قضايا وأراء
- التفاصيل
- قضايا وأراء

الحُبّ؛ لَديه قُدرَات تَفوق الخيَال، فهو قَادرٌ عَلَى اكتشَاف عَوالِم جَديدَة، تُوهم العُشَّاق بأنَّ الوَاقِع زَيفٌ مَحض، لتُصبح الأحلَام خُبزهم وهَوائهم، وطَعَامهم ومَعاشهم اليَومي.. وفي هَذه اليَوميَّات بَعض المَنقُولَات، تُؤكِّد
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
الوسطية من يستطيع حمل لوائها
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
"إن التذوق الأدبي عبارة عن عملية إصدار أحكام موضوعية على النص الأدبي من حيث الأفكار والخيال والعاطفة والمعاني، ويتطلب التذوق الأدبي معايشة الأعمال الأدبية من خلال الاطلاع والخبرة والتثقيف".
(وجيه مرسي)
***
العبقري المهجري (ناسك الشخروب) ميخائيل نُعيمة، يؤكد دائما على أنه عندما يستعد للكتابة عن أي عمل أدبي أو فني، فإنه يعتمد على ما أسماه (النقد الذاتي) وهو يعني بذلك أنه لا يخضع لمنهج أو مصطلح يطبقه على العمل الذي بين يديه، وإنما حكمه يتأتى من ذوقه الخاص، ومخزونه التراكمي ذي التجربة الطويلة.
وهذا المدخل النعيمي الخاص الذي أَحبَّه، يبرره بالحرية التي ينطلق منها دون إذن من أحد أو إملاء، وهو مدخل بعيد عن المناهج والخطوط والمربعات، والرسوم الهندسية، ففي ذلك إثراء للساحة ورد عليها، فهي توجهات تزداد مساحةً في إعطاء المنتج الحديث من الإبداعات حقه من اشارة والإشادة والتوجيه لكونه يتأتى من شخص أعجب بشيء، وعبّر عن هذا الإعجاب، وحدد النقاط التي أوصلته إلى ذلك.
بمثل هذا العمل الذي يدخل ضمنه العرض المفروض أن يصاحب الإصدارات كتعريف بها، أرى أن المساهمة بواسطته أجدى وأقرب إلى النفوس، سواء للقارئ أو المبدع نظرا للسهولة التي ستكون بها عملية التناول، فأسلوب العرض والنقد التوجيهي، والدراسات التي لايعتمد فيها أصحابها على المقياس العلمي البحت، فهي تكون ذات نكهة قريبة من النفس خصوصا إذا ما كان كاتبها ممن يملكون ناصية المعرفة اكتسابا وتجربة، فيأتي بالمقارنات ويشير إلى المَواطن الجمالية في العمل بأسلوب جميل لايحمل كتلاً من المصطلحات، أو تكديساً للمعايير النقدية التي قد تكون بعيدة عن العمل ذاته، ولكن صاحبها يريد أن يبسط ويستعرض بمقدار معرفته.
لتقريب الأمور، فإن ترك الإصدارات بدون توجيهات أو إشارات قد أفقد الحالة، وبالأصح الأصالة الأدبية قيمتها، فاختلطت الأمور أمام الناس، فلم يعودوا يفهمون الجيد من الرديء، والفاسد من الوسط وهكذا.
لذا يتحتم أن يكون هناك الرّصد، والعمل على إيجاد العروض للنتاجات الحديثة وجعل الشيء في خانته بالتعاون بين الخاص والعام، وتقويم الأعمال قبل نشرها مع مراعاة التشجيع الذي يستحقه العمل الذي يشير إلى موهبة وجدية، والأمر من نظرة خاصة لايحتاج إلا لطرح شامل وعرض يضم أكثر من رأي حول النقد المنهجي، والنقد الذاتي، وما طرأ على النقد من الأمور المستجدة، أو المكرورة بالعكس، وهل يمكن استيعابها من قبل الآخر؟ كما أن المرسل هل هو متمكن مما يقول، أم أنها مجرد استعراضات معرفية، وكل ما يتعلق بذلك؟
ومن المتاح أن يقول كلّ رأيه ففي تكاثف الآراء وتعددها، وما يطرح من وجهات نظر لابد من ظهور مستجدات، وإحياء مستحقات تُمَكِّن من إثراء الساحة بالعطاءات التامة عندما تجد العناية والالتفاتة ممن لهم الباع في ميدان الفنون بأنواعها، وكل إبداع فن، شمل ذلك المسرح الذي جمع الشتات في قالب موحد تحت مسمى المسرحيات التي تجمع الخطابة، والإلقاء، والحركة، والغناء، والشعر، والتشكيل، والديكور وغير ذلك، والنتاج الأدبي من مجموعة العضوية المسرحية.
