قضايا وأراء
- التفاصيل
- قضايا وأراء
مشكلة الرئيس أوباما أنه عاطفي وصريح، والعاطفة في السياسة نفق يقود إلى الضعف ويؤدي إلى المواقف الجبانة، أما الصراحة فهي تتنافى مع أبسط مقومات القائد وحنكة القيادة التي تتطلب بعضا من "الغموض الإيجابي" كما أسماه ديفيد أجناتيس.
النقد الذي وجهه لدول صديقة هي الأقرب للحلف مع بلاده لم يسهم في تحسين السياسة الخارجية الأميركية أو يدعم مصالحها في الداخل أو الخارج. فقد أعلن الرئيس بصراحة بأنه لا يثق في سياسة بلده الخارجية ولا بقوة الولايات المتحدة للقيام بمهامها في حفظ السلام والنظام العالمي بصفتها دولة عظمى عليها مسؤوليات أخلاقية لا يسعها التفريط فيها فتفتح بذلك الطريق أمام منافسيها لاقتناص الفرصة وملء الفراغ.
السيد أوباما يستدعي لمطبخ صناعة القرار تجاربه الشخصية كطفل ولد لأب مسلم في عائلة مسيحية، وقضى بعضا من طفولته في دولة مسلمة هي إندونيسيا، وجال في دول أفريقيا على أنه مهاجر يحكم أميركا وينحدر من تلك القارة، وبين مواقفه كمناهض للحرب منذ كان في مجلس الشيوخ، مضيفا إلى هذه التشكيلة خلفيته كأستاذ جامعي في القانون. وبدلا من أن يؤثر هذا المزيج إيجابا في فهم أعمق للتعددية الثقافية والمسؤولية الإنسانية وتحقيق العدالة، أدى إلى تحولات عكسية انكفأت على ضوئها أميركا وتراجعت قوتها التي كان يجب أن تكون قوة عادلة، ووقف على مسافة واحدة من إيران والسعودية وإسرائيل.
صحيح أنه تلقى إهانات فادحة من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وأصدقاء إسرائيل في الكونغرس حيث استضيف رئيس دولة أجنبية دون موافقة الرئيس. وصحيح أنه ووجه بتحديات منذ بداية فترته الثانية وبمواقف داخلية متشنجة إلى درجة تشكيك 54% من الجمهوريين بديانته، إلا أن ذلك لا يبرر له أن يساوي بين إيران التي قتلت من الأميركيين منذ عام 1979م وحتى عام 2001م ما لم تقتله دولة أخرى، وتصنفها وزارة خارجيته على رأس قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتقع ضمن دول محور الشر، وينص دستورها على طائفيتها، ويحكمها ولي الفقيه وكل مظاهر الديمقراطية التي تجري هي وفق إرادته، وسجل إيران في حقوق الإنسان غير مشرف ومثقل بالإعدامات التي تقوم على محاكمات صورية. أما إسرائيل فدولة تحتل أرضا عربية ومقدسات إسلامية وتعتمد في بقائها على الدعم الأميركي لها. وهي حليف مكلف على الخزانة الأميركية، وسببت الكثير من الإحراج للإدارات المتعاقبة وأصر قادتها على إهانة الرئيس أوباما شخصيا.
المملكة على العكس من النموذجين السابقين، تقدر علاقاتها مع أميركا، ولكنها لا يمكن أن تضعها فوق مصالحها الوطنية أو تغلبها على مواقفها المبدئية، وهي التي تحملت طويلا تبعات العلاقة مع أميركا. كان أبسط المطالب السعودية التي لا تداهن فيها في علاقتها مع الصديق الأميركي هو الاحترام المتبادل، ولذلك فإن الإدارات الأميركية المتعاقبة حرصت على ذلك، وتحملت ردود أفعال السعوديين عندما تُخترق خطوطها الحمراء.
