قضايا وأراء
- التفاصيل
- قضايا وأراء
بين فترة وأخرى يتيح لي مقهى ستار بوكس الذي تعودت قضاء بعض النهار فيه أن التقي شابا اميركيا من أصل افريقي. يحمل شهادة جامعية ويعمل في أحد البنوك ويتقاضى راتبا جيدا وينتظر مع خطيبته إجراءات القرض ليبدأ عائلة صغيرة جديدة في هذه الحياة. لم يكن على قدر عال من الثقافة إلا انه مهني وعلى قدر كبير من التعقل. من الصعب أن تجلس مع اميركي اسود لا يكون حديث العنصرية الاميركية واردا في الحوار، كما من الصعب أن يجلس رجلا غير مسلم مع مسلم دون ان يمر الحديث عن الإرهاب. أعجبني موقف هذا الشاب. لا يضع كامل مسؤولية الاخفاقات التي يعاني منها السود في أميركا على الرجل الأبيض. هذه نقطة يعجز كثير من الناس تفهمها. صراع الأقلية مع الأكثرية أزلي. تتغير اشكاله وابعاده ولكنه يبقى. تتحمل الأغلبية جزءا من المسؤولية وتتحمل القوانين والأنظمة جزءا ثانيا، ولكن المسؤولية الأكبر تقع على الأقلية. كان أساتذتنا يرددون على مسامعنا حكمة تقول:
العلم يرفع بيتا لا عماد له
والجهل يهدم بيت العز والشرف.
في عصرنا وإلى حد كبير في العصور القديمة في البيئات المتحضرة والمستقرة يحظى رجل العلم بمكانة خاصة في المجتمع مهما كان أصله أو دينه. لو استعرضت تاريخ الثقافة الإسلامية ستجد أن اهم العلماء والفقهاء وجلساء صدر المجلس مع السلطان تعود أصولهم إلى الطبقات البسيطة والهامشية واكثرهم مما يعرف بالموالي. بالتأكيد يبذل القادم من الأقلية مجهودا أكبر لكي يصل إلى المقام الرفيع ولكنه في النهاية يصل. عند مقارنة اليهود والسود في أميركا ستجد أن الماضي كان متشابها لولا أن اليهود لم يركزوا على بكائياتهم أو الارتكان إلى الإحساس بالظلم. اعتمدوا العلم والمعرفة طريقا آخر حتى اصبحوا اليوم سادة أميركا بلا منازع. الظلم والتهميش مهما تضاءل حجمهما يمكن أن يكونا مادة للتأنيب والتواكل ويمكن أن يكونا قوة دفع لمزيد العمل. قاعدة العلاقات الإنسانية الأساسية هي المصلحة. العلاقات التجارية والعلم وغيرهما من اساسيات الحياة تسهم دائما في تغيير المواقع.
الأعمال التي يكون البذل والجهد والذكاء الفردي شرطا فيها يتدنى فيها إحساس الطائفية أو الأقلية أو العرقية. عندما يحتاج المرء إلى طبيب أو شريك تجاري ماهر او مهندس يثق به لن يسأل عن أصله أو منبته. سيسأل عن إنجازاته وتاريخه المهني.
الأقليات التي تتوقف عند الشكوى والتذمر والاستناد على المظلومية يزداد سقوطها في الهوامش ويزداد عليها ضغط العنصرية أو الطائفية فتقع فريسة للأقلية المتوحشة النابعة من داخلها والمستفيدة من الصراع الطائفي أو العنصري. في الصراع الطائفي على سبيل المثال ستجد أن رجال الدين في طائفة الأقلية أكثر الناس انتهازية وتحقيقا للمكاسب، وأكثر الناس سعيا إلى تكريس التصارع المذهبي. إذا دققت ستجد أن خطابهم الثقافي أو الديني عدمي. يضخم المظالم ويهمش المساحة التي يمكن أن تستفيد منها الأقلية للخروج من الواقع السيئ وتلتقي فيها مع الأكثرية. ستجد في الطائفة التي تحس بالظلم أن رجل الدين فيها اسمى مكانة وأكثر قداسة من رجل الدين عند الأكثرية. الخطورة في العنصرية أو الطائفية هي ظهور طبقة تستفيد من الوضع.
