قضايا وأراء
- التفاصيل
- قضايا وأراء

- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د. خيرية السقاف
في ورقة التقويم لهذا اليوم هذه العبارة:
«كل شيء إذا كثر رخص، إلا الأدب فإنه إذا كثر غلا»،
والأدب مفردة لها معنيان،
الأول أدب الجِنانِ، والثاني أدب البيان ..!
وهما غالباً ما يجتمعان في ذات واحدة،
إذ يفترض فيمن له ملكة الأدب بياناً وفكراً،
أن يُخضع ذاته لمكاسب ما يدركه من معايير أدب السلوك فعلاً وقولاً ..!
* * *
بينهما جذر علاقة !!
مع أنّ ليس كلَّ مؤدَّب في السلوك أديباً في البيان، ..
لكن نقطة الاقتران بينهما هي الذات الذاخرة بالفكر المنظم ..
* * *
إنّ الذات الذاخرة لا ثمن يقيِّمها،
لا سقف لأبعادها أثراً، وتأثيراً في حالهما معاً،
أو في غير ..!!
* * *
والصحيح المطلق هو أنّ معايير التثمين قد ثلمت،
فاختلت،
وتداخلت،
وخفَّت أكيالها..
فعجزت من ثمَّ عن فصل الرخيص الذي طغا،
بعد أن تسلّق للميزان ..!!
نزل في كفته وشع بزيفه
واعتلى ..!!
* * *
لأنّ غثاء الوقت قد لحق بالذات الذاخرة
فأفرغها على نحو ما ممَّا غلا ..!!
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
سعد الدوسري
كل المطالبات التي يطالب بها المواطن من أجل تخفيف الأعباء الاقتصادية عليه، لا تجد آذاناً صاغية: لا هيئة لتحديد الأسعار، تحميه من الزيادات المضطردة في أسعار المواد الاستهلاكية والبضائع الأساسية. لا جهاز رقابي على الرسوم التي تُفرضُ عليه من المؤسسات والشركات المعنية بالخدمات الأساسية أو البنكية. لا زيادات في الدخل، تواجه مثل هذا الحريق اليومي. وفي النهاية، يظل المواطن في حالة خوف دائمة مما سيستجد عليه.
الآن، هناك خارطة بنكية واسعة للرسوم: رسوم على عمليات السحب الآلي من مكائن الصرف، ورسوم على تجديد البطاقات وكشوفات الحساب، حتى أنّ الرصيد حين ينخفض، فإنّ هناك رسوماً على انخفاضه! إذاً، ماذا يبقى؟! ولماذا هذا البنك أو ذاك يحتضن حسابات المودعين؟! أين تذهب فوائد الودائع؟! ما هو المبرر المقنع لدفع العميل رسماً على عملية السحب أو على تجديد بطاقة الصراف أو البطاقة الائتمانية؟! وكيف تتميز البنوك عن بعضها، إذا كانت كلها سوف تسير في هذا الطريق المكتظ بالرسوم؟!
هكذا، تستمر عملية التضييق على محفظة المواطن، من قِبل التاجر. هكذا، تظل مؤسسات الرقابة مكتوفة الأيدي، بكل سلبية. وحين يتحدث أحد عن هذا الشأن، يأتي من يقول بأنّ الأوضاع تستدعي ربط الحزام، وأنّ على الجميع أن يشارك في هذا الوضع العام: صحيح، ومن يقول غير ذلك؟! المهم أن يشارك الجميع، وليس المواطن محدود الدخل فقط. المهم، ألاّ يستغل أحد هذا الوضع العام، ويحيله لمصلحته الخاصة.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
عبدالعزيز السماري
طغت على السطح الإعلامي مؤخرا ظاهرة تتبع زلات الآخرين، والتفتيش في حياتهم الخاصة وأوراقهم ودفاترهم القديمة، ثم نشرها على صفحات الإعلام و محاكمتها، وإصدار أشد الأحكام على الضحايا، ولم يعد الأمر قاصراً على تتبع زلات العوام في الأسواق، فالاختراق وصل إلى أعلى من ذلك، وهو ما يعني أنها أصبحت أقرب إلى حالة التفتيش.
