قضايا وأراء
- التفاصيل
- قضايا وأراء
المياه هي أساس الحياة على كوكب الأرض، وقد لا ينتبه الإنسان إلى أهمية المياه في حياته إلا عندما تنقطع فجأة من منزله أو في أوقات الجفاف، وعندها تظهر له حقيقة اعتماد الحياة بشكل أساسي على المياه التي لا يعيش بدونها إنسان أو حيوان أو نبات.
ولا أريد أن أدخل في تفصيلات كثيرة عن أهمية المياه من ناحية بيولوجية أو كيميائية أو جيولوجية، فالغرض من هذا المقال إلقاء بعض الضوء على أهمية المياه اقتصاديا ودورها كعامل إعاقة في بعض المجتمعات في أجزاء مختلفة من هذا العالم.
فمن الناحية الاقتصادية فإن المياه العذبة المتجددة من المياه الجوفية والأنهار والبحيرات والأمطار تستغل في الزراعة التقليدية وغير التقليدية لري مساحة تتجاوز 1.4 مليار هكتار في العالم وذلك لتوفير الغذاء لحوالي سبعة مليارات من البشر، وتبلغ القيمة المضافة لهذا القطاع الإنتاجي أكثر من تريليون دولار على مستوى العالم.
أما بالنسبة للغذاء العالمي فإن الكائنات البرية والأسماك في المياه المالحة والعذبة تشكل مصدراً أساسياً للغذاء يزيد على 100 مليون طن سنوياً أي ما يعادل حوالي 16 كيلو جراما للفرد كل عام.
ويتم توليد الطاقة الكهربائية من مساقط المياه سواء أكانت طبيعية أم صناعية، حيث تغطي الكمية الناتجة عنها حوالي 25 في المئة (25%) من إجمالي الكهرباء المولدة من جميع المصادر، كما أنه توجد 20% تقريباً من المكامن الهيدروكربونية للغاز الطبيعي والبترول في المسطحات المائية العميقة والسطحية، وهي ذات بعد اقتصادي مهم.
وتستخدم المياه في النقل وفي القطاع الصناعي كما تدخل في إنتاج المستحضرات الطبية والصيدلانية بشكل أساسي.
وتحتوي المياه على كميات هائلة من المعادن، حيث يقدر إجمالي الأملاح في البحار والأنهار بحوالي 90 مليار طن، مع وجود كثير من المعادن في الرواسب البحرية مثل الذهب (خمسة مليارات طن) والنحاس (ثمانية مليارات طن) وغيرهما وكثير من المعادن الكريمة مثل الماس والزمرد واللؤلؤ وغيرها.. وبالطبع كميات هائلة من الأملاح المختلفة مثل أملاح الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم واليود.. الخ.
ومع ذلك فإن المياه يمكن أن تكون مصدراً لإعاقة التنمية ومصدراً للنزاعات والأمراض. ولن أذكر هنا المشكلات السياسية التي يمكن أن تنشب عن استغلال المياه نتيجة لوجود الأنهار التي تجتاز أراضي عدد كبير من الدول في منطقتنا العربية أو في المناطق الأخرى من العالم..
ولكن يمكن النظر إلى أن التوسع العمراني والسكاني سيكون لهما آثارهما البيئية والصحية، حيث تفيد بعض المصادر بأن عدد الأطفال الذين يموتون من جراء أمراض تسببها مياه غير صالحة للاستهلاك يقدر بحوالي 40 ألف طفل يومياً (حوالي 15 مليون طفل سنوياً)، وتقل أعمار معظم هؤلاء الأطفال عن خمس السنوات، كما أن كثيراً من المراكز الحضرية في البلدان النامية تفتقر إلى شبكات لتوزيع المياه الصالحة للشرب ولوسائل التنظيف الملائمة.
كما تعاني كثير من المناطق من التصحر وكذلك من تدهور التربة، حيث يمكن أن تفقد بعض المناطق المدارية تربة يتجاوز حجمها مئة طن بالنسبة إلى الهكتار الواحد، كما أن الأراضي الصالحة للزراعة تتعرض للملوحة تدريجياً ولتسرب المياه المالحة إليها، ما يحد من خصوبتها.
وتشير بعض التقديرات إلى أن حوالي ثلث سكان العالم يعيشون في مناطق مدارية رطبة، وأخرى ذات مناخ حار ورطب.
