قضايا وأراء
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د. خيرية السقاف
قبل قليل من الجلوس إلى صحيفة الجزيرة لعدد الثلاثاء أمس الأول ,كنت قد دونت كعادتي كل صباح بعض ما تشاغبني به المحبرة بهذه العبارة: «صغارنا يكبرون فنكبر بهم»..
في تلك اللحظة كان يراودني الحلم أكثر بأن يحفظ الله صغارنا من فتن زمنهم, من أن يتجهوا لغير العلم, والعبادة, والعمل النافع المنجزالذي يجعلهم منارات في الأرض يتسابقون لأعلى منافات النجاح فوق الأرض, والجنة في مآلاتهم, أن يسعوا لرضاء الله في حياتهم, وبعدها..
الباعث ما نشاهده, ونعيشه من غلو هذا الطمي الذي يمتد, ويكتسح في طريقه الأخضر منهم, والمهمل فيهم, والمهمش لديهم, والتائه بينهم, والذي قد أسلموه لفتن هذا الوقت أهلُه وهم لا يأبهون..
وكنت أبتهل إلى الله أن يعصمهم, أن يجعلهم قرة عيوننا في الدنيا والآخرة, وليس أجمل من أن يكون دربهم العلم, والعمل, في صلاح نية, وعزيمة قوية, وفهم حقيقي للحياة, ووعي متطور بالأوليات فيها, وأن يمدهم بجهد وصبر على مكافحة هذا الغثاء الذي يملأ فضاءات ما حولهم..!!
فإذا بي وأنا أتصفح الجزيرة أصل إلى بهجة غمرتني, وإجابة سريعة طمأنتني, هي من فضل الله العظيم,
حيث أشرقت صفحة الجزيرة 21 بالخبر,
ابني «محمد الفيصل» يحصل على درجة الدكتوراه بامتياز, وبدرجة شرف أولى..
الحمد لله حمدا كثيرا,
كبر الصغار نعم ,
ونحن نكبر بهم حسا, وطمأنينة على زمنهم, وحصادا ينجزونه, ويؤول إليهم تقر به مطامحنا وآمالنا وانتظارنا..
محمد ,عرفته وجها مشرقا لأبنائنا في كوكبة مشرقة في طاقم إدارة وتحرير الجزيرة, وتحديدا في مكتب رئيسها القدير الذي يتعامل معي, وألجأ إليهم كلما أقلقني ظرف فأعتذر عن المقالة, أو خطأ فيها فأبلِّغ تنبيها..!
كذلك وجدتهم نبلاء, راقين, متفاعلين, هم أبناء الجزيرة المجهولين اليقظين عبدالإله, فيصل, خالد, معن, مشعل ومن لا يحضرني اسمه الآن, ..
وكان الفيصل محمد منهم, وهو على درجة من الطموح العلمي, والتفاني في الدراسة, والإخلاص في البحث, والحرص على الأكاديمية لمزيد خبرة, ومعرفة, وإضافة..,
كنت أعرف من قبل أن له أبا عالما قديرا, وأستاذا جامعيا فذا, وله عم آخر كان مديرنا في جامعة الملك سعود, ورفيق مرحلة مهمة فيها, كما إن له أما نبيلة متميزة, فهو من أسرة علم, وأخلاق, وسجايا عالية, اتخذته كما اتخذت زملاءه في مكتب أبي بشار أبناء لي..
محمد الفيصل دكتورا في الأدب العربي, ونقده..
اقتحم في أطروحته مجال «المقالة الأدبية» في زمن يحاولون فيه إقصاءها, وهي المتسيدة أنماط السرد, وغرة منثوره بما لا يجعلها تبيد أبدا..
إذن فهو الابن الذي تقر به العيون, وتبهج بنجاحه النفوس..
أبارك لك بني, وأبارك للدرجة العلمية نفسها التي سوف تتزيا بك,
كما أبارك لوالديك وإخوتك, لأسرتك, لأبي بشار, وللجزيرة دارك الثانية, وأهلها أهلك الخلَّص..
وكذلك لقرائك, وطلابك في الجامعة..
فبك أُضيف للمجال عنصر يجيئهم من نبعه الزلال ..
فالله أسأل أن ينفع بك, وبهم, ويجعلك لهما, ولهم قرة عين ..
فصغارنا كبروا,
وها نحن نكبر بهم.
اللهم بارك فيهم.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
سعد الدوسري
أثناء تواجدي في بالتيمور بالولايات المتحدة الأمريكية خلال العام 2012، زرت المركز الإسلامي هناك، وأديت فيه صلاة الجمعة. الجميع كان يحترمون وقت الصلاة ويحترمون المصلين الذين يتوافدون للمركز، دخولاً أو خروجاً.