كيف يكون التوجيه الذي يشير إليه بعضهم بالمواكبة؟
سيظل السؤال في حيرة، والإجابة قريبة بعيدة، ومادامت الجدية فسيتوفر المطلوب، وما يحبذه الآني يتأتى بتعاون وتعاضد الجهود من أجل ظهور أعمال فنية وإبداعية راقية. تعاون بين المختص والمتذوق والمجرب.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
الرمزية التراثية التي سيظهر عليها معرض الكتاب اليوم، وتوشّحه بالطراز المعماري لمدينة الرياض القديمة، وأسماء ممرات المعرض التي حملت مسميات الشوارع في ذلك الزمن، تحمل رسالة بأن المعرفة والاطلاع والتقدم لا تعني أبداً الانسلاخ من الماضي أو نسيانه أو تسويغ نسيانه مهما كان بسيطاً أو دون تفاصيل معقدة، بل يريد المعرض والقائمون عليه أن يبعثوا برسالة يفهمها الوالجون إلى المعرض -الذي ينتظره الناشر والقارئ على حد سواء- بأن المعرفة لا تعني نسيان التراث أو تجاهله مهما بلغت معارفنا أو علمنا.
يشرع المعرض أبوابه دون أن يواربها، هكذا أُريد للمعرض أن يكون بوابة لأجل النقاش المفتوح المبني على الاحترام المتبادل دون تصنيف أو تسفيه أو تقليل، ومن خلال هذا التعاطي يبدأ المجتمع تلمّس حاجاته ليلبيها، لا أن يَسُن سكاكينه على بعضه فيؤذي نفسه بأذية مجتمعه.
المعرض فرصة لعناق الأفكار، وتأمل نتاج العقول، وممارسة التفكير، ونقد الجهل، وتقبّل الآخر، والرد بمنطق الكلمة، ومقارعة العقول بالعقول مبارزة الشجعان وتغيير قواعدها دلالة عجز وقلة كفاءة.
تشرق الثقافة في معرض الرياض بعد أن غابت قبل أقل من شهر عن شمس الجنادرية، والرجاء أن تواصل الفعاليات تعاقبها؛ فلا تأفل شمس إلا بميعاد شروق فعالية أخرى، فالثقافة ضرورة، والمعارف قوة، إن وجدت من يرعاها ويضعها في إطارها لتغدو أداة تأثير وتفعيل لا تعطيل.
يثير مستوى الإقبال الكبير على معرض الرياض الدولي للكتاب في أذهاننا تساؤلات تتعلق بالكتاب والقارئ الذي هو في الواقع مادة القراءة، فحجم الأعداد المتوافدة على المعرض والمبيعات التي تجعل دور النشر تتزاحم على الظفر بأمتار قليلة لعرض ما لديها من النتاج الأدبي والعلمي، يستوجب منا البحث عن مدى التأثير الذي قد تقوده تلك المعارف علينا كقراء، وبالتالي على مجتمعنا، ثم يحق لنا أيضاً التساؤل عن مصير الكتاب في زمن "المعلومة الكبسولة" التي ارتضينا أن نحجّمها إلى أحرف معدودة بفضل وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة التي يُقال بأنها تنذر بغياب الورق، وإذا ما سلّمنا بهذه الفرضية فلماذا هذا الازدحام والتزاحم؟ ولماذا ترقّب التدشين؟ هل يقودنا سلوكنا الاستهلاكي إلى استنزاف الكتب؟ نأمل ذلك؛ فهي عادة نتمنى اكتسابها، ومتلازمة نتطلع للإصابة بها، فالقراءة ترادف النور، كما أن الجهل يرادفه الظلام..