تحطيم هذا التهميش لا يمكن أن يتم بالنضال السياسي أو بالمطالبة بسن قوانين فقط ولكنه ينجز بالحضور في حياة الوطن والناس والإسهام الجاد في البناء والحضارة. نصحت الرجل الأميركي الشاب أن يترك سواد بشرته خارج عوامل صراعه في هذه الحياة. يجب ألا يستفيد منه لإنتاج الاعذار والهروب من المسؤولية. إذا كان رئيسك عنصريا أثبت له أنك أفضل موظف بأن تدفع ثمن هامشيتك مزيدا من الجهد والعمل.
أي أب يشعر بضغط العنصرية أو الطائفية لن يستفيد أبناؤه إذا علّمهم الاحتجاجات والمظاهرات والصراعات أو التذمر، السبيل الأمثل للخلاص أن يأخذهم إلى الجامعات. لن تغير الماضي ولكنك بالتأكيد تستطيع أن تغير المستقبل..
لمراسلة الكاتب:
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
يتداول قومنا بعض الطُرف والنوادر عن (البزنيس) وكيفية تطويع الأمور فقالوا:
* تم طرح مناقصة لصيانة سور البيت الأبيض
تقدم مقاول أميركي ومكسيكي وسعودي للمناقصة
الأميركي أخذ مقاسات السور وتقدم بسعر 900 دولار
سأله مسؤول البيت الأبيض: ليش 900 دولار؟
قال: 400 دولار مواد + 400 دولار عمالة و100 دولار فائدتي
والمكسيكي اخذ مقاسات السور وتقدم ب 700 دولار للمناقصة
ولما سأله قال: 300 دولار مواد + 300 دولار عمالة و100 دولار فائدتي
أما السعودي فبدون أن يأخذ أي مقاسات راح لمسؤول البيت الأبيض وهمس في أذنه:
أنا سعري 2700 دولار
.. مسؤول البيت الأبيض صرخ فيه: أنت مجنون ليش 2700 دولار؟!
رد عليه السعودي بكل برود وبهمس شديد:
طوّل بالك..
1000 دولار لك.. و1000 دولار لي.. ونخلي المكسيكي يسوي الشغل ب 700 دولار.
وفاز السعودي بالمناقصة!
***
وتطالعنا بين الحين والآخر إعلانات في صحافتنا المحلية غريبة السياق. مثل وظيفة أخصائي مناقصات. وحتى الآن لم أسمع بتخصص علمي وإداري بهذا النص. ويظهر أنه "تخصص" جديد يدرس فيه الطالب براعة وميدان الممارسة. والله أعلم.
قال أحد المتقدمين لوظيفة في شركة مقاولات إنهم سألوه في المقابلة: هل تعرف الكثير من الرجال في الدوائر الحكومية؟ وهل معرفتك جيدة بمن يشتغلون في الشؤون المالية؟
ويبدو لي أن هذا هو "التخصص المطلوب"، فالمعرفة أصبحت قاعدة العلم مع بعض دوائر الحكومة، والبراعة والاخلاص والذمة هي الاستثناء.
ثمة ما يشغل بالي.. وربما يشغل بال الناس كلهم، وهو أن يصبح العمل التجاري والخدماتي مبنيا على "الكلمة" وليس على تاريخ الانجاز. وعلى هذا سنرى الكثير من رداءة التنفيذ والتراجع في كل بنية البلاد التحتية.
يقال إن مردود الصفقات المربحة كبير جدا. وإحدى ميزاته أنها تبعد المقاول عن مآزق المساءلة والتدقيق.
لمراسلة الكاتب:
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
التصريحات التي أطلقها الرئيس الأميركي باراك أوباما في مجلة the atlantic والتي تهجم فيها على المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وهو يستعد لمغادرة البيت الأبيض، والتي اتهم فيها المملكة بأنها مصدر للتطرف والإرهاب، ثتير في الواقع سخرية أكثر مما تثيره من دهشة، إذ إنها تدل على مجموعة أمور جد مضحكة ومزعجة، لعل أولها أن الرئيس الأميركي لا يقرأ التاريخ رغم حساسية موقعه المهم، ولا يعرف عن المنطقة الا ما كتبه له كتبة خطاباته من خلف الزجاج المغلق، لا بل ولا يعرف تاريخ السياسة الاميركية التي نصب على رأسها، اذ يبدو انه يريد ان ينهي فترة حكمه الضعيف والفاشل بفرقعة اعلامية ليس إلا، يعتقد أنها قد تفيد في ارجاع ما فقده من رصيد على مدى سنوات حكمه الذي اتسم بالتناقض والتردد، وحتى التنصل من وعود قطعها على نفسه في حملته الانتخابية، فوصف حليفاً قوياً وإستراتيجياً لبلاده في محاربة الارهاب الذي أصاب المملكة العربية السعودية، مثلما اصاب الولايات المتحدة واكثر فتكا، ينم عن جهل حقيقي في جيوسياسية وتاريخ هذه المنطقة، والصراعات الاقليمية فيها، حيث ان كل العالم يسمع ويرى ويراقب ما خلفه الارهاب من فظائع وجرائم في المملكة، وهو ارهاب راح ضحيته مواطنون امريكيون وسعوديون وعرباً ومن جنسيات كثيرة، فكيف لعاقل ان يتهم بلداً برعاية ارهاب يضرب في قلبه، هل لعاقل ان يفقأ عينيه بيديه؟!