نحن المسلمون، نتقاتل لأن مذاهبنا مختلفة، كل منا يفجّر الآخر بفخر شديد.
نحن المسلمون لا نتيح للآخر من ديانة مختلفة أن يقول رأيه، لأننا نصنفه سلفاً، ولذلك يعتبرون ديننا دين قمع.
وقد تحدث استثناءات، فنجد من الغربيين مَنْ لا يستمع لنا، حتى وإن كنا نمثل الوسطية والاعتدال، كما هو الحال مع المرشح للرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، الذي طالب بمنع المسلمين من دخول بلاده.
وحين أقول استثناءات، فلأن المجتمع الأمريكي برمته استنكر هذه المطالبة واعتبرها عنصرية بغيضة.
ولم يقتصر الأمر على المجتمع، بل إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما زار مسجداً لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، للدفاع عن حرية المعتقد الديني، وللتنديد بخطاب بعض قادة الجمهوريين المناهض للمسلمين.
والتقي أوباما مسؤولين مسلمين خلال زيارته لنفس المسجد الذي زرته في بالتيمور.
وسبق لأوباما زيارة مساجد في مصر وماليزيا وإندونيسيا أثناء توليه مهامه، لكنها المرة الأولى التي يزور فيها مسجداً في بلاده.
ومنذ اقتراح المرشح الملياردير ترامب منع دخول المسلمين لبلاده، خشية تنفيذ بعضهم اعتداءات إرهابية، يندد أوباما باستمرار بالسعي لاستغلال خوف الأمريكيين ويحذر من تعميم نمطي غير بناء.
علينا أن نستفيد من هذه الدروس.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
عبدالعزيز السماري
أصبحت لدينا تجربة ثرية في كيفية التعامل الإعلامي مع قضايا النساء، و هو فن إطلاق اسم المكان على الفتاة المراد التشهير بها، وكان أشهرهن فتاة القطيف وفتاة حائل، وفتاة الخرج، وفتاة الجوف، وفتاة جدة، وغيرهن من الفتيات التي تم التشهير بهن في قضايا العفة والشرف..
تشترك جميع هذه الفتيات في كونهن ضحايا للعنف والقهر والتحرش والتعذيب وأحيانا القتل.، و لم تُستخدم هذه الظاهرة الإعلامية لوصم خطايا الرجال والتشهير بها، بل نكاد لا نسمع عن شاب الرياض أو جدة أو الدمام، والنظرة هنا تختلف تماماً، فالرجل كما يقال (يحمل عيبه في جيبه والمرأة عيبها في يدها)؟!
كان آخرهن فتاة النخيل ،والتي تعرضت لضرب أمام الملأ من قبل رجل الهيئة حسب الفيديو المتداول، وحاول بعض المارين أن يحذره من أن تموت الفتاة بين يديه بسبب القسوة في التعامل، وكان رد رجل الفضيلة، « حنا أحرص منك عليها «، ويعتبر استخدام موقع النخيل نقلة جديدة، وفيه تفصيل أكثر لاستخدام أسماء الأسواق والشوارع والأحياء في المستقبل لرصد ظاهرة الفتيات الضحايا.
تختلف قضايا فتيات الأماكن باختلاف المكان والزمان، ولم تكن الهيئة طرفاً مشتركا في جميع هذه القضايا، كان أشدهن قضية قتل، ونسبة غير قليلة كن هروباً من المنزل، وأخريات قضايا تحرش من قبل العامة، ومنهن قضايا خطف كان أشهرها اتهام الجن بخطف فتاة من أهلها، ومنهن أيضاً ضحايا لتدخل الهيئة والقبض عليهن في وضح النهار، ثم تشهيرها بالحادثة، وكان ذلك سبباً لقتل الفتاة من قبل أقاربها الذكور في بعض القضايا...
يقف خلف هذه القضايا المشهورة تلك النظرة الذكورية للخطيئة، والتي يتم اختزالها بالكامل في المرأة، ويظهر ذلك في تعامل المجتمع العفوي مع خطايا الرجل وجرائمه، ولعل أشهرها القتل، والذي يعتبر الجريمة الجنائية الأشد عقوبة في الدنيا والآخرة، ومع ذلك يتفاعل المجتمع إيجابياً مع رجال « الخير» الذين يبذلون الأموال الطائلة لإنقاذ الرجل من العقاب الشرعي.
