قضايا وأراء
- التفاصيل
- قضايا وأراء
عبدالعزيز السماري
أولاً نحمد الله على سلامة المواطن السعودي عائض القرني من حادثة محاولة الاغتيال في الفلبين، والتي فيها أكثر من مشهد، فالقرني في هيئته الخارجية يرمز إلى بعض وجوه الفكر الديني، الذي انطلقت أو انشقت منه بعض الفرق الخارجة عن النظام، ثم أصبحت مصدراً للترويج عن أفكار في منتهى العدوانية من خلال الزي الديني المحلي كالشماغ بدون عقال والثوب القصير وغيرهما..
ولهذا قد لا تفرق المجتمعات الأخرى بين الصقور والحمائم في تلك الظواهر المتجددة، وهو ما يعني أن نجوم الصحوة الدينية في المجتمع السعودي قد يُصنفون في يوم ما خلف ظواهر الإرهاب في العالم المعاصر منذ خروج ابن لادن إلى ظهور دولة الخلافة المزعومة في شمال العراق، وخصوصاً أن ثمة تشابه في الطرح الأصولي بينهم.
العامل المشترك في هذا الحراك المتعدد الاتجاهات والمتصاعد أنه يشترك في إذكاء ظاهرة المواجهة المسلحة مع الآخر، وقد لا تختلف جماعات الجهاد الإسلامي عن الصحوة الإسلامية, فكلاهما خرجوا من المرجعية نفسها، ولكن الاختلاف بينهما كان في الحسابات السياسية، وفي أشياء أخرى يصُعب شرحها في هذه العجالة.
لهذا السبب أصبح الداعية القرني برغم من اختلاف منهجه وسلمية طرحه, وتحوله إلى نجم إعلامي في المجتمع هدفاً للاغتيال، ولكن ربما جعلته هيئته السلفية متهماً برغم من ذلك، ولو ثبت العكس، وقد يكون لها تبعات على مختلف نجوم مرحلة الصحوة، والذين قد يصبحون أهدافاً للجماعات المتطرفة ضد جماعات الإسلام الجهادي وهو ما يعني وجوب اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لحمايتهم..
لعل بيت القصيد في هذا الموقف العدائي المتصاعد ضد نجوم الصحوة هو تحميلهم مسؤولية تفخيخ ظاهرة التكفير، ثم إعادة إنتاجها في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة، وبعد أن نجحت في أن تجعل منه سلاحاً فتاكاً ضد الغير، والتكفير عانى منه كثير من البشر، وذهب ضحيته الملايين بسبب استخدامه في النزاعات السياسية المسلحة، ولازلنا نعاني منه الأمرين، وتحكي حوادث قتل الأقرباء والأصدقاء قصص حاضرنا ومستقبلنا المرير.
كان العقل في المجتمع أحد أهم ضحايا التكفير، فقد تم إرهابه والضغط عليه من أجل إيقافه عن التفكير خارج خطوطهم الحمراء، ويعتبر ذلك أحد وجوه الاستبداد بالرأي والمعرفة، وتأثر التفكير العلمي كثيراً بسبب تحريم الكيمياء وتكفير علماء الطبيعة في مراحل سابقة في العصور الإسلامية، ووصلنا إلى أسوأ مراحل الجهالة, بسبب ذلك الحصار غير المبرر على العقول.
ما يجعل المرء يعيد طرح هذا الموضوع كلما عادت إحدى مناسبات الاغتيال أو الإعدام بسلاح التكفير هو الشعور بأننا أمة لا مستقبل لها، فقد كتبنا مستقبلنا بحروف من دم، وأصبحنا أسرى في معاقلهم إلى أن يشاء الله أمراً آخراً، ومع ذلك لايزال هذا الفكر العدمي يحظى بالتقدير والتبجيل، بينما يعاني علماء الطبيعة ومراكز الأبحاث من التهميش.