لكننا ومع دهشتنا القوية من تصريح اوباما هذا، لن ندخل في لعبته الفاشلة باستعداء العالم على هذا الطرف او ذاك، وبالقاء فشلنا وتعليقه على شماعات الآخرين، وانما سنسوق للرئيس الاميركي جملة قضايا واحداث يبدو انه لم يسمع بها بعد، او لم يفهمها اصلاً، ومن هذه القضايا مسألة الارهاب الصهيوني في بلادنا، والذي رعي ومول من قبل الولايات المتحدة الاميركية التي يترأسها اوباما، وعلى مدى اكثر من ستين عاماً، ولا نعتقد ان عاقلين يمكن ان يختلفا حول بجاحة الارهاب الصهيوني، الذي يعد الخزان الاكبر للارهاب في العالم،والسبب الاهم في حروب المنطقة المتواصلة، فهل تساءل السيد اوباما عن مسؤولية بلاده في دعم وتمويل وحماية الارهاب الصهيوني في المنابر الدولية ودعمه ،واستخدام حق النقض الفيتو ضد عشرات القرارات التي تنادي بتسوية عادلة للصراع العربي الصهيوني عبر الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني؟ ثم الم يسمع اوباما بدعم بلاده للكثير من الديكتاتوريات في العالم بسبب ما تعتقده واشنطن مصالح مشروعة لها؟ ألم تذعن الولايات المتحدة شاه ايران محمد رضا بهلوي عندما كان يمثل احد اكثر الانظمة دموية وعدوانية في العالم؟ اليست الولايات المتحدة هي التي انشأت وسلحت ودربت تنظيم القاعدة الارهابي؟ وهل نسي اوباما ان بلاده هي التي قتلت اكثر من مليوني شخص عراقي بغزوها للعراق، ناهيك عن تدميره وسرقة خيراته وتمزيقة؟
ان هذه الامثلة ليست سوى قليل من كثير اقدمت عليه الولايات المتحدة التي استخدمت المتطرفين لخدمة اجنداتها في العديد من الدول العربية ثم راحت تزعم انها تحارب الارهاب!
ونسأل أوباما: اليست بلادكم هي من سوق علناً ويسوق لفكرة الفوضى الخلاقة كما اسمتها كونداليزا رايس احدى المؤثرين في السياسة الامريكية في مرحلة من المراحل؟
يبدو مع الاسف ان الرئيس الامريكي حكم لمدة ثمان سنوات من دون ان يكلف نفسه عناء البحث في اصل الملفات المعقدة التي تنطح لها.
على أية حال مصداقية هذا الرجل التي اهتزت وتردده ادى الى تراجع شعبيته وما عادت تنفع فيهما تلك البروباكندا الاعلامية.
* مدير مكتب "الرياض" بالإمارات
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
على الرغم من كل المؤشرات باقتراب نهاية الحرب في اليمن، إلا أنه لا يبدو أن عبدالملك الحوثي قد تعلّم درسًا من التاريخ ومن تاريخ اليمن تحديدًا، وهو أنه لا أحد يستطيع سرقة وطن إلى الأبد، ولا أحد يستطيع الاستمرار في الكذب إلى ما شاء الله وأن التحالفات تتغير بين ليلة وضحاها، وأن الوطن ليس خيمة يسهل فكّها وتركيبها، بل هو أرض ثابتة بفعل قوانين الطبيعة لا يمكن اقتلاعها.