ومن العوامل التي تعيق التنمية المستدامة في كثير من دول العالم الاستهلاك الكبير للمياه وخاصة في مجال الزراعة التي تستهلك في بعض المناطق أكثر من 80% من المياه الصالحة للشرب.
وينبغي أن ننظر إلى مشكلة التلوث الخطير الذي أخذ يتزايد في السنوات الأخيرة من خلال العناصر الثقيلة والأسمدة الكيميائية التي تتسرب إلى باطن الأراض فتؤثر في الخزانات المائية وفي الأنهار والبحار والبحيرات.. إلخ.
والمياه عامل اقتصادي مهم جداً في حياتنا وهو عامل يمكن أن يتحول إلى عامل معرقل للحياة وللتنمية المستدامة في كثير من الدول سواء أكانت نامية أم حتى متقدمة.
ومن أجل مستقبل أفضل لبلادنا الحبيبة ينبغي على الجميع من مسؤولين ومواطنين ومقيمين أن ينظروا إلى المياه كمقياس أساسي للتقدم والصحة والحياة والتنمية في هذا العالم..
إن ترشيد استهلاك المياه في بلادنا ضرورة وطنية كما أن المحافظة على حسن استغلال ونظافة المياه والبيئة جزء أساسي من تعاليم ديننا الحنيف..
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
الرئاسة العامة لرعاية الشباب، هي الجهة المخولة بالإشراف على الأنشطة الرياضية في المملكة؛ لكن أين الرياضية في الجملة التي تشير إلى هذه المؤسسة التي يفترض بها الاضطلاع بالمجال الرياضي؟
اليوم يبلغ معدل الشباب في المملكة حوالي ال65%، غالبيتهم ذوو اهتمام رياضي واتجاه جارف نحو رياضة واحدة هي كرة القدم، ولا غرو فهي الرياضة الأكثر شعبية في العالم، وعلى الرغم من حالة التثقف الرياضي الكبيرة التي نشاهدها اليوم بفعل وسائل الاتصال الحديثة والتي أسهمت بشكل كبير في ازدياد رقعة شعبية الكرة بين السعوديين وذلك بإطلالهم على المسابقات الدولية، إلا أن ذلك انعكس بشكل محرج على الجهة المعنية بتنظيم النشاط الرياضي في المملكة، إذ بدا أن الرياضة لاتزال تحبو بالنسبة لنظيراتها في الدول القريبة ولن نقول البعيدة، فالبون شاسع.
ولأن الرياضة ترتبط بشكل وثيق مع أهم فئات المجتمع وهي فئة الشباب كان لزاماً أن يكون العمل بذات النشاط والقوة والتجدد الذي يسِم هذه المرحلة في عمر الإنسان، لكن الواقع أنه لا حصيلة يمكن الاتكاء عليها بالنسبة للرياضة السعودية سوى بعض المنجزات التي تعود لعقود مضت، أما الميداليات الأولمبية فالحصيلة ميدالية فضية واحدة لدولة أنفقت الكثير على هذا المرفق، وهي من الدول التي انضمت للجنة الأولمبية في العام 1964.
إن النهوض بالرياضة يستوجب توفر رؤية مبنية على الانتقال من مفهوم الرعاية إلى الرياضة التنافسية القوية التي يتاح من خلالها تطوير مفهوم الرياضة للجميع، وتنظيمها لتكون قادرة على رفع اسم المملكة في المحافل الدولية، إضافة إلى حماية الرياضيين أنفسهم من الانجرار خلف عدد من المخالفات أبرزها تعاطي المنشطات والمخدرات، ومنع التعصب الذي يطغى اليوم على الساحة الرياضية، كما أن هذا التطوير يفترض به أن يحوّل الرياضة من مفهوم العمل البيروقراطي إلى مفهوم أكثر احترافية من خلال تشجيع الخصخصة التي تراوح مكانها منذ ما يقرب من 20 عاماً.