الملك فهد طرد السفير الأميركي لأنه تجاوز حدود عمله، ومع ذلك فإن الأميركيين لم يردوا بالفعل، والملك عبدالله -رحمه الله- رفض دعوة أميركية لزيارة البيت الأبيض احتجاجا على الموقف الأميركي من انتفاضة الأقصى، وكتب في ذات الموضوع رسالة شديدة للرئيس بوش الابن قال فيها: لقد وصلت علاقتنا إلى مفترق طرق، وعلى كل منا أن يتدبر أمر مصالح بلده بعيدا عن الآخر، عندها عرف الأميركيون أن المملكة لن تجامل في القضية الفلسطينية وكان ذلك الموقف الشجاع دافعا لإعلان أميركا موقفا كان الأول من نوعه وهو حل الدولتين في فلسطين. الرئيس باراك سمع من الملك سلمان تأكيدا على أن بلادنا لا تريد شيئا لنفسها، وإنما تريد استقرار المنطقة وأمنها.
مازالت المملكة تقدر المواقف الأميركية الأساسية ومنها موقف الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت الذي ينتمي لحزب أوباما نفسه الذي أكد عام 1942م أن "أمن السعودية هو جزء من أمن الولايات المتحدة الأميركية". وبعد أكثر من ستين عاما جدد الزعيمان الملك عبدالله والرئيس جورج بوش الابن (الجمهوري) الالتزام المتبادل بين الدولتين. وصدر بيان مشترك في ولاية تكساس في 25 أبريل 2005م كان بمثابة تصحيح مسار العلاقات السعودية - الأميركية، حيث نص على "أن التغيرات المهمة التي تجري في العالم تتطلب من البلدين صياغة شراكة قوية مبنية على ما تم تحقيقه حتى الآن، ومن شأنها مواجهة تحديات هذا العصر والاستفادة من الفرص التي ستتاح للبلدين خلال الستين عاما القادمة". مؤكدا احترام الولايات المتحدة الأميركية للمملكة باعتبارها "منبع الإسلام الذي هو من أعظم الأديان في العالم، ومهدا للعقيدة الإسلامية، وراعية للحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة" واتفقت الدولتان حينذاك على أن رسالة السلام والاعتدال والتسامح يجب أن تنتشر بين كل الناس والأديان.
لقد تناول البيان المشترك المبادئ الأميركية التي تبشر بها أميركا وتجعلها شرطا لصياغة تحالفات القرن الواحد والعشرين ومن ذلك الحرية والديمقراطية ما حظي بتقدير الطرف السعودي الذي أثنى على الدور التاريخي الذي لعبته الولايات المتحدة لوضع حد للاستعمار والإمبريالية، ودعوتها لحق الشعوب في تقرير مصيرها. في ذلك اللقاء التاريخي تمسكت المملكة بخصوصيتها وأن ما يجوز في بلد قد لا يجوز في آخر وبالتالي توافقت الدولتان على أنه "في مقدور الأمم أن تنشئ المؤسسات التي تعكس تاريخها وثقافتها وتقاليد مجتمعاتها، وأن الولايات المتحدة لا تسعى إلى فرض نمطها في الحكم على حكومة وشعب المملكة العربية السعودية".
مشكلة الرئيس أوباما أنه لم يرجع لأرشيف العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، ولذلك رمى بثقله خلف الربيع العربي، وشعر بخيبة أمل كبيرة أن المملكة تصدت للعبث بالمنطقة، ولم يكن ذلك عرقلة للإصلاح، وإنما انقاذا لأنظمة عربية تتهاوى أمام الربيع الأميركي الذي لا يقدر متطلبات التغيير ولا يأبه بنتائج التهور المدمرة على استقرار المنطقة وأمنها.
عندما فشل مشروع فخامة الرئيس تفرغ للتنظير لترك إرث في ذاكرة مثقلة بأخبار الفشل الذريع للسياسة الأميركية في عهد فخامته.
لمراسلة الكاتب:
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
إذن، الرئيس باراك أوباما في هافانا العاصمة الكوبية بعد قطيعة امتدت 88 عاماً لم يزر خلالها أي رئيس أميركي البلد الشيوعي الملاصق للإمبراطورية الرأسمالية.
كادت كوبا أن تتسبب بحرب نووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، يومها أعدت موسكو العدة لنشر صواريخ نووية على السواحل الكوبية تجاه العدو اللدود أميركا.
واليوم كادت سورية ولاتزال تهدد إلى حد ما، بقيام حرب عالمية بين القوتين النوويتين الولايات المتحدة وروسيا وريثة الاتحاد السوفييتي.