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
الخطاب الإعلامي الخليجي لا يزال (واضحاً) في رؤيته من الأحداث ومؤثراً فيها، و(أميناً) على شرف الكلمة وصيانتها من العبث والتأزيم، و(متمسكاً) بقيم وأخلاقيات الممارسة رغم حملات التضليل وترويج الأكاذيب والشائعات في المنطقة، و(متماسكاً) أمام الانفلات الإعلامي غير المسؤول لمنظمات وأحزاب ودول تريد تشويه صورة الإسلام ونشر الكراهية والتعصب والتطرف والطائفية، و(فاعلاً) بتحديث القوانين والأنظمة والتشريعات الإعلامية المشتركة بدول المجلس، و(متفاعلاً) مع مواطنيه وأمته في الدفاع عن الحقوق وقضايا الحق والعدل.
تحالف الإعلام الخليجي في هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها المنطقة لا يقل أهمية عن التحالف العسكري الذي تقوده المملكة حالياً أمام مشروع إيران الإرهابي، والمليشيات والأحزاب التي تقاتل بالنيابة عنها في أكثر من قطر عربي، وعلى رأسها حزب الله والحوثيين، حيث لا خيارات متاحة بين الأشقاء سوى التنسيق، وتوحيد الجهود، ونشر الحقائق أمام الرأي العام الدولي قبل الخليجي، والارتقاء إلى مسؤولية المواجهة والتطهير، وفضح الممارسات غير الأخلاقية للإعلام المضاد، وأهدافه، وتعرية أفكاره ومخططاته، والتصدي لمشروعه وتجاوزاته، وعدم الانسياق خلف رموزه ودعايته، والخروج من كل ذلك بمشروع عمل خليجي لا يتوقف عند ردة الفعل، بل المبادرة وصناعة الحدث، والانتقال من المعرفة إلى السلوك الإعلامي في التأثير، ومخاطبة الآخر بلغات عدة، وبناء قواعد معلومات تخاطب الجيل الجديد بوعي مسؤول، ومشاركة في حملات التنوير، والمصير الواحد.
لقد نجح اجتماع وزراء الإعلام في دول مجلس التعاون الخليجي يوم أمس في رسم خارطة طريق جديدة نحو بناء إعلامي مختلف في الرؤية والتوجه، والرغبة في التعبير الموضوعي عن الواقع، والانحياز إلى الأمن والاستقرار للمنطقة، والتفاعل الإيجابي من الأحداث، وتسمية الشواهد بمسمياتها بلا تبرير، أو تقليل، أو انقسام في المواقف، حيث بدا واضحاً من كلمة الافتتاح لوزير الثقافة والإعلام د. عادل الطريفي أن المشكلة لا تحتاج إلى تعريف، أو توضيح، وإنما بحاجة إلى عمل وتنسيق لمواجهتها، والتصدي لها، فالحقيقة نملكها، والحق معنا، ولا تستحق كل هذا التأخير في إعلانها، حيث ركّز في خطابه على حزب الله الإرهابي ودوره الإعلامي في نشر الأكاذيب والطائفية وتلوين الحقائق، والموقف من خطاب التطرف والكراهية، والارتقاء بالإعلام الخليجي الخارجي نحو تعميم الحقيقة وتشكيل الآراء التي تخدم قضايا المنطقة، وضرورة العمل المشترك للمواجهة وتوعية الجماهير، حيث شكّلت هذه الكلمة ورقة عمل أمام وزراء الإعلام الخليجيين للتأكيد على مضامينها، ورسالتها، وأهميتها في هذا التوقيت، وهو إجماع خليجي على ضرورة النهوض كفريق عمل واحد في مشروع إعلامي يتجاوز السياق الزمني للتغطية إلى سياق موضوعي للمعالجة وتداعياتها حاضراً ومستقبلاً، وتتجاوز تقييم الجهود الحالية إلى بناء شراكات مجتمعية خليجية بعيداً عن التقليدية، من خلال الاعتماد على فئة الشباب في مواقع تواصلهم، والنخب في رؤيتهم، ومراكز البحوث في نتائجهم ودراساتهم.