إن عجز الرياضة السعودية اليوم عن المنافسة في البطولات القارية والدولية لجميع الرياضات يجب أن يكون مثار تساؤل المعنيين في هذا المجال، الذي نراه أكثر المجالات خطورة فهو الأكثر تأثيراً في العناية بالشباب الذين يشكلون غالبيةً في مجتمعنا المحلي، والذين غدا بعضهم صيداً للتطرف والانحراف، وبالتالي فإننا بحاجة إلى دماء وأفكار جديدة وشابة لديها القدرة على إدارة المشهد الرياضي، ونقله إلى التنافس الدولي بدعم من الحكومة التي لم تتوان يوماً في دعم المنشآت والخطط الرياضية، لكن ذلك اليوم يستوجب إجراءات وخططاً واضحة على أساسها تعود الدولة لدعم تلك المشروعات والأفكار والمبادرات، لا أن ينتهي ذلك الدعم بمشروعات متعثرة أو فاشلة.
إن غيابنا عن استضافة المحافل الرياضية الدولية في الألعاب المختلفة أمر يبعث على الإحباط، فالمملكة اسم كبير ومؤثر على كل الأصعدة، وإن الرياضة اليوم هي إحدى القوى التي يمكن من خلالها تعزيز وترويج صورة وقيم المملكة من خلال إحدى أكثر الوسائل إقبالاً وتأثيراً.
إن رعاية سمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية للمباراة النهائية التي تقام على استاد الملك فهد في الرياض بين فريقين جماهيريين هما الهلال والأهلي، رسالة تصب في خانة تقدير فئة الشباب، والحرص على معايشتهم في مناسباتهم جميعاً ومنها الرياضة التي تعد جزءاً من اهتماماتهم اليومية، وتعول المملكة وقياداتها على النهوض بالرياضة وعدم اقتصار هذا الامر على كرة القدم، وإن ذلك يستوجب عملاً دؤوباً مهنياً يعنى به المهتمون بالشأن الرياضي وإيلاء الثقة بالشباب في هذا الأمر فهم تواقون لخدمة بلادهم، وقادرون على تفهم أكثر لما يهم فئتهم.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
رقية الهويريني
ذكر الله تعالى في محكم التنزيل عدة مواضع أثنى فيها على العزلة؛ لما لها من فوائد تعود على النفس والذهن بالصفاء، لاسيما في حالة تزايد الضغوط النفسية والهموم، وكذلك في حالة الجدل وتفشي الفتن والخصومات، فتصون العزلة دين الإنسان وخلقه ونفسه بإبعادها عن الحساد أو المنتقصين لها أو الساخرين فيها أو المتطاولين عليها! ومن خلالها يتفرغ المرء للعبادة والتأمل والتفكير الإيجابي والعمل المثمر والبعد عن مواطن الغيبة والنميمة وسوء الظن وتجنب مقابلة الثقلاء والحمقى والسفهاء.
وقد اعتزل نبي الله إبراهيم عليه السلام قومه عندما خالفوه، وأظهروا له العداء. قال تعالى على لسان إبراهيم: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا}. وكذلك اعتزل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قومه قبل البعثة لينأى بنفسه عما هم فيه من باطل وضلال، ومن قبله نبي الله موسى لجأ إلى العزلة حين أصر قومه على مخالفة الحق. كما اعتزل أصحاب الكهف قومهم عندما خافوا على أنفسهم ودينهم، قال تعالى: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا}.
ويورد ابن الجوزي في كتابه (صيد الخاطر) ثناءً على العزلة فيقول: «ما أعرف نفعاً كالعزلة عن الخلق خصوصاً للعالم والزاهد فإنك لا تكاد ترى إلاّ شامتاً بنكبة أو حاسداً على نعمة، ومن يأخذ عليك غلطاتك، فيا للعزلة ما ألذها! سلمتُ من كدر غيبة وآفات تصنيع، وأحوال المداجاة، وتضييع الوقت).