بينما يتم التعامل بمنتهى القسوة والعنف مع خطايا الأنثى المتناهية في صغائر الآثام، و لا تصل إلى منزلة الكبائر، وحاولت أن أجد مبادرة اجتماعية من قبل، « رجال الخير «، للعفو عن امرأة قاتلة، ولم أجد، بينما هم يتسابقون لإنقاذ الرجل القاتل من حد السيف، ويدخل ذلك في تقاليد القبيلة العربية، والتي دائما ما تتدخل للعفو عن القاتل من رجالها، فالرجل في ذاكرة القبيلة السابقة تحتاجه في غزواتها التي تقوم على القتل والسرقة! ..
أذكر جيدا قصة امرأة سعودية واجهت عقوبة القصاص، بعد قتلها زوجها ببندقية كانت تحمي بها مزرعة الأسرة من هجمات القرود على إثر مشاجرة حدثت بينهما، وكانت قد أطلقت النار على زوجها، وهي في حالة نفسية منهارة بسبب تعامله العنيف معها وضربها بقسوة، والذي وصل في أحد الحالات إلى كسر يدها، وقد أطلقت مناشدات للمجتمع، ولم أجد خبراً يثبت تدخلهم لإنقاذها من القصاص.
المفارقه أن خلف تلك القسوة تجاه خطايا المرأة يختبيء فكر ذكوري غريب الأطوار، فعندما يكون الأمر متعلقا بنسائه، تجده في غاية القسوة والعنف ضد خروجهن من بيوتهن، ويشدد في أحكام حشمتها لدرجة سوداوية مخيفة، ولكنه يظهر في قمة التوحش عندما يبرر اغتصاب الفتيات السبايا كما يطلق عليهن، ومع ذلك لا يشعر بالتناقض في موقفه المتضارب مع حقوق الأنثى الإنسان.
نحتاج إلى يقظة من نوع مختلف، فالفكر الذي نحاول أن نحميه في كثير من الأحيان من سهام النقد، هو في غاية التوحش، وقد يعتبر أحد جذور التطرف في المجتمع، والحل لن يخرج من نقلة تشريعية في غاية الوضوح، وتنص أن الإناث لا يختلفن عن الذكور في الحقوق، وأن خطايا الإناث لا تختلف عن أخطاء الذكور، فالمغفرة الإلهيه للخطايا لا تختلف بين الرجال والنساء، و لكن الأهم من ذلك أن يجرًم سلوك الذين يستخدمون العنف ضد النساء من باب « حنا أحرص منك عليهن «، وحاولت أن أجد سندا شرعيا أو نظامياً لهذا التدخل السافر، ولم أجد..!!
في نهاية الأمر نحن مسؤولون عن هذا التعامل مع النساء، ولن نحترم ذواتنا في المستقبل، إذا كنا نقبل أن تُهان امرأة مستضعفة أمام الناس بهذه الطريقة البشعة، ولابد من استرداد كرامتها بتطبيق الحد الشرعي ضد مرتكب هذه الجريمة ،والله على ما أقول شهيد.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
"الحمد لله بلدكم المملكة العربية السعودية لا يوجد فيها أزمات ولا يوجد فيها اضطراب ولا فيها ما يثير الأمن فيها أو يحسس به".
رسالة قليلة الكلمات كثيرة المضامين قالها للعالم، كل العالم قائد هذه البلاد حين استقبل ضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته الثلاثين من المفكرين والأدباء يوم الأحد 7 فبراير 2016م.
ماذا يعني اختيار ملك الحزم لهذا التوقيت بالذات وكذا المناسبة ليدلي بهذه الحقائق الواضحة؟
أقول: من لها غير سلمان الحزم حين تتعرض بلادنا لهجمة إعلامية مُمنهجة يهدف من خطط ونفّذ وأيّد وتكاتف زعزعة ثقة المواطن السعودي بقيادته ومستقبله وحالة أمنه واقتصاده وقوة أجهزته العسكرية؟
وقد اختار ملك هذه البلاد بحسّه الإعلامي مناسبة تواجد المفكرين والأدباء والإعلاميين من مختلف بلدان العالم في تجمّع مهرجان الجنادرية ليوضّح لهم أن لا مطلوب منهم سوى النقل (الأمين) لما شاهدوه وعايشوه واقعا أمام انظارهم فلا يوجد لدينا ما نخفيه أو نخشى من التصريح به، فبلادنا مفتوحة للجميع وأكبر دليل هذا الحشد من الضيوف الذين أتاحت لهم وزارة الحرس الوطني التنقل بحرية في ارجاء البلاد وزيارة أي موقع يرغبون في زيارته وتوثيق ما يرون أهمية توثيقه صوتا وصورة.