السبب في ذلك هو تلك النزعة الماضوية في التبجيل، وفي وهم امتلاك الحقيقة، فالحقيقة أياً كانت مصدرها الماضي والكتب الصفراء واجتهادات الفقهاء والمحدثين في فترات الانقسام والنزاع الطائفي، ولو كانت تلك الحقيقة عامل الهدم في معاقل الحضارة القديمة في بغداد ودمشق والقاهرة وقرطبة..
ما حاولت أن أصل إليه في مقال الأسبوع الماضي..(في قضية الإهاب: هل نحن أعداء أنفسنا)، هو أنّ مختلف تيارات المجتمع مرتبطة بتلك الأصول التي تقدم التكفير على الإيمان في الحكم على الآخرين، وهو ما يجعل الحوار الاجتماعي أشبه بحوار الطرشان.
ولن تنجح قوى العقلانية والتطوير في مواجهة نزعات التكفير والماضوية إذا حاولوا أن يجادلوهم من خلال تلك الأصول، والدليل ما تشاهدونه على فضاءات الإنترنت، فنجوم الصحوة من الوعاظ والدعاء يحظون بشعبية طاغية، وربما تحولت نجوميتهم إلى أكثر من نجوم إعلامية، وأن ما تقوله هو الصحيح والحق الذي لا غبار عليه..
لكن ثمة وجه للخطورة فيما حدث لعائض القرني، وهو وصول ظاهرة العداء لأفكارنا الدينية إلى عوام الغير، وإلى اعتبار نجوم الصحوة مسؤولين عن إيقاظ الفتنة في الأماكن البعيدة مثل الفلبين، والتي تعاني منها منذ زمن غير قصير، فهل ندرك ذلك قبل فوات الأوان، والله المستعان.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د. جاسر الحربش
الهجرة اختيار والهروب اضطرار، والحديث هنا عن هجرة الاختيار لا هروب الاضطرار.
أيام التخصص في ألمانيا خرجت بالسيارة مع زوجتي وطفلي الاثنين للنزهة وتناول وجبة الغداء في أي مطعم نجده على أطراف غابة مجاورة. اخترنا أحد المطاعم، وما أن جلسنا إلى الطاولة حتى لفت انتباهنا وجود امرأة عجوز ترمقنا بنظرات تنم إما عن حنان أو حنين. لفت نظرنا أكثر وجود أركيلة بجانبها تشفط منها من آن لآخر نفسا ً ثم تزفر بقوة في الفضاء. بعد دقائق سألتنا العجوز من بعيد: إنتو عرب؟.. أكيد إنتو عرب. قلنا نعم، فاستأذنت وأحضر لها صاحب المطعم كرسيها الخاص إلى طاولة بجوارنا. قالت العجوز بلهجة لبنانية هذا ابني وأشارت إلى صاحب المطعم، والمطعم له، ومعنا الجنسية الألمانية ولكن نحن لبنانيون، وأنتم من الخليج ومسلمين مش هيك ؟. قلنا نعم نحن مسلمون من السعودية. كانت المرأة مسيحية عربية من لبنان طوحت بها طروق النوى إلى الاغتراب مع أسرتها. تناولنا طعام الغداء وتحدثنا مع العجوز اللبنانية وتكلمت هي أكثر مما كنا نتحدث. مما قالته إنها تشعر بفرحة شديدة إذ قابلت اليوم عربا ًهنا لأن ذلك لا يحدث إلا نادرا ً، وأنها تحس بسعادة عندما تتحدث العربية وتشم رائحة العرب وأطفالهم فذلك يذكرها بقريتها في لبنان وأهلها ويجدد في روحها الحنين حتى إلى مقابر أجدادها المدفونين هناك. عند الانصراف أقسمت العجوز أن لا ندفع الفاتورة وألحت علينا بالمرور عليها من آن لآخر.