وحينما تفتقد المجالس والاجتماعات البهجة وتجلب الكآبة وتساهم في نشر الفضول والثرثرة والإشاعات أو تتسبب بالتجريح، أو جر الإنسان لتفكير القطيع دون تمحيص؛ فإن العزلة أوجب، وللنفس أطيب! برغم أن النقاشات الثرية والحوارات النقية تكسب المرء المعرفة وتبادل الآراء وتلاقح العقول ومداولة التجارب. والحصيف يسعى لما يفيده، ويبتعد عما يجرحه لاسيما الشخص الحساس، فيفضل له الابتعاد النسبي عن الناس كيلا يتسببوا له بالألم. وكذلك العالم أو الباحث الذي يعد وقته ثميناً حيث لا يتمكن من إنهاء أبحاثه وإنجاز أطروحاته وترتيب أفكاره إلا في جو من العزلة والهدوء والسكون وبعيد عن التشويش والاضطراب! فتكون حينئذ العزلة مملكة للأفكار، وفضاء للعقول، ونزهة للأذهان، وفسحة للخواطر.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د. محمد البشر
أثناء إعادتي لقراءة رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، وبتحقيق أستاذنا المرحوم - بإذن الله - الدكتور عبد الهادي التازي العالم والسفير والمؤرخ، رحمه الله رحمة واسعة، توقفت عند زيارة ذلك الرحالة المشهور لمنطقة القرم، ولن أخوض في الجانب السياسي والجغرافي الواقع اليوم بين روسيا وأوكرانيا حول تلك المنطقة، وإنما أذكر تلك الزيارة التاريخية لرحالة عربي سطّر مشاهدته لتلك البلاد، وسطّر جزءاً يسيراً من مشاهداته الجغرافية، والاجتماعية، ويذكر أنه استأجر مركباً للروم، وانتظر مع الركاب أحد عشر يوماً لعل الرياح تهب لتساعد المركب على الإبحار إلى هناك، وسار المركب لكن ولسوء الحظ، غيرت الريح اتجاهها وعاد المركب إلى مدينة صنوب، التي أبحروا منها، فقرر بعض التجار الاستخارة والمكوث لكن فيما يبدو أن ابن بطوطة قد أقنع صاحب المركب بالعودة والإبحار مرة أخرى إلى القرم، فاستقامت الريح، لكنها عادت إلى النكوص فقربنا من مرسى يُسمى كرشى، فأراد الركاب النزول، لكن هناك من سكان المرسى من نصح الركاب بعدم النزول لأن المكان غير آمن، فعادوا مرة أخرى وعند الساحل طلب ابن بطوطة مرة أخرى من صاحب المركب أن ينزله في البر ففعل، ويقول ابن بطوطة: رأيت كنيسة فقصدتها، فوجدت بها راهباً ورأيت في أحد حيطان الكنيسة، صورة رجل عربي عليه عمامة، متقلداً سيفاً وبيده رمح، وبين يديه سراج يقد، فقلت للراهب، ما هذه الصورة؟ فقال الراهب: هذه صورة النبي علي، فعجبت من قوله، وهنا علق الأستاذ عبد الهادي التازي - رحمه الله - على ذلك قائلاً: « من المعلوم أنه لا يوجد نبي اسمه علي، إنما قصده أن يقول النبي «إلياس» الذي ينطق عندهم «إلي» فحسبه ابن بطوطة علي ويا ليته ألح في السؤال!. ويذكر ابن بطوطة أنه قد اصطحب معه دجاجة، لكنه لم يستطع أكلها حيث إنها كانت معهم في البحر، فغلب عليها رائحة البحر فلم يستطع أكلها لسوء رائحتها، وكان المكان الذي نزلوا فيه يقال له «بشت قفجق»، وهذا الاسم كان معروفاً عند البيزنطيين عندما فتحوا جنوب روسيا، والدشت هي الصحراء بلغتهم، ويذكر ابن بطوطة أن هذه الصحراء خضرة نضرة لا شجر فيها ولا جبل، وهذه تذكرني بمنظر الصحراء في شهر مارس وأبريل في الطريق من الدار البيضاء إلى مراكش، والأرض منبسطة على مد النظر، لا تقع عين الرائي إلاّ على بساط من ألوان الزهور، الحمراء والصفراء والبيضاء والبنفسجية واأرجوانية، وغيرها من بدائع الخالق جلت قدرته.
ويذكر ابن بطوطة أن بعض أصحابه قد ذهب إلى من بهذه الصحراء من النصارى واكترى منهم عربة لتحملهم إلى مقصدهم، وساروا حتى وصلوا إلى مدينه «الكفا» ويسكنها النصارى الجنويون، ولهم أمير يعرف بالدمدير، غير أن ابن بطوطة ومن معه سكنوا في منازل قرب مساجد المسلمين، لكنه سمع أصوات النواقيس، من كل ناحية، فأمر أحد مرافقيه، بأن يصعد إلى الصومعة ويقرأ القرآن، ففعل، وبعدما لبثوا برهة من الزمن حتى دخل عليهم رجل ونصحهم بالاّ يفعلوا، وفي الصباح ساروا إلى المرفأ فوجدوه كبيراً وبه عدد من المراكب التجارية والحربية، ويذكر أن أغلب سكانها كفار، وربما يريد أن يقول نصارى.