المهمة ليست سهلة، ولا يمكن أن نصفها بذلك، ونحن أمام مشروع إعلامي مضاد تحالفت فيه قوى الشر والفساد والإفساد، واختلطت فيه الأوراق، والحقيقة مع الرأي، والقيم مع الإيدولوجيا المنحازة والمضللة، ولم يعد أمامنا خيار سوى الوقوف صفاً واحداً -كما عبّر عن ذلك الوزير د. عادل الطريفي-، فأسوأ ما نكون عليه حين نمتلك الحقيقة ونفشل في التعبير عنها، أو التأثير فيها.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د.فوزية أبو خالد
لا أظن أن كاتبا عربيا قد واجه منذ نشأت كتابة الرأي الصحفية تحديا مركبا بمثل هذا التعقيد الذي نواجهه اليوم لقول كلمة مستقلة نزيهة في عالم ملطخ بالدماء وسلطة الإتباع،
ولتحري بصيص لكلمة مضيئة في مثل هذا الضباب الكثيف، وللبحث عن مايشبه كلمة سلام وسط هباء الحروب كمحاولة وإن كانت يائسة لالتقاط ضحكة مكسورة من بقايا طفل، انتشال دفتر ممزق من بقايا مدرسة أو إنقاذ امرأة حامل من بقايا أسرة. فوسط هذا الحريق البواح من الحروب التي تلاحق المنطقة لتحرمها من حلم الحرية واللقمة الحلال أسوأ مايحدث هو انعدام الرؤية. صحيح كانت حرية التعبير محاربة في أزمنة طويلة متعددة عبر التاريخ العربي المعاصر لكن ذلك لم يكن يستطيع مصادرة القدرة على التفكير والبصر بحد ذاتها.
لا أظن الخراب الذي رأيناه في العراق وفي سوريا قد طال الحجر والبشر يمر اليوم دون أن ينال بلا هوادة من الفكر والخيال ومن أحلام الصحو والمنام ومن شرارة الأمل على امتداد المنطقة. وهذا هو الألم الذي يعتصر عقلي ووجداني وأنا أحاول كتابة هذا المقال ولا أعرف بعد عمري المعمر في الكتابة كيف أعبر عنه.
وإن كان المتابع سيجد بطبيعة الحال أن لكل عقد تحدياته التي لابد أن كاتب الرأي يجد نفسه في مواجهة شرسة للحفاظ فيه على الخطوط العامة للمبادئ الإنسانية الأساسية في وجه مراوغة التحولات السريعة الزئبقية للمشهد السياسي. وبما أن ذلك التحدي قد بدأ كما سجله الكواكبي ومحمد عبدو وجمال الدين الأفغاني والبستاني وشميل والمهجرين في الهزيع الأول من عصر حلم النهضة العربية واستمر كما سجله زريق والخولي وفؤاد زكريا وكمال أبوالمجد وعبدالوهاب المسيري والرميحي وبركات والشرابي.. غيث.. نعيم.. الجابري....الخ... إلى مابعد الهزيع الأخير من نهاية ذلك الحلم، فإنه لن يسعني إلا اختيار البداية من مكان ما وليكن بداية معاصرتي للمشهد السياسي ولكتابات الرأي به.
في السبعينات الميلادية كانت الصورة واضحة الصراع العربي الإسرائيلي، الهيمنة الإمبريالية على منابع النفط ومناطق النفوذ, القوى الرجعية والقوى المضادة بشتى أطيافها.. المواجهة بين التخلف والتنمية.
في الثمانينات تساوى استتباب العسكر باستبباب الملكيات بعد مآلات الثورة الإيرانية إلى دولة طائفية أحادية تصفوية وتفرق دم المقاومة في الصراع العربي الإسرائيلي وفلسطينيا تحديدا بين الأنظمة العربية ,وقيام البؤرة الأفغانية لامتصاص فائض التمرد الشبابي بالعالم العربي والإسلامي...ومراوحة التنمية بين النكوص واللاتكافؤ.
في التسعينات جاءت حرب الخليج الثانية لتفرض تحديا جديدا من نوعه على الخيارات المعتادة المحسومة تحت تلك العناوين الفضفاضة للتحولات... الوحدة... القومية.. الأمة الخالدة.....الخ. كما كانت التسعينات سجالا بين الانكفاء والخروج بوجل على مسلمات التسيس الديني والاكتوء بأدوات الأحادية والتحيز.
أما بداية الألفية الثالثة فقد كانت البداية لنسف المنطقة ومعادلاتها السياسية المستتبة باستسلاماتها ومسلماتها التي وعينا عليها وجدل التحولات المتعارف عليه لتخلق تحديا بإقتراب نهاية العقد الثاني منها يختلف نوعيا عما سبقه على مستوى الوجود والفكر والخيال وليس على المستوى السياسي وحسب. هذا بطبيعة اختصار مخل لمد وجزر تحولات تلك المراحل عربيا أكثر منه سعودياً.