العامل المشترك بين الأزمتين الكوبية والسورية -التي يبعد بينهما خمسون عاماً- هي تركيا، نعم فتركيا كانت ولاتزال تعاني عواقب التجاذبات بين البلدين الكبيرين، فقد نشرت الولايات المتحدة في العام 1960 صواريخ "جوبيتر" القادرة على حمل رؤوس نووية في تركيا وصوّبتها نحو روسيا، وهو ما أدى بعد ذلك إلى رد الفعل الروسي بالإعداد لنشر صواريخ نووية على أراضي كوبا.. أنقرة العضو المهم في حلف الناتو هي نفسها اليوم التي كادت أن تشعل حرباً بين واشنطن وموسكو، بعد أن أسقطت طائرة حربية روسية كانت تقوم بعمليات قصف في سورية واخترقت الأجواء التركية ما رأته الأخيرة انتهاكاً لسيادتها.
إذاً نحن أمام مفارقة تاريخية جديرة بالاهتمام لأخذ ما يستفاد في صراع الدول والشعوب والنفوذ، فما حدث في ستينيات القرن الماضي يحدث اليوم بذات الفاعلَين وبنفس الأهداف غير المعلنة، فكوبا بالنسبة للولايات المتحدة باحة لممارسة تأثيرها وفرض أولوياتها، وقد حاولت من قبلُ ولعدة مرات عبر عمليتي (خليج الخنازير والنمس) قلب نظام الحكم في كوبا وفشلت، فهي تدرك أهمية هذه الدولة بالنسبة لأمنها القومي، لذا لم يحتمل يومها جون كنيدي أن يرى صواريخ موسكو موجهة لواشنطن، ولم يستطع أن يظل أوباما يراقب زيارة الرفاق القدامى بوتين والصيني شي جين بينغ فحط بطائرته في هافانا، ورفع العلم الكوبي في واشنطن على مبنى سفارتها، ويقوم الرئيس الروسي بوتين اليوم بذات الفعل فهو لم يُطق أن يرى احتجاجات الميدان الأوروبي في "كييف" وهي تطالب بالانضمام إلى اتفاقية التجارة مع الاتحاد الأوروبي، وبعزل رجل روسيا في أوكرانيا الرئيس فيكتور يانكوفيتش، لذا اجترح الحل العسكري وقضم القرم من أوكرانيا ليعيدها إلى حضن الدولة الروسية ويثير غضب وخوف أوروبا كلها، ثم يتجه إلى سورية حيث حدود تركيا أهم دول الناتو وخاصرتها الضعيفة والرخوة ليقيم قواعد عسكرية هناك.. إنها حرب الحدائق الخلفية.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
محمد آل الشيخ
يكره السروريون، ومنتجاتهم الجهادية، أية قضية لم يقطع الفقهاء بحلها أو حرمتها، إذا كان أحد الأقوال يمكن توظيفه سياسيا، فيزعمون أن هذا القول هو الرأي (الوحيد) الذي كل رأي غيره لا يعتد به..
فمن المعروف أن قضايا السياسة الشرعية، غالبا ما تكون محل خلاف بين الفقهاء، وهذا ما يجعلهم في زاوية ضيقة، لا يخرجون منها الا بتضليل الناس والافتراء عليهم بأن ما يقولون وما يرجحون قضية قطعية، أو قضية إجماع، طالما أنها تصب في توجهاتهم ومصالحهم السياسية الحركية، ويحاولون أن يضعفوا الأقوال الأخرى المتسامحة، أو الأقول التي لا تتفق مع طرحهم (الأيديولوجي المسيس) الذي من خلاله يُحكمون سيطرتهم على المسلمين، فيوجهونهم حيث يريدون، لا ما يريده الإسلام المتسامح، وقديما قيل: (لولا اختلاف الأئمة لفسدت الأمة), فالقدماء كانوا يرون في الاختلاف فسحة ربانية ورحابة، من شأنها أن تصب في التوجه الذي يحقق مرونة الإسلام ومواكبته لكل زمان ومكان، وعدم التضييق على المسلمين؛ بينما يجد المتأسلمون المسيسون، في سماحة الإسلام وتعددية الاجتهادات، تقييدا وتضييقا عليهم، وإلغاء لقدرتهم على تكييف نصوص الإسلام وتفسيرات الفقهاء المرجعيين الأوائل بما يصب في مصالحهم، فيحولون المتلقي إلى عجينة طيعة، يشكلونها كما يشاؤون.