بعد كل هذه الدماء التي تسبب الحوثيون في سفكها، وبعد كل هذا الدمار الذي ألحقوه بهذا البلد، لا تزال قيادتهم تستمع إلى غوايات الشيطان الإيراني لمواصلة حرب التخريب أملاً في الحصول على شروط أفضل للتفاوض أو على طوق نجاة للخلاص.
في الآونة الأخيرة، نشرت تقارير عن محادثات ووساطات لإنهاء هذه الحرب العبثية ووقف حمام الدم في اليمن. وعلى الرغم من حسن النوايا التي أبدتها قيادة المملكة، من موقف قوة، لوقف هذه الحرب، إلا أن أي عاقل أصبح يدرك أن الحوثي لا يملك من أمره شيئًا وأن أصحاب العمائم الذين ورّطوه في هذه الحرب هم الذين يضعون شروط التفاوض التعجيزية أملاً في حصول معجزة على الأرض لتغطية سوءة هذا المغامر الذي كان مخلب قط لتنفيذ المشروع الفارسي الطائفي الفاشل في اليمن.
وقد بات واضحًا أن قيادات الملالي في طهران تريد التحكم بمجرى المفاوضات كما يظهر من الرسائل الإيرانية غير المباشرة من خلال الوسطاء، أو المباشرة من خلال المسؤولين الإيرانيين التي كان آخرها تصريح أحد المسؤولين الأمنيين من الكويت عن استعداد طهران لتحسين العلاقات مع المملكة.
منذ بداية حرب الحوثيين على الشرعية في اليمن، كانت الأهداف واضحة وهي مصادرة قرار الشعب اليمني الذي ثار سلميًا ضد حكم الطاغية علي عبدالله "اللاصالح"، وجر البلاد إلى حرب أهلية، تمامًا مثلما فعل بشار الأسد وعصابات طهران وحسن نصر الله في سورية.
ومنذ بداية العبث الإيراني بأمن المنطقة لتحسين موقفهم في الخلاف المفتعل مع الولايات المتحدة حول مسرحية المشروع النووي، قالت المملكة، كما كانت سياستها دائمًا، إنها تحترم اللعبة السياسية إذا ما استمرت ضمن الأطر القانونية المرعية وإذا كانت لخدمة المصلحة الوطنية. كما حذّرت من ارتهان القرار اليمني للخارج تحت ادعاءات وشعارات زائفة.
الآن، من الواضح أن المد الإيراني يتركز في الوقت الحالي على تنفيذ مشروع التقسيم في سورية وخلق جيوب طائفية جديدة على غرار جيب حزب الله في لبنان، وهو المشروع الذي تريد إيران تطبيقه في اليمن بعد فشل أحلام السيطرة على هذا البلد العربي بفعل صمود المقاومة الشعبية اليمنية ومساندة المملكة لها.
من الواضح أن عبدالملك الحوثي لا يريد أن يقرأ التاريخ، ولا يريد أن يستفيد من مصائر الذين سبقوه، ومنهم حسين بدر الحوثي، القتيل في عام 2004.
كما لا يريد الاعتراف بفشل الشعارات الزائفة التي رفعها ورفعها أسياده في طهران لأنها كانت لإلهاء الشعوب وتخديرها. إنه لا يريد الاعتراف بأن شعارات "الموت لإسرائيل وأميركا" كانت وستظل شعارات كاذبة وأنها لم تعد ترفع في إيران بعد أن انتهت صلاحيتها لكنها ما زالت تكتب على أكعاب البنادق والمدافع الحوثية لتعني الموت والفناء للشعب اليمني.
هذه الأكاذيب أصبحت لا تنطلي على أحد، ولو كنا نؤمن بأن الإيرانيين يريدون حقيقة اقتلاع إسرائيل لحملناهم فوق رؤوسنا، ولكنهم مجرد فزاعات وحماة للكيان الصهيوني، بل ومغذّين له بالقوة البشرية كما اتضح من تهريب الحوثيين لما تبقى من يهود اليمن إلى ذلك الكيان المحتل لأرض فلسطين العربية.
العقلاء ممن تورطوا في الصراع اليمني أدركوا في نهاية الأمر أبعاد هذه المؤامرة الخبيثة ضد وطنهم وسلامة أراضيه وتهديد أمن جيرانه، ومنهم السياسي المعروف ورئيس حزب العدالة والبناء وعضو وفد الانقلابيين في جنيف1 الشيخ محمد علي أبو لحوم الذي وصل إلى الرياض للالتحاق بالشرعية وأعلن تخليه عن صالح والحوثيين.