لعل قصة هذه المقابلة العابرة تعطي مدخلا ً مناسبا ً إلى الحديث في موضوع يكثر الكلام فيه هذه الأيام، موضوع الهجرة أو الاغتراب. مما قيل ويقال إن عشرات الألوف من السعوديين اتخذوا قرار الاغتراب بالفعل وأن غيرهم يبيت النية على ذلك. ليس المهم العدد، فالأوطان لا تقل ولا تكثر بسبب أعداد المهاجرين منها، المهم هو الهجرة النوعية أو اغتراب أصحاب العقول والكفاءات، ومهم أيضا ً بالنسبة للمهاجر نفسه أن يعرف أنه بالفعل سوف يدخل في غربة واغتراب لن يشفي لواعجها ما قد يتحقق له معيشيا ً في الغربة من أهداف، مقابل القطيعة مع اللغة والديار وبقايا الأهل الأصحاب ومقابر الأجداد والأسلاف.
من خلال الحديث عن أسباب الهجرة والاغتراب يتركز التبرير الأول على البحث عن الحق في الحصول على حياة لا يقولبها المجتمع ولا يتدخل فيها أو يضع لها اشتراطات القبول والرفض تيارات أو جيران أو هيئات لها فهمها الناجز والخاص بالحياة، ودعونا نطلق على المكتفين للهجرة بهذا التبرير «أصحاب الأفكار الحائرة».
التبرير الثاني يتركز على هجرة تحمل ماهو أكثر من المغادرة، أي قرار عدم العودة، تلك هي هجرة العقول فائقة الذكاء والكفاءات المتميزة، تحديدا ً بسبب فقدان البيئة الاجتماعية والتربة العلمية الصالحتين للإبداع العقلي والفكري ولمتابعة الأبحاث العلمية في المراكز العالمية المرموقة من حيث وصلت إليه وليس بطريقة الخضوع لأولويات وشللية ونكد البيروقراطيات في العالم الذي يعتبر «لا علميا ً» حتى لو ادعى الالتحاق بالمراكز البحثية، ودعونا نطلق على معتنقي هذا التبرير للهجرة «أصحاب العقول الاقتحامية».
لابد من وجود تبريرات أخرى للغربة والاغتراب، قد يكون منها الفشل أو الخوف من الفشل المعيشي وعدم الاطمئنان إلى مستقبل المنطقة الإقليمي والبحث عن تعليم واستغلال للمواهب أفضل بالنسبة للأبناء والبنات، وقد يكون أحيانا ً الهروب من الذات نفسها بسبب متلازمة القلق والوسواس القهري.
أعتقد، وهذا رأيي المتواضع أن جميع التبريرات ينقصها الفهم العميق لمعنى ومسيرة ونهايات الغربة والإغتراب، ربما باستثناء ذلك التبرير الناتج عن إلحاح العقول الاقتحامية الحادة الذكاء والكفاءات العالية الجودة، لأن هذه النوعية من البشر لا تستطيع الصمود في البيئات المحوطة بأطر وأسيجة تقليدية وبمقادير محددة من المياه والمغذيات الفكرية التي تزداد أو تنقص حسب متطلبات تتعارض مع المتطلبات المعرفية والاكتشافية. أصحاب هذه العقول يصابون بالاكتئاب والانطواء والضمور، ويكون الفاقد الحقيقي هو الوطن الذي أهمل استنباتهم وجني ثمارهم، ثم تخلى عن ذلك لأوطان الغربة المتعطشة لهم رغم ارتوائها العلمي.
الاغتراب، عندما يكون القرار فيه نهائيا ً يكون جسديا ً وروحيا ً في آن واحد. في البداية يغترب الجسد ويعبر عن ذلك بابتهاج الجسد وعنفوانه المادي واستنشاق الرئتين بشغف للرياح الجديدة، ولكن الروح تبقى كامنة تراقب بدقة متناهية ما يحدث من مكانها القصي الذي لا يعرف الجسد تماما ً أين يكون مكان الروح فيه، أفي الدماغ، في القلب، في مجاري الدم، أم أنه مبثوث في كل خلية من خلاياه المستعصية على العدد والإحاطة. في النهاية، بعد هدوء الجسد أو ضموره أو تقادم وظائفه تعصف الروح ويبدأ الالتياع والشوق إلى الزمان والمكان، إلى ذلك (الزمكان) الأول.