إلا أنه بقدر اتساع الفضاء لأجنحة الكلمة وخاصة الفضاء التقني مع تصاعد وتيرة الحدث في العقد الثاني من مرحلة الألفية الثالية ، بقدر ماصارت تحك جماجمنا مضائق الرؤية ولجة عماء البصائر وتمزق بوصلة الفكر الرشيد في متاهة الهوى السياسي وميول الأيدولوجيا وتحول أمرنا بأيدي كثيرة سوانا. ولن أتحدث عن مصادرة المقالات التساؤلية ورقيا فمعاناة حجبها جزء من غيوم اللجة وتخوفاتها الغامضة حتى من الكلام الواضح ومن حق مساءلة المواطن للمسؤول الذي لايقل تبلبلبا وحرصا عنا إلى أين نحن ذاهبون.
أشعر أحيانا أنه ربما نجد شبه مخرج وليس حلا بأن تتداعى قلة والأفضل كثرة من قوى فكرعقلاني مجرد مواطنين يحاولون أن يفكروا بشيء من الرشد لمؤتمر أو لقاء أواجتماع على مستوى وطني عربي إقليمي لمجرد إطلاق عنان الخيال في مآلات المنطقة المرعبة والبحث عن ريشة أو قطرة ماء تقف في وجه هذا الخراب الذي تجره الحروب على المنطقة. تبدو لي الفكرة طفولية مثل اليسار الطفولي وأنا أتابع أخبار أو حتى أحضر وإن صرت نادرا ما أفعل مؤتمرات ولقاءات لاتعمل على أكثر من تهيء موائد فارهة أو متواضعة لعلج نفس الرطانة المبهمة التي صارت تتقاسمها النخب الرسمية والمجتمعية معا.
أتابع منتديات يعاقبني بعضها و يعاتبني بعضها لمتابتعتها بالقراءة فقط دون كتابة أو تعليق... وليس إحجامي تمنعا بقدر ماهو ذهول من قدرتنا على الأمل وسط حريق الحروب أو قدرتنا على اليأس وسط المخاضات... فلا أدري كيف أشارك في نقاش عن نوعيات الكيك فيما ليس من قطرة طحين لرغيف خبز أو كيف أدخل في حياد سلبي أو إيجابي من ضياع اللبن والبن والنفط والقطن في الربيع والصيف معا.
لا أقلل من شأن الاهتمامات التي يتناولها الكثير من كتاب الرأي أو الأكاديمين أو المثقفين أو الناس العاديين مثلي السعوديين والعرب عموما ولكنني بصراحة أشعر أننا نتناول الكثير من الشؤون والشجون... قضايا التعليم...... الأراضي... الانتخابات البلدية... الطائفية.. الإرهاب... الإسلام السياسي... الليبرالية... التشدد... الغلاء.. التأمين الصحي... الإعلام والإعلام المضاد ولكن دون أن نعبر إلا بكلمات متقاطعة عن هاجس المنطقة الوجودي السياسي الفكري. إننا كمن ينتشر سرطان تحت جلده بينما ينششغل بتخير ملابس يخالها للسهرة وهي في الحقيقة ليست إلا للسترة. والأنكى أنها لسترة حالنا عنا بينما هو مفضوح ومباح للآخرين.
افتتاحيات في الصفحات الأولى في الصحف بمستوياتها وتوجهاتها المختلفة نادرا ماتقول شيئا يتجاوز تطمينات تنم عن سكوت على قلق عميق. مقالات لكتاب كبار وشباب أيضا نادرا ماتقول شيئا مثل ما أفعل الآن. فاللهم أرنا الحق حق وأرزقنا بصيرة رؤيته. فخارج تنظيرات متبلبلة وأسئلة تستحي من التصريح بحيرتها وحزنها وقلقها ووجعها وخجلها لا بد من مواطنين ومواطنات يجترؤن الرشد أو يلتمسون قبس له.