استأجر ابن بطوطة ورفاقه عجلة وساروا إلى القرم، ويذكر أنها مدينة عظيمة من مدن السلطان المعظم محمد أوزبك خان، وكان عليها أميراً من قِبل السلطان، فلما علم بمقدمهم أرسل إليهم أحد معاونيه مع إمامه سعد الدين، ونزلوا بزاوية شيخها واسمه زاده الخرساني، وهو معظم عندهم يأتي إليه القضاة وكبار القوم للسلام عليه، ويذكر أن هذا الشيخ قد ذكر له أن بهذه المدينة راهباً نصرانياً يتعبد أربعين يوماً ثم يفطر على حبة فول، وطلب منه الشيخ زاده أن يصحبه لزيارة ذلك الراهب، فأبى ابن بطوطة، لكنه ندم فيما بعد، لأن زيارته سوف تجلي له حقيقة الأمر، ويذكر أن بها قاضياً حنفياً، وآخر شافعياً.
عندما قرر ابن بطوطة العودة بعد أن قابل حاكم القرم وأكرمه، ذهب مع أعوانه على عربات عبر الصحراء، وهي صحراء عشبها يغني عن الشعير، والدواب بها سائبة دون راعٍ لا أحد يستطيع أن يسرق خيلاً أو سائر الأنعام، والسبب في ذلك أن من وجد سارقاً فلا بد أن يعيد ما سرق، ومعه تسعة أمثاله، فإن لم يجد، أخذ أولاده عوضاً، وإذا لم يكن له ولد ذبح السارق. ويذكر ابن بطوطة أن أكثر ما يأكل أهل تلك الديار هي لحوم الخيل وكذلك لحوم الأغنام، ويشربون لبن الأفراس، وقد حاول ابن بطوطة إكرام السلطان، وابن بطوطة كما يعلم الجميع من مغربي طنجة، فصنع له شيئاً من الحلوى المعتادة في المغرب، المشهور بأنواع الحلوى شديدة الحلاوة بما فيها من السكر والزيت والشحم، فوضع السلطان إصبعه عليها ثم وضعها على شفتيه، ولم يزد على ذلك، وفيما يبدو أن السلطان وسائر القوم هناك، قد علموا ضرر الحلوى، وامتنعوا عن أكلها، حتى إن أحد مماليك السلطان القريبين منه، وله أولاد وأحفاد يقاربون الأربعين، قد طلب منه السلطان أن يأكل شيئاً من الحلوى، ويعتقهم جميعاً، فأبى ذلك المملوك، وفضّل العبودية على أكل الحلوى.
فليت السلطان بين ظهرانينا ليرى بأم عينيه كيف يتسابق الصغار والكبار على أكل أنواع الحلوى من شوكالات بأنواعها، وحلوى سعودية وشامية، ومغربية، ومصرية، تكسو البطون بالشحوم، ويعجز الأنسولين عن تغطية هذا الكم من الحلوى.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
محمد آل الشيخ
مناورة (رعد الشمال) التي أعلنت المملكة عن إقامتها في شمال البلاد، ويشارك فيها عشرون دولة إسلامية، هي ليست مجرد مناورة عسكرية تدريبية فحسب، وإنما هي أكبر مناورة من حيث عدد المشاركين تجري في الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه تحمل رسالة مكثفة في معانيها وإرهاصاتها، موجهة للعالم أجمع، وللصديق قبل العدو، مؤداها أن المملكة، في عهد الملك سلمان، تقوم بدور إقليمي جديد ومختلف، يتخذ من الحزم والعزم والحسم ثوباً جديداً، ويواكب التحديات، ويتماهى مع مستجداتها، بالشكل والمضمون الفعلي الذي يجعل بلادنا تواجه ولا تهادن، وتقاوم ولا تسامح؛ وتقوم بدورها الإقليمي في مواجهة الأخطار المحدقة بها كما بجب أن تكون المواجهة، خاصة وأن أسلوب التهدئة والجنوح إلى التسامح الذي كان ديدنا للسياسة السعودية الخارجية خلال العقود الماضية لم يعد يُجدي، بعد أن فسَّره كثيرون، خاصة من الأعداء المتربصين بنا، أنه دليل على (الضعف)، عسكرياً وسياسياً، وعلى رأس هؤلاء (العدو الفارسي) أو الطاووسي المنتفش، سيما بعد أن وقعت معه الدول الأقوى في العالم الاتفاقية النووية، ظن أنه الأقوى في المنطقة، فتوهم، وأوهم شعبه معه، أنه الفارس الذي لا يُشق له غبار، وكذلك الأمر ببقية الدول العربية التي تدور في فلكه، ويمسك بتلابيبها، منتزعاً استقلالها وسيادتها، مثل العراق المحتل إيرانيا، وسوريا الأسد السفاح ، ولبنان الذي يسيطر عليه وعلى قراراته السيادية الحزب الإيراني العميل (حزب الله) والمنضوون تحت سلطته وإمرته، من الأحزاب اللبنانية الانتهازية، التي لا يهمها لبنان ولا استقلاله وسيادته واستقراره ومصالحه بقدر ما يهمها مصالحها الحزبية والطائفية الضيقة.
