، ومؤسس «إيغلز بيكتشرز» طارق بن عمار، ورئيس هيئة «هيستوريك إنجلاند» عميد كلية أورييل بجامعة أوكسفورد اللورد نيل ميندوزا، والمؤسس ورئيس مجلس إدارة مؤسسة «جينيسيس» جون ستودزينسكي.

ويتناول المؤتمر على مدى يومين، أكثر من 38 جلسة حوارية وورشة عمل، تتضمن أحدث التوجهات في مجالات الاستثمار الثقافي، واستعراض التجارب الدولية الناجحة في دعم وتمويل الصناعات الإبداعية، إضافة إلى استكشاف الأسواق الناشئة، والقطاعات غير المستغلة، وبحث إستراتيجيات تقليل المخاطر الاستثمارية وتعزيز ثقة المستثمرين.

وتتناول الجلسات موضوعات متنوعة تشمل الذكاء الاصطناعي والتقنيات التفاعلية في تمويل الثقافة، وأهمية العمل الخيري في دعم نمو القطاع، إلى جانب ريادة الأعمال الإبداعية، وصناديق الاستثمار الثقافي العالمية، والشراكات المبتكرة في التمويل العام.

ويأتي انعقاد المؤتمر، للمرة الأولى في المملكة، ليشكل منصة عالمية رائدة تستشرف مستقبل الاستثمار الثقافي، وتعزز دوره في بناء اقتصاد إبداعي مستدام؛ بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030 المتعلقة بتنويع الاقتصاد الوطني، وترسيخ الهوية الثقافية، وتعزيز مكانة المملكة قوةً مؤثرةً على الساحة الدولية.

ويهدف المؤتمر إلى تقديم الثقافة بوصفها فرصةً استثماريةً جاذبة، من خلال استعراض نماذج تمويل مبتكرة، وبناء شراكات إستراتيجية، وتطوير آليات جديدة تسهم في دعم الصناعات الإبداعية، وتعظيم دور رأس المال الثقافي في تحفيز النمو الاقتصادي العالمي، كما يسلط الضوء على إسهام الاستثمار الثقافي في تمكين المواهب الوطنية، وتعزيز العدالة والشمول، وتوسيع نطاق التأثير الثقافي خارج الحدود الوطنية عبر الدبلوماسية الثقافية.

ومن خلال هذه المحاور، يؤكد مؤتمر الاستثمار الثقافي التزام المملكة بدورها الريادي في قيادة التحولات العالمية في مجال الاقتصاد الإبداعي، وترسيخ الرياض عاصمة دولية للثقافة والاستثمار، بما يعكس رؤيتها الطموحة ومكانتها المتنامية في المشهد الثقافي والاقتصادي العالمي.

جامعة الرياض للفنون

وأوضح سمو وزير الثقافة أن جامعة الرياض للفنون تسعى لتكون بدورها مركزًا رائدًا للتعليم الثقافي بالمملكة، وستقدم مجموعةً واسعة من التخصصات الأكاديمية التي تُمكّن الطلاب من إثراء الصناعات الإبداعية والإسهام في تنمية القطاع الثقافي السعودي بما يتماشى مع رؤية 2030، ومن المقرر أن يعلن عن تفاصيلها في الربع الأول من عام 2026م.وقال سموه: «نفخر بالإعلان عن انطلاق جامعة الرياض للفنون التي تُعدّ خطوةً غير مسبوقة في تطوير القطاع الثقافي في المملكة الذي يحظى بدعم غير محدود من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-، حيث ستكون الجامعة حجرَ الأساس للتعليم الإبداعي والابتكار الثقافي، وستزوّد الطلاب بالمهارات والمعرفة والرؤية التي تؤهلهم للإسهام في تشكيل مستقبل الثقافة في المملكة»؛ ونهدف من خلال دعم المواهب والاحتفاء بإرثنا الثقافي إلى تمكين الجيل القادم من الإسهام في نمو الاقتصاد الإبداعي، وترك بصمتهم الفريدة على الساحة الثقافية المحلية والدولية».