ذلك الشوق هو ما كان يعذب تلك العجوز العربية المسيحية اللبنانية في مطعم على أطراف غابة في بلاد كل أهلها مسيحيون مثلها، ولكن اللغة والروائح ومقابر الأجداد كانت غائبة عن ذلك (الزمكان). من هذا المنطلق اخترت عنوان المقال: الهجرة والتفكير، وأدع لكم التأمل الأعمق فيما يبدأ هجرة وينتهي بتفكير.
ملاحظة أخيرة: لم يعد الخوف من انحراف أبناء وبنات الجاليات المسلمة في الغرب مبررا ً، لأن الملايين من المسلمين المهاجرين استطاعوا تنشئة أجيالهم اللاحقة بمعايير ومفاهيم إسلامية قد تكون أفضل من مجتمعاتهم الإسلامية الأصلية، والشاذ والنادر لا حكم له على المجاميع.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د.عبد الرحمن الحبيب
بعد انتصار ثورتها تُصارع كثير من الدول ذات النظم الإيديولوجية «الخلاصية» بين خيارين: تآلفها داخلياً وسلميتها مع الجوار الإقليمي والنظام الدولي، أو استمرار ثورتها في الداخل والخارج.. حرب المطلق: «الأنا» الصحيح مع الآخرين الخطأ.. حرب خلاص مع الجميع!
الأمثلة كثيرة، أشهرها نموذج الثورة البلشفية للاتحاد السوفييتي الذي عانى بين خياري الاشتراكية في بلد واحد (خط ستالين الذي فرضه) أو تصدير الثورة الاشتراكية للجميع (خط تروتسكي الذي اغتيل في المنفى). المعضلة تكمن بأن النظام الثوري إذا تآلف مع الداخل ومع النظام الدولي فسيؤدي إلى تحلل إيديولوجيته وانتفاء مسوغ وجوده كمخلص للبشر، مما يراه المتشددون خيانة لمبادئهم ويراه النافذون خسارة لمصالحهم ويراه آخرون تهديدا لتماسك الدولة. إنما الواقع العملي يشهد بأن دول الإيديولوجيا الخلاصية تحللت سريعاً أو بطيئاً، ولم يبق في عالمنا سوى إيران وكوريا الشمالية، إذا لم نضف إليها داعش بمساحة أكبر من كوريا الشمالية!
موضوعنا إيران التي حصل فيها مؤخراً تطوران مهمان: الأول توقيعها الاتفاق النووي الدولي، الذي صرح إثره روحاني بأن إيران تمد يدها للجميع؛ والثاني نتائج انتخاباتها (المقيدة) بفوز الاصلاحيين الأسبوع الماضي، الذي قال بعدها روحاني بأن إيران تتطلع للانفتاح على العالم الخارجي.. فهل ذلك يمهد الطريق لاندماج إيران في المجتمع الدولي؟ أم أنهما سيعبران كبوادر سابقة (حكومة خاتمي مثلاً) اضمحلت؟
يمكن فهم النشاط الإيراني على مستويين دوليين: الاقتصادي، والسياسي. آخر المؤشرات على المستوى الاقتصادي ظهر قبل أيام في بيان من «فريق عمل النشاط المالي» (إف آي تي إف) يحذر الدول الأعضاء من مخاطر تعامل مصارفها مع إيران بسبب علاقتها (المقصودة وغير المقصودة) في غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.. هذا الفريق أنشأته مجموعة الدول الصناعية السبع ثم لحقت بها عدة دول منها روسيا والصين؛ وفيه يقدم الأعضاء تقييماً لتطبيق معاييره، ويتبعها بإجراءات قانونية ملزمة للدول التي تفشل في معالجة أوجه القصور بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. هذا البيان له تداعيات مهمة، لأنه نبَّه إذا فشلت إيران في مكافحة ذلك، سيطرح «الفريق» دعوة الدول الأعضاء لتعزيز إجراءاتها المضادة لإيران في جلسته القادمة يونيو 2016، أي عقوبات أكثر مما كان قبل توقيع الاتفاق النووي.