في الماضي، وقبل أن تلج (جماعة الأخوان) إلى المملكة، ويتسربون إلى مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية، وإلى وسائل إعلامنا، ونحن عنهم غافلون، كان المستفتون إذا ما سألوا مشايخنا عن مسألة دينية، كانت الإجابة التي غالبا ما تكون مقدمة لأي سؤال : (فيها قولان)، ثم يستعرض القولين بأمانة، وفي النهاية، يُرجح الرأي الذي يرى أنه الأرجح حسب رؤيته، لكنه ينأى بنفسه عن أن يتحمل المسؤولية أمام الله، ويضعك أمام خيار واحد إذا كانت القضية فيها قولان أو ثلاثة، لأن الفتوى آنذاك لم تكن تُستغل لأسباب ودوافع سياسية؛ أما اليوم، فاختلط الحابل بالنابل، والعالم بالجاهل، والسلفي الحقيقي بالسلفي المتأخون، كما اختلط المتربص بنا بالمدافع عنا، فأصبحت الفتوى الخالية من الأغراض النفعية للمفتي ولتوجهاته السياسية أندر من الكمأة عندما يغيب المطر ويكتنف الصحراء الجفاف، فكلٌ يدعي أنه الأعلم، والأصلح، والأغير على الدين، فضاع الناس، ولم يدر السائل أي مفت يستفتيه، وأغلب طلبة العلم يتجاذبهم تياران : تيار حركي مسيس، يخضع صاحبه لتوجهات تنظيمه، ويوجه بوصلته إلى مصالحهم السياسية، ويخضع ما يقول لمصلحة التنظيم العليا، والعمل على تمكينه من تحقيق أهدافه، وينتقي من اجتهادات الفقهاء وتأصيلاتهم ما يتوافق مع أهداف الحركة ومصلحتها العليا.. التيار الثاني تحكمه النزاهة والاستقامه والضمير الحي، وتلمّس ما يرضي الله حسب اجتهاده وتقواه، لكن مثل هؤلاء هم في الغالب أفراد مستقلين، لا يتبعون لتنظيم، ويرون التعصب للرأي لمجرد التعصب، فضلا عن الانتماء لحزب، أو جماعة، ممارسة يأباها الدين فضلا عن انه يخشى اختلاط عمله بالرياء، غير أنهم - في الغالب - لا يمتلكون من الوعي والثقافة والمعرفة بالمسائل الدنيوية وضرورياتها، ما يمكنهم من إنزال النصوص، واجتهادات الفقهاء المرجعيين، في موقعها الصحيح والمناسب الذي يصب في مصلحة الفرد واستقرارالمجتمع.
كل ما أريد أن أقوله هنا، إن تسييس الدين، وتوظيف نصوصه، توظيفا لخدمة هذه الحركة، أو التمكين لهذه الجماعة، والرفع من قداسة من يتولون الفتوى من كوادر أولئك، هو من أخطر الأخطار ليس على الإسلام فحسب وإنما على الأديان جميعها؛ ومن قرأ تاريخ الكنسية الكاثوليكية قراءة متعمقة وموضوعية، وكيف تسلط كهانها على الناس، ومن ثم ثورة الناس على الدين وتفشي الإلحاد في المجتمعات الأوربية، سيدرك حتما ما أقول.
إلى اللقاء.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
د.ثريا العريض
زرت يوم الأحد الماضي المركز الإقليمي للجودة في التعليم، بدعوة كريمة من مسؤوليه، زيارة استمتعتُ بها إذ أعادتني إلى أجواء تخصصي واهتمامي: التخطيط التربوي التنموي الشامل.
بمحض الصدفة صباح اليوم نفسه وصلتني عشرات الرسائل على واتس آب وروابط في تويتر تحمل مقال معالي وزير التعليم د. أحمد العيسى معنونا بـ «تعليمنا إلى أين؟»، واحتوته أيضاً كل الملفات الصحفية ومنها ملف مجلس الشورى اليومي.
ذلك طبعا دليل على اهتمام المتابعين لما لدى الوزير الجديد ليقوله في أجواء التغيرات الهيكلية، ودمج وزارتي التعليم العام، والتعليم العالي في مؤسسة واحدة هي وزارة التعليم. والأهم من ذلك ماذا سيقدم الوزير الجديد من مشروعات لبرنامج التحول.