ومن المعروف أن دور القبطان هو حماية السفينة من الغرق والوصول إلى ساحل الأمان، وهو، كما يقضي القانون وأخلاق الشهامة، آخر من يترك السطح إذا بدأت سفينته في الغرق، لكن هذا الحوثي مصمم على تخريب اليمن مثلما فعلت فأرة سد مأرب. لكنه سوف ينتهي إلى مزبلة التاريخ، وسوف يعود اليمن سعيدًا كما كان.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د. حمزة السالم
الأكاديميون والخبراء والإعلام فضلا عن مسؤولي القطاع العام والخاص، جميعهم لا يفتؤون عن ترديد نفس الأطروحات التي تطرحها اقتصاديات الدول الأخرى، والمتقدمة منها خاصة. وما أكثر الشواهد، ولكن شاهد اليوم هو ديون المواطنين الاستهلاكية أو الاستثمارية كدين امتلاك منزل أو نحوه. وقد استدعى الشاهد اليوم ما انتشر مؤخرا عن قلق الكثير وإشفاقهم على بنوكنا من أزمة رهن عقارية كالأزمة التي سمعوا بها فأنزلوها على حالنا. يا أحبتي، نحن لسنا أمريكا ولا النرويج ولا أوربا ولا اليابان. دين الأسر في تلك الدول يبلغ مقدار دخل الأسرة لعام أو عامين. وتبلغ قيمة الرهون العقارية نسبة تتجاوز في كثير من البلدان الناتج المحلي لها. ونحن لا يبلغ الرهن العقاري 6% من ناتجنا المحلي، ولا يبلغ دين المواطن الاستهلاكي والاستثماري بما فيه الديون العقارية 18% من الناتج المحلي. وذلك حسب آخر إحصائيات مؤسسة النقد. يا أحبتي، الأخطار الاقتصادية في تلك البلدان تختلف تماما عن الأخطار الاقتصادية عندنا كما تختلف الفرص الاقتصادية عندهم عن التي عندنا. يكفي البنوك تعثر 5% من الرهون لكي يفلس البنك ولا تتدخل حكوماتهم. في أمريكا وهي من أقل الدول المتقدمة في نسبة ديون المواطنين ونسبة الرهون العقارية، إذا ما قورنت بأوربا كبريطانيا أو النرويج أو كوريا الجنوبية أو سنغافورة أو كندا وغيرهم، في أمريكا يبلغ الرهن العقاري نحو عشر تريليونات دولار، تعثر %5 يعني نصف تريليون دولار، قد بيعت وأصبحت رهونا لعقود المشتقات تزيد قيمتها عن عشرات التريليونات.
يا أحبتي نحن بلاد كثيرة السيولة قليلة الديون، خصبة للأفكار والإبداعات، إذ أنها بلاد لا يفكر أهلها لأنفسهم مطلقا، وسيولتها تسقي بلاد غيرهم. يا أحبتي نحن بلاد مختلف في ثقافته الاقتصادية لذا لا ديون على المواطنين عندنا تذكر، إذا قورنت بديون مواطني العالم المتقدم. نحن كالدول الذي لا يعاني مواطنوه من الديون. وهل خلو المواطن من الدين يعني الادخار؟ نحن لا ندخر، ولو ادخرنا فأين ستذهب مدخراتنا؟
في العالم المتقدم الذي لا نفتأ نُنزل أوضاعه ومشاكله الاقتصادية على اقتصادنا، في ذلك العالم مواطنوه مدينون لأنهم يدخرون في اقتصاد بلادهم. فمن يشتري بيتا أو سيارة أو يأكل أو يسافر فهو يدخر ماله في اقتصاد بلاده. ولذا فهو وإن كان مديونا إلا أنه من الملاك. فهو يملك منزلا أو اثنين واستثمارا واسعا في الشركات ونحوها، كما أنه يمتع نفسه بماله بدلا من أن يتمتع بها مواطنو بلاد الواق الواق. المواطن السعودي ليس مديونا لأنه لم يدخر ولم يمتلك. ومن ادخر فلم يدخر لنفسه. بل هو يدخر في مال يذهب لبلاد غير بلادنا، ليستفيد اقتصاد تلك البلاد من ادخاره.