ورغم أن الاتفاق النووي خفف العقوبات شاملاً أكثر من 400 مؤسسة إيرانية أزيلت من قوائم العقوبات الأمريكية، إلا أن أكثر من 200 جهة، بما فيها الكيانات الاقتصادية الإيرانية الهامة، لا تزال مدرجة على لائحة العقوبات، كما توضح كاثرين باور (أستاذة بمعهد واشنطن). ولا يزال العمل مستمراً بتدابير مضادة «لحماية النظام المالي الدولي من عمليات غسل الأموال المستمرة والكبيرة ومخاطر عمليات تمويل الإرهاب التي مصدرها إيران».. هذه العبارة في بيان «الفريق» المذكور. كما أنه وفقاً لبيان من وزارة الخزانة الأمريكية، فإن المؤسسات المالية في إيران «تشارك عن قصد في ممارسات مضللة للتمويه عن السلوك غير المشروع».
أما من ناحية سوق النفط، فيرى الاقتصاديون أن تعافي تسويق النفط الإيراني سيستغرق سنوات حسب وكالة فيتش، إذ يستبعد تسرع شركات النفط العالمية بالمخاطرة لتخصيص استثماراتها للمشاريع الإيرانية حسبما ذكر كارستن فريتش، محلل النفط لدى كومرتس بنك. أضف إلى ذلك أن تنفيذ بنود الاتفاق النووي لن يتم فجأة بل يمهد طريقاً طويلاً لتخفيف العقوبات الدولية بالتدريج على إيران، لتحقق من تنفيذها للاتفاق النووي.
المسالة لا تقتصر على الاقتصاد فقط، فعلى المستوى السياسي لا يزال الغرب يتهم إيران بأنها داعم مباشر للمنظمات الإرهابية وتتدخل في شؤون دول الجوار وعامل أساسي في عدم استقرار الشرق الأوسط والعالم.. بل إيران نفسها لا تتوانى عن الافتخار بدعمها لمنظمات تعد إرهابية في المنظومة الدولية، فضلاً عن تفجيرات ومحاولات اغتيال ثبت قضائياً أن مدبرها منظمات رسمية في إيران..
ورغم وجود أصوات غربية تنادي بتخفيف العقوبات على إيران مرحبة بالاتفاق النووي معها، ويقابلها أصوات غربية أخرى مضادة ترى مجابهة إيران؛ إنما أصحاب الرأي الذي ساد يرون أن اتفاقاً وإن كانت تشوبه نواقص عدة هو أفضل، مثلما قال أوباما:» إن الاتفاق لا يلغي كافة التهديدات التي تشكلها إيران لجيرانها أو للعالم، لكنه أفضل سبيل لضمان عدم حصول إيران على قنبلة نووية.» فأمريكا لا ترى في النظام الإيراني طرفاً موثوقاً، إذ يقول أوباما: «سيكون لإيران مزيد من الموارد لجيشها وللأنشطة الأخرى التي تشكل تهديداً حينما ترفع العقوبات.. لكن ذلك لن يغير قواعد اللعبة...».