في اللقاء بمسؤولي المركز بحثنا موضوع التعليم في المملكة وإقليمياً وعالمياً باستفاضة - تاريخه وحاضره واحتمالات مستقبله - ولم نغطِ كل جوانبه. ونحن على أبواب حقبة «استدامة» المكتسبات التي تحققت وإرادة المضي قدما إلى منجزات وطموحات نأمل فردياً وعالمياً تحقيقها، هناك شجون مشتركة مع التعليم في المنطقة العربية وطموحات مشتركة مع العالم.
بدأت بكلمة معالي الوزير: «إلى أين؟» فهي العبارة التي تتكثف فيها كل الشجون لأنّها ضمنيا تطرح سؤال: من أين أتينا؟ ولماذا وصلنا إلى النقطة التي نحن فيها؟ هل تقدمنا أم تراجعنا؟
والتساؤلات تقودنا إلى توقعات ترتبط بتقييمنا لما حدث لنصحح ونتحرك.
بلا شك أهم روافد للتقدم وتحقيق مستجد يحسب بنا هي:
1 - توافر الإرادة القيادية السياسية التي تعطي الوجهة المستقبلية للتعليم أولوية فوق غيره من مشروعات بناء الوطن.
2 - الرؤية الصحيحة التي ترى التعليم ليس فقط غاية خاصة، ويقرر محتواه حسب تفضيلات الجمهور المستهلك، بل غاية تخصصية عامة يجب بلورتها لتكون أساس التغيير إيجابياً، مقاساً باحتياجات بناء الوطن اقتصادياً واجتماعياً بتوجه مستقبلي وضمن العضوية في عالم يتطور علميا وتقنيا بوتيرة تتسارع كل يوم.
والتحول من التعامل مع التعليم كخيار ترفي يمليه الفرد إلى مشروع مجتمعي مخطط له تحكمه الحركة بوجهة مستقبلية، قرار مصيري.
رؤية «التحول» تجعل المرونة والاتساق مع متطلبات الحياة ومواكبة المستجد في المعرفة والعلوم والمهارات، صفة لا بُدَّ منها في الفعل التعليمي، والمنجز الحكومي والمجتمعي معا والأولوية لمتطلبات الفاعلية ذات المردود الاقتصادي سواء للفرد وللمجتمع وللدولة وبصيغة استدامة النمو. لا يمكن أن تنحصر الجهود في تلقين معارف توقفت عن التطور واستيعاب وإضافة ما استجد ويستجد يوميا بصورة مذهلة.
تساءلنا في الاجتماع: «تعليمنا إلى أين؟ عنوان مشترك وسؤال أطر رؤية وزير أسبق هو د. محمد الأحمد الرشيد رحمه الله، يستذكره اليوم وزير جديد هو د. أحمد العيسى. وكلاهما مرب برؤية تربوية واضحة. هل يمكن أن يتغير الوضع ليستطيع المسؤول تنفيذ الرؤية على أرض الواقع؟ أم سنجد أنفسنا عام 2036 نطرح نفس التساؤلات؟
رأيت في السؤال عمقا يشوبه تشاؤم؛ ولا ألومه فقد مررنا بتجربة عقود سلبية وجهتنا إلى الخلف بدلا من الأمام، وخنقت أي محاولة للتحرك قدما واستعادة المرونة والنمو ومواكبة الحاضر والتأهب للقادم. ولكني أرى أننا على مفترق واعد؛ ليس فقط لأننا كمجتمع وقيادة نرى الآن وبوضوح ما جنيناه من التهادن مع زراعة بذور الجمود في ركود لا يسمح إلا بنمو الطحالب السامة، بل أيضاً لأننا تعدينا ثقافة تقبل التحكم السلبي والتشبث بمبدأ اكتمال المعرفة، وتلقينها للأجيال.
شخصياً أفهم برنامج التحول، وأدعم تخطيط التعليم بكل ما لديّ من مهارات ودعاء وتحفز للبناء. لنشرع الأبواب للمستقبل. لا وقت للانتظار.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء
يوسف المحيميد
كما استعار وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى عنوان محاضرة وزير التعليم السابق الدكتور محمد بن أحمد الرشيد -يرحمه الله- التي ألقاها على مسرح جامعة الملك سعود، أجدني مضطراً إلى استخدام العنوان ذاته؛ لبلاغته أولاً، ولمصداقية التساؤل فيه ثانياً، إضافة إلى دقة تشخيص الحالة التعليمية وتحليلها في المقال الذي سأعلق عليه، المنشور بجريدة الحياة الأحد الماضي لوزير التعليم الدكتور العيسى.