ليس الهم والقلق يا أحبتي أن يصبح المواطن مديونا لأنه امتلك منزلا، بل إن الهم أن لا يصبح مديونا فهذا هو الخطر الحقيقي. فهو إن استهلك ماله أو ادخره فنهاية الأمر هجرة هذا المال للخارج. الخطر الأعظم يا أحبتي في هجرة الريال للخارج لا في التمويل العقاري واستدانة المواطن في دين استثماري.
نعم، ليس هناك أمل منظور في أن يصبح السعوديون هم عمال المصانع والإنشاءات، وأقصد، عمال مهرة تعود عليهم مهارتهم بعوائد مجدية تفوق عوائد خريجي الجامعات، كما هي حال الدول المتقدمة التي ينقل الجميع عنها فيُنزلها علينا بلا تمييز للفوارق. فهل يقعدنا هذا عن التفكير لأنفسنا، أو نقنع بخداع أنفسنا بترديد ما يردده الغرب. لنتعامل مع الواقع فلنبني إسكان بلادنا، ومصانعها واقتصادها من أموال مواطنيها، ولو كان العامل ومعدته مستوردة. على الأقل أننا حققنا ادخارا استثماريا للمواطن، فيصبح مواطنا مديونا دينا استثماريا كما هو حال مواطن الدول المتقدمة.
إن عدم الدين لا يعني الادخار بل العدم، لذا ترى ديون الأسر تزداد نسبتها كلما تقدمت هذه الدول في سباق الاقتصاد، ودونكم النجوم كوريا وسنغافورة والصين وغيرها.
إنفاق المواطن هو أكبر مصدر للدخل الاقتصادي في أي دولة، فإن لم يوجه لاستثمار في منزل ومصنع فإن مصير أموال المواطنين إلى العدم.
وهذا هو المشروع المُقدم من وزارة الإسكان للدولة ولمؤسسة النقد وعُرض على وزارة الصناعة. توجيه أموال المواطنين لبناء الإسكان ولبناء المصانع والمشاريع الإنمائية فيصبحوا ملاكا للعقارات وملاكا مشاركين في مصانع ومشاريع كبيرة. هذا ينقل حالة المواطن من العدم وخلوه من الدين إلى حال الملك والاستثمار مع مسمى دين. هذا هو ما يحقق معنى الادخار لمن يدخر أمواله. فالمدخرات تدخر لبناء الوطن لا لبناء بلاد الواق الواق. متى فكرنا لأنفسنا بعقولنا وتصوراتنا أدركنا كم أن أرض بلادنا خصبة، كثير ماؤها. خصوبتها لم تستغل، فكل فكرة مُقيدة بتجاوز اختبارات نجاحها فهي تنمو وتترعرع بلا مُزاحم لها في شبع من مائها، فلا تعود سيولتها تصب في أرض غيرها.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
خالد بن حمد المالك
كنا منذ أيام في حفر الباطن على موعد مع رعد شمالي هناك برعاية الملك سلمان، حيث القوة العسكرية الضاربة والإمكانات الفنية المتقدمة، كما كنا في تخوم تعز مع رعد آخر، حيث تتواصل الانتصارات على الانقلابيين، وكنا في الرياض على موعد جديد مع ولي ولي العهد ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان وهو يزف للوطن كوكبة جديدة من الطيارين والفنيين، ضمن الاستعداد الدائم للدفاع عن الوطن وحماية مقدساته.
***
هكذا هي المملكة من ملك إلى ملك، ومن عهد إلى آخر، تتحفّز للآتي، وتستعد للقادم، وتتهيأ للمستقبل، وخيارها الوحيد في التعامل المحسوب بدقة وإتقان مع كل جديد يستجد، أن يبقى الوطن عصياً على الأعداء، قادراً بعسكرييه على حماية أرضه، وتوفير الأمن والاستقرار للمواطنين، في كل الممرات، وعلى امتداد كل الأرض وحيثما يكون هناك تهديد للحدود.
***
لا شيء يسبق هذا الاهتمام، أو يتقدم على توفير الإمكانات بمثل هذا التركيز لحماية الوطن من الأشرار، والدفاع عنه من المتربصين الطامعين بخيراته، فالهدف أن يبقى وطننا أبياً وصامداً ضد كل المؤامرات، لا يخيفه إعلام رخيص، أو يفت من عضد قيادته ومواطنيه وقواته المسلحة استمرار المؤامرات عليه، فهذه الروح الشجاعة والتصميم القوي كلها من أجل أن يبقى الوطن شامخاً وعلى أهبة الاستعداد للدفاع عن الحق، وهي خاصية يتميز بها الوطن والمواطنون أباً عن جد منذ ولادة المملكة دولة فتية وفاعلة بين دول العالم.