وحول ما كِيل بهتانا من اتهامات لبلادنا بسبب مواقفها في مناصرة الحق ورفع الظلم عن الشعوب المُضطهدة أوضح خادم الحرمين الشريفين أن هذه سياسة بلادنا منذ تم توحيدها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله وحتى اليوم فهي تحرص على أن يعم الأمن والسلام منطقتنا، وإن من حقنا الدفاع عن أنفسنا من دون التدخل في شؤون الآخرين، وفي نفس الوقت ندعو الآخرين إلى عدم التدخل في شؤوننا، ولذلك نحن ندافع عن بلاد المسلمين، ونتعاون مع إخواننا العرب في الدفاع عن بلدانهم وضمان استقلالها، والحفاظ على أنظمتها كما ارتضت شعوبها.
ربما بعض الحضور لم يعتد سماع تعهّد من ملك أو رئيس عربي بتحمّل المسؤولية ولهذا استغرب سماعها من قائد بحجم ملك هذه البلاد حين قال: "أنا أتحمل المسؤولية أمن بلادكم بلاد الحرمين أمن لكم أنتم"
نقول لأنه سلمان الوضوح والحزم. حمى الله بلادنا من كيد الأشرار.
لمراسلة الكاتب:
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
تقول المعلومات المتوفرة إن إيران وكوريا الشمالية استعانتا ببعضهما في تصنيع متعلقات تخص البرنامج النووي الإيراني، وقد فعلا ذلك سوياً في تطوير برنامج طهران للصواريخ الباليستية.. فقبل يومين وفي استفزاز واضح للمجتمع الدولي قامت بيونغ يانغ بتجربة صاروخ باليستي قيل إن مداه يصل إلى 12 ألف كلم، وفي الاتجاه نفسه وقبل حوالي 3 أشهر قامت إيران بإطلاق صاروخ باليستي، في تجربة ناجحة وذلك قبيل رفع العقوبات عنها في تحدٍ واضح للأسرة الدولية التي للتوّ رفعت العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.
يضعنا هذا الأمر أمام مقاربة جديرة بالاهتمام والتأمل في مآل ما يمكن أن تقوم به إيران في المنظور القريب، فطهران تبدو مستمرة في تطوير ترسانتها من الصواريخ القادرة على الوصول إلى آلاف الكيلو مترات، وبفضل التعاون الطويل المدى مع كوريا الشمالية تم نقل التقنية الكورية إلى إيران التي تمتلك اليوم أكبر مخزون من هذه الصواريخ في الشرق الأوسط.
تكشف لنا تجارب طهران وبيونغ يانغ الصاروخية، وتفصح عن انتهاج هذه الأنظمة الشمولية السياسات نفسها القائمة على استفزاز المحيط الإقليمي من خلال ممارسات عدوانية في أقاليم مضطربة ومحتقنة.. ففي المحيط الكوري يعلو صوت التوترات بين الصين وعدد من جيرانها نتيجة نزاعات حدودية، وصعود الحس القومي في تلك الدول التي تشهد حالة من الاستقطاب والاهتمام الكبيرين من القوى الدولية.. في المقابل وفي محيط إيران غني عن القول حجم المشاكل والأزمات التي تعانيها المنطقة التي تتميز بحيويتها وأهميتها في الاقتصاد العالمي، ورغم ذلك قام البلدان بذات الإجراء، ما يوحي بأن الطرفين ينزعان لذات التصرفات انطلاقاً من ذات المبادئ والمنطق والتصور التي توحي بحالة مبالغ فيها من الشعور بعدم الأمان والثقة.
بطبيعة الحال ما يدفع (إيران وكوريا الشمالية) لانتهاج تلك المسلكية، عدم اتخاذ إجراءات صارمة ورادعة لكبح جماح نزعتهما العدوانية، ويقع على الصين في المقام الأول قدر كبير في احتواء هذا السلوك وتلك النزعة التي تهدد مصالح الصين، إذ إن أي نزاع قد يحدث في هذه المنطقة قد ينعكس سلباً على بكين التي لن تسمح بطبيعة الحال بنزاع قد يحصل قبالة أراضيها، لكن توخياً للحذر على الصين اتخاذ خطوات للحد من تصرفات كوريا الشمالية التي أجرت تجربة قبل حوالي شهر قالت إنها لقنبلة هيدروجينية، وقد منحت تلك التصرفات واشنطن فرصة ذهبية لتكثيف تواجدها العسكري في منطقة الباسفيك "المحيط الهادئ" وحشد أسلحتها المتطورة على بعد كيلو مترات من الصين التي لا يمكنها رفض تلك الإجراءات الاحترازية من الولايات المتحدة، لاسيما وأنها تمت بإيعاز وطلب من كوريا الجنوبية.