ظاهرة تتبع الزلات والبحث عن الفضائح ظاهرة غربية بامتياز، وتخالف القاعدة الإسلامية عن ستر الأخ المسلم، وعدم فضحه، وتبرز عادة هذه الظاهرة أثناء الانتخابات الغربية وخصوصاً الأمريكية، ولا تفرق بين فئات المجتمع أو بين عوامه ووجهائه، ولا تخص فئة عن فئات..
وقد واجه الرئيس بيل كلينتون أكبر مطاردة في حياته الشخصية السابقة، إلى أن انتهى به الأمر في فضيحة مونيكا في البيت الأبيض، ولعلهم بذلك يقولون بحكمة المتنبي:
إذا غامرت في شرف مروم.. فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير.. كطعم الموت في أمر عظيم
والموت هنا يعني السقوط أوالاغتيال المعنوي..
لكن يوجد ثمة فروقات جوهرية عند المقارنة بين تجربتنا في تتبع الزلات، وبين التجرية الغربية، فالأمر يختلف تماماً، ففي الغرب تعتبر ظاهرة إعلامية وحق مشروع للجميع، ويحكمها القانون وتعتبر من صميم اللعبة الديموقراطية، ولهذا دائما ما يحرص السياسي أو رجل الإعلام أو رجل الدين أن يكون سجله الشخصي نظيفاً من الزلات، لكنها تظل لعبة مفتوحة للجميع، ولا يقوم بها فئة عن اخرى، ولا توجد حصانة لناس عن آخرين، وهكذا.
في واقعنا المعاصر يختلف الوضع تماما، وقد يخالف في بعض تطبيقاته معاني ومضامين القواعد الإسلامية، ولا أعتقد أن من مهمة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الرسمية تتبع زلات الناس وفضح مخالفاتهم، وهي الهيئة الرسمية، وإن فعلت، فقد يحمًلها ذلك ما لا يصح، وهو ما يستدعي مراجعة أدوارها الخارجة عن مهامها الرسمية في الوعظ والإرشاد والنهي في المجتمع.
وجه الخطورة في الأمر يكون في استغلال هذا الجانب في مناصرة طرف ضد آخر، والذي قد يؤدي إلى مالا تحمد عواقبه، فالتشدد والتطرف في مطاردة عثرات الآخرين المخالفين للتيار المحافظ جداً، والتجسس عليهم قد يؤدي إلى هروب النخب من المجتمع، وقد يولد حالة من التطرف المضاد، وقد ظهر شيئا من ذلك، ومنها ظواهر الإلحاد والتطرف السلوكي بين الشباب.
يعيش المجتمع في حالة أشبه بالحرب ضد الإرهاب، ومن أهم مبادئ الإرهاب الديني في تفجير المجتمع هو اعتقاده أنه له حق الوصاية الكاملة على الناس، وأن لهم حق مراقبة وملاحقة العوام وفضحهم، والقيام بجميع الأدوار، وأرى أن تبني مثل هذه الأفكار يدخل الإنسان في دائرة الإرهاب بدون وعي.
كما أن أي حالة تسلط واستبداد بحقوق الناس تدخل في تعريف الإرهاب، وقد عرَّف «المجمع الفقهي الإسلامي» الإرهاب بأنه العدوان الذي يمارسه أفراد، أو جماعات، أو دول، بغياً على الإنسان (دينه، ودمه، وعقله، وماله، وعرضه)، ويشمل صنوف التخويف، والأذى، والتهديد، والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة، وإخافة السبيل، وقطع الطريق.
كما أنه يشمل كل فعل من أفعال العنف، أو التهديد، أو يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي، فردي، أو جماعي يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم، أو حريتهم، أو أمنهم، أو أحوالهم، للخطر، ومن صنوفه أيضاً: إلحاق الضرر بالبيئة، أو بأحد المرافق، والأملاك العامة، أو الخاصة، أو تعريض أحد الموارد الوطنية، أو الطبيعية، للخطر، فكل هذا من صور الفساد في الأرض.