كلمات متقاطعة موجعة ليست من صلب المقال:
أتحول وسط رياح الأحوال السياسية والعسكرية العصيبة العاصفة التي تمر بها المنطقة العربية إلى ريشة في مهب القلق، فأحاول عبثا أن أعيد توزاني بانتحال عبارة مشتقة من أجنحة الكلام لبصيرة أمي تقول, ليس هناك سموات تتسع ولا سنوات تكفي لسجدة حمد حين نفتح عيوننا على يوم جديد من أعمارنا القصيرة قادرين على رؤية فجة الفجر وجها لوجه لامن خلال قضبان نافذة غرفة بمستشفى ولا عبر الخيال من شقوق جدران سجن ولا داخل غمة من أنقاض حرب.
ما يحدث أن تنفخ تلك الكلمات الشاهقة مزيدا من هواء الشجن المغلي في عروقي ليركض دمي خارج نيويورك نحو تلك البلاد المسربلة بعشقي وأسئلتي مبتعدا عني.
****
كاريكتير العربي الجديد
هواجسي المتأججة كدبابير مستفزة تعيث في شبكيتي تتريث قليلا لتضحك بسخرية سوداء أمام كاريكاتيرات محمد عفيفا بجريدة العربي الجديد. يجيد حقا ذلك الغاضب بهدوء ومكر وطني شفيف التعبير عن تلك الثنائية التي تجري محاولة حشر كامل الوطن العربي بين فكيهما الهلال الطائفي والنجمة الصهيونية، فيما كل منهما يمسك خراطيم النفط وحمم رغائب الهيمنة من واشنطن وموسكو إلى طهران والعاصمة المسروقة من أرض فلسطين ليصب نارا يغذي أشجار الشر على الضفتين.
****
نوافذ للبصر
«الجرح هو المكان الذي يدخل منه النور إليك» جلال الرومي
****
«أترك نافذة في قلبك مضاءة لعل تائها في عتمة يرى طريقا» دلع مفتي
****
كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة محمد عبدالجبار النفري
****
ليس من لايحس بنقص النور بأبصر ممن يلح في البحث
****
أتقوى بأشواك القراءة علني أستطيع أن أسد وأدي لكلمة شرف شفيفة في حب الأوطان عقلا ووجدانا.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
سمر المقرن
التسجيل الصوتي الذي انتشر بصوت مساعد كابتن طائرة (بيشة- الرياض) كان مؤلماً للغاية، الاستنجاد بالإسعاف لينقذ زميله الذي يموت بين يديه، مما تبيَّن أن هناك وقتاً طويلاً مضى يقارب الـ 25 دقيقة تخاذلت فيها الخدمات الأرضية عن إيصال السلم الذي كان سيصعد عليه فريق الإسعاف.. تباينت الأقاويل إلا أن التسجيل الصوتي كان هو الفيصل الذي يحمل الدليل والبرهان على التخاذل.
المفارقة أنه في صباح اليوم نفسه حدثت قصة تخاذل أخرى، هذه القصة لم يروها لي أحد، وليست شكوى من قارئ، إنما حدثت لي شخصيًا عندما كان من المقرر لي السفر على رحلة طيران الخليج في السابعة صباحاً، وكنت يومها مجهدة وأشعر بالمرض لكنني مضطرة نظرًا لارتباطي بموعد عمل، وبعد صعودي إلى الطائرة شعرت باختناق فأبلغت طاقم الطائرة حتى لا يتم إغلاق الباب، وقد حاولوا مشكورين مساعدتي وتقديم إسعافات أولية لم تنجح حيث تبين أن سبب حالتي الصحية هو هبوط في الضغط وصل إلى 60/45، فما كان إلا أن أنزل من الطائرة، وقام الطاقم بإبلاغ الخدمات الأرضية عن ضرورة عودتي وتقديم الإسعافات لي، لكن حضر أحدهم دون حتى مقعد متحرك لنقلي، إذ إن حالة هبوط الضغط التي أمر بها كانت تمنعني من الوقوف على أقدامي فكيف بي أن أمشي عليها!
لم يتأخر وصول المقعد المتحرك، لكن تأخر وصول الإسعاف وتبين لي أنه لم يتم استدعاءهم من الأساس، وكنت أجلس على المقعد المتحرك قريبًا من موظف الجوازات الذي يجلس على المكتب المقارب للكاونترات مشغولاً باللعب في جواله، وكنت أرجو منه الاستعجال في طلب الإسعاف بعد أن بدأت حالة التنميل تشل أطرافي، وكان يرد: (بينادونهم الشباب).. وعندما وجدت الوضع بهذا الشكل وأن كل همهم هو إلغاء خروجي من نظام الجوازات وأنني في حالة تشبه الاحتضار طلبت من العامل الذي يسوق الكرسي المتحرك مساعدتي في إخراج هاتفي من الحقيبة لأساعد نفسي طالما ليس هناك من يساعدني، واتصلت بإحدى قريباتي التي اتصلت فورًا بإسعاف المطار وطلب النجدة فحضروا بعد اتصالها مباشرة.