بالنسبة لإيران فإن الولايات المتحدة فرضت مؤخراً عقوبات على خمسة مواطنين إيرانيين، وشبكة من الشركات العاملة في إحدى الدول العربية والصين بوضعهم في القائمة المالية السوداء، وتجميد أصولهم المحتملة، بتهمة تسهيلهم تسليم مكونات صواريخ باليستية، لكن ذلك قد لا يكون كافياً، فطهران استطاعت تطوير برنامجها النووي بشكل كبير وسط عباب العقوبات، كما فعلت بيونغ يانغ.. إن واشنطن ملزمة بالوفاء بتعهداتها حماية المنطقة من خلال تأمين منظومة صواريخ (إس- إم 3).
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
الحرب على الإرهاب والجماعات المتطرفة لا تتوقف على المواجهة، أو عمليات البحث والتحري، وما يتوافر من معلومات استخبارية للدول، ولكنه يبدأ من تفكيك رموز وشفرات التواصل الذكي لهذه التنظيمات في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة تلك التي تحمل أسماءّ مستعارة، أو استثمار تطبيقات البرامج الحديثة في مزيد من المحادثات المشبوهة بعيداً عن أعين الرقيب، ومنها تحديداً «تليغرام»، و«لاين»، و«تانجو»، وأسوأ من كل ذلك الألعاب الإلكترونية التي بدأت تنتشر من خلال معارك افتراضية تتيح للمشاركين فرصة الدردشة صوتياً أو نصياً، وتغذيتهم فكرياً لمحاكاة الواقع، ومواجهة الآخر وقتله، وتحقيق غايات النصر المزعومة والمنتشية بروح المراهقة ونهاية المصير.
كثير من الإرهابيين الذين ينطوون تحت تنظيم «داعش» تحديداً تم استمالاتهم وتجنيدهم من خلال التقنية، وكثير من الخطط، وتكوين الخلايا، والتواصل فيما بينها يتم غالباً بواسطة تلك البرامج والتطبيقات الإلكترونية، ورغم الجهود الدولية المبذولة لوقف هذا الحراك والتصدي له، إلاّ أن الثغرات التقنية لا تزال متاحة لاستمرار التنظيم في كسب الموالين، وتوظيفهم وهم في مواقعهم، من دون الحاجة إلى الوصول إلى معسكرات التنظيم، ويكفي أن يكون من بين الانتحاريين أو المقبوض عليهم في قضايا الإرهاب بالمملكة لم يسبق لهم السفر إلى الخارج، وأكثر ما سجل عليهم من قبل أسرهم أو الجهات الأمنية تعاملهم باحترافية مع أجهزة الاتصال الرقمية، وتطبيقاتها التي تجاوزت الحدود.
نعم نجحت المملكة في حربها على الإرهاب، وعانت منه أكثر من غيرها ولا تزال، واستطاعت بكفاءة أجهزتها الأمنية، وتعاون المواطنين الرافضين تماماً لهذا السلوك، إلى جانب علاقاتها الدولية، ودبلوماسيتها السياسية أن تسجل موقفاً منه، وتعرّي أصوات النشاز التي تحاول أن تقلل من هذه الجهود، أو تفتري بلا دليل على مواقفها ودورها المعلن في هذه الحرب، ومع ذلك تجاوزت المملكة كل المعوقات، وشكّلت تحالفاً إسلامياً لمواجهة الإرهاب، ومركزاً للتنسيق والمواجهة غايته هو الخلاص من التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم «داعش» الذي أخذ يتمدد بصورة خطيرة، ومدعومة، وتحول إلى ورقة استنزاف في المنطقة، وابتزاز سياسي مرفوض، ولهذا جاء إعلان موقف المملكة من المشاركة مع قوات التحالف الدولي للحرب على داعش، بل وإمكانية إرسال قوات برية على الأرض لمواجهة التنظيم، وهو موقف كافٍ ورادع لإخراس كل الأصوات التي تشكك أو تقلل من حرب المملكة على الإرهاب.
أعود إلى ما سبق، للتأكيد على ضرورة تحقيق الأمن التقني في المملكة لمواجهة خطر التنظيمات الإرهابية، ومضاعفة الجهد المبذول حالياً للتصدي إلى كل محاولات «داعش» لتجنيد الشباب من خلال التقنية، ومن ذلك حجب تطبيقات أو مواقع مصدرة للفكر والسلوك المتطرف، أو تلك التي تتيح فرص المشاركة والتواصل في غرف مظلمة، كذلك التواصل مع الشركات المشغلة لتلك التطبيقات، وفرز مواقفها، وإمكانية التعاون معها معلوماتياً لكشف هوية كثير من الحسابات والمواقع والاتصالات الصوتية والرسائل النصية، وإمكانية تطوير تلك العلاقة إلى تدريب كفاءات وطنية تكون حاضرة مع هذه الشركات لكسب المزيد من الخبرات.