ما أريد الوصول إليه أن نعي بحكمة ما هو الإرهاب وما طرقه ووسائله، وذلك لئلا نقع فيه أو نروج له بدون وعي للعواقب المترتبة عليه، وقد أحسن المجمع الفقهي الإسلامي تعريفه، فهو سلوك مضمونه إلحاق الضرر والأذي بالإنسان والبيئة والطبيعة والوطن، ولو أدركنا معنى ذلك لجنبنا الوطن والمواطنين خطر الإرهاب ومسالكه، والله المستعان.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د. أحمد الفراج
أحيانا، يحدث أن يكون أحدهم على موعد مع التاريخ، دون سعي وراء ذلك، ومن هؤلاء الرئيس الأمريكي، قروفر كليفلاند، والذي حكم أمريكا لفترتين رئاسيتين، ولكنهما فترتين غير متعاقبتين، فقد فاز كليفلاند بالرئاسة للمرة الأولى، في عام 1884، وخرج من البيت الأبيض، بعد انتهاء فترته، أي بعد أربع سنوات، ثم فاز بالرئاسة مرة ثانية، في عام 1892، وعاد إلى البيت الأبيض، وهو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي يحصل له ذلك، والجدير بالذكر أن هذا الرئيس خسر الانتخابات في عام 1988، على الرغم من فوزه بأغلبية أصوات الشعب الأمريكي، وهنا يحسن أن أذكركم بما كتبت عنه كثيرا، عن الحراك السياسي لأمريكا، وأسميته :»الديمقراطية المنتقاة»، وهي حصرا في أمريكا، إذ من الممكن أن يفوز المرشح للرئاسة بغالبية أصوات الشعب، ويخسر الانتخابات، وهذا لأن من يحدد الفوز هي أصوات المندوبين الذين يمثلون الشعب، وليست أصوات الشعب المجردة ذاتها، وقد شرحت هذه العملية المعقدة في مقالات عديدة !.
الرئيس الديمقراطي كليفلاند، والذي بدأ حياته السياسية كمأمور بوليسي لإحدى المقاطعات في ولاية نيويورك، ثم انتخب عمدة لمدينة بافلو التاريخية بولاية نيويورك، ثم أخيرا حاكما لولاية نيويورك، يعتبر أحد أشهر الرؤساء المحافظين في التاريخ الأمريكي، إذ أن الحزب الديمقراطي كان هو الحزب المحافظ في ذلك العصر، بينما كان الحزب الجمهوري، حينها، هو حزب التسامح، الذي يقف مع حقوق الأقليات، وذلك بعد أن حرر الرئيس الجمهوري، ابراهام لينكولن، السود من العبودية، وغني عن القول إن الوضع تغير بعد ذلك، فبعد إقرار الرئيس الديمقراطي، ليندون جانسون، لقانون الحقوق المدنية، وهو القانون الذي أقر المساواة بين السود والبيض، في ستينات القرن الماضي، أصبح الحزب الديمقراطي هو حزب الأقليات، والحزب الجمهوري هو حزب المحافظين، وذلك في تبادل أدوار مشوق، لمن يتابع الحراك السياسي في الإمبراطورية الأمريكية.