وتطمح الجامعة إلى أن تكون ضمن قائمة أفضل 50 جامعةً دولية متخصصة في الفنون والثقافة على مستوى العالم، عبر توفير بيئةٍ تعليمية مبتكرة تحفّز الطلاب إلى اكتشاف شغفهم، وتطوير مواهبهم، والإسهام الفاعل في الاقتصاد الإبداعي، وستتبنّى الجامعة لتحقيق ذلك نهجًا تدريجيًا يُلبّي احتياجات المستويات التعليمية، ويشمل القطاعات الثقافية كافة، مقدِّمةً برامج أكاديمية متكاملة تضمن استمرارية التعليم في مجالات الثقافة والفنون، وتشمل الدورات القصيرة، وبرامج الدبلوم، والبكالوريوس، والدبلوم العالي، والماجستير، والدكتوراه.

ويقع مقر الجامعة في الرياض بحي عرقة، وستنطلق الجامعة عبر ثلاث كلياتٍ أوّليّة، وهي كلية الموسيقى، وكلية الأفلام، وكلية المسرح والفنون الأدائية على أن تتوسع لاحقًا بشكلٍ تدريجي لتصل إلى 13 كليةً تقدم برامج تعليمية متنوعة، تشمل عدة تخصصاتٍ مثل: العمارة والتصميم، وفنون الطهي، والفنون البصرية، ودراسات التراث، والأدب، والإدارة الثقافية، وإدارة الفنون، والأزياء، وغيرها.وستقدم جامعة الرياض للفنون منحًا دراسية للمواهب الثقافية، التي سيعلن عن تفاصيلها كافة في الموقع الإلكتروني الرسمي للجامعة عقب إطلاقه في الربع الأول من عام 2026م.

وعملت الجامعة على بناء شراكاتٍ مع مؤسساتٍ دولية رائدة؛ بهدف تصميم برامجَ أكاديميةٍ متطورة، والتعاون في مجال البحث العلمي، وتقديم برامجَ تعليميةٍ وثقافية ثريّة، فضلًا عن دعم مسار تنمية المواهب الوطنية عن طريق تعزيز الإبداع وبناء المهارات الريادية، والذي يُمكّن الفنانين، والباحثين، والقادة الثقافيين من دفع عجلة الاقتصاد الإبداعي والمستقبل الثقافي للمملكة.

وتأتي هذه المبادرة في وقتٍ يشهد فيه القطاع الثقافي نموًا متسارعًا، إذ يُتوقّع أن يشهد زيادةً سنوية بنسبة (7%) في الطلب على الكفاءات الثقافية المؤهلة، بما يوفّر ما يزيد على (300) ألف وظيفةٍ جديدة خلال العقد المقبل.

وبتركيزها على تنمية المواهب، ستكون جامعة الرياض للفنون ركيزةً أساسية في الإستراتيجية الاقتصادية للمملكة، وستقود القطاع الثقافي للإسهام بأكثر من (80) مليار ريال في الاقتصاد الوطني بحلول عام 2030، وتسعى الجامعة لرفد القطاع الثقافي بالكوادر المتمكّنة من خلال تخريج ما بين (25.000 و30.000) طالب بحلول عام 2040، وتدريب (1000 إلى 1،500) معلم لدعم هذا النمو.

يُذكر أن وزارة الثقافة تعمل على تطوير جميع جوانب القطاع الثقافي في المملكة، مع التركيز على تعزيز الأطر التشريعية والتنظيمية، وتحسين بيئة الاستثمار، وزيادة مساهمة القطاع في الاقتصاد الوطني بما يتماشى مع رؤية 2030، وتسعى من خلال برامجها ومبادراتها المتنوعة إلى دعم بناء القدرات وتطوير المواهب، كما تُشرف على 11 هيئةً ثقافية، والعديد من الكيانات الثقافية الأخرى، مسهِمةً بذلك في بناء منظومةٍ ثقافية متكاملة ومستدامة.