في الحقيقة، لم أقم بإثارة هذا الموضوع إعلامياً ولم أكن أرغب بهذا، لولا قصة كابتن رحلة بيشة/الرياض الكابتن وليد محمد - رحمه الله - وذلك بهدف وضع أيدينا على الخلل، لأن هناك خللاً حقيقياً في هذه المسألة كنت شاهداً عليه بنفسي. لاحظت أيضاً أن مكان العيادة في صالة رقم (2) الخاصة بالوصول وتعتبر بعيدة مقارنة بمساحات المطار الكبيرة، وأعتقد أنه من المهم إيجاد عيادة طوارئ في كل مبنى، وأتمنى أن يوضع هذا في حسبان المبنى الجديد الذي ما زال تحت الإنشاء، أضف إلى ذلك ضرورة ترميم العيادة وخصوصاً دورة المياه المتهالكة، والاهتمام بهذه العيادة الوحيدة أكثر.
رحم الله الكابتن وليد محمد، الذي مات شهيدًا وشاهدًا على التخاذل، وأحمد الله الذي كتب لي عمراً جديداً لأروي هذه القصة هنا لعلها تكون سبباً في عدم التخاذل عن إنقاذ غيري من المرضى، وأشكر فريق طائرة طيران الخليج الذين أحاطوني بالرعاية إلى حين تسليمي إلى الخدمات الأرضية، وكذلك أشكر فريق الإسعاف الذي هبّ لنجدتي بعد اتصال صديقتي بهم، والحمد لله أنني ما زلت معكم إلى اليوم.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د. جاسر الحربش
اهرب يا صديقي إلى الأمام فالماضي يطاردك. هذه الجملة كانت شعار طلبة الجامعات الغربية في السبعينات كفعل مضاد للتدخلات العسكرية والسياسية في فيتنام وكوبا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، وتحولت إلى أهزوجة تبدأ بها أغاني الشباب المطالبين بالمشاركة في صنع المستقبل. كانت أغاني كثيرة وعاطفية يصاحبها العزف على القيتار، تلك الآلة الوترية المفضلة لأهازيج الشباب في أكثر دول العالم التي تتقبل العزف في الشوارع والميادين والمناسبات العامة. الآن تحولت تلك الأهازيج إلى تاريخ حقوقي يدرس للتلاميذ.
كان لشعارات الشباب في الغرب في السبعينيات الميلادية تأثير كبير على السياسات العامة، الداخلية والخارجية، وقدمت أحد العوامل المهمة ضد حرب فيتنام والتدخل الأمريكي في كوبا وشكلت ضغطا أخلاقياً على المعسكر الغربي لإيقاف التعامل الاقتصادي والعسكري مع حكومة جنوب أفريقيا العنصرية. ماهي المعاني المستبطنة داخل الحث على الهروب إلى الأمام ؟. الرمز في الأهزوجة تمثل آنذاك في وصف رجل الأمن بالماضي الذي يطارد المستقبل ليمسك به من تلابيبه ويعيده إلى الخلف. الخلف يعني احتمال العودة إلى فضاعات الحرب العالمية الأولى والثانية والفاشية الحزبية وحروب الهيمنة الاقتصادية والتمييز العنصري، وكانت الشبيبة الأوروبية آنذاك تلوم أجيالها السابقة على الإنصياع للنازية والفاشية والمكارثية والعنصرية العرقية.
إذا ً، الماضي الذي يستحق الهروب منه بالنسبة لشباب الغرب كان الحروب المدمرة وسيطرة التغول الرأسمالي المتشابك مع الجبروت العسكري، وهم لا يريدون العودة إلى ذلك الماضي المرعب. مقارنة بالغرب، لا يوجد في دول العالم الأضعف اقتصاديا ً وعسكريا ً جبروت عسكري ولا قوة اقتصادية مرهوبة الجانب، بحيث تجعل هذه الدول تفضل الماضي على المستقبل، ولكن قد توجد عوامل أخرى.