في تعليمنا، لا استقرار، ولا انضباط، ولا تدريب، ولا تطوير، ولا إعادة تأهيل... تخيلوا هذا النقد الصريح، والصادم، ليس حديث كاتب صحفي حر، مثلي وزملائي كتاب الأعمدة في الصحف، بل هو جزء صادق وحميم وجريء من مقال الوزير، ففيه معلومات مهمة للغاية، وأرقام تصيب بالحيرة والدهشة، وتركة ثقيلة لا شك، تحتاج إلى عمل دؤوب ومخلص لانتشال التعليم من ضياعه، لعل الوزير قادر على ذلك، باختيار رجال مخلصين، ومؤمنين بأهمية التعليم في تغيير حياتنا، ونقلنا إلى مصاف الدول المتقدمة.
هل يعقل أن هناك أكثر من ثلاثين ألف طلب إجازة استثنائية أو إجازة أمومة سنوياً؟ وهل يعقل أن أكثر من 25 بالمائة من مدارسنا في مبان مستأجرة؟ وهل يعقل أن ما يصرف على الأجور والرواتب نحو 91 بالمائة من موازنة وزارة التعليم؟ وهل يعقل أن نحو 42 بالمائة من مدارسنا ينخفض فيها الطلاب عن مائة طالب فقط في المدرسة الواحدة؟ وهل يعقل أن تكدس المدرسين وصل أن هناك معلما واحدا لكل عشرة طلاب، تنخفض أحيانا إلى معلم لكل خمسة، وهي من أقل النسب في العالم؟.
أما فيما يخص التدريب فحدث ولا حرج، الوضع مزرٍ للغاية، خاصة إذا كنا نحلم بتدريب خارجي الى مستويات عالية، فَلَو أرسلنا ألف معلم سنويا للتدريب الخارجي، سنحتاج إلى 500 عام فقط (يعني خمسة قرون) لكي ينال جميع المعلمين والمعلمات نصيبهم من التدريب الخارجي! فالوضع صعب للغاية كما صورته مقالة الوزير، لكنه ليس مستحيلا، وكل ما تحتاج إليه الوزارة هو العمل الدؤوب المخلص، والمنضبط، والوطني الصادق، للوصول إلى تحقيق الأحلام شيئا فشيئا.
قد يتوجس القارئ من مقالة وزير التعليم، ويتهمه بمحاولة تصوير الوضع التعليمي المتردي، كي لا تتم مساءلته من قبل القيادة أولا، ومن قبل الإعلام والمواطن ثانيا، لكن الوزير لم يترك الأمر مفتوحا، ومما يدعو إلى التفاؤل أن اختتمه بأن الوقت ليس في صالحنا لإضاعته في إعداد استراتيجيات أو دراسات تشخيصية نظرية، بالضبط هذا ما يجب أن نتجاوزه، فنحن بحاجة إلى حلول جذرية وخلاقة سريعة، تقفز على البيروقراطية المعتادة، ولعل الوزير بفهمه ووعيه أهل لذلك، وما عليه إلا أن يحصن ذاته مما قد يصيبه من سهام، واتهامات، وتطاول على شخصه في مواقع التواصل الاجتماعي، ممن تصيبهم التغييرات بحرمان من سلطة أو منفعة كانوا ينتفعون بها من قبل، فقط عليه أن يعمل بنزاهة وشجاعة، كما عرفناه دائما، وهو الذي يدرك جيدًا خضوع التعليم لصراعات التيارات، وتصفية الخلافات الفكرية، مما أفقد تعليمنا فرصة التطور لعقود من السنوات.
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

- خلاياك تبقي في قلب أمك بعد ولادتك ولمدى العمر.. فأنت إذاً قطعة من قلبها.
ربما لهذا السبب لا
- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

- التفاصيل
- التفاصيل
- قضايا وأراء

وحَتَّى لَا يَكون الكَلَام مُرسَلًا
- التفاصيل