ولم يكن فوز الرئيس كليفلاند بفترتين رئاسيتين غير متعاقبتين هو الحدث التاريخي الوحيد، فهو أيضا فاز بالرئاسة كسياسي أعزب، ثم تزوج بعد ذلك، وبالتالي فهو الرئيس الوحيد في التاريخ الأمريكي، والذي يقام حفل زفافه في البيت الأبيض، وتحديدا في الغرفة الزرقاء، أما سعيدة الحظ فقد كانت الفتاة الصغيرة، فرانسيس كليفلاند، ذات الواحد وعشرين عاما، والتي أنجبت له خمسة أبناء، وقد تقبلها الشعب الأمريكي بكل ود، نظرا لجمالها الأخاذ، وشخصيتها الآسرة، وكما نشاهد، فإن مسيرة هذا الرئيس، الضخم الجثة، فيها أحداث لم يسبقه إليها أحد، كأولويات تاريخية، وقد حصلت بمحض الصدفة، ما يعني أنه حتى ولو كان رئيسا فاشلا، فإن التاريخ سيذكره بها. هذا، ولكنه كان رئيسا جيدا على أي حال، فالمؤرخون الكبار يضعونه في مرتبة غير متأخرة، في قائمة الرؤساء الناجحين، رغم أنه لا يمكن أن يقارن بجورج واشنطن، وابراهام لينكولن، وفرانكلين روزفلت!.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
عندما كان الإنسان في مرحلة الكهوف والتجوال والتوحش كان يظن أن كل شيء مرتب له أو ضده. يراقب الكون وغموضه وتناهيه في البعد فلا يجد تفسيرا. لم يكن عقله في ذلك الزمن قد بدأ العمل المنظم الممنهج.
يبحث عن الحل السريع فاخترع الاساطير، فصار كل شيء في الوجود له جواب.
العواصف والفيضانات والانهيارات والبراكين وغيرها تجدها منسجمة مع ما تقوله الأسطورة. أو أن الأسطورة جعلتها منسجمة مع حياة الناس.
تتجلى العقلية الأسطورية في عصرنا الحاضر أكثر ما تتجلى في نظرية المؤامرة. لن تلوم صاحب العقل الأسطوري عندما يتابع موقف الولايات المتحدة من الأحداث في سورية مثلا. من يمدني بجواب عن أهداف أوباما في المنطقة؟ تصريحات مطاطة وكلام يقول الشيء وينفيه ويتهرب من التصريح الصريح عن مصير الأسد أو عن مستقبل سورية، ثم يترك روسيا تفعل ما تريد وايران تخبط كما تشاء. رغم كل ما تملك أميركا من قوة نراها عاجزة عن القضاء على داعش. لاشك أن أميركا ترتب لشيء خطير في المنطقة (الفوضى الخلاقة) ولا شك بأننا الضحايا.
الكارثة السورية بالنسبة لنا كالبركان عندما ينفجر أمام عقل الإنسان القديم. لا يملك ذاك الإنسان البدائي قوة تساعده على تفادي الحمم الهادرة. ليس امامه إلا أن يرده إلى قوة غامضة خارقة لا قِبل له بها.
هذا العقل لا يستطيع أن ينعتق من اللحظة الحاضرة (مثل الطفل) لا يقرأ الأحداث في سياقها التاريخي ولا يملك الأدوات العقلانية التي تساعده على فهم الطبيعة التي تجري امامه.
يقرأ الأحداث أولا بأول وكما تظهر امامه.. لا تسمح له عواطفه ورغباته الساذجة ان يخرج إلى فضاء التفكير المؤلم.. يتجنب الأسئلة المخيفة مثل: ما مصلحة أميركا من التدخل العسكري في سورية واقتلاع الأسد؟
وما مصلحة أميركا من الفوضى الحاصلة في سورية، ثم لماذا تخسر أميركا رصاصة واحدة لاقتلاع حكومة أو تعيين حكومة؟
تركت أميركا الشاه ينهار وهو حليفها المخلص فتتالت نظريات المؤامرة، وفي الأخير ها هم الملالي المتنمرون جاءوا على ركبهم ساجدين أمام البيت الأبيض دون خسارة رصاصة واحدة. وهذا ما يحصل في ليبيا، وما يحصل في مصر وما يحصل في سورية أيضا.
أميركا او الغرب لا يصنعون الأحداث ولكن الأحداث تسير وفقا لأهدافهم. إذا تقاتل المغفلون فالسلاح من الغرب، وإذا تصالحوا فالبضائع من الغرب، لا يحتاج الأمر إلى مؤامرة. الغرب مركز الكون. وإذا كانوا يتقاتلون فهم يتقاتلون فيما بينهم لجعل الأحداث تسير وفقا لمصلحة تلك الدول أكثر.