الارتباط واضح بين التقدم العلمي وما يقدمه لصانعه من تفوق عسكري واقتصادي، وهو العامل الذي يفتح الشهية لابتلاع الدول الأضعف والهيمنة على شعوبها وثرواتها ومحاولة إبقائها هزيلة لأطول مدة ممكنة. للإنصاف، هذا هو التاريخ البشري منذ بدايات المجتمعات والدول، ولكن هل لحالات الضعف العلمي والعسكري في مجتمعاتها آلية مشابهة في الهدف ومختلفة في التعليل، لتكريس الماضي ومنع الهروب إلى المستقبل ؟. أعتقد نعم، آلية محاولة الإمساك بالمستقبل من تلابيبه وإبقائه في الماضي موجودة في كل دول العالم التي لم تحقق بعد قفزة النمور المطلوبة نحو المستقبل وهي التي تعطل هذه القفزة. إذا كانت أهزوجة التشجيع للهروب نحو المستقبل في الغرب ولدها الخوف مما سببه الماضي من حروب وتدمير وإلغاء للحريات، فماهو السبب للخوف من المستقبل في المجتمعات الضعيفة ؟. أعتقد أن السبب هو القناعات التقليدية بأن المستقبل لا يمكن أن يكون أفضل من الماضي، بل وأن هذا الماضي الحالي كان له ماض أفضل منه، بالإضافة إلى الاعتقاد بأن المستقبل يضمر الشر لكل ماهو نقي وخير في المنظومات المعيشية والأخلاقية السائدة، والأهم من ذلك أن تكون الأغلبية الجماهيرية تصدق هذه المخاوف والقناعات.
هنا يأتي الدور الحاسم للقيادات السياسية الواعية والحكيمة، لأنها هي الوحيدة التي تستطيع من خلال فتح الحوار الحر والبناء واختيار الطواقم الوطنية الكفؤة من كل التيارات، أن تقنع الجميع بما هو الأفضل للجميع، ونحن لدينا بحمدالله هذا النوع من القيادة الحكيمة والواعية التي تعدنا بمستقبل أفضل.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
سعد الدوسري
حين أشرت بالأمس للمبادرة الإيجابية لنادي ضمك بالتنازل عن ثلاثة من مقاعدهم على الطائرة، لصالح طفلة مريضة ووالديها، فإنني بذلك قد قرأت الجزء المليء من الكأس، ولم أقرأ الجزء الفارغ منه. ومثل هذه القراءة تقودنا لمعرفة لماذا فَرَغَ هذا الجزء، وبعبارة أخرى:
- لماذا لا يجد المرضى مقاعد على طائراتنا؟!
إنّ من أهم الأزمات التي يعاني منها واقعنا الصحي، هو مواعيد المرضى. فلكي تجد موعداً، عليك أن تشتغل على أكثر من جبهة؛ الطبيب والممرضة وموظف المواعيد وموظفة الخدمة الاجتماعية. وفي النهاية، يكون الموعد غير ملائم لظروف المريض أو أهله، وكل المحاولات لجعله ملائماً تنتهي دوماً بالفشل، وبالعبارة الشهيرة: «السيستم ما يقبل مواعيد أبكر»! ولذلك، فإنّ المواعيد البعيدة جداً، صارت أمراً مألوفاً في مستشفياتنا التخصصية والعامة، دون أن نلمح أي تحرك من وزارة الصحة. وربما يعرف الكثيرون أنّ مثل هذه الظاهرة السلبية، سببها التخبط في جدولة المواعيد، بناءً على الأوقات المتاحة للأطباء والجراحين والأخصائيين في الأقسام ذات العلاقة، مثل الأشعة والمختبر والعلاج الطبيعي. وحين تحاول أن تفهم، لماذا هناك موعد، ولماذا ليس هناك طبيب، تصدمك إجابة مستفزة وغير مسؤولة:
- الطبيب غير موجود!
- أين هو؟!
- الله أعلم!
لهذا السبب، تجد المرضى في طوابير الانتظار في المطارات، يستجدون رحلة للرياض أو لجدة، لأنّ هناك من استطاع أن يجد موعداً أقرب للمريض، لأنهم وجدوا في النهاية الطبيب الذي كان مختفياً!
- التفاصيل