وهذه الجهود لا تتوقف عند الحجب والتنسيق مع الشركات المشغلة، ولكن أيضاً تفعيل دور هيئة الاتصالات لتكون «حائط صد» يعتمد عليه في تزويد الجهات الأمنية ليس فقط بالمعلومات، وإنما أيضاً بالثغرات التي قد تُستغل تقنياً في تطور اتصالات تلك التنظيمات، وهو ما يعني أن الرقابة تسبق الفعل الأمني قبل أن يصل السلوك الإجرامي إلى مراحل متقدمة من التنفيذ، مع عدم إغفال أهمية التوعية، وتفعيل نظام الجرائم المعلوماتية، والتشهير بالمخالفين.
إن النظم الديمقراطية التي تدعي الخصوصية الشخصية، وتعظيم حرية الرأي والتعبير؛ هي أول النظم التي تنتهك تلك الخصوصية حين يكون الأمن القومي لأوطانها في خطر، والولايات المتحدة الأميركية خير شاهد على ذلك، وبعدها بريطانيا، وما أحداث باريس عنّا ببعيد حين أُعلنت حالة الطوارئ في فرنسا، وهو ما يعني تعليق الحريات والخصوصيات مقابل أمن الوطن، ونحن في المملكة لم نعلن عن حالة الطوارئ في حربنا على الإرهاب؛ لأننا نعتقد أن مواجهتنا معه مستمرة، ولا يحدها زمن ولا مكان، ولكن الأهم أن نعلن حالة الطوارئ في وعي مجتمعنا في التعامل الأمثل مع هذه التقنية، وأن لا يستغلنا أحد للتأثير على عقولنا وثوابتنا الدينية والوطنية.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د. عبدالواحد الحميد
النقاش الذي يدور في مجلس الشورى حول الأوضاع المعيشية للمواطنين المتقاعدين يسلط الضوء على مشكلة معقدة لا تتعلق بالمتقاعدين وحدهم وإنما أيضا بالمؤسسات التقاعدية: المؤسسة العامة للتقاعد، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
فالأرقام التي وردت في «تقرير جمعية المتقاعدين»، وهو التقرير الذي استشهدت به اللجنة الخاصة في مجلس الشورى التي كُلفت بدراسة مقترح تعديل أنظمة التقاعد، تؤكد بأن الاستحقاقات الشهرية لسبعين بالمائة من المتقاعدين لا تتجاوز ألفي ريال وأن أربعاً وأربعين بالمائة من المتقاعدين لا يملكون مسكناً. وهذا الوضع بحاجة إلى معالجة ويصعب تصور استمراره، ولهذا تطلب اللجنة إيجاد علاوة سنوية لمعاشات المتقاعدين لمواكبة غلاء الأسعار.
وفي نفس الوقت، من الواضح أن المؤسسات التقاعدية لا تستطيع أن تصرف معاشات للمتقاعدين بما يتجاوز إمكاناتها وإلا سوف تتعرض للإفلاس، وتلك كارثة كبرى! وقد استعانت هذه المؤسسات بدراسات إكتوارية تثبت أن الوضع سيكون حرجاً مع التزايد النسبي لأعداد المتقاعدين والانحسار النسبي للمشتركين في أنظمة التقاعد بسبب التغيرات في الهرم السكاني للسعوديين.
لابد أن نتفهم أوضاع مؤسسات التقاعد، لكن ما لا يقل أهمية عن ذلك هو معالجة الأوضاع المعيشية لبعض فئات المتقاعدين. فالمتقاعدون الذين تقدمت بهم السن ولم يعد للكثيرين منهم مداخيل مالية سوى معاشاتهم التقاعدية الضئيلة في الوقت الذي تتزايد حاجتهم للرعاية الصحية وتتعاظم أمامهم تكاليف المعيشة بسبب الازدياد المضطرد لأسعار السلع والخدمات هم بأمس الحاجة لمعالجة أوضاعهم.
إن هذا المأزق لا يمكن حله إلا بتدخل الدولة عن طريق إيجاد برامج خاصة للمتقاعدين الذين تقل مداخيلهم عن تلبية احتياجاتهم المعيشية. وهذا يتطلب أن تحظى هذه الفئة من المتقاعدين بمساعدة مالية مناسبة وأن تُصمَّم برامج لتقديم الرعاية الصحية للمحتاجين منهم، فمن المعروف أن الكثير من المرضى المسنين المصابين بأمراض مزمنة ويعتمدون على الخدمات الصحية الحكومية قد يضطرون للانتظار أشهُرَ طويلة حتى يحصلون على الخدمة المطلوبة.