من السياسات إلى الازدهار

وقد أقيمت أمس الجلسة الأولى للمؤتمر بعنوان: «من السياسات إلى الازدهار – خارطة طريق وطنية للنمو المرتكز على الثقافة»، تحدث فيها معالي وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح، ومعالي وزير الاقتصاد والتخطيط الأستاذ فيصل الإبراهيم، وأدارها رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز فيصل عباس.

واستهل معالي وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح حديثه بالتأكيد أن وزارة الاستثمار ستكون ذراعًا داعمًة لهيئات وزارة الثقافة، عبر تحديد متطلبات كل قطاع ثقافي، واستقطاب المستثمرين، وتقديم الدعم التمويلي، وتنظيم ورش العمل لتشجيع دخول القطاع.

وأشار إلى أن العمل المشترك أثمر عن أكثر من 40 فرصة استثمارية، منها مشاريع بدأت تحقق أرباحًا وأخرى واعدة، موضحًا أن الجهود تشمل تسريع إجراءات الترخيص، وبناء سلاسل قيمة متكاملة، إضافة إلى إشراك الحوكمة والمانحين والمؤسسات الخيرية.وبيّن أن الحوافز النقدية وغير النقدية التي أطلقها سمو ولي العهد –حفظه الله– أحدثت زخمًا كبيرًا، بدءًا من صناعة السينما وجذب المنتجين العالميين، مرورًا ببرنامج المحتوى الرقمي Ignite الذي وفر حزم دعم للرسوم المتحركة والأفلام القصيرة، ووصولًا إلى حزم جديدة تستهدف فنون الطهي والفنون البصرية والموسيقى والأزياء وغيرها، منوهًا بأن هذه الجهود ستسهم في مضاعفة الوظائف ثلاث مرات خلال السنوات الست القادمة، مع توسع دور القطاع الخاص.

من جهته، أكد معالي وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم أن القطاع الإبداعي يُقدَّر عالميًا بـ 3.4 تريليونات دولار، ما يجعله استثمارًا محوريًا في الموجة الأولى لتنويع الاقتصاد، موضحًا أن المملكة انتقلت من قيم اقتصادية سلبية إلى إيجابية بفضل الثقافة التي باتت أداة رئيسية لجذب المبدعين وتحفيز النمو.وأشار الإبراهيم إلى أن كل دولار يُستثمر في القطاع الثقافي يولّد أثرًا اقتصاديًا مضاعفًا يصل إلى 2.5 دولار، فضلاً عن كونه قطاعًا واعدًا لخلق فرص العمل المباشرة، لافتًا إلى العمل على تدريب نحو 5،000 شخص ورعاية آلاف الطلاب للحصول على درجات علمية مرتبطة برؤية 2030، مؤكدًا أن الاستثمار الثقافي يمثل قيمة مضافة ويعزز تميّز المنتجات السعودية وتجربة الزوار.واستشهد بتجربة كوريا التي نجحت في تصدير منتجاتها الثقافية لكونها قوة ناعمة، لتصبح لاعبًا أساسيًا في السوق العالمي، موضحًا أن مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي وصلت بالفعل إلى نصف المستهدف، بفضل التوسع في المشاريع وتسريع إجراءات الترخيص، مؤكدًا أن الهدف هو مضاعفة حجم القطاع ثلاث مرات بحلول 2030.

واختتم الإبراهيم بالتشديد على أن الهدف الأوسع يتمثل في بناء اقتصاد متنوع يرتكز على تكامل الثقافة مع السياحة والرياضة، مع بقاء الثقافة في قلب القطاع الإبداعي ودورها الجامع بين مختلف المجالات.

يُذكر أن مؤتمر الاستثمار الثقافي الذي تنظّمه وزارة الثقافة خلال الفترة (29 – 30 سبتمبر) يأتي في ظل النمو المتصاعد للقطاع الثقافي السعودي، وما يشهده من مقومات واعدة تعزز بناء صناعة ثقافية مستدامة وتفتح آفاقًا أوسع للاستثمار والإبداع.