يمكن تلخيص النظرة الأمريكية بأن إيران داعم لتنظيمات إرهابية، وأن سياستها التدخلية هي إحدى المشاكل الأساسية في الشرق الأوسط، لكنها في نفس الوقت تشارك أمريكا في مواجهة بعض التنظيمات الإرهابية الأخرى.. ومن ثم فإن الدخول مع إيران في اتفاق كمقدمة لاحتوائها وتدجينها في المنظومة الدولية ستكون مجازفة تستحق العناء..
إنما المسألة ليست في نظرة وموقف الغرب أو أمريكا أو السعودية بل في سلوك إيران.. اقتصادياً فإن الخطوات الأولى - كما يؤكد الخبراء الدوليين - لإصلاح وضعها هي تحسين مستوى تقييمها من قبل «صندوق النقد الدولي» ومن «فريق العمل» المذكور. وإذا كانت إيران نفسها تطالب الصندوق والفريق بإعادة تقييمها، فإن الأول قدم توصياته إليها بضرورة «مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب كي يسهّل إعادة دمجها في النظام الاقتصادي العالمي..»، أما الثاني فرغم أنه أشار إلى الجهود القانونية في إيران لمكافحة غسيل الأموال، فقد أشار أيضاً إلى «غياب الجهود المشابهة بما يتعلق بالإرهاب».
المفارقة أن الأمين التنفيذي للفريق أكد الشهر الماضي أن إيران «أبدت استعدادها» لبدء التعاون، إلا أن البيان الأخير للفريق أوضح أن الواقع يناقض التصريحات الإيرانية.
أما سياسياً، فلا تصريحاتها ولا سلوكها يبشر بإقامة علاقات طبيعية إقليمياً أو دولياً.. فماذا يخبئ المستقبل حتى تلوح في الأفق بشائر تغيير في سلوكها العدواني فإن اندماج إيران في المجتمع الدولي يبدو وعراً طويلاً إن لم يكن مسدوداً على المدى المنظور.. إنها أزمة النظم الإيديولوجية المغلقة بين تيار متشدد بقاؤه يستمر بالأزمات مع الآخرين، وتيار إصلاحي يسعى للخروج من الأزمات، فأيهما ينجح؟ الإجابة في إيران.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

نالَ وباستحقاقٍ لقبَ
زُمِّيرةِ الضاحية
لكثرةِ لعلعتِه في خطاباتٍ مطولةٍ ذكَّرتني
بخطاباتِ العهدِ الشيوعيِّ البائدِ
والتي كانتْ تمتدُّ لستِّ وسبعِ ساعاتٍ
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

في البداية ليكن معلومًا أنني عندما أتحدث عن نور كنجم أسطورة فإنني في ذات الوقت أدعو كل لاعب إلى أن يكون حريص على ألا يتناول أي علاج إلا تحت إشراف
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

على مشهد من العالم وتحت أنظاره وأسماعه يدور الحوار «الراقي» بين مرشحي الحزب الجمهوري للرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية فيعير دونالد ترامب منافسه ماركو روبيو بأذنيه الكبيرتين ويرد روبيو معيرًا
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
قيل عنه إنه مغامر مهووس بالشهرة والمال. وقيل بل هو «ماسوني» يخفي أصوله الحقيقيّة ويسعى إلى إكمال سيطرة «الحكومة الخفيّة» على العالم. وقيل هو رجل أعمال نضج طموحه السياسي في بلد الحريات والفرص المتكافئة. ترى من هو هذا «المتعجرف الأبيض» بتصريحاته المثيرة وصاحب القبول الشعبي عند شرائح واسعة من المجتمع الأميركي؟ هو «دونالد جون ترمب» المطور العقاري والوجه التلفزيوني المعروف ذي ال 69 عاماً والابن الرابع بين خمسة أبناء لمهاجر ألماني استقر في الولايات المتحدة بداية القرن العشرين. وأمام تحدي تربية طفله النشط وتعليمه الانضباط الإيجابي قام والد «ترمب» بإرسال ابنه وهو في سن الثالثة عشرة للالتحاق بالأكاديميّة العسكريّة في نيويورك التي تخرّج فيها ثم واصل تعليمه حتى حصل سنة 1969 على شهادته في الاقتصاد من جامعة بنسلفانيا.