ربما من السهل أن نطلب من المؤسسات التقاعدية زيادة معاشات المتقاعدين، ولكن قد لا يكون من السهل تدبير الأموال اللازمة في غياب إسهام حكومي سخي للفئة المحتاجة من المتقاعدين، وهذا لا يعني بالطبع ألاَّ نطالب هذه المؤسسات التقاعدية بتحسين أدائها ومعالجة مشكلاتها وترشيد استثماراتها لتحقيق عوائد عالية يستفيد منها المتقاعدون.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د.فوزية أبو خالد
أمامي صورة باسمة لجمع من المسلمين الأمريكيين أطفالا ورجالا ونساء متحجبات على الصفحة الأولى من عدد الرابع من فبراير لجريدة النيورك تايمز التي اشتركت في نسختها الورقية للتو بعد أن وجدت أن لاغنى لي في الغربة عن رائحة ورق الجرائد التي اعتدت أن افتتح بها ظهيرتي في برد وقيظ الرياض بعد عودتي من الجامعة.
وقد لفتت انتباهي الصورة قبل أن تستقر قهوة الصباح في رأسي وقبل أن أشرع عيوني لألحظ صورة أوباما في الصورة، ولم أكن لألحظ أنها صورة الرئيس الأمريكي حيث لا تظهر اللقطة إلا ظهره، لو لم أقرأ التعليق أسفل الصورة القائل:» الرئيس أوباما يسلم على عوائل مسلمة ويحييها في ردهة رحبة يوم الأربعاء بعد كلمة ألقاها في النادي الإسلامي لمسجد باللتيمور.
أما ما لفت انتباهي في الصورة حتى قبل أن أتناول الرشفة أو اللذعة الأولى من حروف المانشيتات العريضة فهو وجود هذه الوجوه المبتسمة التي تعلوها البهجة والزهو بهويتها الإسلامية على الصفحة الأولى من النييورك تايمز. فهي تعتبر صورة نادرة على خلاف المعتاد الذي قلما تظهر فيه صورة بهوية إسلامية في الإعلام الغربي عامة والأمريكي منه بطبيعة الحال إلا مسربلة بالمساءلة والشكوك والأخبار السوداوية. فمن صورة هي عكس لهذه الصورة في الإعلام الغربي والأمريكي المعتاد أي من صورة الإسلام والمسلمين الموسومة بالشك إن لم يكن الاتهام وبالتجهم إن لم يكن التوحش وبالتغييب، إن لم يكن الإلغاء تجرؤ البير كامو في رواية الغريب أن يكتب رواية كاملة تدور أحداثها على الأرض الجزائرية يوم كانت مستعمرة فرنسية دون أن تظهر فيه رفة هدب او إيماءة يد لأي إنسان من الجزائر.
وبالمقابل المقارن فإنه من محاولة مقاومة تلك الصورة المرسومة إما بحبر سري لأتبين ملامحها لشدة المبالغة في إعطائها ذلك اللون الضبابي الباهت الطامس لسماتها الإنسانية، أو بحبر شديد السواد يكفي لإسقاط كل العداوات العنصرية المزمنة على سحنة المسلمين في الإعلام الغربي، خرج كتاب إدوارد سعيد عام 81م التغطية الإعلامية الغربية للإسلام أو المسلمون في عيون الغرب.
والملفت أيضا أن الكلام المصاحب للصورة مقرون بكلمة أوباما قد جاء في سياق تضامني مع موقف إدوارد سعيد النقدي، وإن تأخر عنه ما يقارب 35 عاما في محاولة تفكيك تلك الصورة العدائية التي ترسم فيها الآلة الإعلامية الإسلام والمسلمين كأغيار بشعين وأشرار، وإن كانوا مواطنين على قدم المساواة مثلهم مثل غيرهم من أصول الأعراق المتنوعة بالمجتمع الأمريكي.
وإذا كان إدوارد سعيدا قبل الألفية بربع قرن قد انتقد دون هوادة تلك الفوقية العدوانية التي كان يجري فيها التعامل مع المسلمين كأغيار موضحا في مقارنة جارحة الكيفية التي تحظى فيها الديانة المسيحية والدينية اليهودية بالاحترام في المجتمع الأمريكي بما فيها احترام حرماتها وطقوسها، وبالطبع المنتمين لأي منهما, بينما يحرم على الإسلام والمنتمين إليه من مواطنين أمريكيين وسواهم من المساواة بمثل هذا الإحترام, فما بالك بالحاجة لمثل هذه الوقفة النقدية اليوم، و في هذه اللحظة التي جرى فيها توظيف الإسلام توظيفا سياسيا ضاريا في حروب الإرهاب والإرهاب المضاد.