الزاوية الثانية التي لا يستطيع أن يراها العقل الأسطوري هي تاريخ المنطقة نفسها. فكما قلنا عقل الطفل لا يسمح له أن ينظر إلى الماضي أو المستقبل.
لا أحد قال لنا يوما إن الوضع العراقي المضطرب هو وضع العراق الحقيقي قبل أن يأتيه الاستعمار الغربي.. هذا الوضع هو ما تركته الخلافة العثمانية التي يبكي عليها دعاتنا الأفاضل.
العراق الذي نتباكى عليه هو من اختراع رجل بريطاني اسمه ونستون تشرشل. لملم تشرتشل أراضي من هنا ومن هناك وفصل لنا شيئاً اسمه العراق. وعلى هذه الغيبوبة التاريخية نتهرب من المعرفة المؤلمة: أن كل ما يجري من صراع في المنطقة تغذيه مكونات محلية. لا يتقاتل في سورية الشيوعيون مع الليبراليين مع المحافظين. القاتل والمقتول من ميراث المنطقة الاصيل. سنة شيعة علويون دروز أكراد عرب.. الخ لا شيء من خارج المنطقة. لم تخترع أميركا أيا من الأحقاد النشطة. تغيرت الظروف الإنسانية فحدثت انتفاضات فانهارت المباني الخربة على رؤوس أصحابها.
لمراسلة الكاتب:
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
إن كنا غير مدركين لحجم التحديات والصعوبات التي تواجهها منطقتنا العربية التي تمر بمرحلة مفصلية تاريخية فتلك مصيبة، وإن كنا ندرك ونعلم فالمصيبة أكبر.. نقول ذلك لأن البعض وكأنه لا يعيش في عالمنا العربي والإسلامي الذي يفتك التطرف والفُرقة به، فهاهم البعض قد انبروا في المشهد الإعلامي بكل وسائله التقليدية والجديدة لمهمة التصنيف والفرز، يمارسون تلك المهمات على البعض الآخر من أبناء بلادهم الذين يجمعهم وإياهم الدين واللغة والهوية والانتماء والدم.
وبما أن المملكة جزء من هذه المنطقة، ولا تستطيع أن تفرض على نفسها طوقاً ولا حاجزاً، ولأن دورها الإقليمي والدولي يحتم عليها الاندماج والانخراط في العديد من القضايا، وجد بعض المواطنين أنفسهم وبفعل بعض الحوادث المحلية والانعكاسات الإقليمية في تجاذبات لا طائل منها سوى أنها تقود إلى كهربة الأجواء وتسميمها.
صحيح أن الطبيعة البشرية جدلية بفطرتها، لكن لا يجب أن يقودنا ذلك حد التخوين أو التحريض أو الإلغاء أو التسفيه أو التصنيف لمجرد الاختلاف، فما يدور ويحصل اليوم يبعث على القلق، إن كنا أمام كل حادث طارئ أو تصريح عابر نستل سيوفنا لنزايد على بعضنا في حب هذا الوطن، الذي نضعفه بتلك التصرفات المشرذمة ولا نقوّيه.
لوطننا همٌ ومهمة كبيرين؛ فالأعداء متربّصون، والأصدقاء متقلّبون، والمهمات جسام، والطموح مرتفع، والرغبة في رفعة المواطن والاهتمام به والحفاظ على مكتسبات البلاد أمرٌ ليس باليسير، خصوصاً في خضم الحاصل في عالمنا، وفي هذه الأثناء التي يجدر بالمواطن أن يُسهم في تلك الاستحقاقات تعزيزاً وتثبيتاً، نجد البعض يريد أخذنا لمسارات بنهايات مفتوحة، وجدل بيزنطي، وتبدأ مسرحية المزايدات الفارغة، فتصادر الوطنية من هذا، ويُقلّل من دين ذاك، في مشهد يبعث على الإحباط، فالوطن يحتاج منا الكثير، ومسيرتنا مازالت في البداية، وحجم الصعوبات والقدرة على التغلب عليها تستوجب أذرعاً قوية لم تنهكها الصراعات فيما بينها.