***
كثيرون من الانهزاميين الضعفاء، ومن الأعداء الكارهين، يعتقدون أن المملكة تورطت باليمن، وأخطأت الطريق بدعم المعارضة المعتدلة في سوريا، وأنه لم يحالفها التوفيق في موقفها من الوضع في العراق، وأن تعاملها مع حزب الله ليس هذا زمانه، ويختتمون تخرصاتهم وآراءهم وجهلهم بأنه كان على المملكة أن تتعايش مع إيران بأي ثمن، وهي آراء لا تنم عن معرفة، واستنتاجات في غير محلها، وأقوال لا تستند إلى قراءة صحيحة للأوضاع في المنطقة.
***
ونحن نقول: المملكة ليست مَن لا يحسن التصرف، والمملكة هي من يجيد قراءة النوايا فضلاً عن الممارسات العدوانية المكشوفة، وهي من لا تخونها القدرة على كشف ألاعيب الدول والأحزاب والمنظمات وحتى الأفراد، وبذلك تأتي مواقفها عادة بحسب ما يلبي مصالح الوطن، وينسجم مع تطلعات المواطنين، فلا يخيفها أو يوقف زحف دفاعها عن مصالحها أي قوة مهما كان مصدرها، فهي ثابتة على المبدأ الذي رسمته لنفسها، بخطاها المحسوبة، وتاريخها المشرف، وقواتها المسلحة الباسلة.
***
ليقل من يقول ما شاء له عن المملكة من تشكيك، باستخدام الإعلام المسيس ضدها، فكل هذا لن يفت من عضد قادتها، ولن يوهن من عزيمة شعبها، وهي أبداً بقواتها المسلحة ستظل حارساً أميناً لمصالحها ومصالح أشقائها في الدول العربية والخليجية، ضد كل من يفكر بامتداد عدوانه ومؤامراته إليها، أو يتدخل بأي صورة من الصور في شأن داخلي من شؤونها.
***
أجل؛ إنها أيام مضت بكل بهاء جميل فيها، وإن كانت فترة زمنية قصيرة، إلا أنها جاءت مؤثرة في إظهار القوة السعودية، وتأثيرها في ميادين القتال، بتذكيرها المتآمرين بأن هنا تقبع القوة، وهنا في المقابل يكون التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، فلا تشككوا أو تستهينوا أو تسيئوا التقدير في معرفة حجم هذه القوة، وتذكروا دائماً أننا أيد ممدودة للتعاون مع من يريد أن يتعاون معنا بصدق وإخلاص، وأنّ أيدينا في مقابل ذلك على الزناد لمن ينوي أن يمسنا بسوء، أو يفكر بأن يقوم بما يضر بنا من أعمال.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
عبدالعزيز السماري
تقف المملكة في الوقت الحالي على مفترق طرق في مسارها التنموي، فالاقتصاد الذي يعتمد على المصدر الواحد أثبت خطورته على الحاضر والمستقبل، ولابد من توجه جديد يُخرج الوطن من انتظار موجات ارتفاع أسعار النفط مرة أخرى، ويلوح في الأفق منذ فترة غير قصيرة إشارات في غاية الأهمية من القيادة العليا عن قرب إعلان برنامج التحول الوطني..
برنامج التحول الذي ينتظر منه الجميع الحلول من أجل الانتقال من مرحلة إلى أخرى، ويتطلب ذلك جهود جبارة من الجميع لإنجاح الخطة الوطنية المنتظرة، وتشخيص الداء الحالي قد لا يحتاج إلى خبير عالمي، فالمعضلة التي تتراكم مع مرور الوقت هي مشكلة تراكم الخبرات البشرية المتدربة على مستوى عال بدون استغلال لقدراتهم بسبب نجاح خطة التعليم العالي خلال العقد الماضي وعدم وجود فرص عمل لهم، وقد يواجه غالبيتهم صعوبة في الحصول على فرص عمل تواكب تطلعاتهم وتخصصاتهم الدقيقة إذا تأخرت الحلول البديلة للاقتصاد التقليدي.
وبكل وضوح يجب أن لا ننتظر من القطاع الخاص في واقعه الحالي أن يقوم بدور الحاضنة لهؤلاء الشباب المؤهلين، وذلك لأنه غير حقيقي، ويقوم على تقديم الخدمات خلف غطاء التستر التجاري وعقود الباطن مع الأجانب في الغالب، ونستثني من ذلك البنوك وشركات البتروكيماويات في الجبيل وينبع.