أمّا النقلة الكبرى في حياة «ترمب» فقد بدأت سنة 1971 حين أعاد هيكلة شركة والده ونقل أعماله إلى «مانهاتن» وارتبط مع العديد من الأسماء المؤثرة في نيويورك والتي فتحت له الأبواب لمشروعات ضخمة في الفندقة وبيع وتأجير شقق الأثرياء فيما بعد. ولكن الشاب المندفع لم يكتف بهذه الأعمال فتوجّه للاستثمار في كازينوهات القمار وأصبح مالكاً للعديد منها وأشهرها كازينو «تاج محل» في «أتلانتيك سيتي» على ساحل ولاية نيوجرسي.
لم يكن «ترمب» صاحب سجل سياسي واضح سوى آراء رعناء متطرفة يقولها هنا وهناك وقد أعلن مرات انه ديمقراطي ثم أعلن عام 2000 نيّته الترشح لرئاسة الولايات المتّحدة تحت مظلة حزب صغير «Reform Party» وعاد فيما بعد مرشحاً جمهورياً مثيراً للجدل. وفي الشأن اليهودي والإسرائيلي يحتفظ «ترمب» بعلاقات مصلحيّة دافئة مع كبار اليهود في نيويورك التي مهّدت لصداقات عميقة مع السياسيين الإسرائيليين. وقد لا يعلم كثيرون أن والد ووالدة «ترمب» توفيا من مرضيهما وهما يرقدان في «المركز الطبي اليهودي» في لونغ أيلاند. ونتيجة لدعمه لإسرائيل التي يرى «أنها هناك من أجلنا « فقد تلقّي «ترمب» جوائز العديد من المنظمات اليهوديّة الأميركيّة. وقبل الانتخابات الإسرائيليّة لعام 2013 سجل «ترامب» رسالة فيديو داعمة مدتها 30 ثانية مؤيداً فيها زعيم حزب الليكود «نتنياهو».
وبخصوص موقف «ترمب» الصاخب من المسلمين والعرب وهجرتهم إلى الولايات المتحدة فلم يسبقه في الوقاحة (العلنيّة) أي مسؤول غربي سواء لجهة بذاءة أسلوبه أو لعنصريته الفجّة في حديثه عن المسلمين. ومع أن «ترمب» لديه خطط ومشروعات استثماريّة في دول عربيّة وإسلاميّة تمتد من جاكرتا مروراً بباكو ثم إسطنبول وصولاً إلى دبي وغيرها إلا أن خطابه العنصري مستمر وكأنه يستنسخ صورة «هتلر» حينما اعتمد الخطابيّة الحماسيّة وإثارة رعب مواطنيه ممن يتآمرون على «الجنس الآري».
وعلى الرغم من وضوح فرص الديمقراطيّة «هيلاري كلنتون» ودعم المتنفذين اليهود والحقوقيين لها لتصبح أول سيدة في المكتب البيضاوي إلا أنه لا يمكن إغفال أن «المزاج» الأميركي يمكن أن يُحدث مفاجأة. وبالنسبة للعرب فمع شيوع صورة الجمهوريين بوصفهم أكثر تفهماً للقضايا العربيّة إلا أن الدراسات السياسيّة تكشف أن الجمهوريين أكثر دعماً لإسرائيل من «الديمقراطيين» خاصة خلال العقد والنصف الماضي. ولهذا فإن سؤال ماذا لو «حكم» دونالد ترمب الولايات المتحدة لم يعد ذا معنى فها هي أفكاره تحكم رؤوس الأميركيين الذين صدّروه وصفّقوا له.
قال ومضى:
استفدت من خصمي الصريح أكثر مما نفعني الصديق المتخاذل.
لمراسلة الكاتب:
- التفاصيل