يجدر بالنخب المجتمعية أخذ زمام المبادرة، وممارسة دورها، وتشجيع الحوارات المبنية على احترام الاختلاف لا الاحتراب، تدعمها في ذلك جهات حكومية كوزارة الثقافة ومراكز الحوار التي يمكن أن تقدم دعماً لوجستياً ومحضناً يمكن من خلاله مناقشة الأفكار بعقول منفتحة وصدور واسعة، بدون تكاليف أو رسميات، فالوطن لنا جميعاً، ولا حق لأحد أن يصادر رأي الآخر، وألا ننقل حواراتنا تلك في العوالم الافتراضية أمام ملايين البشر الذين يرون في المملكة وأهلها قدوة، ليكتشفوا أنهم ينزلقون في مهاترات لا جدوى منها، تلك الممارسات تخدم أعداءنا دون أن يبذلوا أي جهد حتى في افتعال المشاكل، فبعض المجتمعات تجيد صناعاتها.
إن حجم الاختلاف وتصعيده ونقله إلى ساحات مختلفة لا شك أنه جالب للفرقة ولنا في دول عالمنا العربي الذي يشاطرنا كثيراً من قيمنا عظة وعبرة.
وإن علينا ألا نأخذ الحياة الجدلية الصاخبة في بعض الدول -لاسيما الغربية- كمقياس نؤسس عليه عالمنا لاعتبارات عدة، فالأنظمة الاجتماعية التي تُبنى عليها أنظمة تلك البلدان السياسية والاقتصادية مختلفة تماماً عمّا نعيشه، حتى تلك الدول العربية التي حاولت التقليد فشلت فشلاً ذريعاً وأضاعت مشيتها ومشية الحمامة.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
الهند قارة ضخمة.. كانت ومازالت تعد أكبر دولة في العالم من حيث عدد الفقراء، الذي يشكل أغلب شعبها المتعدد الديانات واللغات.. ورغم ذلك فإن القارة الهندية تعيش في تصالح وسلام يدهش العالم.. لدرجة أن أثرياء بريطانيا يعشقون الهند لهذه الأسباب الأخلاقية، برغم تعدد أشكال الفقر الذي يصحبه انتشار الأوبئة وسوء المواصلات وقلة الموارد.. ولكن من جهة أخرى فإن الهند تدهش العالم باستمرارية نموها وتطورها التقني حتى أصبحت اليوم مصنع الأجهزة الالكترونية حول العالم..
في كتاب الرئيس الهندي السابق عبدالكلام "عقول متوهجة" كان دائماً يحرص على إيضاح التصالح الاجتماعي والطائفي، حيث كان يروي كيف كان موضع نشأته في جزيرة «بانمان» الهندية حيث كان والده إمام المسجد، وفي الوقت نفسه كان يمتلك قارباً ينقل فيه المتدينين الهندوس إلى معابدهم في أجواء كبيرة من التقارب والتسامح، حيث واصل تعليمه مع أبناء منطقته ذوي الديانات والأعراق المختلفة، وكان يبيع الصحف ليحسّن من دخل أسرته الفقيرة، حتى ارتقى في تعليمه وتخصص في الفيزياء ثم تخصص في هندسة الطيران..
كان يرى أن قوة الهند هي في امتلاكها لهذا التسامح الطائفي والأخلاقي الذي يستطيع تجاوز الجهل والفقر، كما حدث له، حيث حققت الهند نهضة اقتصادية وتعليمية، وهي لا تمتلك موارد سوى ثقافة التسامح التي تبنّاها غاندي في نضاله.. وفي المقابل نحن العرب نمتلك لغة واحدة، ومع ذلك ألف شيء يفرقنا، ولا نعاني فقر الهند وضخامتها السكانية، وللأسف كل عام يزيد الفقر بين العرب..
لمراسلة الكاتب:
- التفاصيل