ومن أجل إيضاح أكثر للمشهد، نجحت برامج التدريب الطبي في مختلف التخصصات والمهن، وتحولت إلى مصدر ثري جداً للقدرات البشرية الممتازة في هذا القطاع، والسبب كان استثمار الدولة الناجح في التدريب الداخلي والخارجي خلال العقود الماضية، وأسهم في إنجاح نتائجه الاستمرار في إنشاء المستشفيات العملاقة في مختلف أنحاء المملكة، ولم تكتمل الصورة بعد، وستكون مبهرة للغاية، خلال عقد من الزمان إذا تم إصلاح العمل الإداري في المنشآت الطبية الكبرى، ولم نفرط في الخبرات الطبية السعودية، والتي قد تهاجر إلى فرص أفضل إما في الخليج أو أمريكا الشمالية.
ولهذا السبب تعاني كثير من الكوادر البشرية المتخصصة في مجالات التقنية والاتصالات والصناعة من غياب الفرص بسبب عدم وجود حاضنات عمل عملاقة لهم مثل المستشفيات للكوادر الطبية، تهيء لهم فرص العمل والإنتاج، فالمشاريع الكبرى على نمط شركات أرامكو وسابك توقفت، ويواجه كثير من المهندسين والفنيين من مختلف التخصصات أزمة عمل في ظل غياب المشاريع الصناعية الكبرى القادرة على استيعابهم وتطوير قدراتهم..
ومن أجل إيضاح أكثر تحتاج الدولة إلى أن تقود دفة الاستثمار في القطاعات الصناعية والتقنية والاتصالات مثلما فعلت في القطاع الصحي وتجارب الجبيل وينبع، وذلك من أجل خلق بيئة عمل حاضنة للكوادر البشرية المؤهلة من خلال برامج الابتعاث والدراسات العليا في الداخل، وسنواجه مصاعب ومتاعب إذا اعتقدنا أن القطاع الخاص في وضعه الحالي قادر على قيادة التنمية في برنامج التحول الوطني المنتظر.
أثار انتباهي أخيراً قرار أصدرته الولايات المتحدة الأمريكية، للطلبة الأجانب الذين يدرسون في جامعاتها والحاملين لتأشيرة «F1»، يسمح لهم بالعمل بعد تخرجهم لمدة تصل إلى 3 أعوام، وذلك ابتداءً من يوم 10 مايو المقبل، وأتاح التعديل الجديد في نظام العمل للطلبة الأجانب أو المبتعثين في تخصصات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، طلب التمديد لمدة 24 شهراً بدلاً من 17 شهراً، أي أن مجموع العمل المسموح به للطلبة في هذه التخصصات قدره 3 سنوات مع احتساب سنة التدريب العملي الاختياري.
وتعد الولايات المتحدة أكثر بلد في العالم يستهدف الخبرات البشرية المميزة، ومن خلال هذا القرار يتم إغراء المميزين من الطلبة الأجانب في الاستمرار في عملهم، وهكذا، ولعل السبب الأول لقبولهم الطلبة الأجانب فكرة الهجرة إلى الغرب هو عدم استغلال بلادهم لقدراتهم وعدم توفير بيئة العمل الناجحة لهم، وقد نواجه تسرب بعض الكوادر السعودية إذا لم نسبق الزمن في احتوائهم في مشاريع عملاقة.
في المستقبل القريب ستصل أعداد الخريجين في التخصصات الدقيقة والمهنية إلى أرقام عالية، وهؤلاء بلا جدال يعتبرون ثمرة نجاح وطني في مجال التدريب المتخصص، وإذا لم نستغل طاقتهم الجبارة سنخسر كثيراً في المستقبل، ولهذا السبب سيكون برنامج التحول الوطني أمام تحد كبير، وهو كيفية استغلال الطاقات الوطنية القادمة في تغيير النمط الاقتصادي التقليدي الحالي، والله المستعان.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

لم أفهم، وفاتني المغزى، من حديث وسائل الإعلام عن «عقيدة أوباما»، وهو على وشك الرحيل. بل والإصرار على جدواها رغم نفي مراكز أبحاث عدة ذات ثقل وجود
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

***
أعتقد أن إثارة هذا السؤال هو
- التفاصيل