وإذا كان إدوارد سعيد قد رأي أن هناك مرجعية سياسية استعمارية واستحواذية خلف تلك الصورة الإعلامية للإسلام في الغرب، فإنه قد رأي أن تصحيح الخطاب الإعلامي غير ممكن ولا يكون إلا ضربا من الزخرفة الخارجية في ظل استمرار علاقات الإلحاق والاستحواذ على المستويين أي في الداخل الأمريكي وفي علاقة الخارج الأمريكي. غير أن رقصة التانجو تحتاج جهد طرفين لتنجح أي على الغرب وأمريكا من ناحية وعلى المسلمين كمواطنين أمريكين في الداخل وعلى المسلمين كمجتمعات ودول في الخارج من الناحية الأخرى. وهذا ليس من باب ما سماه إدوارد سعيد أيضا, بلوم الضحية، ولكنه من باب طبيعة العلاقة الجدلية بين القهر والمقاومة.. وربما لهذا حرص أوباما ليس فقط على خلفيته الرئاسية بل وأيضا على خلفيته الاجتماعية والقانونية على القول إن المسلمين كمواطنين أمريكيين يسهمون في الدخل والأمن القومي، وكما أنه تبدل موقع السود في الإعلام حيث لم تكن قبل الثمانينات تظهر عائلة ملونة واحدة ولاطبيب أو محامي على شاشة التلفزيون الأمريكي فلا بد أن تتبدل صورة المسلمين الأمريكين في الإعلام باعتبارهم جزءاً مما يميز المجتمع الأمريكي من تنوع.
وأيضا، يلفت النظر إن لم يكن يثير التساؤل عن المصداقية قوله في هذا السياق أن القول بأن أمريكا في حرب مع الاسلام يشرعن لداعش ويشرعن الإرهاب ويعرضنا جميعا للخطر.
على أنه إذا كان هناك من قرأ ذلك التحرك المتأخر للرئيس الأمريكي الذي لم يأت إلا في نهاية ولايته كنوع من المناورة الانتخابية التضامنية مع الحزب الديموقراطي أي الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس لمنازلة ذلك الموقف العنصري المتحجر لدونالد ترامب في دعوته التعصبية المختلة لمنع أي مسلم من دخول أمريكا, فإن هناك من رأى فيه نوعاً من محاولة رأب التصدع في النسيج الاجتماعي الأمريكي ونوعا من رد الاعتبار ليس للمواطنين الأمريكيين المسلمين بل لقيم المجتمع الأمريكي في الحرية والمساواة، والتي بدونها لم يكن هو نفسه ليصل للبيت الأبيض.
وإذا كان هناك من حاول تبرير تأخر أوباما في هذا التحرك الذي لم يأت إلا في الرمق الأخير قبيل نهاية ولايته,بمقارنته بتحرك مشابه في نهاية ولاية جورج واشنطن الرئاسية وإيزنهاور في محاولة كل منهما التصدي بقوة لأي من أسباب الشقة في صف الولايات المتحدة حسب مقتضيات مرحلة كل منهما، فإن ما أرى أنه يصعب تركه دون تساؤل هو كيف أن وقت مغادرته أزف دون أن يبدو في الأفق ولو على مستوى المحاولة عمل جدي رغم المطالبة والضغوط الداخلية والخارجية ووعوده شخصيا بإقفال معتقل جوانتنامو وبإبطال مفعول تلك القوانين المجحفة التي جرى تشريعها تحت ضغط المحافظين الجدد، والتي سمحت ولازالت تسمح بتشدد بالغ في التعامل مع أي كان تحت مجرد طائلة الشبهة، خاصة والرئيس لا يخفى عليه وبحسب مطالبات مواطنيه بأن هذا التشدد غالبا مايأتي مرتبطا بالهوية المرجعية تحديدا، كما أنه يفرض نفسه على المواطنين الأمريكيين و على المقيمين أيضا. فباسم البترويت أكت واسم المليتري كومشن آكت تباح أفعال جرى إعفاؤها من المساءلة الدستورية لأنها تناقض الدستور الأمريكي .وتهوية أمريكا من رائحة الخوف كان أحد التحديات التي لا تعالجها الصور وحدها، وإن جاءت تحمل جرأة الخروج على الصور النمطية.
فكما قد يهم أوباما أن يأخذ صورة مع المسلمين قبل أن يخرج من البيت الأبيض لا بد أنه يهم مواطنوه المسلمون أن تكون الصورة ليست لمجرد التذكار.
- التفاصيل