وقد علَّمنا التاريخ، من خلال صراعنا كعرب مع الفرس، منذ (ذي قار) قبل الإسلام، وطوال العصور الإسلامية، أنهم لا يرعوون إلا بالقوة، ويتهربون من المواجهة، فيبدو أن هزيمة نظام صدام حسين لهم، جعلتهم لا يقاتلون ولا يواجهون بأنفسهم، وإنما من خلال آخرين؛ ومن كان هذا نهجه، فإنه يفر من المواجهة المباشرة، فرار الإنسان الرعديد الجبان من الموت.
وعندما أعلن الأمير الشاب «محمد بن سلمان» عن قيام الحلف الإسلامي العسكري للحرب على الإرهاب، لم يأخذه كثيرون ومنهم الإيرانيون، جديا، وفسَّره آخرون على أنه مجرد مناكفة سياسية موجهة لإيران ومن يدور في فلكها، ولن يكون واقعا على الأرض.
مناورة (رعد الشمال)، وإقامتها فعلياً، والمملكة ومعها دول التحالف العربي لم تنته بعد مبادرتها العسكرية في اليمن، تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن (عاصفة الحزم) حينما عصفت بأذناب إيران في اليمن، لم تكن مجرد حرب ستضع أوزارها، وتنتهي تبعاتها، باليمن وإعادة الشرعية، وإنما هي موقف إستراتيجي جديد، ذراعه العسكري منظومة سياسية وعسكرية تقوده المملكة، هدفها مواجهة إيران، وحلفائها، في كل أصقاع العالم العربي والإسلامي، لتحاصر رغباتها التوسعية وتدخلاتها في بلاد العرب، وفرض نفسها على المنطقة كالقوة الإقليمية المسيطرة الأولى، إلى درجة أن أحد ملاليها الحمقى والمغفلين تبجح بقوله إن إيران تسيطر على أربعة عواصم عربية، بعد قيام الحوثيين وعلي عبدالله صالح بانقلابهم، مما فضح على رؤوس الأشهاد، وبلسان أحد ملاليهم، مآربهم وخططهم التوسعية في المنطقة العربية.
وأنا على يقين أن التغول الإيراني الذي لم يعرف كيف يواجه (عاصفة الحزم) في اليمن، الذي يبدو أنه تفاجأ بها، هو الآن يعيش مفاجأة أخرى، وهو يرى نفسه ومعه العراق وسوريا ولبنان، محاصراً سياسياً، وكان يعتقد أنه الأقوى ذو الهيبة الإقليمية، وإذا به يتقزم، وينحسر نفوذه، ليشعر أن كل استثماراته السياسية والمالية طوال العقود الماضية، سيخرج منها بخفي حنين. فتأكد ساسته والمخططون له صحة القول المأثور (اتق غضب الحليم، فإنه سيكون كالبركان حين يثور)؛ أما نحن السعوديين، فنشعر الآن بدورنا الريادي العربي والإسلامي، كما لم نشعر به من قبل.
وللإخوة الفلسطينيين وفصائلهم التسع، بمن فيهم فتح القومية، حماس المتأسلمة، أقول: من العار أن تنشقوا عن العرب في معركتهم مع الفرس، وتشدوا رحالكم لتهنئة «الخامنئي» في ذكرى الثورة الخمينية، فمن لا يقرأ التاريخ، ولا يتعظ به، فلن يحرر أرضا، ولن يقيم دولة، فالانتهازيون، ومن يصطادون في الماء العكر يخسرون دائما، كما يقول التاريخ؛ دعونا نواجه عدونا الفارسي، وسندعكم تواجهون عدوكم الصهيوني، وسنرى النتيجة في نهاية المطاف.
إلى اللقاء.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
ناهد باشطح
فاصلة:
((الضمير يساوي ألف شاهد))
- حكمة عالمية -
مع تقديري للمعلم الذي بالفعل يدرك أهمية مهنته وانعكاساته كتربوي على جيل بأكمله، فإن بعض المعلمين لا يجدر بهم أن يكونوا موظفين في وزارة تُعنى بالتربية والتعليم.
أقول ذلك بعد نشر المقطع الذي يصوّر معلماً ينهال بالضرب على طالب لمجرد طرحه سؤالاً!!
ماذا يمكن لنا القول تربوياً في حادثة كشف الإعلام الجديد عن خلفياتها، فلا شيء يمكن قوله في مسألة محسومة حيث إن الضرب لا مبرر له على الإطلاق فضلاً عن وحشية الضرب التي صوّرها طلاب الفصل الصغار، وهو ما يبرهن وجود دافع لدى الطلاب لفضح المعلم إذ لم يجدوا في إدارة مدرستهم الدعم الكافي فيما يبدو لحل مشكلة مدرس متوحش.
ولأن الوزارة ليس لديها قانون لمنع العنف النفسي والبدني وعقوبات واضحة للمعلمين المعنّفِين ولأن ما فعلته الوزارة هو إصدار تعميم عام 1434هـ تعلن عن موافقتها لنظام الحماية من الإيذاء فقط، فإن بعض المعلمين ما زالوا يضربون الطلاب وربما المعلمات أيضاً.
وفي زمن الإعلام الجديد صار هناك خيوط أوضح للأحداث إذ إنه بعد نشر مقطع الفيديو الأول والذي قام به طلاب زملاء للطالب، سجل أحد الطلبة مقطعاً آخر وبثه عبر وسائل التواصل الاجتماعي يُهاجم فيه الصحف التي اهتمت بتغطية حادثة الضرب بدلاً من اهتمامها بإبراز إنجازات المدرسة وطلابها!!
وهنا سؤال مهم: لماذا قام الطالب بمهاجمة وسائل الإعلام لتغطيتها الصحفية لحادثة مهمة؟
من وراء هذا السلوك؟
هل هو المعلم المتوحش؟ هل هي المدرسة؟
ثم بعد ذلك قامت المدرسة بتصوير مقطع فيديو لاعتذار المعلم للطالب، واعتذار الطالب للمعلم.
فإذا فهمنا مبرر الاعتذار الأول، فإننا لم نفهم مبرر اعتذار الطالب المجني عليه!!
كيف يحدث مثل هذا العنف من قِبل المعلم لطالب موهوب في مدرسة للموهوبين؟
والمفترض في مثل هكذا مدرسة أن يكون لدى المعلم مهارات إضافية لتشجيع هؤلاء الموهوبين ودعم وتطوير إمكاناتهم.
كل هذا يحدث لأن الإعلام الجديد استطاع أن يضع المواطن في قلب الحدث، واستطاع أن يكون صوته حتى وإن كانت بعض أدواته غير مهنية إلا أنها كاشفة للخلل الذي يلحق الضرر بالمواطن.
شكراً للطلبة الذين صوروا حادثة زميلهم الضحية أخالهم الآن مختبئين ومذعورين لأنهم لم يتوقعوا بعقولهم البريئة تداعيات نشرهم للحادثة، لقد قاموا بدور الصحفي دون أن يعلموا.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

يحتار الشخص وهو يبحث عن الهدية المناسبة، وكلَّما كان الشخص عزيزًا، زادت الحيرة معه، وقد استطاعت مجلة أمريكية اقتراح اثنتي عشرة هدية، سمَّتها هدايا عُليا للكِبار، لا تستحقُّ الشراء، ولكن
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

- التفاصيل